السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بداية أحب أن أرسل شكري لكل من يقرأ هذا الإيميل وأطلب منه سعة الصدر؛ لأنني في حيرة من أمري، ولقد حاولت مرارا وتكرارا إرسال استشارات من قبل ولم يحالفني الحظ في الإجابة على أي منها من قبل، وأتمنى من الله أن يلاقي هذا الإيميل اهتماما من سيادتكم.. وشكرا للجميع، واعذروني إذا لم أستطع التعبير؛ لأن هذه أول مرة أقوم بإرسال مشكلة لي لأي برنامج أو موقع على النت، ووفقكم الله لمساعدة الآخرين.
في البداية أنا شاب عمري 24 سنة، لا أستطيع أن أقول إنني متدين بالقدر الكافي، ولكن الحمد لله أقوم بما فرضه الله على المسلم من صلاة وصوم وزكاة، وأحمد الله على نعمة الإسلام التي أنعم بها عليّ وفضلني على كثير من مخلوقاته.. حكايتي بدأت منذ سنتين ونصف تقريبا فكنت مرتبطا بإنسانة ارتباطا غير رسمي، ومنذ معرفتي بها وأنا في نيتي الزواج بها، كانت هذه الفتاة قبل ارتباطي بها مرتبطة بصديق لي ولكن كل منهما لم يكن له مشاعره تجاه الآخر.. يمكن القول بأن الفتاة كانت معجبة به ولكن هو لم يكن معجبا بها، ولكن دخل هذه العلاقة لمجرد تضييع وقت معها، كما أنه لم يكن هناك توافق اجتماعي بينهما من الناحية المادية فكان أقل منها بكثير، ومرت الأيام ولم يكتمل موضوعهما.
وبعد فترة ستة أشهر من انتهاء الموضوع بينهما لمحت لي تلك الفتاة بالارتباط بي، وبالفعل كان هناك شيء بداخلي نحوها، وبالفعل ارتبطت بها، وأرادت مني التقدم للتعرف على أهلها وبالفعل لم أتردد بالرغم من أنني كنت متخرجا في الجامعة، ولم أكن مؤهلا بالقدر الكافي لأخذ هذه الخطوة، ولكن أردت أن أدخل البيت من بابه... وذهبت لمقابلة والدتها؛ وذلك لأن والدها لم يكن موجودا في مصر؛ لأنه يعمل بالخارج، وبعد فترة تقابلت معه، ولم يكن هناك أي رفض من جانبهم، ولكن لم يحدد ميعادا للخطوبة لأني كنت في نظره صغير السن رغم أن سني وقتها كان 21 سنة.. ولكن لم يعترض على الاستمرار في علاقتي بابنته، وكنت على اتصال دائم بيني وبينه حتى لا يشعر بأنني أتنصل من المسؤولية أو اتخذت خطوة ولم أكن على قدرها.
وللأسف تطورت العلاقة بيني وبين هذه الفتاة إلى حد اعتبار أننا أزواج، ولكن في حدود أنها ظلت بنتا، وتعددت اللقاءات بيني وبينها لدرجة أننا لا نستطيع أن يمر أسبوع دون لقاء كل منا الآخر.. وبعد هذا حاولت الارتباط بها رسميا حتى لا أستمر في هذه العلاقة الآثمة ويظل المجال مفتوحا للشيطان بتركها بعد أن فعلت مثل هذه الأمور معها، ولكن كانت محاولاتي تبوء بالفشل من جانب أهلها، رغم ظهوري معهم في كثير من الأحيان أمام أقاربهم في المناسبات سعيدة أو حزينة، ولم تكن هناك مناسبة إلا حاولت فرض تواجدي فيه بإرسال ما هو متعارف عليه، رغم أن زوج أختها لم يقم بإرسال هدايا في هذه المناسبات، ولكن هذا الأمر لا يعنيني بشيء؛ فأنا وهي كنا متوافقين إلى أبعد الحدود في كل شيء.
