ترتيب الأولويات..
بداية أشكركم على ما تقدمون من خدمات جليلة للشباب...
عندما تتقدم سنوات عمر الإنسان (في مرحلة الشباب)، وتتأخر إنجازاته بسبب ظروف خارجه عن إرادته (مادية أو عائلية).. فماذا يكون الحل؟!
عمري الآن 28 سنة التحقت بالجامعة وعمري 23 سنة، تأخرت بسبب ظروفي المادية إلى أن يسّر الله لي عملاً أتمكن من خلاله تغطية مصاريفي الجامعية والشخصية فقط لا غير، مررت خلال تلك السنوات بعدة عقبات ومشاكل شخصية وعائلية... لا أقصد عدم الاستقرار العائلي، بل حمل همّ مسؤولية العائلة.. بحمد الله اجتزت تلك المرحلة، وتخرجت.
في صيف العام الحالي عرض عليّ أكثر من فرصة عمل كان يتراوح دخلها حوالي 200 دينار، وكانت بعيدة عن مكان سكني لم أكن أقبل بتلك الفرص لاعتقادي أني بحاجة إلى عمل يتجاوز بي تلك السنوات... يعني رح آخذ 200 وأنتظر كل سنة زيادة 20 دينارًا، بقيت بدون عمل إلى 7/11 إلى أن يسّر الله لي عملاً مقبولاً بدخل 350 دينارًا أردنيًّا، وزيادة سنوية 15%، بالإضافة إلى بعض الميزات.
أقف الآن عاجزًا عن تحديد مسار حياتي... أمامي:
- مسؤولية عائلتي.
- رغبتي في الزواج.
- رغبتي بإتمام دراستي العليا.
ماذا أفعل أرشدوني
بارك الله فيكم؟.
15/3/2024
رد المستشار
في البداية أرحب بك على موقعنا، وأشكرك على رسالتك؛ لأنك فتحت موضوعًا حيويًّا للغاية، وهو موضوع نمرّ به يوميًّا دون أن نعيره الاهتمام الكافي.
إن ترتيب الأولويات موضوع مهم كثير منا يغفل عن القيام به بشكل منظم أو بترتيب منطقي..!
لنأخذ فكرة عن كيفية ترتيب الأولويات مع التعليق على النقاط التي طرحتها في رسالتك...
تقول الدراسات الحديثة إنه عليك أن تبدأ بكتابة كل الأشياء التي تتمنى أن تقوم بها، اكتب كل ما في ذهنك وخذ وقتك في الكتابة ولا تتعجل، اكتب كل شيء مهما كان صعب التحقيق أو تافهًا، اكتب دون أن تنتقد نفسك، ثم ابدأ في الخطوة التالية.. وهي خطوة تصنيف هذه المهام أو الأمنيات ويمكنك تصنيفها كالآتي:
أشياء طارئة: لا بد أن تعملها فورًا ولا يجوز تأخيرها (مثل الواجبات الاجتماعية، أو مهمة في العمل موعد تقديمها غدًا)، لاحظ أن بعض هذه الأشياء الطارئة لا يعتبر مهمًّا بالنسبة لك ولا يحقق أهدافك، فهنا يمكنك الاعتذار عنه، وعدم القيام به؛ لأنه سيمثل ضغطًا نفسيًّا عليك دون مردود إيجابي، فبما أن بعض هذه المهام غير مهمة يمكن بل يجب عدم القيام بها.
أشياء مهمة: تود القيام بها؛ لأنها تهمك أنت شخصيًّا، وستكون راضيًا إذا ما حققتها، وإن تأخرت في القيام بها سوف تتحول إلى أشياء طارئة.
أشياء غير مهمة وغير طارئة: فهي أشياء أحيانًا نضيع فيها الوقت فهي لا تعتبر مهمة ولا تُعَدّ طارئة... ابتعد عنها تمامًا.
