أنا فتاة في 14 من عمري.. وأنا متضايقة جدا جدا وأشعر بوحدة قاتلة وفاقدة للحنان وللحب تماما ومللت من البكاء والتحدث مع نفسي؛ لهذا رأيت أنه يجب عليّ أن أطرح عليكم مشكلتي بعد ما رأيت ردودكم وحلولكم لمشكلات الآخرين، وأعجبتني لأني أشعر بالمواساة والحنان والعملية والتعاطف والتوازن وعدم التحيز فيها.. وعلى فكرة لم يسبق لي تقريبا أن حكيت لأحد عن هذه المشكلة من قبل لأنه وببساطة لا يوجد أحد.
أنا أعيش خارج بلادي الحبيبة مصر منذ أن كنت صغيرة، ومنذ صغري لم يكن لي أي صديقة مقربة إليّ جدا وتعودت على هذا.. ولكني تعرفت على فتاتين في الصف السادس أو السابع تقريبا، والآن واحدة منهما سافرت إلى دولة أخرى، والأخرى فضلت غيري عليّ، وأعتقد أنها تركتني.
لكني بالرغم من قصر فترة صداقتنا استمتعت كثيرا برفقتهم وأعجبني الخروج معهم وصحبتهم والتي وبالرغم من كل هذا كانت السبب للعديد من المشكلات؛ فأنا الآن بدون صديقة، وأعرف أنكم سوف تقولون لي حاولي أن تجدي وتتعرفي على صديقة أخرى، ولكنني حاولت ولم أجد في أهل المنطقة التي أعيش فيها أي واحدة مقربة إليّ، وأشعر معها بالأمان وأأتمنها على أسراري، ولكني الحمد لله لدي في مصر صديقة وابنة خال رائعة أشعر معها بكل هذا ولكني لا أراها إلا شهرين على الأكثر في السنة.
سوف تستغربون أن هذه ليست مشكلتي بل إنه يمكن اعتبار أنها جزء من المشكلة يمكنني التغلب عليه إذا حلت مشكلتي الأكبر.
مشكلتي الكبرى هي ((للأسف)) مــــامــــا نعم ماما -أي أمي- التي يفترض أن تكون هي مصدر للحنان والحب والمساعدة والمساندة، ولكل شيء حلو تغنينا به ونحن صغار وكتبنا عنه ملايين المواضيع في حصص التعبير ونحن كبار.. أنا لا أستطيع أن أتذكر متى آخر مرة احتضنتني أمي بحب بصدق بحنان؛ فهي منذ صغري لا تحبني وتنهرني وتستهزئ بي، ولا تحترم شعوري ولا رأيي ولا عواطفي وهذا لا يقتصر عليّ فقط.
دائما لا أعرف لماذا بالضبط، ربما لأنني أشبه أبي وهي تكره تصرفات وصفات في أبي وعائلته، وربما لأنني لا يوجد بي صفة حسنة على الإطلاق؛ فهي تشعرني بهذا مع كل توبيخ واستهزاء أني كئيبة حساسة غبية عكاكة لا أحترم أحدا، وكل صفة سلبية ممكن أن تتخيلوها وبدأت أؤمن بهذا تدريجيا؛ فلكل إنسان صفات إيجابية، إلا أنا مهما فعلت ومهما كنت.. فبالرغم من أني منذ الصف الأول الابتدائي أكون الأولى وبتميز وأساعدها كثيرا في البيت ومنظمة جدا وأكيد بي العديد من الصفات السلبية مثل العصبية والرد غير اللائق وغير المناسب وغير المؤدب مع والدي، ولكني ما زلت أكبر تجمع للصفات السلبية السيئة بصفاتي السلبية والإيجابية معا.
أريد المساعدة لأنني مللت وتعبت من توبيخاتها وعدم احترامها واهتمامها وحبها لي، أني مغتربة وبعيدة عن بلادي وفي مرحلة صعبة ومرهقة وهي –المراهقة- ووحيدة بلا أي أصدقاء أو رفقاء لا أتكلم مع أحد لا أرى أحدًا جديدًا، وهذا كما ذكرت منذ صغري، ومنذ صغري أحاول أن أتخلص منه ولكن بلا فائدة.
أنا أستغرب من أمي كثيرا فهل لهذه الدرجة أنا سيئة؟ وهل هي لا تستطيع أن تتكلم معي قليلا حتى لو كانت تعمل؟ فأكيد هي لديها وقت يمكنها أن تتكلم معي فيه حتى وهي تقوم بأعمال أخرى، والله أنا أحاول أن أتكلم معها ولكنها لا تهتم وأحس أنها تضجرت مني.. لماذا كل الأمهات يحببن بناتهن، ويكن صديقاتهن اللواتي يعطفن عليهن ويتحدثن معهن وكأنها في مثل سنهن يشاركهن همومهن وأفراحهن ويكن الصدر الرحب الذي يستمع لمشاكلهن ويسارع بالسؤال عنهن كلما وجدنهن متضايقات ويبكين.. فأنا كثيرًا ما أبكي وكل ما أناقشها أبكي، ولا تحفل أو تهتم أو تساعدني على التخلص من أحزاني التي يمكنها تخليصي منها بمجرد حضن وكلمة طيبة تقولها لي غير توبيخها واحترام لمشكلتي وعدم الضحك علي والاستهزاء بي.. فهل أن لا أستحق هذا؟.
