كاذب أم أناني؟؟
أنا فتاة أبلغ 27 سنة، أرسل لي شخص على الإيميل الخاص بي رسالة يقول فيها إنه معجب بي ويريد أن يتكلم معي، فأرسلت له أني لا أعرف كيف عرفني ورآني من قبل وكيف أتى بالإيميل، فقال لي إنه يريد مخاطبتي أونلاين حتى يستطيع الإجابة على أسئلتي بصراحة.
وبالفعل تكلمنا واتضح أنه أحد أصدقاء أخي، وكان ينوي التقدم لخطبتي، ولكنه أراد أن يتسلم وظيفة أولا حتى يستطيع القيام بأي خطوة رسميا، ومن طريقة كلامه شعرت أنه ذو أخلاق جيدة، فلم يحاول مطلقا أن يصف مشاعره نحوي بطريقة تؤثر علي، ولم أشعر أنه يضغط عليّ مطلقا في شيء، وبصراحة أنا أيضا كنت في حالة نفسية سيئة إلى حد ما، فكنت قبلها قد انتابتني مشاعر لأحد المعيدين في كليتي وكنت أهتم به، ولكن قبل أن يكلمني هذا الشاب كنت قد فقدت الأمل في هذا المعيد، وشعرت أنه لا يحمل أي شيء نحوي.
وعندما تحدث إلي هذا الشاب شعرت بحبه واهتمامه الشديد بي وتحدثنا يوميا لمدة لا تزيد عن 10 أيام، كنت قد توصلت لقرار قبول الارتباط به حتى تسمح ظروفه بخطبتي، وصممت خلال هذه الفترة أن تكون الصلة بيننا هي الشات فقط، فلا داعي مطلقا لمقابلات أو شيء من هذا القبيل، بل كنت أشعر أني أتعرف عليه فقط، وكنت أشعر أن هذا من حقي، وقد رأيته قبل الموافقة عليه هنا في منزلي ورفضت تماما أن أراه خارج هذا المنزل.
المهم أني بالفعل تعلقت به وبالطريقة الرقيقة التي كان يتعامل بها معي دون أي خروج عن الكلام المحترم من وجهة نظري، ولكن ما حدث بعدها آلمني كثيرا، ظل بعد الأيام العشرة التي تحدثنا فيها بصفة مستمرة يتحجج بأنه قد استلم الشغل وأنه حديث التخرج، فكان لا بد أن يتم تدريبه جديا وأنه مشغول كثيرا، فكان يظل بالأسبوعين لا يرسل لي شيئا، وإذا أرسلت إليه كان يرد علي بعد فترة طويلة ونفس الكلام "أنا مشغول" ،، وقررت بعدها أن أتركه على راحته حتى يرى الوقت المناسب له للإرسال لي، ولكنه استمر حوالي 5 أشهر بعدها لم يكتب لي كلمة واحدة ولا حتى في المناسبات والأعياد، ولكم أن تتخيلوا الصدمة التي كنت فيها وأنا لا أعرف لماذا يحدث ذلك؟
ثم رآني بعدها على النت "بالصدفة"، فكلمني، ولكني فوجئت بوجوده فلم أرد عليه، وكانت طريقته كأنه الغاضب مني وليس العكس، وأنا الرد الوحيد لي علي كلامه كان يوحي بعدم إرادتي الكلام معه فخرج من النت،، وبعدها شعرت أني لم أترك له الفرصة للحديث وكان لا بد أن أسمع منه أولا، فأرسلت له رسالة على الموبايل قلت فيها إني أريد الكلام معه، فإذا أراد ذلك فليرسل لي ولكنه لم يفعل.
لا أعرف ماذا أفعل؟ فإني أفكر فيه كثيرا، أشعر بأني أريده؛ فهو الوحيد الذي عاملني بطريقة رقيقة وتقبل كل العيوب التي تحدثت عنها، فلماذا يحدث ذلك؟؟ أنا أحسست أن عيبا فيّ أنا حتى لا يشعر بي الآخرون، أنا حتى لم أكن أعرفه من قبل إلا الاسم فقط، وبعدما بدأ الحديث معي لم يعد يتصل بأخي في البيت، وأصبحت علاقته بأخي خارج المنزل وفي المناسبات المشتركة... الكل يقول إنه كان يلعب بي ولكن هل ذلك ممكن؟ ولماذا؟ لماذا يجعلني أشعر به ثم يذهب هكذا؟ بداخلي ألم فظيع رغم مرور مدة على ما حدث، وما زلت أتذكر الكلام والأسلوب وسؤاله عن صلاتي وهل هي بانتظام أم لا وأشياء توحي باحترامه وحبه لي... فهل هذا كذب؟.
قرأت في صفحتكم من قبل عن شاب أحب فتاة طوال فترة دراسته، وصرح لها بمشاعره وأجّل الكلام رسميا حتى يوظف، ولما حدث ووظف تغيرت مفاهيمه تماما، وأصبح لا يرى فيها شيئا جميلا كسابق عهده... فهل هذا ممكن حدوثه في حالتي؟ وما ذنبي أنا أو هذه الفتاة؟
شكرا لكم
وآسفة على الإطالة.
14/7/2022
رد المستشار
أنا لا أعتبر ما فعله هذا الشاب كذبا أو خداعا.. هو شيء آخر دعينا نبحث له عن اسم ربما هو "قلة رجولة" أو "زيادة أنانية" .. تعالي نختر اسما، ولكن بعد إعادة قراءة المشكلة بعيون الطرف الآخر.
هو شاب شعر تجاهك فعلا ببعض الميل والإعجاب، ولكن هذه الدرجة من الميل لم تكن كافية بالنسبة له ليتفق معك -أو مع أهلك- رسميا على الزواج، كما أنه يخشى أن تضيعي منه قبل أن تتحسن ظروفه فأعطى لنفسه فرصة للمزيد من التعرف عليك عن قرب ومعرفة المزيد عن ملامح شخصيتك والتأكد من قوة وثبات واستمرار مشاعره تجاهك، ومن ناحية أخرى ليضمن ألا يتزوجك أحد في فترة اختباره لمشاعره نحوك وتعارفه عليك.
الولد كان واضحا مع نفسه جدا ولم يلعب بك ولم يكذب عليك أو يخدعك؛ فهو قد استأذنك في علاقة خفيفة قصيرة لا يحميها أي ستار شرعي وكانت نيته صادقة في طلب الحب والزواج، ولكنه فقط كان يريد أن يعطي نفسه الفرصة للتأكد من مشاعره وأنت قد أذنت له!! يبدو أنك شخصية نقية وطيبة! ويبدو أنك اطمأننت له بشكل زائد وتحدثت معه بصراحة عن عيوبك، كما تذكرين في رسالتك.. ويبدو أن الشاب اكتشف مع الوقت أنك لست الشخصية التي يحلم بها وأن مشاعره فترت وتبخرت؛ لذلك انسحب بطريقة "عيالي".
والآن.. ما الاسم الذي تختارينه لوصف الحالة؟! هي "قلة رجولة" لأنه تقدم بطريقة "عيالي" وانسحب بطريقة "عيالي". وكذلك هي "زيادة أنانية" لأنه بالغ في إعطائك الأمان حتى تسمحي له بهذه العلاقة الخفيفة فلا يخسر شيئا إذا لم يحدث توافق، بينما تخسرين أنت.
والآن يأتي سؤال: هل كنت مخطئة؟!
أقول نعم.. فأنت التي سمحت بهذه العلاقة الخالية من الضمانات! وهو قد دخل حياتك وقتما شاء وخرج وقتما شاء، وكما نقول في مصر كأنها وكالة بدون بواب.. لذلك يقول تعالى: "وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُوا قَوْلا مَّعْرُوفًا" (لبقرة: 235).
والآية نزلت في حكم خطبة المعتدة (المرأة في فترة العدة)، ولكن الحكم استنبط منها ليطبق على النساء عموما، وملخص شرح الآية هو أن الله تعالى يعلم أن قلب الرجل قد يميل لامرأة معينة؛ لذلك لا مانع من أن يلمح لها برغبته في الزواج منها، ولكن دون أن يترتب على هذا التلميح أي علاقة فيها خلوة (سواء كانت الخلوة حقيقية أم إلكترونية؛ لأن كليهما يمكن أن يتطور بنفس التسلسل ويؤدي لنفس النتائج النفسية والوجدانية وحتى الجنسية). وكذلك دون أن يترتب على هذا التلميح وعد منها بأن تكون زوجته. وهذه هي حدود "القول المعروف" المذكور في الآية؛ التلميح مرة واحدة يعرض فيها نفسه مع عدم السماح بعلاقة أو خلوة أو وعود.
طبعا ما حدث بينكما -رغم أنه لم يحدث فيه تجاوزات أخلاقية- خرج عن حدود التلميح وامتد إلى علاقة خفيفة عبر الإنترنت مع الوعد بالزواج.. أنا أعلم أني أثقلت بهذا الكم العقلي والشرعي، لكن الذي دعاني لهذا هو أن هذه النقطة -مواعدتك سرا- يتساءل حولها الكثير من الشباب والبنات؛ لذلك أردت أن أتوقف عندها في إجابتي.
أخيرا يا ابنتي اعتبري أن هذه كانت خطبة وتم فسخها، تخيلي أن هذا الشخص قد تقدم لك ولم يحدث بينكما قبول كاف بعد التعارف.
ولعل الله تعالى يدخر لك من هو أفضل منه، فالحمد لله على رزقه. عودي لحياتك ونشاطك ولا تتوقفي كثيرا عند التجربة والذكريات.