استشارة
السلام عليكم ورحمة الله إلى الأستاذة رفيف وبعد كنت قد أرسلت لك الكثير من الرسائل من قبل عن الوسوسة أما الآن أريد من الأستاذة رفيف خاصة رد على استشارتي هذه لثقتي الكبيرة جداً بها وبسببها بعد الله نجوت من كثير من الوساوس إلى حد ما لأنها تفهمنا والحمدلله أسأل الله أن يرزقها الفردوس الأعلى ووالديها وكل من تحب.
استشارتي أنا فتاة في ٢٤ من عمري وأنا الآن في السنة الأخيرة لي من الجامعة والحمدلله على هذا الإنجاز مشكلتي يا أستاذة رفيف أني فتاة عاطفية ومحرومة من العاطفة بشكل كبير في حياتي أنا منذ صغري كان لدي مبدأ وهو عدم التواصل مع الشباب قبل الالتزام لأنه كان أمر خاطئ في نظري وبعد أن التزمت إلى حد ما أصبحت أعلم أن التواصل مع الشباب حرام ويغضب الله ولا يجوز... حتى عرفت عند عائلتي وصديقاتي بهذا الأمر... الآن الأمر اختلف ولا حول ولا قوة إلا بالله حدثت أشياء كثيرة في هذه الفترة من حياتي الجامعية وأصبحت أشعر بضياع شديد وتشتت لا يعلم به إلا الله.
كان الأمر سهلا منذ زمن ولكن فجأة أصبحت أشعر بالوحدة وأني وحيدة في حياتي وأرى بعض الفتيات يتحدثون عن أحبائهم الشباب فاشتعلت في قلبي عواطف لم أعهدها من قبل من أنني أريد الاحتواء من رجل وأنني أريد أن أكون جميلة في نظره وأن يحبني شخص وأن يراني لطيفة ويجلب لي الهدايا وأن أعيش الرومانسية وما أراه في الأفلام وقصص الحب وغيره... قد ترون الاستشارة ربما بسيطة ولكنها والله تشغل ليلي ونهاري أفكار بأني أريد الدخول في علاقة عاطفية مع شاب فأبدأ بجلد ذاتي أنه لا يحق لي أن أشعر بهذه المشاعر أو لا لأنه لا يجوز... وثانيا لأني موسوسة ولا يحق لي الزواج وقطعت على نفسي عهدا بعدم الزواج لأني لا أريد أن أحرج نفسي وعائلتي
وأيضا لأني مررت بأقصى أيام حياتي على الإطلاق بسبب الوسوسة فكنت لا أهتم لشكلي حتى وفقدت كل معاني الحياة وكان فقط أمر واحد يشغل حياتي كلها ألا وهو الوسواس والآن الحمدلله بعد أن خفت حالتي قليلا مع الدواء النفسي وقبله كرم الله الرحيم علي فأقول ويحك الله أنقذني من الوسواس إلى حد ما وأصبح لا يشغلني مثل قبل فأقول كيف تجعلين هذه الأفكار والأفعال التي تغضب الله تسيطر عليك بعد أن من الله علي هل تريدين أن يبتليك الله بالواسوس مرة أخرى وأفكار كثيرة فأرجع أكبح نفسي لأن الأفكار بأن هذا الشيء خاطىء كانت مسيطرة علي منذ الصغر فأتألم وتزداد العواطف داخل قلبي يوماً بعد يوم ولا أعلم ماذا أفعل وكيف أتصرف...