وكانت تحدث بيننا مشاكل، ولكن ليست كثيرة وعادية، وسرعان ما كانت تنتهي بعدها بساعات قليلة، وللحق كانت هي الأكثر بحثا عن الصلح، وبالطبع أنا كنت أحاول ألا أغضبها، ولكن كنت أحاول أن أطبعها بطباعي، وقد كانت معجبة بذلك؛ لأنها كانت تحب الشدة في المعاملة بالرغم من العند المتوافر لديها.. وبعد مرور عام وتسعة أشهر رزقني الله سبحانه وتعالى بفرصة عمل خارج مصر في وظيفة مرموقة وبمرتب مجزٍ ولله الحمد، وبالفعل قبلتها وذلك لأحاول أن أرتبط بها في أقصر وقت ممكن؛ بمعنى أن خروجي من البلد كان لأجلها، ولكن قبل سفري اتصلت بوالدها لأنه خارج البلاد، وقلت له: إن هناك فرصة عمل لي بالخارج، وأنا على استعداد أن أنتظرك لكي نأخذ خطوة إيجابية قبل سفري؛ وذلك لكيلا أشعره بأنني أفكر في نفسي فقط؛ فقال لي اذهب وابنتي لك إن شاء الله ولا تقلق.
سافرت بالفعل، ولكن لم أستطع التأقلم مع الوضع الجديد بسهولة، وبالتالي انعكس ذلك على معاملتي معها، وكنت لطيفا في مكالمات كثيرة، وكنت عصبيا في بعضها نتيجة عدم الاهتمام الذي تعودت عليه -وأنا في مصر- من ناحيتها، ففتح ذلك مجالا للشك فيها، وعدم مصداقية كلامها، وعدم الشعور بأي كلمة تنطق بها.. وظل الوضع قائما بيني وبينها لمدة ستة أشهر، والعلاقة غير مستقرة بيننا فترة جيدة وأخرى لا، وبعد فترة قصيرة جاءت لها فرصة عمل كمضيفة في إحدى شركات الطيران، ولكن رفضت لعدة أسباب؛ منها أنها محجبة والعمل في هذا المجال يتطلب خلع الحجاب، بالرغم من أنها قالت لي بأن الزي الخاص لهذه الشركة يسمح بارتداء الحجاب ولكن لم أقتنع.. كما أن إجازاتها لا تتفق مع إجازاتي، وذلك جعل السنة الثالثة تمر دون أن يكون هنالك خطوبة على الأقل، كما أن علاقتنا لم تكن جيدة لكي أطمئن للانتظار، كما أن هناك تقديما للخمور على خطوط الطيران.
وهي كانت محبة للعمل جدا، فحاولت معها ألا تعمل؛ وذلك لكي نستطيع الارتباط، وقالت لي: الشغل لا يمكن أن ينتظر، ولكن الزواج يمكن أن ينتظر؛ فوجدت أن فكرة العمل مسيطرة عليها، حاولت أن أتكلم مع والدها في هذا الخصوص فوجدته هو الآخر محبذا لفكرة العمل، كما أنني شعرت من خلال مكالمتي له بأنه غير باق على الموضوع، وقال لي: "لا يوجد هناك شيء ملزم بيننا"، فراودني شعور بإنهاء الموضوع أفضل؛ لأن هناك ما هو أهم مني لديها.. ولكن بعد أن أنهيت مكالمة التليفون معها بأن الموضوع انتهى راودني شعور بأنني فقدت كل شيء ولم يعد لي شيء في الدنيا؛ فعلى الفور قمت بالاتصال بها مجددا، وحاولت الحديث معها في إعادة التفكير في موضوع العمل، وبأنني لست معترضا على فكرة العمل ولكن على توقيتها فقط لا غير.
المهم أقنعتني بأنها صرفت نظرها عن العمل، وظل الوضع قائما، ولكن تغير أسلوبها إلى النقيض فأصبحت تقول لي بأنها لا تحبني مثل الأول، وأني ضيعت حلم حياتها، وأنها لا تتذكر أي موقف حسن أنا فعلته معها، ونترك الموضوع للظروف، كما أن والدها يقول لها بأنني أتحكم فيها قبل الأوان، وهذا لا يصلح؛ فتوقعي لذلك بأنه لم يكن موافقا علي من البداية، ولكن في انتظار موقف حتى يستطيع أن يمسكه في يده.. ولكن هل يمكن أن يتاجر أب في سمعة ابنته ويجعلني أظهر معها في أماكن كثيرة ووسط أهلها؛ فأنا لم أتخيل نفسي يوما في هذا الموقف وخاصة مع هذه الإنسانة؛ لأنها كانت تتحمل الكثير والكثير وأنا بجوارها، وكانت تدفعني إلى الأمام، وكانت أحد الأسباب في هدايتي والانتظام في الصلاة، وكنت أحاول أن أحسن من نفسي لأجلها وأكثر من ذلك والله.
