بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي الأفاضل أنا شاب أبلغ من العمر 35 عامًا متزوج ولي من الأولاد أربعة، وأحب زوجتي وأسرتي حبًّا جمًّا، وأنا ملتزم دينيًّا والحمد لله، مشكلتي أنني أرغب كثيرًا في الزواج من امرأة أخرى؛ لمجرد التغيير من ناحية، ولأن امرأتي- وبصراحة- لا تكفيني.
وهذا الموضوع يقض مضجعي ويجعلني أفكر فيه كثيرًا؛ إلا أن ما يمنعني من تنفيذ رغبتي هذه هو تهديد زوجتي لي بأنها ستتركني والأولاد إذا ما أقدمت على خطوة من هذا النوع.
فما هو الحل برأيكم؟!
وجزاكم الله خيرًا
9/6/2022
رد المستشار
أخي الفاضل: هل فكرت في عدد الرجال الذين يعيشون مثل ظروفك، ويتمنَّون مثل ما تتمنى؟!
إنهم كثيرون جداً؛ فهل يتزوجون ثانية؟ وهل الزواج الثاني يحقق فعلاً "الرغبة في التغيير"؟!
دعني أولاً أبحر معك في سيكولوجية الرجل الشرقي "بعد الزواج"؛ لنكمل الصورة التي بدأناها في إجابة سابقة عنه "قبل الزواج"؛ وهي- بالطبع-صورة عامة لا تنطبق بالضرورة على كل رجل شرقي!
الزيجة الأولى تكون – غالبًا - على غير أساس ناضج في العاطفة والتفكير، فنحن بصدد شاب متهيج - غالباً - يريد أن يضاجع امرأة ليمارس حقه الطبيعي في تلبية الغريزة، ويشيع الاختيار المتعجل من قبل الشباب في هذه الحالة، كما يشيع الاختيار التقليدي إذا كان من طرف الأسرة، وذلك لأن الشاب في هذه الظروف يبحث عن "أية امرأة" أحيانًا، أو عن "امرأة جذابة" أحيانًا أخرى، وفي كل الأحوال لا يعطي الاختيار حقه من الوقت والتفكير، بل يستسلم لعموميات من قبيل "ذات الدين"، و"الأسرة الطيبة" ...إلخ.
وجانب من هذا أمر متوقع لأن الأغلبية ليست لديهم أية معرفة أو خبرة علمية أو اجتماعية بعالم النساء، وبالتالي تضعف أو تنعدم القدرة على الاختيار السليم، ويكون الاندفاع وقد يترك الشاب المسألة لأهله الذين يختارون بناءً على وجهة نظرهم وإدراكهم ورغباتهم الاجتماعية والعائلية والمادية أحيانًا، والنتيجة أننا نخرج عذراءً من خدرها ونقول لها: هيا جاءك العريس الزين، وعليك أن تقومي بواجباتك نحوه.
وتأتي الفتاة الطيبة لتصبح زوجة: امرأة / أنثى، وأمًّا وربة منزل، تعطي بضعها لبعلها بكلمة الله وتنثر له بطنها بالعيال، وتقوم على شؤون بيته بما تعلمت وتتعلم، وتتغير فتاة الأمس التي كانت عروساً تخجل، ويذهب ذاك البطن المشدود، والصدر الناهد، والقوام الممشوق، ولم يذهب كل هذا بمرض أو غيره، إنما ذهب على آدم، وعلى عياله وبيته.
ويتغير آدم أيضاً: يصبح أنضج، وأغنى - ربما - وأكثر علمًا ومعرفة بفضل حياة شاركت فيها زوجته بنصيب وافر، وفي لحظة - منتصف العمر غالبًا - تلوح منه التفاتة لنفسه، ولما حوله، فيقول: ما هذا الذي فعلته بنفسي: أطفال ومسئوليات، وزوجة مكدودة النفس، مترهلة الجسد، وأنا أيضاً مرهق، وأريد من يحفف عني، أنا أشعر بالرتابة الجنسية، وأحس بالملل، وتتراقص حوله الدمى، وتلوح أمامه العذارى ممشوقات فيقول لنفسه: لقد أحل الله مثنى، وثلاث، ورباع، فلماذا لا أفعلها ثانية؟! خاصة في الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تسمح بذلك.