في الحقيقة علينا أن نقوم بالأشياء الموجودة تحت فئة أشياء مهمة فقط لا غير، لاحظ أنه لا بد أن يكون أكثر من 90% من وقتنا يركز على الأشياء المهمة غير الطارئة، أما الأشياء غير المهمة التي نجد أنفسنا نضيع فيها الوقت فعلينا الابتعاد عن إضاعة عمرنا فيها.
والأشياء الطارئة هي مهام -كما يعبر اسمها- تُعَدّ طارئة أي نادرة الحدوث فإن كانت مهمة نقوم بها، ولكن لا يمكن أن تتحول حياتنا كلها إلى حالة طوارئ، بما يترتب عليها من قلق وانزعاج، والإحساس بأننا لا نتحكم في ما نريده ونفعل أشياء مملاة علينا، وإذا ظللنا نعمل بالأشياء الطارئة وغير المهمة فلن ننجز الأهداف المهمة، وبالتالي ستتحول الأشياء المهمة إلى طارئة، أما إن وضعنا اهتمامنا على الأشياء المهمة فسوف ننجزها في الوقت المناسب ودون ضغط.
النقطة الثانية.. هي فكرة وجود عدد من الأشياء المهمة، كما تقول أنت مثلاً: "زواج وأسرة - ودراسات عليا"، فيمكن أن ترتب الأولويات، فنبدأ بما له الأولوية ونعطيه الجهد الأكبر، ويمكن أن نقوم بأشياء على التوازي، فالزواج أو الاهتمام بأسرتك لا يمنعك من إتمام دراستك العليا، بل إن الاستقرار الأسري يساعد على أن يكون الذهن حاضرًا في هذه الدراسات، ولكن للوصول إلى هذا الاختيار أو ذاك يكون من خلال معرفة قدراتك وإمكاناتك سواء الشخصية والنفسية أم المادية، ثم التفكير خطوة خطوة.
فمثلاً لنتحدث عن نقطة الزواج، سنجد أن الزواج يتطلب وجود زوجة مناسبة ووجود ماديات ملموسة، لقد بدأت العمل من فترة بسيطة فهل لديك إمكانيات مادية للزواج الآن؟ هل هناك من ترى أنها مناسبة لك؟ إن أجبت بنعم تحرك فورًا، وإن كان لديك الإمكانات وليس هناك زوجة، فابحث عنها.
وإن كانت الإجابة لا... فليس لديك إمكانات مادية، فهل يمكن أن تحصل على مساعدة مادية من أهلك؟ أم تفكر في السفر للعمل وتوفير المال؟ أم تبني حياتك مع شريكة حياتك؟.
وإن تحدثنا عن فكرة الجمع بين أكثر من أولوية فهناك كثير من الأشخاص يجمعون بين أكثر من جانب من الجوانب التي ذكرتها في رسالتك، أي يجمعون بين الزواج والاهتمام بأسرتهم الأصلية، ولكن النجاح في القيام بكل المهام في نفس الوقت يتفاوت فقد تجد شخصًا متزوجًا وينجح في إعداد رسالة الماجستير مثلاً، ولكنه يستغرق في إعدادها وقتًا طويلاً... المهم أن تعرف نفسك وتعرف قدراتك.
ومن الأشياء التي تساعدك أن تتحدث مع أشخاص ناجحين، ثم تسألهم كيف نجحوا في ترتيب أولوياتهم؟ وكيف نجحوا في أداء كل مهمة؟ وتنبع أهمية هذه النقطة من أن الأشخاص الناجحين سيقدمون لك خطوات عملية وأفكار واقعية عن النجاح، وسيمدونك بخبرات ناتجة عن السن والخبرة والنضج؛ فتعيش بشكل أفضل بإذن الله تعالى.
أخيرًا.. يمكنك أن تحضر دورة أو تقرأ كتاب "خطط لحياتك" للدكتور صلاح الراشد، وتابعنا بأخبارك.