وبعد أن حدثت المشكلة بيننا بسبب الشغل وتغيرها المفاجئ شعرت بأن هذا التغير نتيجة عدم الاهتمام الكافي بها، فحاولت الانتباه لها حتى أنقذ الموضوع، فكنت أقوم بالاتصال بها في اليوم أكثر من ثلاث مرات، ودفعت مبالغ باهظة لفواتير التليفون؛ وذلك لمحاولة الإصلاح بيننا؛ ولكن لم تفلح محاولاتي على مدار شهرين متتاليين.
وأكملت الأخذ بالأسباب، وأخذت إجازة قصيرة لمدة أسبوعين بالرغم من انشغالي الشديد في العمل، وبالفعل رجعت إلى مصر وأحضرت معي بعض الهدايا، وأردت أن أعمل مفاجأة لها، ولكن لم تجلس معي أكثر من 10 دقائق، واستأذنت بحجج ليس لها أساس من الواقع؛ فأردت أن أذكرها بما كان يحدث بيننا، وأننا أغضبنا الله، ونريد الإصلاح بدل الوقوع في ذنب، وأنني أريد أن أرحمها من نفسها في يوم من الأيام عندما تتزوج رجلا آخر فلا تستطيع أن تخبره بما فعلته من قبل، وستظل خائنة له طول العمر؛ لأن هناك جزءا من حياتها تخفيه، ولو علمه يمكن ألا يتزوجها.
أنا في حيرة من أمري ولا أعرف حلا، فكرت بالانتقام منها وذلك من خلال بعض الأشياء التي تكمن معي في ذاكرتي، وأفضحها أمام أهلها، ولكن لا أريد أن ينتصر الشر بداخلي على الخير، كما أنني أشعر بأنني سأكون سببا في خداع شخص مسلم سيرتبط بها في يوم من الأيام، كما أنني خائف بأن يحدث هذا معي؛ لأنني على يقين بأنه "كما تدين تدان" كما أنني أفكر فيها باستمرار، وأشعر بالندم لما حدث، ولكن بعد فوات الأوان، ولكن في كل صلاة لي لا أملك إلا أن أقول: "حسبي الله ونعم الوكيل" وبالرغم من أني لا أشعر بأنني أخطأت في حقها فإنها تظهر لي في أحلامي، وتصدر منها مقولة: "حسبي الله ونعم الوكيل فيك"، بالرغم من أنني لم أفعل لها شيئا، وإذا فعلت فلم يكن بالحجم الكبير الذي يجعلها لا تقابلني، وأنا مسافر لها مخصوص وتارك شغلي.
كما أن المفترض أن تكون أكثر حرصا مني على أخذ مثل تلك الخطوة، وألا تفرط في هذا الموضوع؛ لأني بنظرتي السطحية أظن بأن الفتاة عندما تملك جسدها لشخص لا يمكن لها أن تتنازل عن حيائها وكرامتها وجسدها بهذه السهولة.. فما رأيكم يا أساتذتنا فأنا في حيرة من أمري؟
أنا صادق معكم في كل شيء قلته، وإذا أردتم أي استفسار فأنا على استعداد أن أنقله لكم؛ فأنا قد فقدت الثقة في نفسي، ولا أستطيع أن أتصرف بشكل جيد في حياتي، وخائف من الله على ما فعلت، وماذا أفعل غير صلاة التوبة لكي يرضى الله علي؟ وهل بذلك يكون هناك إثم علي أم عليها فقط بعد أن حاولت أن أصلح، ولكن الرفض كان منها؟ وهل أكون سببا في خداع شخص مؤمن يأتي بعدي؟ وهل سيأتي يوم تندم فيه على ما فعلته في حقي أم لا؛ فأنا على يقين بأن ما فعلته سيرد لها؟ فهل شعوري صحيح؟ دلوني فأنا لا أعرف طريقا سواكم.
وأنا آسف على هذه الإطالة، ولكن لأنني وحيد فلا أحد يستطيع أن يشعر بي؛
فأرجو من الله العون، ثم أجد عندكم حلا للانتهاء من هذه الحيرة.
