السلام عليكم
أنا فتاة أحسب نفسي ملتزمة والحمد لله، وقد وضعت لنفسي هدفا أن أكون زوجة صالحة، وأن أربي ذرية صالحة. ولكني -مثل كثير من الشباب العربي- لم أضع لنفسي منهجية واضحة بناء على ظروفي؛ فكانت النتيجة هي الطلاق. وكما قال تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير".
اخترت شابا ظننته ملتزما وبسيطا. ولكنه كان أقل مني في المستوى الاجتماعي والمادي والثقافي؛ فنحن نسكن المدينة وهو يسكن في قرية نائية، وأبي يعمل أستاذا جامعيا، وأبوه يعمل عامل بناء!! في فترة الخطوبة ظهرت لي صفات لا أحبها مثل التدقيق على الصغير والكبير، والحساسية المفرطة، ولكنني أحببته وجريت وراء عواطفي وتمسكت به، رغم أن أهلي لاحظوا ذلك وبدءوا بانتقاده، ولكن لم أستمع لأحد.
وبعد الزواج وبسبب حساسيته المفرطة افتعل مشاكل مع أهلي. وبسبب تدقيقه على كل صغيرة وكبيرة لم أستطع احتماله رغم أنه يحمل صفات جيدة، وحصل الطلاق حيث لم أعش معه سوى 6 أشهر، ولي منه طفل عمره 4 أشهر.
أرجو أن تجيبوني لو تكرمتم على الأسئلة التالية:
1- أريد أن أحقق هدفي الثاني وهو تربية رجل صالح، رغم أنني أعيش عند أهلي وهم طيبون جدا ولكن تدخلهم محتم؟
2- أعتقد أنني لكي أحقق هذا الهدف يجب ألا أذكر أبا الطفل بسوء أمامه، ولكن ماذا أفعل إذا حدثه أهلي عن ذلك، أو إذا تكلم أبوه وشوه صورتي وصورة أهلي أمامه؟
3- عمري 27 عاما، وتتنازع في نفسي الأمومة والرغبة في الاستقرار وتكوين أسرة. بصراحة أخشى لو كرست حياتي من أجل تربية ابني ثم أخذه أبوه أن أخسر تربيتي لأبني وأن أخسر مستقبلي..
فماذا أفعل؟
18/11/2023
رد المستشار
الأخت الكريمة، تجربة الفشل في الزواج تجربة شديدة الإيلام على طرفي العلاقة وعلى الأطفال، وتجربة بهذه المرارة لا بد ألا ندعها تمر بدون أن نأخذ منها العبرة والعظة، وأعتقد أنك فعلت ذلك حينما أدركت أن اعتبارات القلب وحدها لا تكفي لاختيار شريك الحياة، وحينما أدركت خطأ التغاضي عن عيوب زوجك السابق رغم وضوحها، ولم يصبر حبك المزعوم له أكثر من 6 شهور لتخرجي من هذه الأزمة مطلقة تحمل رضيعًا بكل مسؤولياته، وأرجو ألا تأخذي كلامي على محمل اللوم والتقريع، وكل ما قصدته أن تتدبري حالك وتراجعي مفردات هذه التجربة التي مررت بها –قبل وبعد الزواج- وتستخرجي منها من الدروس ما يفيدك في المستقبل؛ فالفشل في الزواج لا يعني نهاية الحياة، والبداية ممكنة في أي وقت لو وجدت من ترضينه زوجًا لك، والتأني والدقة في الاختيار وكذلك الاتفاق على كيفية إدارة شئون صغيرك قبل الزواج لازم وضروري، وحبذا لو كان هذا الرجل في ظروف تناسب ظروفك؛ كأن يكون أرملاً أو مطلقًا يطلب أما بديلة لأولاده كما تطلبين أنت أبًا بديلاً لابنك، وتكامل الاحتياجات بينكما كفيل بتجنب الكثير من المشاكل في المستقبل.
وحتى يحدث هذا وتجدي فيمن يتقدم إليك من يصلح للارتباط فعليك الاتفاق مع أهلك ومع زوجك السابق (والذي سيظل والدًا لطفلك) على الصيغة التي تعينك على تربية الطفل في ظل أفضل ظروف يمكن أن تتاح لطفل فقد والده بالانفصال.. ومراعاة ما يلي يعينك كثيرًا:
من الأفضل لنفسية الطفل أن تظل الصورة المرسومة في خياله عن والديه كما هي جميلة ومشرقة، وأن تصل رسائل دائمة من الوالدين توضح أن سبب الانفصال راجع لاستحالة العشرة وصعوبة التواؤم، مع تجنب السب أو الإساءة لأي منهما، وعلى ذلك يجب أن تتفاهمي مع أهلك ومع زوجك السابق.
من الخطأ أن ينشأ الطفل بين سياسات متضاربة أو في ظل غياب رمز الأب في حياته، وقد يكون من المفيد أن تبحثي فيمن حولك من الأهل عمن يصلح للقيام بدور الأب البديل، والأفضل في مثل هذه الحالة أن يقوم بهذا الدور أخ لك أو خال أو عم، على أن تتم إدارة شئون الطفل بالتشاور بينك وبينه تجنبًا لحدوث التضارب، وعلى أن تكون هذه الصيغة واضحة لوالديك، وليقتصر دورهما على الدور الطبيعي والرائع للجدود في الحياة الأحفاد.
أختي الكريمة، الله سبحانه لا يتخلى عن عباده، وهو أرحم بهم منك بولدك، فاسأليه العون والجئي إليه واستخيريه في كل أمرك.. وكوني معنا دائمًا وتابعينا بالتطورات.