أولا وقبل الكتابة نشكر لكم موقعكم المتميز، وجهودكم التي أسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم يوم القيامة.
أنا شاب أبلغ 21 عاما، ترددت كثيراً في الكتابة إليكم، وتابعت مشاكل الشباب على صفحتكم، لعلي أجد ما يشابه مشكلتي وأبدأ في تطبيق النصائح المقترحة، لكنى قررت الكتابة بعدما تدمرت "نفسيتي الإيمانية" التي أحب أن أعيش فيها.
بدأت قصتي بعد وفاة أبي رحمة الله رحمة واسعة، وأنا في سن الثانية عشرة من عمري في الصف الأول الإعدادي، وبما أنني كنت الأكبر من الذكور بعد عدد من الإناث لوالدي كنت الطفل المدلل، وتعلقت بوالدي كثيرا، وفجأة ودون سابق إنذار يأتي الموت ليهدم الملذة، ويجعلني الطفل الأكثر مشقة وتعاسة، أين الحب؟ وأين الحنان؟ وأين الرعاية؟ وجدت الكثير من المال الذي كان سببا في فسادي، ولم أجد القليل من النصيحة والحنان اللذين أعتقد أنهما ستكون الركيزة في حياتي.
وتبدأ المأساة مع النفس والصراع مع الذات والصراع الدائم بين العقل والقلب والشهوة اللعينة، في فترة ما بين سن الثانية عشر حتى الخامسة عشرة، وأنا أحاول التقرب من الأطفال الأصغر منني سنًّا، والفتيات الأصغر مني سنًّا؛ فكنت أحاول الكشف عن أعضاء الفتيات وتحسسها، وفعلت ذلك وكنت أباشر الأطفال وأفعل معهم (اللواط) حتى قررت إحدى الفتيات أن تخبر والدتي بالأمر وأخبرتها وعذبتني والدتي وأنبتني على ذلك.
فحبست نفسي في البيت طيلة أسبوع كامل، حاولت والدتي أن تخرجني من تلك المحنة، وخرجت فعلاً بمساعدتها وأنا في الصف الثالث الإعدادي، وحصلت على أجمل صوت في القرآن الكريم بمسجدنا، ثم في الحي ثم على مستوى المنطقة وأخذت جائزة مالية أمام الناس، وقلت في نفسي إن هذا الفعل سيمحو من أذهان العارفين عني الماضي. وبدأت حياة جدية وكلها مليئة بالعثرات.
وقعت في حب ابنة خالي وأنا في الصف الأول الثانوي، واستمر ذلك الحب لمدة سنتين ولم أخبرها به، لم أمارس في تلك الفترة أي شيء من "القاذورات" السابقة ولكنها "قاذورة" جديدة كنت أمارسها وهي الاستمناء، والتي تلازمني إلى حتى هذه اللحظة، ولا أستطيع التغلب عليها إلا قليلا.
وأخبرت ابنة خالي بحبي لها في الثانوية العامة وكلمتها في الأمر مباشرة كنت خجلاً أكثر من الفتيات، حتى أكثر منها، وفوجئت من جراءتها في الكلام عن الحب، وأنها تبادلني نفس الشعور، ولكن تجاوزت عنه؛ لأنني كنت أحبها حبًّا يفقدني صوابي، كانت مصارحتي لها سببا في دنو معدلي في الثانوية العامة.
ومع حبي لها ومعرفة إحدى خالاتي في الموضوع وتشجيعها لنا سيطر على ذهني أن هذا الحب شيء جيد، مع عدم اقتناعي أنه حلال أصلاً.
جاء وقت دخول الجامعة، وكنت قد قررت دخول كلية الشريعة الإسلامية، وقلت لربما تعدل سلوكي من الناحية الجنسية والعاطفية، وإنه سيبعدني عن قصص الحب والتفكير في الجنس، وممارسة العادة السرية القذرة التي تشعرني بأنني منافق ولا أستحق شيئا.
ودخلت الجامعة، وما زلت متعلقاً بتلك الفتاة، ويزداد حبي لها يوماً بعد يوم، حتى علمت في ذات يوم أنها تبادل شعور الحب لشباب آخرين من نفس مستوى القرابة؛ فأرسلت لها رسالة أخبرها فيها بتمسكي بشرط أن تقطع علاقتها بالآخرين، أو أنني سأقتل نفسي، فوقعت الرسالة في يد والدها، وعرف بالأمر ومشكلة جديدة تواجهها والدتي المسكينة من تحت رأسي، وكدت أن أقتل في هذه القصة لأنها تعتبر عندنا قصة شرف، وسلمني الله من هذه القصة كما سلمني من القصة السابقة.
وكنتقد عملت "عسكري" في السلطة مقابل دراستي لمساعدة أهلي على المعيشة التي كانت والحمد لله متيسرة، ولكنها لزيادة المصروفات بسبب الجامعات. أثرت علي قصة الحب هذه تأثيراً كبيراً لدرجة أنني تأخرت سنوات في الجامعة، وأنا أفكر فيما حصل ما بين تأجيل وسحب للفصول الدراسية، وتزوجت الفتاة وبقيت أفكر بها حتى الآن، متمسكاً بتلك العادة التي أحاول جاهداً التخلص منها، وحتى الآن أثرها في نفسي مع مضيها سنتين تقريباً.