وكنت قبلها قد تعرفت بشاب كان يعمل في المستشفى التي نزلت فيها تدريب وكان شديد الوسامة إلى حد يأسر العقل وأنا بسبب كبتي لنفسي شعرت بحاجة ملحة جدا إلى درجة الجنون بأني أريد التحدث معه والتواصل معه وغفر الله لي فكنا نتحدث مع بعضنا في المستشفى وقت طويل ونضحك ونتحدث في أشياء لا علاقة لها في الطب يعني أشياء مضحكة وغيره فانجذبت إليه كثيرا وفتنت به وأصبحت أفكر فيه طوال يومي وتعذبت جدا لأني أفكر فيه طوال الوقت مع شعور خافت بتأنيب الضمير بأن ما نفعله من الحديث والضحك حرام مرت الأيام وافترقنا ولم نتواصل مع بعضنا الآن أريد أن أعرف ما حكم ما فعلته من حديث وضحك معه ولكن ليس كلام حب أبدا وليس في خلوه أمام الناس ونادرا نكون في مكتب التمريض والباب مفتوح والناس يدخلون في أي لحظة وغيره فهل أنا آثمة لحديثي وضحكي وتواجدي معه؟
٢-النقطة الثانية أن الشيطان بدأ يسيطر علي بأن أيامي تضيع وأنا لا أتحدث مع الشباب أستغفر الله وأني هكذا لن أتزوج وأنا كنت أصد كل شخص يأتني لأن هذا حرام فكيف أتصرف مع الشيطان ومع هذه الأفكار وكيف أصبر نفسي؟
٣- طوال حياتي لدي مبدأ أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيراً منه وتركت الحرام ومحادثة الشباب وكنت أستطيع فعله أحيانا لأني لا أريد أن يغضب الله علي وأن من تعجل شيئا عوقب بحرمانه وأني أصبر لأني أريد أن يرزقني الله بالحلال زوجا ليس له مثيل وأعيش معه أجمل قصة حب وما زالت هذه فكرتي ومفهومي للأمر وأصبر نفسي دائما ولكن قرأت منذ فترة بأنه لا يجوز للشخص بأن تكون هذه نيته أن يترك الحرام ليعوضه الله بالحلال في شيء معين وأن هذه من المقايضة مع الله ولا يجوز فعلها فتحطمت كثيرا جدا ودخل لي الشيطان بأفكار أكثر أني ضيعت سنين حياتي وفوت علي أشياء كثيرة وأني لن أتزوج وغيره فهل هذا الكلام صحيح أرجوكم اطفئوا حيرتي هل لا يجوز لي أن أصبر عن الحرام ليعوضني الله بالحلال الجميل الذي يشبه كرم الله سبحانه وتعالى وماذا أفعل وكيف أتصرف؟؟
٤- ماحكم التحدث مع الشباب ببرنامج الرسائل النصية الواتساب أو غيره لكن من دون إرسال أي صور أبدا ودون لقاءات ومقابلات وغيره وإذا كان الشخص خارج البلد التي أعيش فيها أي يستحيل أصلا اللقاء والتواصل فقط كلام وأحاديث عادية مع الابتعاد عن كلام الحب وغيره فقط إما أمور عامة أو الضحك وغيره وهذا الشخص نيته الزواج بي وإذا حذفته من البرنامج ستنقطع كل طرق التواصل وهو يريد أن يتعرف علي أكثر وأن نعرف بعضنا لنعلم هل نناسب بعضاً من أجل الزواج أو لا مثلا ما حكم التحدث معه أو التحدث مع الشباب والنيه الارتباط الحقيقي الذي هو الزواج وليس التلاعب أو شيء، أرجوكم أن لا تتضايقوا مني فأنا أعلم أني مخطئة وأشعر بحزن وتشتت وفي هذا السؤال أنا أعلم أني على خطأ ولكن أريد حقا معرفة الحكم أشعر أن الصحيح والخطأ كله التبس علي وأصبحت لا أفرق وأفكر في الأمر كثيرا ولا أستطيع استشارة أي أحد من حولي لأني أريد أن تكون استشارتي من شخص متفقه في الدين فهل من الممكن أن تنصحوني أرجوكم فقد فهمتم مشكلتي وما أريد إيصاله فأريد نصائح ومبادئ تعينني لأسير عليها ونصائح منكم لأني ضائعة وتائهة جدا في هذا العمر وسأترقب ردكم لحظة بلحظة وأطلب من الأستاذة رفيف طلب خاص أن تدع لي بالشفاء من الوسواس وأن يرزقني الله بالزوج الصالح ويقر عيني ويسعدني
عسى أن تكون أقرب من الله مني فادع لي
وشكر جزيلا لكم.
11/2/2023
رد المستشار
عليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "Reem" وأهلًا وسهلًا بك على موقعك
إن مشكلتك جديرة بالاهتمام، ومن يقول عنها بسيطة أو تافهة، فهو بعيد عن واقع البشر، وعن فهم الإنسان.
لقد جنيت على نفسك بمحاولاتك إقناعها أنك موسوسة لا يحق لك الزواج، فتوجهت رغباتك نحو إقامة علاقات خارج إطار الزواج، تروين بها مشاعرك الطبيعية. وقناعاتك (الخاطئة) ونفسُك في صراع، ساعة تؤنبين ضميرك على مشاعرك بحجة أنه لا حق لك في الزواج، وساعة تقولين إنك تخشين ألا تتزوجي إن لم تقيمي علاقات مع الشباب!!
