أبلغ من العمر 42 سنة (أعزب وغير متزوج)، وأحمل مؤهلا علميا عاليا، ولدي "بزنس خاص"، وناجح في عملي جدا، وسافرت لدول عديدة في 3 قارات، ومتدين وأؤدي صلواتي الخمسة، وأقوم بأداء الزكاة ومساعدة الفقراء والحالات الصعبة، ولا يوجد ما يعكر صفو حياتي، سوى رغبتي الدائمة في الانتقام من شخص يسكن بجواري وصل لمكانة ما في عمله (الحكومي) على الرغم من أنه التحق بهذا العمل تحت بند (راسب الشهادة الإعدادية)، بصورة جعلت العديد من "المنتفعين وأصحاب المصالح" لا يكفون عن زياراته ومعهم العديد والعديد من الهدايا "من كل صنف وحجم"، وبالطبع الرشاوى التي بنى من ورائها منزلا كبيرًا في حي آخر.
والذي يجعلني أفكر في الانتقام (القاسي والمدمر) من هذا الشخص، هو موضوع قديم ما زال مؤثرًا في نفسيتي حتى هذه الساعة التي أكتب فيها تلك الرسالة، وهي أن هذا الشخص في سنوات مراهقته، كان يسكن مع والدته ووالده (رحمهما الله) واللذين كانا دائمَي الغياب عن المنزل لفترات طويلة جدا معظم الأيام، وكان في كل مرة يكون فيها بمفرده، يقوم باستدراجي لشقته.. وإغرائي بإعطائي بعض حبات "البلي الزجاجية" التي كان الأطفال وقتها يدمنون اقتناءها واللعب بها، وكنت أنا منهم، وكان خلال ذلك يقوم بممارسة أفعال غريبة وشاذة جدا معي.. يقوم خلالها بخلع ملابسي وملابسه بالطبع (بشكل جزئي وليس كامل)، لم أكن أفهم مغزاها لكوني طفل لم يبلغ السادسة أو السابعة، بعدها يقوم بمساعدتي في ارتداء ملابسي بعد انتهاء العملية وتنظيف كل شيء ويمنحني العديد من البلي.
وكانت تلك العملية القذرة تتم بمعدل منتظم، وبممارسة غير عميقة (كان يتحكم فيها برفق وببراعة)، واستمرت لفترة ما، بعدها توقفت نتيجة لعدة عوامل حالت دون استمرارها.
هذا الموضوع ما زال يؤرقني حتى يومنا هذا، ومازلت أتذكر تفاصيله القذرة على الرغم من مرور تلك السنوات، ووصولي لهذا المستوى العلمي والمهني في حياتي، وهو تزوج وسكن في نفس الشقة ذاتها، ولديه أولاد شباب كبار، ونتقابل سويا ونتشارك ونتعاون كجيران في جميع الأمور وقضايا المجتمع الذي نعيش فيه، هذا لو تطلب الأمر أن نتشارك فيه بحكم سكن الجوار، والآن يوجد لدي من الإمكانيات ما يجعلني قادرًا جدا على القضاء عليه وتدمير حياته كليا على كافة الأصعدة اجتماعيا ومهنيا، انتقاما لنفسي ولطفولتي البريئة، وبصور عديدة قد أشرك -في جزء منها- جهات رقابية عليا في الدولة، بعدها سيتم تدمير حياته وفضحه في أيام قليلة.
وأود أن أسألكم: "هل شعوري الانتقامي هذا الذي يلازمني بشكل دوري ومتزامن يعد أمرا سويًّا"؟ وما الذي يمكن لشخص مثلي يمر بنفس ظروفي أن يفعله حيال ذلك، خصوصا أن الشخص المتهم يتراءى له يوميا، في الوقت التي لم تمح فيه أبدا تلك المأساة التي حدثت له في طفولته من هذا الشخص نفسه؟؟
أرجو منكم إفادتي برأيكم،
ولكم جزيل الشكر والتقدير
17/7/2024
رد المستشار
أخي العزيز "حكيم" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثيرا ما ترد إلينا مشكلات مثل هذه، ونميل في إجاباتنا إلى النصح بأن ننشغل بما هو كائن عما كان، وأن نعتبر ما حدث زلات وقعت بين طفل لا يعرف شيئا ومراهق غلبته رغباته، وأن الطفل قد كبر والمراهق قد نضج، ثم نوصي الأهل بفتح أعينهم لحماية أطفالهم من نزق مراهقيهم أو انحراف كبارهم، وينتهي الأمر بأن نقلب الصفحة ونبدأ الكتابة في الصفحة الجديدة متحررين قدر الإمكان من ذكريات الماضي وزلاته، على أساس أن الحاضر أولى بالرعاية، وأن من الخطأ أن نعيش سجناء داخل زلات الماضي وسقطاته مهما كانت، وأن مشاعر الانتقام تضر بصاحبها أكثر مما تضر بالآخر المطلوب الانتقام منه.
أما في حالتك فقد يختلف الأمر بعض الشيء، فعلى المستوى الشخصي أرى أنك قد تجاوزت هذه المحنة، وحققت إنجازات عظيمة، وتقوم بفعل الكثير من الخيرات (نسأل الله أن يتقبلها منك)، وقد يكون من المفيد –على هذا المستوى الشخصي- أن تنتقل من شقتك التي تسكنها بجوار هذا الشخص إلى شقة أخرى حتى لا يذكرك المكان والأشخاص بهذه الأحداث المؤلمة والمخجلة، فالمكان والأشخاص يحملان مفاتيح الذكريات.. ينشطانها طول الوقت، وهذا مما يحفز لديك الرغبة الدائمة للانتقام، ويجعل هذه الصفحة السوداء نشطة في وعيك دائما.
أما على المستوى العام فإن الأمر يختلف كثيرا؛ فهذا الشخص يشكل بؤرة للفساد ظهرت في مراهقته في صورة انتهاك لبراءة طفل ولحرمته، وظهرت في كبره في صورة انتهاك لحقوق المجتمع في صورة رشوة وفساد وعلاقات مشبوهة واستغلال لوظيفته.
وهذا النمط من الناس لا يصح السكوت عنه؛ فهو فاسد في نفسه ومفسد لمن حوله، ويحتاج فعلا لكشف فساده ومحاولة إيقافه حتى لا تتسع دائرته في المجتمع.
ولو أن هذا الشخص قد فعل ما فعله معك ثم تاب وأناب وانصلح حاله عند كبره لطالبتك بالعفو والسماح والابتعاد عن دائرة وجوده حتى لا تتألم كلما رأيته، ولكن هذا لم يحدث، بل الذي حدث أنه طور فساده وانحرافاته ووسع من دوائر التدمير، ولهذا يصبح واجبا دينيا وأخلاقيا بذل جهد لإيقافه عن الفساد والإفساد، ليس بدافع التشفي والانتقام الشخصي، ولكن بدافع كف فساده عن الناس فهو أشبه بالشيء المعطوب الذي لو تُرك لنشر العطب في كل من حوله.
فإذا كان بيدك إبلاغ الجهات الرقابية عن فساده وانحرافاته بشكل سري لا يعرضك أنت لانتقامه فيما بعد فافعل ذلك حسبة لله سبحانه وتعالى، ثم كواجب وطني يتحتم عليك القيام به خاصة إذا كانت لديك الأدلة أو المستندات الدالة على ذلك؛ حيث إن معرفتك إلى هذا الحد بفساده وسكوتك عنه يعد إثما دينيا وتفريطا في حق المجتمع.
أسأل الله أن يوفقك لما فيه الخير