بسم الله الرحمن الرحيم
تحية طيبة لكم، مشكلتي يا أخي الفاضل أني تلقيت تعليمي بالخارج في المرحلة الثانوية بمدارس أجنبية، وواجهت -في بداية التحاقي بهذه المدرسة- عدة صعوبات في التعليم والتكيف مع البيئة التي تحيط بي؛ لأني وجدتها غريبة بعض الشيء، إلى أن حاولت التكيف معها، وفي المدرسة تعرّفت على فتاة عربية تصغرني سنًّا، قضيت معها ثلاث سنوات، وأحببتها، المشكلة أني تعلقت بها كثيرًا، وأرى بها كل ما يروق لي: من الأخلاق والطيبة والتربية الحسنة، علاوة على تمسكها بالدين كثيراً بالرغم من عيشها في وسط اجتماعي غربي!! وهنا تكبر المشكلة: إننا متفاهمان في كل شيء، وأريد الزواج منها، لكني لا أستطيع أن أفتح موضوع الزواج أمام أسرتي؛ لأسباب عديدة منها: أني شاب خليجي لا يستطيع الزواج من فتاة عربية؛ لأن هذا يخالف القانون الخليجي، ومن ناحيتها والدها يفرض عليها الزواج من ابن عمها الذي لم تره ولا تعرفه، فكيف أخبر والدتي بالمشكلة التي أعاني منها؟
أخي الفاضل، مشكلتي كبيرة!! ولا أعرف أن أختصرها لك، ولكني أتمنى أن أتلقى الحل المناسب.
والله الموفق.
30/9/2024 .
رد المستشار
أهلاً بك يا أخي العزيز، يا من عشت في أحلام الحب، ثم أفقت على حقائق الحياة.
مشكلتك أخف من مشاكل آخرين - ولله الحمد - فأنت في النهاية مقتدر مادياً فيما يبدو، وقد حددت ما تريد، ومن تريد، يبقى أن تتأكد من مشاعرك، وأن ما تكنه تجاه هذه الفتاة هو العاطفة التي عشت تحلم بأن يتوّجها الزواج.
أعتقد يا أخي العزيز، أنك تغيرت "ثقافياً"، وعلى أهلك أن يتفهموا هذا، وهم الذين اختاروا لك نوعية ومكان التعليم الذي تعرفت من خلاله على فتاتك تلك، فهل سيناسبك أن تتزوج من بلدك بفتاة عاشت في إطار اجتماعي وثقافي مختلف -نوعاً ما- عن الذي عشت أنت فيه حال دراستك؟!
هذه نقطة جديرة بالدراسة والنقاش مع الأهل، والتقاليد في الخليج –على ما أعتقد- أصبحت أكثر مرونة فيما يخص الزواج من خارج المنطقة؛ ربما بسبب الانفتاح والاختلاط ببقية العرب وغير العرب، وربما أيضاً بسبب مشكلة غلاء المهور، وصعوبة الزواج من خليجية، لكن الأمر الذي أعيده عليك؛ لتنتبه إليه أنك لم تعد ذلك الخليجي "الخالص" مثل أي زميل طفولة لك بقي في بلدكم، ولم يخرج منها، إنما أنت مررت بتجربة وخبرة اغتراب من شأنها أن تغيّر كثيراً أو حتى قليلاً في التركيبة الذهنية والنفسية لك. ومن الحكمة مراعاة هذا التغير، والتجاوب معه في إطار الحدود الواسعة للشرع، والقيم الإسلامية.
فإذا اقتنعت أنت بأهمية وإمكانية هذا الزواج بالنسبة لك فسوف تستطيع إقناع الناس جميعاً؛ حيث لا يعيب فتاتك أنها تعيش في وسط اجتماعي غربي إذا كانت متمسكة بالدين كثيراً، وبالأخلاق والطيبة... إلخ كما تقول.
ويمكنك أن تتحدث إلى امرأة متقدمة في السن من قريباتك "خالة أو عمة.. إلخ" تكون قريبة من نفسك فتخبرها بقصتك، وتستطيع هي أن تفاتح الوالدة بأسلوب تجيده المرأة الحكيمة، ووقتها يكون الطريق ممهداً أمامك لمفاتحتها، وتقديم فتاتك لها في مرحلة لاحقة.
إن الخروج على العرف يحتاج إلى جهد، ومثابرة، وقوة نفسية، وعزيمة لا تلين؛ حتى يتحقق لك ما تريد، وتستطيع عندها أن تتزوجها في الخارج، ثم تعود لبلدك أو لا تعود بحسب خططك، أما من ناحية زواج فتاتك من ابن عمها فلن يحدث –بإذن الله- طالما هي متمسكة بك، وأنت جاد في طلبها فإذا رتبت أمرك، وتقدمت رسمياً إلى أهلها، ووجدوا فيك الشخص المناسب لابنتهم؛ فأعتقد أنهم سيغلّبون جانب الحكمة، ويجمعون بينك وبينها في الحلال؛ إذ يبدو هذا أكثر منطقية من زواجها بإنسان لم تره لمجرد أنه ابن عمها.
الأمر يتوقف على جهدك وجديتك وحسن إدارتك لأمورك، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
هل ستخبرني بتطورات الموضوع؟! أرجو أن يحدث هذا.