لا أعرف كيف أبدا، رحم الله امرءا عرف قدر نفسه، والله الذي لا إله إلا هو لا أريد غير الصلاة والشهادة في سبيل الله.
عندي مشكله لا أستطيع حلها أبدا:
متزوج من زمن، وعندي أولاد، وأقوم بكل الواجبات، وزوجتي جميلة، ولكنها في نفس الوقت عاصية جدا، وغبية جدا، وكسولة جدا، وقد عذبتني كثيرا، ولا أريد في هذا الوقت أن أطلقها، فمن يربي أولادي؟.
وإذا أردت أن أعاشرها حسب حقوقي الشرعية عليها فإنها لا تهتم إلا بالتهديد، وأنا أكره ذلك ولكنه رغما عنى.. لا أحب الحرام ولا أعرفه. وأحاول قدر المستطاع أن أصبر نفسي، وأفكر في زوجة صالحة، تعينني على أمور ديني ودنياي، أصل بها رحمي وأحصن بها فرجي ولكن أين هي؟.
أعيش الليل مثل النهار في عذاب طويل، لا أجد من أهل الإيمان من يحل لي مشكلتي هذه، ولا أدري هل أعتبرها صفحة تطوى وترمى في سله المهملات أم ماذا؟.
طلبي بسيط وفى نفس الوقت صعب، فأنا عمري 45 سنة، ولكنني قوي جدا بفضل الله، وأعمل مدرسا وأتاجر على قدر ما أملك والأمر لله وحده، لأنني تعبت جدا جدا، وأعاني من هذه المشكلة أكثر من 13 سنة، وأكتم في قلبي الدامي الحزين المجروح آلامي، ولا أستطيع الكلام في هذا الموضوع حتى مع نفسي.
أنا من سوهاج، وأعمل مدرسا، وأعمل بعد عملي في التجارة، وأتمنى من الله العلي القدير أن أجد الرجل المخلص الذي يساعد أخاه المسلم ليحافظ عليه من الهلاك.
وأنا متأسف إذا كنت ضايقت أحدا، وسامحوني.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
2/4/2024
رد المستشار
أخي الفاضل:
لقد قرأت مشكلتك، واستوقفتني فيها بعض الكلمات التي وصفت بها زوجتك، مثل قولك إنها "عاصية جدا"، "غبية جدا"، "كسولة جدا"، "عذبتني كثيرا"، وشكواك من تقصيرها حتى في حقوقك الأساسية "إذا أردت أن أعاشرها فإنها لا تهتم"، ولا تستجيب إلا "بالتهديد"، ثم كلمتك الجامعة التي لخصت بها حالتك "أعيش في عذاب". والحق أن مثل هذه الزوجة تحتاج إلى جهد كبير منك، تبدؤه بتوجيهها وإرشادها إلى جملة الحقوق التي سنها الشارع الحكيم للزوج على زوجته، فعرفها حقوق الزوج في الإسلام، وبين لها فضل طاعة الزوج، واكشف لها سوء عاقبة الزوجة العاصية.
أسمعها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يبين مكانة الزوج في الإسلام: (لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا) (أخرجه الترمذي)، وعرفها بأن طاعة الزوج من أسباب دخول الجنة، يقول صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت" (رواه أحمد)، أعلمها بأن الإسلام قدم طاعة الزوج على عبادة النفل، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه" (متفق عليه)، وأن الإسلام حرم على المرأة أن تمنع نفسها من زوجها إذا دعاها إلى الفراش -ما لم يكن لها عذر شرعي- فقال صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح" (البخاري).
وقد وضح لنا القرآن الطريق إلى تقويم الزوجة فقال جل شأنه: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً * وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما)، فكن لها خير واعظ وناصح، عرفها بأحكام وحقوق الزوج في الإسلام فربما كانت لا تعرف، أما الكلام عن تطليقها فلا مجال له الآن، فكما فهمت من رسالتك أنك متزوج منذ أكثر من 13 عاما، وأن لك منها أولادا، وربما كان أولادك -حسب فهمي من الرسالة- في سن صغيرة وهم أحوج ما يكونون إلى رعاية أمهم وتربيتها، وهو ما يدفعني لأن أقول لك: اصبر عليها بل واصطبر عليها، واعلم أن صبرك هذا مأجور بإذن الله.
