أحبكم في الله، وأشكركم على هذا الموقع المتميز بكل ما فيه.
لقد اتخذت قرارًا بفسخ خطوبتي، وأريد أن أستشيركم في صحته من عدمه. استمرت خطوبتي لمدة عام، خطيبي عمره 21 سنة وأنا عمري 24 سنة يعيش في ألمانيا مغربي الأصل درس في مدرسة عربية في ألمانيا حسبته على دين وخلق، بيننا قرابة بعيدة، يوم جاء لخطبتي ظل معنا يومين وليلة، جلست فيها معه جلسة تعارف واحدة والباقي كان كلامًا عامًا وسط الأهل، لمست خلالها انطوائيته الشديدة؛ فهو لا يتحدث إلا قليلاً جدًّا وبعد أن تسأله، قلت في نفسي ليست مشكلة وهذا ليس سببًا للرفض.
كذلك هو بار بأمه جدًّا كما تقول هي ويسمع كلامها، ولكن أخافتني هذه الصفة من أن يكون ضعيف الشخصية وابن أمه حاولت من خلال كلامه أن أعرف وتبين لي والله أعلم عكس ذلك. ولأنني ما زلت أكمل دراستي فمستواي التعليمي أكبر منه هو في البداية، وأنا في الدراسات التكميلية بعد الإجازة.
لمست أيضًا أنني مثقفة أكثر منه وأحب القراءة جدًّا، أما هو فقال لي إنها تصيبه بصداع الرأس وأنه لا يقرأ كثيرًا. قلت ليست مشكلة المهم أنه يوافق على إكمالي لدراستي كما لا يمانع في نشاطي الجامعي. جلسة التعارف معه كانت أول جلسة لي في حياتي ارتحت فيها له كثيرًا.. طبعًا كنت أحسب أن هذا اللقاء الأول وستتلوه لقاءات أخرى، لكن المفاجأة أنه ذهب لمدينته ولم يرجع إلا ليودعنا راحلاً إلى بلد الإقامة.
فقلت في نفسي ربما نتواصل عبر الهاتف، لكنه لم يتصل أبدًا إلا عندما أراد أن يعتذر عن المجيء.. كلمته أمي فلم أعرف سبب عدم مجيئه ولم يعاود الاتصال بي ليخبرني. مرت الشهور ليتصل ويخبرني أنه سيأتي في وقت معين لما حان هذا الوقت اتصل ليعتذر؛ لأنه سيذهب مع جدته للحج؛ لأنها ليس لديها محرم. من كل هذا شعرت أنني عبء ثقيل عليه ولو وجد لما اتصل بي أصلاً.
أما أمه وأسرته كلها فلا يتصلون على الإطلاق وهذا طيلة العام. اتصلت بي أمه قريبًا فرحت لما سمعت صوتها كنت أحسب أنها تطمئن علي.. لكن كلامها كان مثل الصاعقة سألتني عن أخباري كواحدة عادية، ثم جاء سبب اتصالها كانت تريد أن أرى لها سكنا للإيجار في مدينتي؛ بسبب كذا وكذا المهم حكت لي عن مشاكلها.
ثم جاء الموضوع الأقل أهمية قالت لي من الممكن أن تدخلي لألمانيا كطالبة؛ لأنهم يصعبون في إجراءات دخولك كزوجة، ولم تقل السبب لماذا يصعبون ولم أسأل من وقع الصدمة، لكنه معروف لأن ابنها ما زال طالبًا وليس لديه عمل ولا دخل ولا سكن غير المنحة. لم أعرف في تلك اللحظة كيف أجيب ونهيت المكالمة بقولي سأرى ما يمكن عمله. اتضح لي من خلال كل هذا أنها امرأة تحب أولادها لدرجة أنها تهين كرامة الآخرين.
هذه أول تجربة خطوبة في حياتي، وكانت كلها عذاب. ربما الإجابة واضحة،
لكن مع ذلك أريد التأكد أكثر من صواب قراري. وشكرًا جزيلاً.
5/8/2024
رد المستشار
ابنتي..
هذا أحسن قرار اتخذته في حياتك ولو أني لا أعرف قراراتك الأخرى غير مواصلتك للدراسات العليا.. ببساطة لأن الاختيار هو أول عامود أساس في مبنى الحياة الزوجية الناجح.. فإن لم يكن الاختيار سليما فإن الإنسان يظل طوال عمره يرقع ويصلح ما ينخره السوس في هذا العامود الذي يتوسط بناء الزوجية ويكاد البيت يسقط بسببه في كل لحظة... وتكون تكلفة إصلاحه باهظة وفي أغلب الوقت فاشلة.
عادة لا أرحب بالزواج ممن هو أصغر سنا إلا في ظروف وأوضاع خاصة جدا.. أعتبرها فقها منفصلا لكل حالة... وبعيدا عن الأسباب التي جعلته يتقدم لك والهدف من ورائها فهو لم يقم باختيارك أبدا ولم تكوني بالنسبة له زوجة أو حبيبة أو حتى مشروعا يهمه في كثير أو قليل.
وبالتالي يا ابنتي اتركي التجربة وراءك وانطلقي في حياتك وستعثرين على زوج مناسب بإذن الله؛ فإن الزواج رزق، والرزق -مكتوب عند الله تعالى منذ أن كنت في بطن أمك، ولن تتزوجي إلا من كتبه الله لك زوجا، وهناك أسس عليك أن تراعيها منذ البداية لاختيار الزوج، وهي: -الدين والخلق- وبعد الدين يأتي التقارب الفكري والتقارب في المستوى الاجتماعي والثقافي، وأقول التقارب وليس التطابق.
كل هذه التساؤلات مهمة وأساسية، إن الزواج هو شراكة الحياة، فلا بد أن تكون الأمور واضحة ومحددة فيه من البداية، أما أن يزورك شابا مرة ثم يختفي ولا يتصل... ولا يهتم بأن يتعرف على من هي من المفترض ستشاركه كل حياته... فهذه ليست خطبة وليست زواجا؛ فالحمد لله أنك تخلصت من هذا النوع من الارتباط.