29/4/2023
رد المستشار
أنت تتحدث يا أخي بلغة المضحي النبيل.. أنت ترى أنك تقدمت لأهل الفتاة بناء على رغبتها هي. رغم أن التوقيت لم يكن مناسبا، كما أنك تنازلت وسافرت "لأجلها" -كما تقول- كما أنك تكبدت فواتير تليفونات باهظة وتكاليف السفر لإجازة قصيرة للقائها ومواجهتها.. أنت ترى أنك ضحيت وقدمت الكثير.. أنا واثقة أننا إذا طلبنا من الفتاة أن تقول أقوالها فسيكون حديثها بنفس اللغة أيضا!
فهي ترى أنها ضحت كثيرا.. فلقد سلمتك أعز ما تملك -وهو جسدها- كما أن أهلها قبلوا بك دون قيد أو شرط، كما أنها حاولت دائما التأقلم على طباعك وتقبل شدتك في المعاملة، وكانت هي الأكثر بحثا عن الصلح -وأنت الذي تقول هذا- كما أنها ضحت بمستقبلها وبفرصة العمل من أجل إرضائك!!
هي أيضا ستتحدث بلغة المضحي الذي قدم الكثير والذي لم تقابل تضحياته بالتقدير الكافي.. أنتما متساويان إذن في شعور كل منكما بالتضحية، ولكن الاختلاف هو موقف كل منكما الآن، فأنت ما زلت مقبلا ربما بدافع تعلقك بالفتاة التي تذوقت معها طعم العشق، وما زلت تحت أسره ولا يزال يجذبك إليها، أو ربما بدافع الشعور بالذنب.. أما هي فموقفها مختلف؛ فقد بدأت تعرض عنك -مؤقتا أو للأبد-ربما لتأثرها بتحريض أهلها ضدك؛ هؤلاء الأهل الذين يرون أنهم قد ربوا وعلموا وأنفقوا على ابنتهم ثم فتحوا أبوابهم وصدورهم لك، ولكنك -من وجهة نظرهم-لم تحفظ الجميل، وكان أول رد منك لهم هو أنك بدأت فرض سيطرتك على الفتاة وإجبارها على ترك فرصة العمل رغم إرادتها وإرادتهم!! شعور كل منكما بالتضحية مشترك، ولكن موقف كل منكما الآن مختلف عن الآخر لاختلاف الدوافع والضغوط!!
لعلك فهمت من كلامي السابق ما أريد أن أدعوك إليه.. وأقولها بوضوح أشد: أنا أدعوك للتخلي عن روح التضحية التي تتحدث بها؛ فأنت في الحقيقة دفعت لأنك أخذت!! ولا تتعجب إذا قلت لكل إنني أدعوك -في الوقت ذاته- للتخلي عن أن يكون الشعور بالذنب هو دافعك للزواج بها؛ فالشعور بالذنب لا يكفي -وحده- أن يكون سببا لإقامة بيت وأسرة.
أنت أسير شعورين متناقضين: فأنت من ناحية لا تستطيع أن تهرب من وخز الضمير، وتشعر أنك مشترك في الجريمة، وتخاف من عقوبة الله في الدنيا والآخرة.. ومن ناحية أخرى أنت تحاول أن توهم نفسك بأنها هي المسؤولة، فأنت قد أقبلت وهي قد أدبرت وأعرضت، وبالتالي فهي المتحملة لمسؤولية تخليك عنها، وهي التي سينتقم الله منها لأنها سلمت جسدها لك، ثم لم تحرص على الزواج بك!! وكأنك تريد أن نريحك ونقول لك: يا أخي لقد فعلت ما عليك، وهي التي أعرضت، وهي المتحملة لقرارها.
سامحني يا أخي، أنا لن أريحك؛ فهذه ليست هي الحقيقة.. أنت والفتاة تحاببتما، وقدم كل منكما الكثير للآخر، ثم جاء السفر والبعد -والبعد جفاء كما يقولون- فهرب الحب من الباب، وجاءت فواتير التضحيات من الشباك، وبدأ كل منكما يشعر أنه قدم الكثير، واختبر هذا الحب، ويبدو أنكما على وشك الفشل في هذا الاختبار، هي استسلمت لضغوط الأهل، وأنت ما زلت مترددا.
