بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله، محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.. دعائي لله أولا بأن يجزيكم خيرا، ويجعل عملكم هذا كله في ميزان حسناتكم وأن يديمكم مساعدين معينين - بعد الله جل وعلا - للشباب على حل مشكلاتهم التي غدت كثيرة! أما بعد..
فأنا فتاة اجتماعية، أحب التعارف كثيرا ولي أصدقاء كثر، وكلهم أكبر مني بسنين عدة، وأغلبهم ليسوا من مدينتي، بمعنى أنني لم أتعرف عليهم وجها لوجه أو مباشرة، كان التعارف إما عن طريق المنتديات في الإنترنت ومن ثم الهاتف، أو عن طريق إحدى الإذاعات المحلية التي تبث إرسالها من إحدى مدن الوطن.. والوسيلة الثانية هي الغالبة.. وهذه ليست المشكلة، بل بالعكس أنا يسعدني ذلك، ولقد كان لمن تعرفت عليهم الأثر الأكبر على الخروج قليلا من وحدتي .
المشكلة في إعجاب بعض الشباب بي، أولا أنا والحمد لله فتاة ملتزمة، أصلي وأصوم وأرتدي الحجاب، ومن عائلة ملتزمة أيضا.. ومشكلة إعجاب الشباب بي لا أدري كيف أشرحها لكم.. لذا سأقص عليكم ما يحدث معي: وهو ما حدث لواحدة من الصديقات اللاتي تعرفت عليهن عن طريق الإذاعة.
أخ شاب يبدو عليه في أوائل العشرينيات من عمره، متزوج حديثا، ولكنه منفصل عن زوجته، ليس بالطلاق فهما متزوجان، ولكن انفصالهما لا أدري مؤقت أم غير ذلك؟ المهم أنهما منفصلان، قبل فترة كنت أهاتف هذه الصديقة، فحدثني أخوها، وسألني عن الوضع في مدينتي، وأنا حييته ورددت عليه بنفس القدر من الاحترام الذي حدثني به.. وتكلمت مع صديقتي، ومن خلال حديثنا عاد ليحدثني وسألني سؤالا عن "الحب هذه الأيام"؟ فأجبته وقلت له رأيي، ويبدو أنه اقتنع به.. فشكرني، وعدت لأحادث صديقتي فقالت لي: إن أخاها قد أُعجب بي فأجبتها أنا بأنه أخي الكبير واحترامي له.. ومرة أخرى، حدثتها وبالصدفة هو الذي رد على الهاتف فتحدث معي، وكانت كلماته حقا تنم عن إعجاب!! أنا لم أتجاوز حدودي، بل كنت في حديثي في منتهى الأدب والاحترام، وأنا لا أحاول ترقيق صوتي أو غيره.. ولكن لا أدري سبب هذه الرقة واللطافة في الحديث معي باحترام!!
هناك مواقف أخرى.. ولكن لا أريد أن أسرد الكل لأتمكن من سرد المشكلة الثانية، وهي أيضا في نطاق الإذاعة، وهي مشاركتي في أحد برامج الإذاعة، وتحديدا عن الشعر، وإعجاب أحد الشعراء الشباب بي، وإهداؤه قصيدة لي، وإعلانه ذلك على الملأ، وقصائد أخرى فهمت وفهم من يستمع أنها كانت لي؛ وهو ما فُسر من قبلي ومن قبل المنتبهين لقصتي أنا وهو أنه يحبني مع العلم بأن القصة لم تتوقف حيث هنا!
المهم أن ما قصصته عليكم هو ما حدث معي، إعجاب هؤلاء بي لم يكن مجرد إعجاب، بل تعداه إلى حب، وهذا ما أنا متأكدة منه بلا مبالغة 80%، والعقدة في هذه المشكلة أنني فتاة عاطفية جدا ورومانسية، وإذا ما سمعت كلمة إعجاب من أحد فإني أتأثر كثيرا، فما بالكم لو سمعت كلمة إعجاب؟! وخاصة من شاب! أهيم وأحلم وقد يصل الأمر إلى أن أحبه، ولكن في النهاية أهوي على أرض الواقع أتجرع مر الحقيقة، وأئن وأعاني؛ لأنني أدرك حينها أني كنت أحلم وأن حلمي هذا كان سرابا!
وأنا لا أريد حقا أن أخوض في متاهات، بل غايتي حقا هي إرضاء الله، وأنا أصلا أرفض أي علاقة بين شاب وبنت خارج نطاق الزواج أو الارتباط الرسمي.. حسب رأيي الخاص أن سبب إعجابهم بي هي طريقة تفكيري وآرائي التي يبارك لي عليها من حولي، وأني أكبر من سني بكثير، فأنا في الخامسة عشرة من عمري فقط، ولكن من حولي لا يصدقون ذلك، لدرجة أن الشاب شقيق صديقتي – الذي تحدثت عنه سابقا – قال بأنه اعتقد بأن عمري 22 عاما أو أكثر!