1-ما تمرّين به من مشاعر أمر طبيعي جدًا، كانت خافتة أو مختبئة في الماضي، ثم جاء ما يحركها، من تبدلات هرمونية، ومن انتقال إلى بيئة الجامعة وما فيها من اختلاط مع الشباب، ومع فتيات من بيئات مختلفة، وسماعك لأحاديثهن ومشاهدتك للأفلام الرومانسية، كذلك خف عليك ضغط الوسواس الذي كان يشغلك حتى عن نفسك، فوجدَتْ هذه المشاعر مجالًا للظهور.
هناك أشياء لا تؤاخذين عليها وهي أصل هذه المشاعر المركبة في الإنسان، والشعور بالحاجة إلى زوج تسكنين إليه وتعيشين معه المودة والرحمة، لكن أنت فعلتِ بنفسك كما قال الشاعر: "ألقاه في اليمّ مكتوفًا وقال له ** إياك إياك أن تبتل بالماء"
صديقاتك اللاتي يتكلمن عن مغامراتهن العاطفية الآثمة، لماذا تجلسين معهن وتسترسلين في خيالاتك عندما يتكلمن؟ الأفلام والقصص الرومانسية، لماذا تشاهدينها وتقرئينها وتحلقين معها؟ الشاب الوسيم الذي كان معك في الجامعة، لماذا سمحت لبصرك أن يتأمل في محاسنه إلى أن فُتنت به ولم تعودي قادرة على مقاومة الحديث معه لإرواء مشاعرك؟ ولا يهم، هل أحاديثكما كانت في الحب أم لا، فلم يدفعك إليها إلا الفتنة، وأنت تستمتعين وتروين عطشك العاطفي من خلالها بطريقة غير مشروعة.
والمشكلة أنك أغرقت في الأحلام المثالية عن الزوج والزواج بشكل مبالغ فيه!! تحلمين بزوج ليس له مثيل، تعيشين معه أجمل قصة حب!! لا يوجد زوج ليس له مثيل، كلهم مثل بعض،، أيام الخطوبة..، أول أيام الزواج..، ماشي.. نعيش الرومانسية والأحلام.. وما إن يمضي شهر أو شهران حتى تسمعي منذ الصباح الباكر صوتًا يصرخ؟ يا رييييم؟ أين جواربي؟ لماذا لم تغسليها؟ كيف سأذهب إلى العمل؟؟؟ ثم تجلسين لتتناولي الغداء (برومانسية) وإذ به يقول متذمرًا: كم مرة قلت لك لا تدعي الأرز يصير كالعجين؟ ألم تعلمك أمك الطبخ من قبل؟ وأنت تقولين له: منذ شهر وأنا أطلب منك إصلاح الموقد، ما هذا العمل الصعب الذي يحتاج أكثر من شهر لإنجازه؟!! وتتمتمين بينك وبين نفسك: حظي وأعرفه، (تزوجنا لننستر، سقى الله أيام العزوبية!!)
وما إن يتم الحمل ويبدأ والوحام، حتى يندب حظه لماذا زوجته جسمها لا يتحمل، ووحامها صعب، ويشكو معاناته لأصدقائه في العمل، ويتأمل موظفة نشيطة قوية البنية، ويقول في نفسه: كان يجب أن أتزوج هذه!! لا أريد أن أجعل الدنيا سوداء في وجهك، ولكني أريد أن تري الجانب الآخر من الحياة، العلاقة بالجنس الآخر ليست مجرد (عواطف) و(رومانسية) و(غنج ودلال) و(هدايا) و(استلطاف) ... هذا كله يكون في البداية، ثم ينقلب بعد الزواج إلى (مودة ورحمة) حب متزن، وسكن... ومع هذا الحب تتقاسمان مسؤوليات كالجبال، لا تجدان وقتًا للتفكير بغيرها. وإذا حظيت بمن (يقاسمك) فهذه نعمة كبيرة، وإلا فبعض الذين (ليس لهم مثيل) لا يحملون مسؤولية، ويرمونها على الشريك، وبعضهم يفقد عمله، وقومي يا ريم اعملي خارج البيت وداخله، وتحملي مزاج الزوج المعكر بسبب قلة العمل! وتبقى المودة والرحمة للتخفيف من وطأة هذه الأعباء... وبالمقابل لا يوجد هناك امرأة (ليس لها مثيل) أيضًا كلهن مثل بعضهن... فما ينبغي لأي من الطرفين أن يحلم بشريك (ليس له مثيل) فهو له (ألف مثيل) وهي لها (ألف مثيلة)
تأملي في هذا، وراقبي الحياة الأسرية بتفاصيلها اليومية، وهذا سيجعلك تخففين من التحليق الذي يدفعك إلى المحرمات...، وابتعدي عن صديقات السوء، اللاتي أصبحن هن الغالبات على المجتمع للأسف! عشق..، واستسهال للمعاصي، بل وتزيينها وتعيير من لم تكن مثلهن! .. كل شيء انقلب، والظروف من حولنا كلها تزيد المعاناة، حتى أصبح المتزوجون يعانون أيضًا، إلا أن معاناتهم أخف وطأة ممن سواهم.. فإذا ابتعدت عن المثيرات، وشغلت نفسك بما يفيد في الدنيا وفي الآخرة، خفت معاناتك كثيرًا، واقتصرت على الانزعاج من المشاعر البشرية الطبيعية ريثما يفرّجها الله بزوج صالح.