والآن يأتي السؤال الفاصل:
هل أنتما مستعدان -كلاكما- أن تحافظا على ما بينكما أم لا؟ هل كل منكما يرى في الآخر شريك حياته الذي يحلم به أم لا؟ هل ما بينكما من حب كان حقيقيا يتوجه الاحترام والتوافق أم لا؟ حاول أن تواجه نفسك أولا، ثم تواجهها ثانيا بهذا السؤال، فإن كانت الإجابة من كليكما بالإيجاب فهذا يعني بداية طريق نحو المزيد من الصبر والعطاء من أجل استمرار العلاقة وإقامة بيت وأسرة، ورأب الصدع بينك وبين أسرتها.
وإن كانت الإجابة من كليكما -أو من أحدكما- بالنفي فالموضوع منته بلا تردد، وكل منكما في حل من الآخر، ويبقى على كل منكما التوبة النصوح لله تعالى عما اقترفتما من إثم، ومحاولة إذهاب السيئات بالحسنات وبالأعمال الصالحة، مصداقا لقوله تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات)؛ فليست التوبة بصلاة ركعتين سريعتين بنية التوبة، بل هي شعور بالندم وإقلاع عن الذنب وعزم على عدم العودة، وذلك مع إعادة الحقوق لمن أسيء إليهم، فإن تعذر ذلك فعلى الأقل بالدعاء والاستغفار لهم.. وعندئذ يكون كل امرئ وشأنه؛ فأنت لا تشغل نفسك بذنبها، فهي المسؤولة عما بينها وبين الله، إن شاء غفر لها وبدل سيئاتها حسنات، عليك أن تنشغل بتكفيرك لذنبك أنت، والله تعالى يقبل من المخلصين.
أخي الكريم، واجه نفسك، وواجه الفتاة بالأسئلة التي طرحتُها عليك، وحاول أن تلتزم بحكمة والهدوء والموضوعية.. ولا تنس الدعاء والاستخارة.
وتضيف د.داليا مؤمن:
السلام عليكم، وأهلا وسهلا بك على صفحتنا، أشعر وأقدر ما تمر به من مشاعر مؤلمة نتيجة الأحداث، مشكلتك أنت سبب في جزء منها، وآنستك وأسرتها سبب في جزء آخر.
فما وصلتما إليه من فتور في المشاعر وظهور الخلافات أعتقد أنه بسبب أن النقاط لم توضع على الحروف منذ البداية، ولم تصر على الاتفاق أنت ولا أهلها على الخطوات التالية بمجرد أن تقدمت إلى أسرتها ووافقوا. فطول فترة التعارف غير المبنية على اتفاقات واضحة جعل العلاقة تسير بالخطوات التالية: أولا البحث عن الجوانب المشتركة، وتجمل كل طرف تجاه الآخر والمشاعر الطيبة المتبادلة التي وصلت إلى الحب، وتطور الحب إلى التطور الطبيعي عند البشر، وبدأ الشغف والرغبة الشديدة في التقارب الجسدي وبعد فترة من أي علاقة قد يظهر شيء من الابتعاد بين الطرفين، ويقل التجمل كثيرا أو يختفي. وذلك نتيجة جانبين:
(1) حين ينشغل الطرفان عن بعضهما في الحياة اليومية (أو كما انشغلت بالسفر).
(2) حين تظهر الخلافات، ويظهر كل منهما الجوانب التي لم تكن واضحة للطرف الآخر بما يكفي.
المهم وصل الأمر إلى الشك الذي لم أر ما يبرره، وهذا من العوامل التي تفسد العلاقات، وأصرت هي على العمل، وبالرغم أنك تعرف منذ البداية أن "العند المتوافر لديها" كما ذكرت في رسالتك لم يعجبك عنادها، ولم تتقبله حين وصل الأمر إلى التطبيق الفعلي وليس الكلام النظري. ونتيجة لهذين العاملين من جانبك ومن جانبها، وربما نتيجة للبعد وللخلافات فترت المشاعر من جانبها، وبدأت تفكر في الانفصال!
بالنسبة لدورك في وصول العلاقة إلى هذه المرحلة -في تصوري- يتضح في عدة نقاط:
(1) برغم أنك تعرف أنك لم تكن مؤهلا للزواج تقدمت إلى أسرة الفتاة.
(2) أنك لم تصر على الارتباط بها بشكل رسمي (خطوبة على الأقل) من البداية وخلال فترة كادت تصل إلى عامين، خاصة بعد أن حصلت على عمل وفرصة سفر وأن تحدد مع أهلها موعدا للزواج.