أما عن قولك: "أفكر في زوجة صالحة تعينني على أمور ديني ودنياي"، فأقول لك: إن الزوجة الصالحة هدف نبيل يسعى إليه كل مسلم فاهم لدينه قبل أن يقدم على الزواج، ولكن أما وأنك متزوج "منذ زمن"، وعندك من زوجتك "أولاد"، فلا أنصحك بالتفكير في هذا الأمر الآن، وأوصيك بالصبر عليها ومحاولة إصلاحها، فكما يقولون: تزوج المرأة الصالحة، فإن لم تُرزقها فاسع إلى إصلاح زوجتك، حرصا على أسرتك وأولادك من التشتت والضياع، فأولادك أمانة في عنقك، وأنت ربان سفينة والمطلوب منك أن تجتهد ما استطعت لكي تصل بالسفينة إلى بر الأمان.
وردا على سؤالك: "هل أعتبرها صفحة تطوى وترمى في سله المهملات؟"، أقول لك ربما كان القرار سهلا ولكن تبعاته ثقال، وأدعوك لمراجعة نفسك، واتهامها بالتقصير، وتذكر قول الرسول الحكيم صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة -أي لا يبغضها؛ إن كره منها خلقا رضي منها آخر"، فلماذا لا تنظر -أخي الكريم- إلا إلى الجانب السيئ؟ لماذا لا تنظر إلى الجوانب الإيجابية؟ فكل إنسان -رجلا كان أو امرأة- فيه الخطأ والصواب.
راجع تصرفاتك معها، راقب نفسك وأنت تكلمها وارصد: هل تكون معها حادا أو جافا؟ هل توجه لك الكلام بصيغة الأمر والنهي؟ هل تهتم بالسؤال عنها وعن أهلها وأرحامها؟ هل تهتم بصحتها وطعامها وشرابها ولباسها؟. وهناك أمر لفت انتباهنا إليه الصحابي الجليل عبد الله ابن عباس -رضي الله عنهما- عندما قال: "إني أحب أن أتجمل لزوجتي، كما أحب أن تتجمل لي" فانظر أخي -حفظك الله- كيف كان أصحاب الحبيب صلى الله عليه وسلم أكثر الناس إيجابية، فها هو ابن عباس يتجمل ويتزين لزوجته.. الله أكبر.. أكرم به من صحابي يعرف واجباته تجاه زوجته وحقوق زوجته عليه.
ويمكنك -أخي الكريم- أن تجلس مع زوجتك على انفراد جلسة مصارحة ومكاشفة، لا عتاب فيها، جدد خلالها عهدك معها، تعاهدا على البدء من جديد، حياة يملؤها الإيمان بالله تعالى، يظهر فيها الاحترام المتبادل، ويحقق فيها الزواج أهدافه "السكن والمودة والرحمة و..."، كما أنصحك بأن تجرب معها الحل الإيماني، وهي فرصة لك أيضا، فكلنا يحتاج لزيادة إيمانه.
وختاما؛ أقترح عليك -أخي الكريم- هذا البرنامج الروحي للقرب من الله بزيادة الإيمان لعله يعينك على حل مشكلتك:-
1- صوما يوما لله كل أسبوع، وليكن الإثنين أو الخميس، فصيامهما سنة واردة عن الحبيب صلى الله عليه وسلم، وأفطرا سويا.
2- احرصا على قيام الليل معا، ولو بصلاة ركعتين مرة في الأسبوع، وستجدان بإذن الله لذلك بركة كبيرة تنعكس عليكما بالخير.
3- اخرجا سويا لزيارة مريض ولو مرة في الشهر، ففي زيارته خير كثير وأجر كبير إن شاء الله.
4- صلا أرحامكما، وزورا أهلكما مرتين في الشهر مثلا، فذلك يوثق علاقتكما، ويزيل ما بينكما من خلاف.
5- اجلسا سويا جلسة إيمانية لمدة ساعة مرة في الأسبوع، اقرأا خلالها ربعا من القرآن الكريم، وبابا من أحاديث الرسول من كتاب رياض الصالحين مثلا.
ويضيف د. مسعود صبري أخي الفاضل:
أشعر بما تعانيه من فصام وفصال مع الزوجة، وأنك لا تجد راحتك معها.. وربما كان من اليسير أن يتعايش الإنسان مع صديق لا يقبله في العمل، أو صاحب له في النادي جمعهما شيء رغما عنهما، ولكن أن يتعايش مع زوجته التي يرى عصيانها وغباءها وما ذكرت، قد يكون فيه شيء من الصعوبة، لكنه ليس بالمستحيل.
