بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة إلى جميع أعضاء فريق مستشاري مجانين، وخصوصا إلى د.فيروز عمر، أما بعد فأنا أشكركم جزيل الشكر على تكرمكم بمساعدة الناس، وأخبركم بأنني استفدت كثيرا من نصائحكم فلكم جزيل الشكر.
أما المشكلة التي أكتب لكم بشأنها فهي أمر قد حيرني فقلت في نفسي عليك بموقعك المفضل مجانين، وهو أن أحد أصدقائي (.........) الذي له معزة خاصة في نفسي قد هجرني لأسباب سأبين لكم ما علمت منها، ولكن ما يصعب علي فيه هو أنه أكثر أصدقائي التزاما ووفاء وتمسكا بالأخلاق الرفيعة، ومحافظة على الصلوات الخمس وما يزيد ذلك اجتهاده فهو أكثر أصدقائي مثابرة واجتهادا، كما أنه لا يتمتع بما يتمتع به أصدقاء اليوم من الخبث والدهاء والمكر حتى على أعز الناس إليهم، وأنا أرجع هذا كله إلى فقده لوالده في سن الثانية أو الحادية عشرة، وكلانا الآن في سن السادسة عشرة، فهو لم يحتك بالمجتمع، فأمه كانت حريصة أشد الحرص فلا تسمح له بالخروج من دون مرافق، وظل هكذا إلى وقت قريب.
أصل إلى ما حدث في بداية العطلة الصيفية هذه من تغير جذري فيه حاولت أن أقف بجانبه حتى أعيده إلى صوابه ولكن دون فائدة، فبعد قيام أمه بشراء جهاز كمبيوتر له قبل فترة وكان محظورا عليه أيام الدراسة، وبعد مصاحبته لأحد زملائنا بالفصل والذي يسكن بالقرب من منزله، وإن لم أسئ الظن بهذا الزميل فهو سبب الضياع الذي تسبب لصديقي هذا رغم أنه يصلي ولا يتمتع بذلك القدر السيئ من الأخلاق إلا أنه حر في حياته، فوالداه لا يفرضون عليه أية قيود تذكر.
لقد أصبح صديقي مولعا بهذا الجهاز ويمضي إمامه الساعات الطوال، وليت ذلك خلف شيءٍ مفيد ولكن للأسف أمام الألعاب الذي أصبح مبذرا في صرف الأموال لشرائها، والأفظع من ذلك هو أنه يقعد أمام شاشة الجهاز من قبل صلاة العصر إلى ساعة متأخرة من الليل (الساعة العاشرة والنصف أو ما بعدها أحيانا) وفي هذه الفترة يقدم إلى منزله ذلك الزميل من بعد الانتهاء من الصلاة إلى تلك الساعة المتأخرة من الليل متجاهلين أذان الصلوات وإقامة الصلاة، والذهاب إلى المسجد لأدائها هداهما الله، وهذا يحدث إن لم يذهبا لشراء الأشرطة التي تتعلق بالألعاب أو للتنزه والترفيه في منطقة بعيدة جدا وأمه لا تدري عن ذلك شيئا فهي تحسبه في الحارة أو عند أصدقائه بالقرب من المنزل، وما يحزنني أشد الحزن هو ما لاحظته من استغلاله لصديقي من أجل ماله فيدفعه دائما إلى أن يدفع ثمن ما يختاره هو من ألعاب علما أن لديه هو أيضا جهاز كمبيوتر وعند شراء اللعبة يقوم هو باللعب بها أولا، وذلك لأن صديقي سامحه الله ضعيف الشخصية جدا، وبعد أن يذهب هذا الزميل من عنده في ذلك الوقت المتأخر يرتاح قليلا وربما يؤدي ما فاته من الصلوات، ثم يواصل اللعب على الجهاز إلى تمام الساعة الخامسة فجرا بتوقيت مكة المكرمة طبعا من اليوم التالي ثم يخلد إلى النوم،
