السلام عليكم
أنا فتاة سورية، غير متزوجة، عمري 19 سنة، وأقيم بكندا، وحصلت على دبلوم برمجة وكومبيوتر، وأعمل في شركة بمونتريال.
مشكلتي هي أنني أشعر بالوحدة؛ لأني أعيش بعيدًا عن وطني (رغم أن أسرتي كلها هنا معي)، وأشعر بأنني أريد أن أجد إنسانًا أهبه كل مشاعري الرقيقة الجميلة التي أحملها بداخلي (في الحلال بالطبع)، وكنت ذات مرة في إحدى غرف الـ (Chatting) على الإنترنت، وقابلت شابًّا سوريًّا مقيمًا في الولايات المتحدة
وتبادلنا الحوار والتواصل مرات ومرات، ولم نتجاوز الإنترنت إلى الهاتف بعد؛ ولأن كلًا منا يبحث عمن يعطيه مشاعره الجميلة؛ فقد نشأت بيننا علاقة حب، والآن نريد أن نتقابل؛ لكنه لا يستطيع القدوم لكندا؛ لأنه لا يملك جوازًا أمريكيًّا بل تصريح عمل، وقد اقترح أن نلتقي في سورية أثناء إجازته التي تستمر أسبوعين، وقد قلت له: إنني أقبل ذلك، لكنني أتساءل أحيانًا بيني وبين نفسي: هل هذا الشاب يخدعني؟ وماذا لو كان يتلاعب بمشاعري؟! فأنا لا أريد أن يجرح أحد مشاعري في النهاية، وأنا لا أعرف هل هو جاد أم لا؟!
ذات مرة اختلفنا وبقينا أسبوعًا لا نتحادث، ثم قرأ اسمي في أحد الحوارات فخاطبني ثانية.. فكيف أفسر هذا؟!
أرجو أن تساعدوني حتى لا أقع في مشكلة، وحتى أحفظ مشاعري ونصيحتكم تعني لي الكثير، وشكرًا.
1/5/2023
رد المستشار
أختي، تسعة عشر عامًا هي عمرك، وقلبك البريء يحلم بالفارس الذي يستحق هذا القلب.
كشفنا الإنترنت وأحرجنا يا أختي العزيزة.. كنا نعيش بمشكلات مزمنة.. ندفن رءوسنا في الرمال، ونقول خداعًا، ونعيش طويلاً الكذب على الذات كنمط حياة يومي، ونظام اجتماعي وسياسي.
كنا في عزلتنا يصرخ كلّ من على انفراد فلا يشعر به أحد، ولا يتألم لشكواه أحد، ويعتقد كلُّ منا أن مشكلاته هي "البلاء العظيم"، ثم جاء الإنترنت ليقلب هذا السكون الظاهر، ويفتح كل الملفات التي يعلوها التراب، ورسالتك مثال جيد على هذا.
الأسئلة تتفجر، والتحديات تتكاثر، ونحن تعودنا على الصمت عن الحقائق الإنسانية طالما لا تلقى قبولاً عند التيار العام، والسياق الاجتماعي المحافظ.
نحن في ورطة حقيقية كبرى لا يستطيع أحد أن يتصور أبعادها، ولا مصيرنا فيها.. بالطبع مصيرنا يتوقف على فعلنا وتفاعلنا، لكننا نظل على أعتاب المجهول، لا أريد الاستطراد رغم أن الأمر يستحق أكثر من الاستطراد أقول لك: الفضاء الإلكتروني الذي خلقه الإنترنت هو عالم مختلف عن الواقع الذي نعيشه، والانتقال من هذا العالم الخيالي إلى العالم الواقعي ينبغي أن يكون بحساب دقيق، وميزان حساس.
اعذريني يا أختي، إذا قلت لك:إن الأغلبية الساحقة منا لا تعرف – حتى الآن- طبيعة الإنترنت من هذه الزوايا والتحديات، ولا يخطر ببالهم الأمر من هذه النواحي على الإطلاق، وأنت مثلاً تقولين: نحن نتحادث في غرف الحكي Chatting، ولم نتهاتف، والحديث على الإنترنت يختلف نوعيًّا بشكل جذري عن الهاتف، فليس الأمر مجرد درجات في الاتصال، بل هو فارق بين اتصال يجري في عالم وهمي خيالي ينطلق فيه الذهن متحررًا من كل قيود الذات الحقيقية للإنسان ليرسم صورة لنفسه، وللآخرين ليست بالضرورة –وليس ذلك مهمًا- الصورة الحقيقية له، بينما الهاتف ينتمي إلى العالم الواقعي، وإن أخفى بعض التفاصيل، لكنه يرسم صورة هي من الواقع، وإن كانت ناقصة أما الإنترنت فهو مساحة يتقابل فيها أشخاص كل ما نعرفه عنهم هو ما يقولونه عن أنفسهم، ربما قالوا: إنهم رجال، بينما هم في الواقع نساء!! ربما قالوا: إنهم في أمريكا بينما هم في جنوب إفريقيا..إلخ.
الموضوع يطول الحديث فيه، وأريد أن أصل مباشرة إلى مشكلتك لأقول ما لدي فيها:
للتحقق من مصداقية الفتى السوري الذي تعرفت عليه، قولي له: إنك جادة في علاقتك به، وإنك تريدين السير فيها بشكل منهجي غير عشوائي، وعليه فاطلبي منه معلومات عن أسرته في سورية، وقولي له: إنك قد ذكرت طرفًا من علاقتكما –دون تفاصيل- لأهلك، وإنك لن تقابليه في الوطن حتى تسألي عن أسرته، وأصله، وفصله، وإن هذه المقابلة لو تمت ستكون بمعرفة أهلك، وإن هذا لا يعني أي تورط في شيء، أو التزامًا محددًا من أي من الطرفين بشيء، بل سيكون هذا اللقاء بمثابة خطوة "قد" تتلوها خطوات لتطوير العلاقة، أو إنهائها، إذا تجاوب الفتى معك فيما تطلبين تستطيعين أن تثقي فيه، وتقابليه "بعلم الأهل" على النحو الذي أوضحت لك، وإذا لم يتجاوب فعليك إنهاء هذه العلاقة، ولكن أحذرك عندها من مقابلته؛ لأنها ستكون مخاطرة غير محمودة العواقب.
ويتبع>>>>>>>: الفرصة الأخيرة.. الحب الإلكتروني.. قصة مغتربة م