وأريد أن ألفت انتباهك إلى أننا مع من لا يربطنا به شيء نجد ألف حل لمشكلتهم، أما الزوجة والأولاد فنكاد نفقد الوعي في الحل، لماذا لا نعامل زوجاتنا كالأجانب الغرباء بالحنو عليها والسعي لإصلاحها، وأن نبذل كل وسيلة للإصلاح معها، فإن أبت إلا أن تكون مثل ما هي عليه، فـ"إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء"، وساعتها انظر حاجتك إلى زوجة أخرى، فبدلا من الانفصال والطلاق، وخاصة أن لك أولادا منها.
شرع الإسلام الزواج بأخرى بقاء على الأسرة الأولى، ووزع جهدك على البيتين، واجعل ما تفعله للزوجة الأولى من الأعمال التي تنتظر ثوابها عند الله تعالى.
لكن لا تسرع إلى الزواج بثانية إلا بعد التأكد من عدم إصلاح زوجتك، وأنك فعلا في حاجة إليها، كما أنه يجب التنبيه على أنه يجب أن تتهم نفسك أولا، فكل منا حين يكون خصما مع آخر، فإنه يتهمه، ولا يرى عيبا في نفسه، فضع كل الأمور (ما يخصك وما يخصها) على دائرة التفكير بنوع من الحيادية، وانظر هل يمكن التعايش معها وإصلاحها، أم أن هذا أمر يكاد يكون مستحيلا، ثم انظر ما يترتب على الزواج من أخرى من مسؤوليات أخرى، فبدلا من أن كنت مسؤولا عن أسرة، ستصبح مسؤولا عن أسرتين، وفي هذا الإطار يمكن لك التفكير -إن أخذت قرار الزواج- في أن تتزوج امرأة لا تنجب، حتى لا تزيد عليك أعباؤك، وهل أنت في حاجة إلى بكر أم ثيب؟ وما إلى ذلك.
أخي الفاضل
أنصحك أن تستخير الله كثيرا، وأن تستشير من تعرف عنه الحكمة والفطنة، ممن هو قريب منك، فإنما أجبناك على ما ظهر لنا، وهناك بالطبع تفاصيل لا نعرفها، ولكن إجابتنا على ما جاء في السؤال.
وأخيرا، تعلق بالله، وادعه دائما أن يقدر لك الخير حيث كان، واسأله أن يدبر لك الأمر حيث يحب ويشاء، فاختيار الله لنا خير -بلا شك- من اختيارنا لأنفسنا، واستصحب رحمة الله بعباده، فإنه أرحم بنا من أمهاتنا وآبائنا. ونرجو أن تتواصل معنا دائما.
وفي انتظار ردك علينا وتعقيبك على ما قلنا.
التعليق: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، صراحة أعجبني صبرك وتحملك، الله يجزيك خير الجزاء في الدنيا والآخرة، أنك حافظ على وئام الأطفال مع والدين مترابطين و موجودين في مكان واحد، تحت سقف واحد، وهذا الأمر يشكر عليك، فبارك الله فيك، لتعلم أخي الفاضل بأن الأسرة الزوجية صدقني ليس كلهم في تنسيق تفاهم، بل علينا ندرك تماماً بأن التقصير وارد، والأخطاء محتمل، والخلافات طبيعي، هذا مقدمة أسأل الله أن ينفعك بها،
الأمر الثاني: إن البيوت إن خلت من ذكر الله وتلاوة القرآن والصلوات النافلة كالضحى وقيام الليل وسنن الرواتب، وكثر فيها الأغاني والمعازف والموسيقى تصبح ملجأ للشياطين، فهم يهمزون هذا وذلك، فتنشأ الخلافات الغير منطقية، بل التافهة، بين الزوجين، فنصيحة أخ: إستعن بالله، وأقرأ أذكار الصباح والمساء وقبل النوم من كتاب "حصن المسلم" وأيضا قم بتعوذ الأطفال ضع يديك على كل منهم وتقول " أعيذك بكلمات البه التامات من شر ما خلق" 3 مرات، وقول " بسم الله الذي لايضر مع اسمع شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم" وآية الكرسي وسور الثلاثة الإخلاص الفلق والناس 3 مرات، صباحا ومساء وقبل النوم، هذا مهم جداً، لابد من تحصين الأطفال وتحصن نفسك وزوجتك، ومن ثم أقرأ سورة البقرة كاملة بصوتك يومياً في المنزل، حتى تهدأ الزوجة وتشفى من هذا الضر الذي نزل بها.