من هي شريكة حياتي يا ترى؟
السلام عليكم أيها الأحبة في الله ورحمة الله وبركاته.. أنتم, من أنتم؟ هل أنتم ملائكة تمشي على الأرض بعثها الله بلسما لقلوب الشباب؟ أم أنتم بقايا من نور النبوة؟ أنا لا أبالغ, لكنها فعلا مشاعر الحيارى في العالم نحوكم, مشاعر من لم يجد بعد الله غيركم, فنور-بالشدة-الله قلوبكم ونور بكم قلوب التائهين في دنيا الوجود.
أشكركم على هذا الموقع المتميز, والذي والله نجد فيه شفاء لما في صدورنا, فكم من مرة أطبقت الدنيا علي فإذا دخلت على موقعكم أشعر بالراحة والطمأنينة وأنا أقرأ لكم بعض الردود على مشاكل بعض الأخوة.
أنا شاب في السابعة والعشرين من عمري, عندي عشق غريب جدا جدا للقراءة وفي كافة فروع المعرفة خاصة الفلك –وما أدراك ما علم الفلك-والفيزياء الكونية وعلم الأحوال الجوية إضافة إلى علم الحيوان والتاريخ ومقارنة الأديان, أشعر أن القراءة هي الهواء الذي أتنفسه, تخيل أني من حبي للتزود من العلوم أقرأ قبل النوم مباشرة وبعده مباشرة وقبل الطعام وبعده وقبل الذهاب للعمل وبعده مما سبب لي مشاكل والتهابات وآلام في العينين, عيني تكِل وقلبي لا يمل, ومن حبي يا سيدي للإطلاع أني ربما بقيت أراقب حشرة صغيرة لمدة ثلث ساعة دون إزعاجها ودون أن أشعر بملل أو كلل, أو ربما بقيت أفكر لمدة ساعة في شيء يعتبره غيري أمرا عابرا,إني أعتبر كل شيء في الوجود بل كل حركة وسكنة تستحق التأمل, لكني أعيش-وللأسف الشديد- في مجتمع وبيئة مغايرة لي تماما في توجهاتها واهتماماتها, شباب مترف لا يهتم إلا بالمظاهر الجوفاء, لا يسأل إلا عن سيارة حديثة أو موضة جديدة أو آخر أغنية أو معاكسات في الأسواق, كأني غريب في صحراء, أو غريق في ماء,أو ساقط من السماء, لولا أني أجد متنفسي في الكتب الورقية ومصادر المعرفة الإلكترونية,وما أبرىء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء, فكم من مرة كدت أن أنزلق في هاوية لولا لطف ربي بي, لم أقابل في حياتي فتاة غريبة عني أو أتحدث إليها- يرجع هذا إلى الظروف الاجتماعية وليس إلى الورع أو التقوى للأسف- ولو حدث هذا ربما صدفة فإني أصاب بالاضطراب والخجل والتخبط, فأنا لا أستطيع النظر في عيني فتاة, لكن ليست هذه مشكلتي على كل حال, بل هي مقدمة لكم عني.
بدأتُ حياتي ولله الحمد ناجحا ومتفوقا في دراستي و بعد التخرج من الكلية عانيت في الحصول على عمل مناسب , فما زلت أتنقل من عمل إلى عمل حتى وفقني الله بعد أربع سنوات من الجهد في عمل مناسب من جميع الجهات -ولله المنة من قبل ومن بعد-, المهم بدأت بعد ذلك في التجهيز للزواج بمساعدة والدي -ليس ماديا لأن أبي يعمل في أعمال حرة بالكاد يكفي مدخولها لنفقة البيت- لكنها مساعدة معنوية ,وبدأت أبني لي سكن في نفس منزلنا وانتهيت تقريبا الآن من البناء.