أصبحت الآن أمارس العادة السرية بشراهة، والمشكلة الأكبر أنني أدخل غرف الدردشة على الإنترنت، على أساس أنني فتاة تريد الممارسة مع فتاة أخرى، ونتبادل الصور الجنسية، والحديث الجنسي، وأحيانا تعرض لي إحداهن بعد الثقة التي تأخذها مني على أساس أنني فتاة على الكاميرا، وهي تمارس مع فتاة أخرى.
الآن أحاول العودة إلى الله تائبا ولكن تمنعني ذنوبي، أشعر بأن الله لن يتقبل مني التوبة، أترك الإنترنت أحيانا، ولكن ممارستي للعادة السرية تقول لي إنه لا فرق بين الممارسة وبين الصور على الإنترنت، أخاف الآن أن أرجع إلى المربع الأول لأمارس مع أحدهم اللواط مع توفر المغريات.
أنا ملتزم في الظاهر والصلوات جميعها في المسجد، وأجاهد في سبيل الله على الثغور والحمد له، أرجو أن تعينوني بعد الله تبارك وتعالى على هذه المشكلة، فالله تبارك وتعالى قد نجاني من قصتي، وعطف علي كثيرا، وأنا لم أحفظ تلك النعم التي منحني المولى إياها، أشعر أنني في دوامة تائه.
اعتبروني أحد أبنائكم وأنكم تتكلمون إلى أبنائكم وقدموا لي النصيحة..
ولكم كل الشكر والتقدير
12/12/2023
رد المستشار
مرحبا بكم "ساهر"
سنعتبرك أحد السائلين، المستفسرين مع تحملك مسؤولية نفسك تماما، فأنت الآن في الحادية والعشرين، إن كان والدك – رحمه الله – على قيد الحياة فلن يفيدك كثيرا نصحه إن لم تشعر بمسؤوليتك عن حياتك وترتيبها.
كذلك لديك افتراضات تحتاج لمراجعة وإعادة ترتيب فمثلا:
· اللواط – الاستمناء – مشاهدة الصور – الحديث مع الفتيات – ابتزاز قريبتك وتهديدها بالانتحار أو قطع تواصلها: كل هذه مشكلات تختلف في حجمها ودرجتها ولا يجب التسوية بينها، فمثلا اللواط – من منظور ديني – هو الأكثر خطورة نفسيا ودينيا ومجتمعيا، بينما الاستمناء كما ذكرت هو عادة تزداد في مرحلة عمرية وخاصة مرحلتك العمرية مع ضعف الانشغال الجاد- والكثير منها "بشكل يومي" له آثار سلبية، بينما دينيا فهي بين الكراهة والتحريم والإباحة بقدر – ويمكن مراجعة أهل الفقه-، ومشكلتها تنحصر آثارها عليك الآن.
· فقد الأب لا يعني التعثر أو أنه سبب مباشر، فيمكنك الآن بالزواج أن تصبحا أبا، نتفهم حديثك عن أهميته في حياتك لكن لا تفسر به كثيرا الواقع الآن كي نواجه المشكلات بوضوح أكثر.
· الحب في الحياة لا يجعلك تفقد صوابك ولا يجعل درجاتك تنخفض، فالحب قيمة إنسانية ومشاعر نحترمها حتى لو كانت في سياق طفولي علينا أن نحترمها في أنفسنا، ونحن لا نحاسب على مشاعرنا وأفكارنا وإن كانت عن الحب والجنس وكن فقط تصرفاتنا، فما أخطأت فيه ليس الحب والحلم بالزواج من فتاة ولكن لما نتطرق لتصرف التهديد بالانتحار هو الخطأ.
· الاستمناء ليس قاذورة ولكنه طريقة إشباع جسدية غير مستحبة دينيا وثقافيا في مجتمعنا وقد يكون لها آثار نفسية تنتهي بالزواج، وآثار في الكفاءة الجنسية في حالة الشراهة، وقد تقي المسلم من الوقوع في الفاحشة، فهي طريقة لمواجهة الضغوط والهروب منها كمن يأكل كثيرا لأنه متوتر أو قلق.
· دعني أقول لك أن مشكلتك ربما تبدو التعامل مع الضغوط التي تمر بها ولا تحسن التصرف معها، وهذا يجعلك تقع في تصرفات خاطئة وأنت تعي بها ولديك معتقدات دينية، وهذا يسبب لك شعور بالذنب مؤلم لك، مع يقظة ضمير جيدة، فتستاء من نفسك مع تعثرك الدراسي فهذا كله مربك لك.
· حاول ترتيب الأخطاء والفصل بينها، فممارسة العادة السرية ربما تكون مرحلة وعند الانشغال في الحياة المهنية والاجتماعية ستجدها تقل، بينما مشاهدة الصور ومحادثة البنات فهذا سلوك منحرف حاول التوقف عنه وأنت مسؤول عنه وربما يأخذك لمشكلات أخرى.
· التزامك الظاهري بالصلوات هو التزام حقيقي لأن ممارسة الشعيرة هو أصعب من مجرد الاعتراف بها، وشعورك بالذنب هو يقظة ضمير، ومراسلتك لنا بحثا عن حل هو إرادة ونية طيبة، فمهما وقعت في أي خطأ لا توقف صلواتك ومحاولات توبتك. فهذه الحلول الفعالة مع تطورك في الحياة وإكمالك لدراستك وانفتاحك على علاقات اجتماعية جيدة.