(3) أنك تركت نفسك لهواها لفترة يبدو أنها طويلة حين تعاملت معها كزوجة إلى أن أكرمك الله بالسفر لتكف عن الحرام.
(4) تركت الشك يزرع في قلبك؛ فمثلا هناك شركات طيران تسمح بالحجاب.
(5) اعتمدت على مشاعرك بقدر أكبر، ولم تعط الفرصة الكافية لعقلك في الاختيار أو في التصرف مع الأهل، حينما لم يوافقوك على أخذ خطوات جادة في الزواج، واهتممت بالسفر أكثر من اهتمامك.
(6) أنك أصررت على ألا تعمل وهي غير مطالبة بأن تطيعك، ولكن كان من الممكن أن توضح لها مثلا أنك لن تقبل عملها هذا بعد الزواج، وهنا يكون لها أن تقبل أن تستمر معك أو ترفض.
أخيراً أريدك أن تسأل نفسك: هل كنت فعلا قادرا على تحمل مسؤولية الزواج؟
أراك تقول على سبيل المثال: "حتى لا يشعر بأنني أتنصل من المسؤولية أو اتخذت خطوة، ولم أكن على قدرها"، وقولك "أنا على استعداد أن نأخذ خطوة إيجابية قبل سفري، وذلك لكي لا أشعره بأنني أفكر في نفسي فقط"، أي أنك كنت تفعل ذلك لتظهر أمام والدها بمظهر معين أكثر من كون ذلك المظهر هو ما بداخلك بالفعل.
أما دور الفتاة وأسرتها فيظهر في أنهم قبلوا من البداية شابا يرون أنه "صغير السن"، ولا أفهم ما معنى ذلك؟ هل سيبقونه بجانبهم لسنوات حتى يكبر؟ كذلك لم يعترضوا على ظهوره في المناسبات، ولم يتخذوا خطوة قبل سفره رغم أهمية ذلك، وأخلف الأب وعده. وقد أخطأت هي مثلك حينما قمتما بالتعامل معا كأنكما زوجان، أكرمكما الله بالخوف بحيث لم يصل الأمر إلى الزنا بل مقدمات الزنا فقط (ولا أعرف ربما الزنا أيضا)، كما أنها لم تتفهم صعوبة تكيفك مع العمل الجديد والبعد عن الأهل والأصدقاء وتغيير المكان والثقافة وغيرها من الصعوبات التي واجهتها بعد السفر، وأخيراً لا أعرف بالضبط ما جعل فتاتك تشعر بأنها لا تتذكر لك أي شيء جيد.
سيدي، الخبرة الأولى دائما ما تكون صعبة، ولكنها تجعلنا أكثر نضجا وفهما للحياة الواقعية، وتجعلنا أقل رومانسية وتساعدنا على أن نحكم عقلنا بجانب مشاعرنا.. والرفض خبرة ليست إيجابية، ولكن توقف العلاقة قبل الخطوبة أفضل من فسخ الخطوبة والأخير أفضل من الطلاق. أي أن الآثار السلبية لكل منهما تكون في كثير من الأحيان أصعب.
أشعر أنك متألم ومنفعل لفراقها، وهذا الانفعال جعلك تتمنى لها الأذى، ولكن يقول المثل المصري: "اللي يحب ما يكرهش"، فإذا كنت قد أحببتها بالفعل فادع الله بالآية الكريمة: (وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحشر: 10].
أرى في النهاية أن الإسلام لم يفرق بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات وفي الحرام والحلال! فأنت أيضا يمكن أن تتزوج من امرأة، ولا تحب إخبارها بالحرام الذي ارتكبته، اترك أمرك إلى الله فهو الذي يحاسبنا بالعدل.
أنا أدعو الله أن يتقبل منك صلاة التوبة، كرر التوبة باستمرار، وادعُ لنفسك بالهداية، واعرف أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، بشرط أن يكون قد ندم على ما فعله، وأن ينوي ألا يعود إليه مرة أخرى. كما يمكنك أن تقرأ ما كتب على الروابط التالية على الموقع:
عذرية الفتاة...أهي جسدية فقط؟!
مشكلة العذرية أين الحل؟ مشاركة
أحبيه لا عيب، ولكن ….
وتابعنا بأخبارك.