قبل ما يقارب السنة كلمتني أمي عن ابنة عمي أنها مناسبة لي وقالت إنها ملتزمة وطيبة الأخلاق ومهذبة وجميلة, فأبديت موافقتي وذهبوا إلي بيت عمي وخطبوها وتمت الموافقة وأصبحت محجوزة الآن لي, ولكن نحن وكما تعلمون في مجتمعنا يوجد فصلا تاما بين الجنسين, فابنة عمي هذه آخر مرة رأيتها فيها قبل ثلاثة عشر عاما!! ومنها لم أرى حتى ظل شخصها أو أسمع لها صوتا!!!, لذلك أحيانا أصاب بوساوس يا ترى كيف أصبحت الآن؟ وما هو شكلها؟ وكيف هو تفكيرها؟ أنا أشعر نحوها بالحب, ربما سوف تسأل على أي شيء بنيت هذا الحب؟ أقول بنيته على مجموعة بيانات ضئيلة عنها لا أستطيع تجاوزها إلى غيرها,منها صورة لها عندنا وهي في الثامنة من عمرها وبعض المعلومات أتصيدها من الحديث الجانبي لأخواتي عنها, أنا أتساءل يا ترى هل ستتغير معلوماتي عنها إذا رأيتها بعد الزواج؟ أشعر برغبة شديدة في أن أرى ولو صورة لها ولكن هذا مستحيل ,لأنه أمر مستهجن في مجتمعنا!!!, إذن أنا أعيش في نوع من الوساوس من الآن وحتى موعد الزواج الذي ربما لن يكون قبل سنة ونصف- لأن الزواج عندنا مكلف جدا- هذا إضافة إلى خوفي من الاضطراب والخجل والارتباك عند رؤيتها فأنا لا أعرف كيف أتصرف أمام الفتيات ولا كيف أتحدث إليهن, فكيف أخفف من قلقي؟وأكون مرتاح البال.
وأخيرا أرجو أن تعذروني على ركاكة أسلوبي وطول رسالتي, ولكني أشعر بالراحة النفسية
وأنا أسرد لكم ما في قلبي, ولا تتأخروا علي كثيرا في الرد, ودمتم سالمين, ذخراً للإسلام والمسلمين.
13/05/2005
رد المستشار
أرسلت استشارتك إلى المستشارة أ. شيماء شفيق التي لم يطل عملها معنا لظروف السفر، وهذا كان ردها
الأخ الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا بك ومرحبا وجزاك الله خيرا عن كلماتك وأرجو أن تلتمس لي العذر لتأخري في الرد على رسالتك لظروف خارجة عن إرادتي ونفعنا الله وإياك....
نحن لسنا "بقايا نور النبوة" يا صديقي فنور النبي لم يتلاشى بل هو في أركان قلوبنا جميعا يا أخي وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم نبراس لهذا النور لن يخبو طالما تمسكنا به ولم نتخلى عنه ولكن الأحرى بنا أن تجتهد لنكون ورثة هذا النور النبوي ورعاه حامين له متمسكين به...
لا أخفيك سرا وأنا على ثقة تامة أني سألاقي لوما شديدا على ما أقوله الآن أني وللأسف الشديد لا أشعر بالراحة تجاه ما رويت ربما لأن معظم الاستشارات الإلكترونية تتسم بالغموض وعدم الوضوح لأسباب عديدة ولكني سأحاول جاهدة أن أتجاهل هذا الشعور "مؤقتا"...
حين انتقل بين سطور رسالتك تدفعني الأفكار دفعا لاتجاه معين وإذ بي في نهاية الرسالة أفاجأ بأنك تتحدث عن أمر ربما لم أشعر أنه المسيطرة على تفكيرك منذ البداية وسامحني يا أخي فأنا لن أستطيع مقاومة تحليل كلماتك منذ البداية....
"كأني غريب في صحراء, أو غريق في ماء, أو ساقط من السماء"
في كثير من الأحيان نلجأ دون أن نشعر للاستسلام لفكرة الشعور بالغربة والوحدة ويرضينا أن نشعر بأننا في هذا الكون "استثناء" وأعتقد أنها حيلة نفسية للهروب من مشاكل عديدة منها على سبيل المثال افتقارنا لبعض المهارات الاجتماعية وافتقادنا لفهم أنفسنا وذاتنا والثانية في نظري الأكثر شيوعاً.