وهذا ما يحزنني وهو متذرع بأنني قد أهنته ولذلك هو هجرني وهذا ما لم يحدث، فكم حاولت إن أصالحه ويرفض، واعتذر له عن شيء لم ارتكبه أنا رغم أنه هو من ارتكبه في حقي عدة مرات ولكني أعلم مدى صفوة قلبه فلم آخدها بعين الاعتبار، فكم من مرة اتصلت فيه وكم من مرة طلبت منه إن نقعد لنحل المشكلة التي بيننا وعندما كنت أمر عليه في منزله يجعلني انتظر الساعات متذرعا بأنه يغتسل بينما يقوم هو بالاتصال بذلك الزميل وينتظر حتى يحضر لأنه يعلم إنني لن أتكلم أمامه وأشك بأن هذا الزميل هو من دفع صديقي لمقاطعتي لأنه يعلم أنني كنت أنصحه وأحذره، ويعلم مدى احترام بيننا فدفعه إلى الفتنة بيننا، فقد حاولت وما زلت أحاول، فمرة يتركني ويذهب ومرة يقطع المكالمة ويقفل خط هاتفه في وجهي ومرة يصفني بالكاذب، فجميع من يعرفه من أصدقاء نصحني بأن أتركه فلم يعد هنالك أمل يرتجى فيه وأنقذ نفسي من هذه المذلة، إلا إن بعضهم أوصاني بأن أواصل المحاولة عسى الله إن يهديه، فقد قاطعني من قبل عندما أخبرت أمه مرة بأنه قصر وأخطأ في أحد الأمور ولكن سرعان ما اقتنع بأن ذلك كان من أجله.
وقاطعني مرات أخرى بسبب إن أمه كانت تستخدم اسمي عالمة بمدى المحبة والصداقة بيننا عندما تلحظ منه أي تقصير في واجباته، قائلة له بأن صديقك "أنا" قد أخبرني بتقصيرك......... ومن هذا القبيل فيتجاهلني ويدير وجهه عني مدة حتى يقتنع بأنني لم أفعل ذلك ثم نعود أفضل من ذي قبل، وهذه المرة أفكر بأن أخبر والدته بما يجري وأطلب منها عدم ذكر اسمي حتى يتحسن هذا الوضع وربما تتمكن هي من إعادته إلى صوابه، فهي لا تعلم الكثير بسبب انتقالهم إلى بيت والدها الكبير بعد وفاة زوجها، وفيه عدة عوائل لإخوانها وأخواتها، وهو يستعمل أعلى طابق في هذا المنزل لأن فيه جهاز الكمبيوتر، فلا تستطيع والدته مراقبته فهي مطمئنة إلى انه في المنزل مع أبناء عمه، حتى أن والدته تتضايق من رؤية هذا الزميل لأنها تحس أنه سيجلب لابنها الكثير من المشاكل كما جلبها من قبل عندما كان يكذب على والدته عندما يطلب منها شيئا قائلا لها صديقي طلب مني ذلك فيصدقه أهله لما يعرفونه عن صديقي من الصلاح،
ثم إنني قد حاولت كل الطرق التي أستطيع بها إن أصلح هذا الوضع ولكن دون فائدة، حتى إنني اتركه فترات متباعدة ثم أقوم بزيارته ولكن دون فائدة فأرجو منكم إن تقوموا بإرسال رسالة لي عبر بريدي الالكتروني تبصرونني فيها بما أستطيع القيام به حتى لا أكون مقصرا في حق الصداقة اتجاهه وهذا عنواني الالكتروني
......................
