أتمنى ألا أقابل منكم برد هجومي عنيف، فأنا أبغي المساعدة.. مشكلتي أني تعرفت على شاب يكبرني سنًّا.. عمره 23 عامًا تقريبًا.. اتفقنا على الزواج؛ ولكن شاء الله وصارحني بعدم مقدرته على الزواج مني بسبب مشكلة حصلت مع أهلي .. أنا بصراحة ضعت .. وقتي صار كله تليفونات في تليفونات.. صرت أقبل أي ثعلب يحاول الهجوم.. أقصد أني صرت أكلم كذا شابًّا من نفس المنطقة حتى من خارجها.. وضعي مع أسرتي هذه الأيام غير مسر.. الشكوك تداهمني من جميع الطرق.. في الحقيقة سبب اتجاهي للتليفون والمكالمات الهاتفية هو عدم وجود من يفهمني من أسرتي
أحسست أن هناك منْ هو منشغل بي من غير أهلي.. فأهلي منشغلون كثيرًا عني
فأرشدوني إلى الحل.. أنا في الانتظار.. وأتمنى أن أتلقى الحل.
27/3/2024
رد المستشار
أختي الحائرة: هل تشعرين أننا نهاجم أصحاب المشكلات أو نعاملهم بعنف؟! أرجو أن تذكري لنا أمثلة على هذا- إن وجد - ومنكم نستفيد، وملاحظاتكم بل حتى إشاراتكم الخفية هي موضع اهتمامنا فأخبرينا.
أقول هذا؛ لأن صفحتكم هذه تتحرى تقديم تحليلات وتوضيحات تساعد على الخروج من المشكلة، أو التعامل معها بشكل إيجابي، ولا تهدف أبداً إلى معاقبة المخطئين أو تقريع المذنبين، بل نرى أن صحوة ضمائرهم، وصوتها العالي أهم من كل صوت آخر، ونوقن بأن: ؟من لم يجعل الله له من قلبه - أو نفسه - واعظًا، لم تنفعه المواعظ"
أختي، في هذه السن الحرجة التي تمرين بها تحتاجين إلى سند، وإلى صدر رحب يستمع، ويتفهم، ويتجاوب، ويرشد بحكمة، ويبدو أنك لم تجدي هذا متوافراً من جانب أهلك، وإذا صح تصورك فهذه ليست نهاية العالم؛ لأن الأسرة ليست هي الدائرة الاجتماعية الوحيدة التي تضطلع بمهمة التربية والرعاية فهناك ما أسميه: "الجماعة الاجتماعية" وتشمل العائلة والجيران والزملاء القريبين، والبعيدين "عبر الإنترنت" وغيرهم.
وإذا كان اختيار الإنسان لأفراد أسرته يبدو محدوداً ومحسوماً على غير إرادته، فإن اختياره في الدائرة الأوسع يكون أكبر، ومسؤوليته أعظم؛ ولذلك قال المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم : "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" والآيات والأحاديث كثيرة تحض على حسن اختيار الدائرة المحيطة بالإنسان لشدة تأثيرها عليه.
إذن ليس البديل لانشغال الأهل عنا، أو عدم تفاهمهم معنا "إن وجد" أن نرتبط بأول من يبدي اهتماماً بنا، وعلم الله ماذا يقصد بهذا الاهتمام!! فانشغال الأهل أو رفضهم لهذا الشاب لا يبرر أي سلوك خاطئ من جانبك، والرسول – صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية"، ومن تخلى أهله عن حسن صحبته فكل المسلمين أهله، ونحن هنا يمكن أن نسمع لك، ونتواصل معك أما الهاتف الساخن فهو مدخل لكثير من الكوارث، وموضع شبهة وشكوك.
هناك طريق ثالث دائماً وأبداً بين الضياع والانصياع، هناك اختيارات كثيرة لقضاء الوقت فيما ينفع ويمتع دون ضرر نفسي أو اجتماعي، وهناك في العالم ثعالب كما أن هناك إخوة وأخوات أكبر يسعدهم أن يأخذوا بيدك