2-قال صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَحْمِلَنَّكُمِ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ)). فكيف تريدين أن تحصلي على رزقك في الزواج عن طريق معصية الله بالعلاقات المحرمة؟ وفي حديث آخر: ((إنَّ العبدَ ليُحرَمُ الرِّزق بالذَّنب يُصيبه)). الزواج رزق، والمال رزق، والعلم رزق، والذكاء رزق...، وكله مقدر ومكتوب وسيصل إليك في الوقت الذي قدره الله، فلا تظني أن المعصية هي التي قربت حصوله، إنما المعصية نكدته عليك، وحرمتك بركته، وحمّلتك الإثم... روي عن علي رضي الله عنه أنه دخل مسجد الكوفة، فأعطى غلامًا دابَّته حتى يصلي، فلما فرَغ من صلاته، أخرج دينارًا ليُعطيه الغلام، فوجده قد أخذ خِطام الدابَّة وانصرَف، فأرسل رجلاً؛ ليشتري له خِطامًا بدينار، فاشترى له الخِطام، ثم أتى، فلمَّا رآه علي رضي الله عنه قال: سبحان الله! إنه خِطام دابَّتي، فقال الرجل: اشتريتُه من غلام بدينار، فقال علي رضي الله عنه: سبحان الله، أردتُ أن أُعطيه إياه حلالاً، فأبى إلا أن يأخذه حرامًا.
3- أما ما قرأته من أنه: (لا يجوز للشخص بأن تكون هذه نيته أن يترك الحرام ليعوضه الله بالحلال في شيء معين وأن هذه من المقايضة مع الله ولا يجوز فعلها) فإما أنك لم تفهمي المقصود، وإما أن الكاتب لا يفهم!! آيات القرآن كلها تعد المؤمنين بأنهم إذا فعلوا الطاعات، نالوا الثواب والجنات، وكان المؤمنون يقبلون على الله تعالى طامعين بما عنده! قال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) [التوبة:111]. وقال تعالى: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)) [الطلاق:2-3] إن الله بالغ أمره ومجري قدره، جعل لكل شيء قدرًا ووقتًا يقع فيه. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ)). وفي الحديث المعروف، قال صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ النَّظْرَةَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ مَسْمُومٌ، مَنْ تَرَكَهَا مَخَافَتِي أَبْدَلْتُهُ إِيمَانًا يَجِدُ حَلَاوَتَهُ فِي قَلْبِهِ)).
وبعد كل هذه النصوص من آيات وأحاديث يصلح أن يُقال: لا يجوز للشخص بأن تكون هذه نيته أن يترك الحرام ليعوضه الله بالحلال؟!! نعم، هذا لا يجوز في حالة واحدة: ألا يتجنب المعصية إلا بشرط أن يحصل على خير منها، وكأنه يقول لله تعالى: (إن أعطيتني أطعتك، وإن لم تعطني فلن أطيعك). وهذه قلة أدب مع الله سبحانه، وطاعة للهوى وليس لله تعالى... أما أن يطيعه واثقًا بوعده بأنه سيعوضه خيرًا مما ترك، فهذا هو الإيمان، وهذه هي الثقة بالله.