وأقول لآدم الشرقي: نعم... الزواج الثاني سيعطي شعورًا بالتغيير، ولكن أخشى أن حلاوته تنقضي سريعًا ليكتشف آدم أنه كان تغييرًا إلى الأسوأ من حيث التأثير على البيت الأول، ومن حيث شُحِّ العائد في مقابل التكاليف الباهظة ماديًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا وأسريًّا... حقيقة فإن التعدد في الإسلام موضوع يحتاج إلى وقفة لفهم فلسفته ومعانيه، وأدعو الله أن يرزقني الوقت والفرصة لبسط الحديث فيه.
وأعود لأقول لك: إذا جاءت زوجتك لتقول لك لقد سئمت، وأريد التغيير، أريد رجلاً آخر "من باب التغيير" فماذا سيكون موقفك؟! أليس ذلك من حقها؟! فحق تَعَدُّد الزوجات للرجل يقابله حق المرأة في أن يتركها زوجها حين تريد أن تتركه؛ لأنها لا يمكن أن ترتبط بزواج من رجلين في وقت واحد.
وأسألك: هل جلبت لزوجتك من يتحمل عنها شؤون البيت من طبخ وغسيل وغيره لتتفرغ لك و"تكفيك؟" هل تعلمت وعلمتها فنون الإمتاع والاستمتاع لتنعم معها بحياة جنسية أفضل؟! هل تعلم بالمناسبة أن زوجتك الآن، وفي السنوات القادمة هي في قمة نضجها الجنسي طلبًا وعطاءً طبقًا للمصادر العلمية الموثقة؟!، بمعنى أنها أقدر على إشباعك، وإرواء شهوتك - إن فقهت وعلمتها - من فتاة صغيرة لا خبرة عندها... والمفارقة أن آدم الشرقي يخوض تجربة الزواج بالقليل من المعرفة والخبرة، وبعد التجريب، والتعلم من الأخطاء - إذا تعلم - يخرج بنتيجة غريبة مؤداها أن الحل هو الدخول في تجربة زواج جديدة!!
أخي العزيز: افعل كما يفعل الحكماء من الرجال، الذين شعارهم "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين"، واحلم معهم بزوجة مثالية لا تغيض ولا تبلى، لا تحمل، ولا تلد، ولا تمرض، ولا تبيد، احلم ـ حين ترى الجمال البشري ـ بمن يُرَى مُخِّ ساقها من خلال سبعين ثوباً لبياضها وجمالها، واحلم بمن أنشأهن الله إنشاءً فجَعَلَهُنَّ أبكارًا، عُربًا أترابًا لأصحاب اليمين، احلم بالنساء الحقيقيات الكاملات.. أما إن آثرت غير طريق الحكماء فارْضَ بالنقص في الجديدة كما في الزوجة الأولى، وابحث عن الإشباع عندها، وسوف تمل، لأن النقص والملل من العوارض التي لا يخلو منها إنسان.
وأوصيك إذا فكرت في الزواج الثاني أن تكون جاهزًا للرد أمام من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، لأنه سيسألك، وأخشى أن ما تسوقه من حجج يبدو واهيًا ومتهافتًا لا يصمد لنقاش بشري، فكيف بالموقف العظيم؟!
يا أخي العزيز.. تذَكَّر موقفك أمام الله تدافع عن اختيارك هذا ونتائجه، وفكر في هذا حتى لو رَضِيَت زوجتك بزواجك وقبلت؛ لأنها لو فعلت فستكون المسؤولية كلها في هذا الفعل وتداعياته عليك، اتَّقِ الله واعلم أن له ميزانًا قد يختلف الناس عنه رضوا أو سخطوا وميزان الله أعدل .. وأدق .. وأهم.