ولا يضيرك هذا أو يعيبك في شيء فالغرائز النفسية كثيرة ومتواجدة في البشر جميعا ولكن منا من يستسلم لها ويعيش فيها بكل جوارحه ومنا من يحاول الوقوف ولو للحظة متأملا ذاته وأتمنى أن تحاول فعل ذلك في أقرب وقت وأظن أيضا أن من يعشق القراءة والإطلاع كل هذا العشق الذي تحاكيت عنه من السهل عليه البحث عن حقيقة ذاته ومن يوقف من العمر اللحظات للتفكر في حشرة والكون أولى به أيضا أن يوقف من عمره ساعات ليتفكر في ذاته يقول الله سبحانه وتعالى "وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ" (الذاريات:21)
وإن كنت أجد في صدري توجسا بأنك ربما تتمنى أن تكون على الصورة التي وصفتها ولجوؤك للأسلوب الأدبي فرض عليك وصفا مبالغا فيه عن الأمر... سيدي الكريم حاول فهم نفسك وحدد لنفسك ما هي المشكلة والتي لا أظن أنها افتقارك لبعض مهارات التعامل مع الفتيات إنما أنت تحتاج لإعادة نظر في طموحاتك واهتماماتك ومميزاتك وعيوبك وما زادني عجبا أنّ لإنسان مثقف ومطلع مثل إطلاعك أن تكون فكرته عن اختيار الزوجة مبنية على أحاديث جانبية ومعلومات "ضئيلة" وصورة مضى عليها ثلاثة عشر عاما والأكثر غرابة أنك تقول "أني أحبها" لا يا صديقي أنت مأخوذ للفكرة لعدة أسباب أهمها أنك في مجتمع مغلق وأنت لم تتحدث لأي فتاة ولم تعش في حياتك المشاعر الفطرية التي تتفجر في ريعان الشباب الأصل فيها أن تتفجر بحكم الفطرة والغريزة وهو ما يبعث في النفس شيء من الريبة ألم تشعر يوما بأي ميل تجاه أية إنسانة قبل خطبتك لابنة عمك وأنت بعد في العقد الثالث من عمرك؟ ألا تشعر معي أن هذا ليس من الطبيعي؟ ولست أقصد هنا أن تكون عايشت قصة كاملة الأحداث إنما أتحدث عن الشعور الداخلي والميل القلبي
أعد النظر يا صديقي مع نفسك وإسال نفسك ما هو الزواج وحدد لها صورة عن شريكة الحياة كما تريدها وليست كما هي كائنة بالفعل فليس من المعقول أن يتزوج إنسان إنسانة لا لشيء سوى أنها ابنة العم وأن الأم قد رأت أنها مناسبة وأين أركان الزواج والتي أهمها القبول والرضا واعني هنا الرضا الرضا التام والاقتناع الكامل الذي لا يخالطه ريب عن الشخص الذي سنمشي معه مشوار العمر بأكمله أتفهم مقصدي إنه العمر يا أخي ألا يستحق منك أن تفكر جيدا فيمن ستشاركك فيه.
والأصل في الخطبة من الناحية الشرعية أن ترى خطيبتك وتنظر إليها وتتحدث معها في حضور الأهل وتحت ظلهم وليس هناك حرج شرعي حسبما أعلم "والله هو الأعلم" من التواصل مع الخطيبة طالما في ظل الحدود الشرعية المعروفة للخطبة ولقد أوقفتني كلمتك "أشعر برغبة شديدة في أن أرى ولو صورة لها ولكن هذا مستحيل, لأنه أمر مستهجن في مجتمعنا!!!" من قال أن رؤية من تريد خطبتها أمر مستهجن بل هو أمر شرعي يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "انظر إليها فإن ذلك أحرى أن يؤدم بينكما"
"إذن أنا أعيش في نوع من الوساوس من الآن وحتى موعد الزواج الذي ربما لن يكون قبل سنة ونصف- لأن الزواج عندنا مكلف جدا- هذا إضافة إلى خوفي من الاضطراب والخجل والارتباك عند رؤيتها فأنا لا أعرف كيف أتصرف أمام الفتيات ولا كيف أتحدث إليهن, فكيف أخفف من قلقي؟ وأكون مرتاح البال"
لقد وضحت أنت لنفسك النتيجة المنطقية لما أنت فيه وأحسب أن هذه ليست المشكلة الأصلية وشعورك "بالغربة" الذي تحدثت عنه أيضا ليس هو المشكلة إنما هي أعراض لمشكلة أخرى أهم وهي أنك لم تتقهم ذاتك كما ينبغي وحين تفهما سيتولى شعور الغربة ليحل محله الإحساس بالرغبة في التواصل مع المجتمع وبالطبع ستزول مشاكل التعامل مع الآخرين وستعرف ماذا تريد من شريكة العمر ومن التي تستطيع إعطاؤك ما تريد ولا تنس "فاظفر بذات الدين تربت يداك" وربما تكون ابنة عمك هي بالفعل الإنسانة المناسبة ولكن أنت وحد من يملك تحديد ذلك لست أنا ولا أي فرد في هذا الكون.
أدعو الله لك من كل قلبي أن يصلح لك الأحوال ويشرح صدرك وييسر لك أمورك ويبارك لك في زواجك ويسعدك في الدنيا والآخرة وأرجو أن تسامحني أن خانتي التحليل والتخيل والله الموفق