أنا شاب مقدم على الزواج وهو اختيار صعب.. وتأتي المشكلة في اختلاف اتجاهات الآخرين.. غير أن الذي سيتزوج هو واحد فقط.. أقصد أن أبويَّ يشاركاني الاختيار من وجهة نظرهما فقط؛ فقد اختار والدي بنتا تناسبني في كل شيء ولكنها من اختيارهم، وهذا يؤرقني لأنني لا أريد من والديَّ أن يختارا لي كل شيء.
وفي نفس الوقت وجدت بنتا مثالية بمعنى الكلمة، حتى أنها توافقني في أحلامي وأهدافي وطموحاتي، حتى أحسست أنها تتكلم عني، وتتكافأ مع الأخرى التي يريدها والداي لي، ولكنها مصابه بمرض السكري.. لا أعرف إن كان هو النوع الوراثي أو غير الوراثي؛ وهذا ما يجعلني لا أستطيع أن أخبرهما برغبتي في الزواج منها، ولكنني أشعر أنها هي التي أبحث عنها وهي التي ستسعدني وتملأ عليَّ حياتي..
يا رب ألاقي راحة عندكم من الحيرة..
وربي يجازيكم كل خير...
14/9/2024
رد المستشار
هل تهواها؟ فالمُحب لا ينتظر كلمات أخّاذة تشحذه للزواج من محبوبته أو فراقها حين لا يُنكر عليها خلقًا أو تكافؤًا؛ فلقد حيرتني أين أضعك في عالم المحبين يا صديقي؟
فأنت تتصور أنك تحتاج لرأي ينير لك الطريق، ولكنك تحتاج لمرآة، لترى حقيقة حبك لها وحقيقة قدرتك على تحمل مسؤولية الزواج من مريضة سكري، وكذلك حقيقة قدرتك على اتخاذ قرار مصيري يتطلب منك مواجهة رفض أهلك بأدب، والذي لن آخذه لك ولن أحاول أن أدفعك لأي من القرارين؛ لأن الزواج ليس نزهة، ولأننا لا نقوم باتخاذ قرار الارتباط بتأثير كلمات وسرد قصص لدعمها..
المشكلة إذن ليست مشكلة فتاتك لكونها مريضة سكري وراثي أو غير وراثي؛ فالنوعان بالمتابعة يتم التعامل معهما، ولكن المشكلة الحقيقية في صدق رغبتك في الارتباط بها، فمن يختار زوجة وأمًّا لأبنائه لن يقف كثيرا أمام مرضها؛ مادام يطمئن لما تحمله من حلو الخصال وجمال المعشر في رحلة الحياة المملوءة بالمسؤوليات.
ليس هذا من باب "الرومانسية الخرقاء"، ولكن من باب "معرفة الحياة"، فالحياة أرتنا كم الأسر التي ابتليت بأمراض عضال وراثية بعد الزواج عن تمام صحة، وأرتنا كم المحبين الذين اختاروا فراق أحبتهم بسبب مرضهم المُعجِز، ووقعنا نحن تحت وطأة استقبال آهات المحبين لرغبتهم في الزواج بأحبتهم برغم الأمراض، فرفض الأهل معوق لمن لا يقوى على الإصرار "المهذب" على الزواج ممن يريد، وفتاتك تتساوى مع من يرشحونها لك -ويضاف إليها حبك لها- فمرضها أمر يخصك وحدك على الرغم من ضرورة إخبار أهلك به، إلا أنه يظل شأنك الخاص الذي تتحمل مسؤوليته.
من الطبيعي أن تتوقع رفضهم، وأن تتوقع أيضا رضوخهم أمام قوة رغبتك في الارتباط بها ما دامت لا يعيبها شيء كما ذكرت، وما دمت واضحًا في مشاعرك تجاهها، فكن شجاعا صادقا مع نفسك حتى لو اكتشفت أنك لا تحبها "كفاية"، ولكن يكفيك صدقك واحترامك لموقفك واعتذارك لها بسبب لبق، فلا تضحك على نفسك وتتسوّل سببا خارجيا تزيف به الحقائق، فحين نُستشار في مرض قد يكون وراثيًّا، يكون الكارت الفاصل هو الارتباط العاطفي؛ فوجوده بقوة كافية تجعلنا نقول للسائل توكل على الله، ولكن فقط اعلم أنك ستتحمل عبء متابعة المرض ماديا وإنسانيا، ولتفهم جيدا نوعه ومتطلباته لتكون على بيّنة بتبعاته، أما إذا لم تكن هناك قوة في الارتباط العاطفي فنقول له إن الحياة الزوجية تأتي بمسؤولياتها وتحدياتها فلا داعي لإضافة تحدٍّ زائد ما دام الارتباط العاطفي ليس موجودًا أو كافيًا.
أعلم أني تركتك حائراً؛ ولكنني أهديت لك السبب الحقيقي لتضع يدك على قرارك الصائب والمناسب لك سواء بخوض المعركة عن يقين أو التنحي عنها دون الإثقال على نفسك ببطولات وهمية.
اقرأ أيضًا:
رفض الأهل ليس أهم الجوانب
أزوج نفسي.. أم انتظر اختيار أهلي؟
حائر بين حبه وأهله! رفض الأهل!