أنا والله العظيم سهلة التسامح وأنسى بسرعة، وبمجرد كلمة طيبة، ويمكنني أن أكون إنسانة أفضل بكثير إذا حصلت على القليل من الحب والحنان والاحترام.. أنا أعرف أنها مشغولة وتعاني من ضغوطات كبيرة حيث إنها تعمل طبيبة.. ولكن على الأقل تكف عن الاستهزاء بي، وتلقيبي بألقاب لا أحبها وعدم احترامي حتى لو لم تمنحني الحب والحنان والاحترام.
في النهاية أعرف أني أفعل أشياء لا تعجبها وهي تمنعني بطريقة سيئة للإقلاع عنها، وما أفعله حقيقة هو الاستماع إلى الأغاني، ولكني أستمع إليها محاولة مني لإزاحة الهموم عني وكأني أشكوها للمغني، أنا أعرف أن هذا بلا فائدة ولكن يمكنها منعي بطريقة ملائمة، فبحنانها وبكلامها معي بدلا من زجرها وتوبيخها، ثم لو هي مسلمة ومؤمنة بالله وتراعيه في أولادها فهل ما تفعله هذا يرضيه؟؟ لا أعتقد فهي لا تقوم بأداء رسالتها الأساسية بالحياة!!.
بالرغم من أنها تطبخ فهذا ليس أهم شيء في الحياة؛ فالإنسان بدون مشاعر كالميت المعذب والإنسان ليس جسما بلا مشاعر يعيش ليأكل فقط.
أريد أن أضيف إضافة أخيرة، وهي أن أمي تتعامل مع كل الناس بنفس الطريقة أبي وإخوتي وإخوانها وأخواتها، لكني أتأثر جدا بكلامها وهي تعرف هذا جيدا، ولطالما طلبت منها الكف عن ذلك، وأني أتضايق منه، ولكن لا حياة لمن تنادي.
أرجو أن تصل رسالتي وقصدي إليكم، وأن تحترموني وتساعدوني؛ لأني في أمس الحاجة إليكم، وأنتم أملي الوحيد،
وأرجو أن تسامحوني وتعذروني على الإطالة عليكم، وعدم ترتيب كلامي وأفكاري جيدا بتسلسل صحيح.
23/03/2024
رد المستشار
صديقتي
تقولين أن أمك تعامل الجميع بنفس الطريقة الفظة الغليظة المنفرة المحتقرة المنتقدة المستهزئة سليطة اللسان .. هذا جيد من ناحية أنها لا تختصك أنت بكل هذا وإنما هذه هي شخصيتها.
شخصية غاضبة معتدية متعدية ذات تقدير ذاتي منخفض .(بالرغم من نجاحها وكونها طبيبة.) وتفعل كل هذا بذريعة أنها مضغوطة بالشغل والمسؤوليات وما تتحمله من أعباء إلى جانب طبعا أنها تطبخ... أغلب الظن أنها غاضبة من نفسها وتحتقر نفسها لسبب ما وتسقط هذا على الآخرين.. بالتالي أمك لا تستطيع أن تحب ولا تعرف كيف بل وتخاف من الحب وتهاجم الآخرين حتى لا يقتربوا ويكتشفوا ما بها من عيوب ونواقص.. مسكينة.. تعذب نفسها وتعذب الآخرين ولا تستمتع بالمشاعر الجميلة في الحياة.
يجب عليك أن تفهمي أن أمك غير قادرة على إعطائك ما تستحقين من محبة وحنان.. هي مشلولة عاطفيا وأنت تريدين ما هي غير قادرة عليه ولا تعلم كيف تفعله أصلا.
عذابك هو بسبب إصرارك على معنى طفولي وهو: أمي يجب أن تحبني.. وتحبني بطريقتي (الطريقة التي وصفت بها أمهات صديقاتك مع أنك تقولين أن ليست لديك صديقات).. وإن لم تفعل فسوف أتألم ولن أحس بطعم الحياة وسوف أنعزل وأتقوقع لكي لا أتألم.. صعبانة علي نفسي.. يجب أن تتغير هي أولا قبل أن أتغير أنا وأرتاح.
.
جزء من هذا الموقف أنت واعية به وجزء آخر يكمن في اللاوعي.
هذا هو السبب في أنك لا تجدين صديقة مقربة.. إيجاد صديق وصديقة يتطلب تعارف مع عدة أشخاص من خلال هوايات ودراسة ونشاطات اجتماعية ثم تقييم عقلياتهم ومبادئهم وأسلوب حياتهم قبل أن تسمحي لهم بالقرب منك ومشاركتهم أسرارك ومشاركتهم لك في أسرارهم.
يجب عليك الكف عن لعب دور المفعول بها وأن تكوني أنت الشخص الفاعل والفعال في حياتك.. عدد الأمهات الغير قادرات عل الحب لا يعد ولا يحصى.. الكثيرات منهن يتظاهرن بالحب ولكن لا يحببن حقيقة لأنهن لا يعلمن كيف يحببن أنفسهن في المقام الأول.. حتى ما ذكرتيه عن أسلوب بعض الأمهات الذي تتمنينه لا يكون حقيقيا ومعتدلا وصحيا في كثير من الأحيان.
الحب يتطلب معرفة واهتمام واحترام ومسؤولية.. يجب أن يمارس الإنسان هذه الأربعة مع نفسه قبل أن يفكر في رغبته في أن يحب وأن يحصل على الحب من الآخرين.
استمري في سماع الموسيقى بجميع أنواعها فهي غذاء للروح.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.
واقرئي أيضًا:
مشكلتي أمي: اسفزاز وخصام، وتمييز مادي!
أمي تعرقل حياتي: الأم النرجسية!
مثل كثيرات : أنا وأمي ..... سيرة ومسيرة!