وأن ترسلوا له رسالة تبينون له فيها مدى حبي له وإخلاصي في نصحه وتمسكي بصداقتي له، وتقومون بنصحه فأنا واثق بعودته إنشاء الله لصوابه، وبإصلاح هذا الوضع بأذن الله وهذا عنوانه الالكتروني.............. فجزاكم الله خير وحفظكم الله لنا وأدامكم في خدمة إخوانكم، وأكرر اعتذاري لكم على كثرة مشاكلي إن صح التعبير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سمير.... اليمن
11/5/2005
رد المستشار
يقول الله تعالى: (إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ) كما يقول سبحانه: (إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) أنا أذكر لك هاتين الآيتين الكريمتين لأوضح لك أن استقامة أي إنسان لا تقوم إلا على أمرين:
1- الأمر الأول: هو إرادته هو شخصيا.
2- الأمر الثاني: هو إرادة الله تعالى.
ومهما حاول المحيطون أن يصلحوا من شأن هذا الشخص فلن يفلحوا إذا غاب هذان الأمران، لذلك لم ينجح رسول الله صلى الله عليه وسلم في هداية عمه، ولم ينجح (نوح) عليه السلام في هداية ابنه، ولم ينجح رسول الله صلى الله عليه وسلم في هداية عمه، ولم ينجح (لوط) عليه السلام في هداية زوجه!! لا أقول لك هذا لإحباطك من هداية صديقك، ولا أقوله أيضا لأحثك على أن تقف سلبيات مكتوف اليدين، ولكني أذكر هذا لأوضح أن لك دورا لن تستطيع تجاوزه، ويظل الأمر بيد صديقك وبيد ربه جل وعلا.
التمرد الذي يمر به صديقك يعتبر نتيجة طبيعية للمرحلة العمرية التي يعيشها أولا ثم لعدم خبرته بالحياة وضعف مناعته بسبب الحرص الشديد من أمه ثانيا، ثم بسبب التسبب المفاجئ الذي تسمح به أسرته سواء من الناحية المالية أو عدم وجود ضوابط لاستخدام الكمبيوتر كميا وكيفيا.
لذلك فإن ما يحدث له يعتبر نتيجة طبيعية!! ولعله يراجع نفسه في لحظة من اللحظات بعدما يسير في هذا الطريق ويرى نتائجه فيفيق ويعود لصوابه... أما أنت فإن ما تستطيع تقديمه له هو:
لا تقطع علاقتك به، وأحسن إليه دائما، وقابل إساءته بالإحسان، لأنه إذا راجع نفسه سيبحث من حوله عن صديق مخلص يأخذ بيده، وعندئذ يجب أن يحدك بجواره.
اعلم أن قلب صديقك قد تغير تجاهك بسبب مقارنة أمه بينك وبينه، وبسبب استخدامها غير الحكيم لاسمك في نصحها لها، فحاول أن تعالج هذا الأمر، وأن تسترد سلامة صدره تجاهك.
إذا كان صديقك لا صديقك لا يقبل منك نصحا في هذه الفترة بسبب التغير الذي طرأ على قلبه تجاهك، فيمكنك أن تستعين بأشخاص آخرين لعلهم يقبل منهم الخير حتى ينصلح الحال بينه وبينك.
حذرا من النصح المباشر له، حاول فقط أن تكون موجودا في حياته كنموذج طيب وقدوة صالحة، ودعه هو الذي يختار ما يفعله وما يتركه.
حاول أن تقترح له – بشكل مباشر أو يغر مباشر – أن يشترك في أنشطة مفيدة وممتعة في نفس الوقت مثل الرياضة أو بعض الفنون أو القراءة لعلها تشغل فراغه وتساعده على اكتشاف ذاته، وأن يكون لحياته هدفا يسعى لتحقيقه.
وأخيرا لا تتوقف عن الدعاء له بظهر الغيب، لعل الله تعالى يصلح حاله بفضل دعواتك الصالحة حاله بفضل دعواتك الصالحة.
وربما لا يكون مناسبا أن نكتب له رسالة تحثه على العودة لك، ولكن يجب أن ندعه هو الذي يختار هذا بمحض إرادته دون تأثير "مؤقت" من أي أحد.