4-الطريقة التي ذكرتها يا عزيزتي من التحدث مع شاب بكلام فارغ، والضحك ونحو ذلك حرام، ونية الزواج لا تقدم ولا تؤخر في الموضوع... وسأضخم السؤال قليلًا، ولكن المبدأ نفسه: هل المساكنة حيث يعيش الشاب والفتاة مع بعضهما كالأزواج، ليتعارفا أكثر بنية الزواج إن كانا مناسبين لبعضهما حرام؟ المساكنة حرام ومن الكبائر، والمراسلة حرام ومن الصغائر ما لم تقترن بالإصرار وإلا انتقلت إلى الكبائر... تعارف الزواج: أولًا: التعارف بنية الزواج على شخص من غير بلد ضحك على الذقون! نادرًا ما تنتهي هذه المحادثات بالزواج، وإن تم الزواج فقليلًا ما ينجح!!
ثانيًا: إذا حاول أحد من بلدك التعرف عليك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، فاسأليه عن اسمه وعائلته، وعمره، وعمله، ودراسته، فإن أعجبك أعطِه رقم والدك، وقولي له أن يتصل ويطلبك منه، يتم تحديد موعد للزيارة، وتتعرفا على بعضكما بحضور الأهل، تسألينه عن مبدئه في الحياة عامة، وفي الحياة الزوجية خاصة، وما يحب وما يكره إذا حصل بينكما ارتباط، وهو يفعل ذلك، فإن تم القبول المبدئي، تخبرينه بأنك مريضة وسواس، وتسألينه إن كان يعاني من شيء، فإن وافقتما على السلبيات، ففي الفترة قبل العرس فرصة كافية للتعارف.. ونحن في سورية عندما تتم الموافقة يعقدون العقد فورًا، ثم يتعرّف الزوجان على بعضهما ويذهبان ويجيئان دون حرمة، ثم يكون العرس، فإن اكتشف أحدهما في الآخر شيئًا لا يعجبه، افترقا بالطلاق قبل الدخول. هناك بلاد لا يعقدون العقد فيها إلا يوم الزفاف، بينما يمضون فترة الخطوبة وما زالا لا يحلان لبعضهما، فيذهبان النزهات، ويضحكان ويمزحان، ويتلامسان بحجة الخطوبة، وكل هذا محرم!! وإنا لله وإنا إليه راجعون
هذا هو الزواج عن طريق الإنترنت، وهذه حدوده، وكل ما تجاوز هذا حرام، يورث الألم والندامة في الدنيا، والعقوبة في الآخرة... وعلى أرض الواقع، قليلًا ما يتم الزواج عند أول تعارف...، يمضي الشاب والشابة سنوات يتنقلان من حب إلى حب، ومن استغلال إلى استغلال، ومن فشل إلى فشل، ومن ألم إلى ألم، إلى أن يتزوج أحدهما، وقد يكون زواجه من شريك لم يتكلم معه كلمة واحدة من قبل!! إذا لم تتعاملي مع الأمور بنضج وحزم قبل الزواج، فإنك ستعانين كثيرًا بعد الزواج، فاعتني بتطوير نفسك كي تفلحي في حياتك الزوجية، وفي تربية أبنائك.
أخيرًا ألخص لك ما سبق:
1- ابتعدي عن صديقات السوء اللاتي يستسهلن المعاصي، وعن مشاهدة الأفلام الرومانسية والمناظر المخلة.
2- غضي بصرك عن الشباب
3- اهتمي بتطوير نفسك وتأهيلها لتكوني زوجة ناجحة، فانتسبي إلى دورات في الحياة الزوجية والتعامل معها، أو في تربية الأبناء، أو شاهدي فيديوهات لمختصين في ذلك، وتعلمي كيف تكتشفين صفات شريكك، وكل هذه الأمور.
4- ابتعدي عن محادثات وسائل التواصل الاجتماعي، وإن حصل فبالقدر الذي حددته لك، وعن طريق أهلك.
5- لا تمنعي نفسك من الزواج، ولكن أخبري الخاطب بوسوستك بعد حصول القبول من الطرفين.
6- ثقي بعطاء الله إن التزمت بطاعته، وبحكمته في تأخير الزواج أو تقديمه بل في منعه... وسلمي الأمر إليه، فنحن علينا الطاعة، وهو سبحانه عليه تدبير أمورنا ورعايتنا.
7- أكثري الاستغفار والدعاء، وأنا بدوري أدعو لك أن يعافيك الله تعالى من كل داء، وأن يرزقك الزوج الصالح ذا الأخلاق العالية بطريق حلال، وأن يرزقك العفاف قبل الزواج وبعده.
وفقك الله وأسعدك