بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا مواطن عربي تجاوزت الثلاثين من العمر، أحضر الدكتوراة في بلد أجنبي، ليست لدي عشيقة ولا أمارس العادة السرية، ولم يسبق لي أن تزوجت، نظرا لظروف الدراسة وقلة ذات اليد.
أعشق النساء وأتطلع إلى اليوم الذي سأتزوج فيه، وقد عانيت معاناة شديدة وتأثر تحصيلي العلمي سلبًا في سبيل كبح جماح نفسي والابتعاد عن فتنة النساء والوقوع في الحرام.
وكنت دائما أطمئن نفسي بأنني سأتزوج امرأة طيبة تنسيني كل ما عانيته طوال سنين العزوبية والغربة، لكن ما حصل هو أنني عدت إلى بلدي الأصلي في الصيف الماضي لقضاء بعض الوقت مع الأهل، وخلال العطلة زين لي الأهل أن أتزوج إحدى قريباتي، وهي بنت متدينة، لكن شكلها لا يعجبني إضافة إلى كونها تصغرني بأربع عشرة سنة، ولم تحصل على الشهادة الثانوية بعد، كل ذلك جعلني أرفض هذا المقترح رفضا باتا منذ البداية، لكن مع مرور الوقت ومع إلحاح الأهل آخذتني العاطفة، وبعد أن صليت الاستخارة قررت التقدم إلى البنت فوافقت ووعدتها بأن أتزوجها بعد التخرج.
وحاولت بجد وصدق أن أحب البنت وأذكر نفسي بمحاسنها، وظننت وقتها أنني أصبحت مقتنعا بها إلى حد كبير، لكن ما حصل هو أنني عند ما رجعت إلى مكان دراستي وبعد فترة وجيزة وجدت أنني مهموم إلى أقصى درجة وأشعر بأنني غير مقتنع بهذه البنت، وأن الفارق العمري والثقافي بيننا سيشكلان عقبة كأداء في طريق التفاهم بيننا.. وأنني نادم أشد الندم على ما فعلت، وبدأت نفسي تتوق إلى بنت أخرى هناك متدينة هي الأخرى لكنها جميلة وتكبر الأخرى سنا ومستواها الثقافي أعلى منها بكثير.
أنا الآن في حيرة وأصبحت دائم القلق إلى حد أنني في بعض الليالي يصعب علي النوم ولم أعد أستطيع أن أتصل بالبنت هاتفيا. وأنا دائم التفكير في كيفية إيجاد حل لهذه المشكلة، لماذا ألزم نفسي بزواج من لا أحبها ومن لست مقتنعا بها، بعد هذا العمر وبعد كل هذه المعاناة؟
لكن كيف أجد لنفسي مخرجا مشرفا من هذه الورطة،
وقبل أن تتزوج البنت التي أحب؟
23/11/2022
رد المستشار
ربما يكون فسخك للخطبة أمرًا مخلا بالمروءة.. ولكن أليس طلاقك منها أمرا مخلا بالمروءة والعدل والأمانة؟! خاصة إن رزقك الله منها بطفل يعيش مشردا بلا أب أو بلا أم؟ بالإضافة إلى حرمانها من فرصة زواج أفضل؟ حيث فرص زواج العذراء أفضل من فرص المطلقة!! لذلك فأنت مخير بين ضررين وعليك أن تختار أهونهما مهما كانت النتيجة.
أنت لا تحتاج منا أن نؤكد لك أن احتمالات فشل هذا الزواج مرتفعة جدًّا بسبب غياب عنصري: التكافؤ والقبول، وربما لا تحتاج أن نذكرك أن الله تعالى قد شرع لخطبة لإيجاد فرصة للقبول والود بين الطرفين، فإن لم يحدث هذا فإن الفسخ هو النهاية "العادلة" للطرفين حتى لا يظلمان بزواج فاشل.
يبقى السؤال الأخير: ما هو المخرج "المشرف" – كما تقول – من هذه الورطة؟
وأقول لك يا أخي الكريم، لا شيء أكثر "شرفا" من الشجاعة والصراحة.. عليك أن تختار شخصا حكيما من أهلك وتصارحه بالأمر، وبأنك حاولت طوال فترة الخطبة أن تشعر بالقبول تجاه الفتاة، ولكن هذا لم يحدث، وأنه كي ينمو الحب بعد الزواج لا بد من وجود "بذرة" من القبول في فترة الخطبة، فإن لم توجد هذه البذرة فكيف ينمو الحب؟
لا شك أن الأهل سيمارسون ضغوطهم مرة أخرى بشكل أشد وأعنف، ولكني أقول لك: لا يلدغ مؤمن من حجر مرتين.. وتذكر قول الحافظ بن حجر العسقلاني: "الذي يضيع الحقوق ليس حياء بل هو عجز ومهانة" .. فإن كان ضعفك -سامحني- قد جعلك تقبل اختيارهم غير المناسب وتوافق على الخطبة، فلا تدع هذا الضعف يوقعك في نفس الخطأ للمرة الثانية وتقبل الزواج تحت الضغط والإلحاح وربما التهديد أو الغضب.
الأخ الكريم.. فسخ الخطبة لا ينتقص من قدر الفتاة في شيء لا يعني أنها فتاة معيبة، وإنما يعني فقط أنها (غير مناسبة) لهذا الشخص، وهي بالتأكيد مناسبة لآخر ربما يكون أفضل.
وأخيرًا.. لا تنسَ الدعاء والاستخارة.