الأمر الثاني الذي قد يكون سببا هو أن صوتي جميل نوعا ما - هذا ما يقوله لي السامعون ليس أنا مع أني لا أظنه سببا رئيسا - أما عن شكلي فأنا لا أملك ذلك الجمال الأخاذ أبدا، فأنا متوسطة الجمال، وربما أقل من المتوسطة، يعني أنا أتخيل لو أن هؤلاء رأوني أولا ثم سمعوني ما كان سيحدث كل ذلك، ربما أطلت عليكم فأرجو المعذرة، ولكني أردت التفصيل حتى تساعدوني.. هل أتخلص من عاطفيتي الزائدة عن الحد؟ وكيف؟ أم أعود لوحدتي ولا أخالط أحدا أم ماذا؟
هذا ودعواتي وشكري الجزيل لمن سيبادر في المساعدة،
تحياتي لكم جميعا.
14/11/2022
رد المستشار
صديقتي...
شيء جيد أن ينجذب إليك الشباب .. لا أدري لماذا تعتبرين هذا مشكلة.. وأن يعجبوا بشخصيتك التي تبدو لهم أنك أكبر وأنضج من سنك هو أيضا شيء جيد
الإعجاب والانجذاب ليس حبا.. إعجابهم وانبهارهم بشخصيتك هو شيء جيد ولكنه محدود ولا يرتقي لكونه حبا لأنك لا تعرفينهم حقيقة ولا يعرفونك حقيقة.. الإذاعة والهاتف يعطيان جزءا من حقيقة الشخص وليس الحقيقة الكاملة.. حقيقة الشخص تظهر في التعامل وجها لوجه في شتى مجالات الحياة وليس فقط من خلال التوافق الناتج عن اهتمام مشترك مثل الشعر أو من خلال أن نعيش لحظات خيالية تملؤها المشاعر الجياشة نعتقد فيها أن الآخر (الذي لا نعرفه حقيقة) يشعر بنفس مشاعرنا أو يشاركنا بعمق في فكرة أو لحظة شاعرية.
إهداء قصيدة لك والتعبير علنا على الملأ عن إعجاب أحدهم بك ليس حبا على الإطلاق.. لماذا تريدين أن يكون حبا؟ (متأكدة 80%) هل تحبين كل من تعجبين بكلامهم أو أشعارهم بدون معرفة حقيقية بهم؟ ماذا عن الجوانب الأخرى من شخصيتك وشخصياتهم؟ ما هي المبادئ المشتركة وكيف نعرف أنها حقيقية؟ ما هي الأحلام والأهداف المشتركة وكيف نعرف أنها حقيقية ومشتركة فعلا أم أنه مجرد كلام يعجبنا سماعه؟
في الحقيقة، يجب أن تحذري ممن يتصرفون هكذا بعد فترة وجيزة من التعارف حتى ولو وجها لوجه .. إغداق الاهتمام والمحبة والعشق على شخص لا نعرفه حقيقة هو علامة على خلل نفسي يجر وراءه العديد من المشاكل والمآسي.. أن تصدقي أنه حب حقيقي
الوحدة سببها عدم التوافق مع النفس ولا علاقة لها حقيقة بوجود آخرين حولك.. قد تشعرين بالوحدة وأنت وسط أصدقاء وأحباب.. وقد لا تشعرين بالوحدة وأنت وحدك تماما مندمجة في شيء ممتع بالنسبة لك.
مخالطتك للآخرين شيء صحي وضروري لكي تعرفي نفسك وتفهميها وتفهمي الدنيا.. بدون التعامل مع الآخرين لا يمكننا أن نعرف أنفسنا حقيقة.. التعامل مع الآخرين لا يعني أن تفقدي نفسك والحفاظ على نفسك لا يعني أن تنعزلي عن الآخرين.
انبهار الآخرين بك وإعجابهم بك شيء ممتع وجيد ولكن الأهم منه أن تكوني أنت راضية عن نفسك وفي نمو مستمر.. استخدمي رجاحة عقلك التي أبهرت الآخرين في أن تفكري وتخططي لحياتك بالطريقة التي ترضيك وتشعرك بأنك إنسانة مكتملة أو على الأقل إنسانة تأخذ خطوات مستمرة نحو الارتقاء والتطور والتحسن كإنسانة عموما وفي المجالات التي تحبينها خصوصا.
لا تستعجلي الحب فهو أفضل وأعمق عندما نكون أنضج.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب