السلام عليكم ورحمة الله..
أنا شاب أدرس في إحدى كليات القمة العملية وأحسب نفسي من الملتزمين، حيث إنني أحفظ نصف القرآن ولكن شاءت الظروف أن تحدث لي حادثة لا أتوقعها، وكانت بدايتها أنني كنت أسكن في شقة في أول العام وكنت تقريبا فيها وحدي؛ لأن باقي من في الشقة موظفون، وفي يوم كنت عائدا من الكلية وعند ركوبي العربة اصطدمت يدي بكتف بنت تقريبا في الثانوية فنظرت لي نظرة لم أر مثلها فاعتذرت إليها فالتفتت وضحكت، ومر الأمر على خير وفي اليوم الثاني صباحا كنت أطل من النافذة فرأيتها وهي ذاهبة للمدرسة فنظرت إلي بتعجب ثم انصرفت، وفي كل يوم كانت تأتي لنفس المكان لتركب السيارة ومرت الأيام وفي يوم قررت أن أعترف لها بإعجابي.
فكتبت ورقة بذلك لأعطيها لها ومكتوب فيها مدى إعجابي ورقم الموبايل لكي تتصل بي، ثم نزلت وانتظرتها حتى تأتي فأتت وركبت معها السيارة وسرت وراءها وأنا متردد ولكني تشجعت وناديتها وقلت لها: لو سمحت هذه الورقة وقعت منك، فقالت: مني أنا؟! فقلت: نعم. فأخذتها باستغراب وذهبت وبعد ذلك لمت نفسي كثيرا على ما فعلت، وكأني استيقظت من غفلة عميقة ولم أنم في تلك الليلة، وفي اليوم التالي وجدتها تنتظر في المكان نفسه ونظرت إلى باحتقار ثم انصرفت.
قررت أن أعتذر لها عن خطئي بأن أكلمها، وهذا ما حدث في اليوم التالي انتظرتها وركبت معها ثم تتبعتها وناديتها فوقفت، فقلت لها: أنا آسف على وقاحتي وعلى الورقة، فقالت لي: "أنا ما ينفعش أمشي مع حد أو أكلم حد" فقلت لها: "أنا فهمت ولتاني مرة باعتذر لك، ويا ريت تقبلي أسفي"، فقالت: "خلاص قبلته" ثم انصرفت، وانصرفت أنا الآخر وأنا مرتاح قليلا.
ومرت الأيام وكلما وجدتها في مكان ابتعدت عنه كي لا تظن أني أطاردها، ومرت الأيام حتى جاء يوم الجمعة فوجدت الموبايل يرن برقم غريب رنة قصيرة، ثم رن مرة أخرى فاتصلت به كي أعلم من هو فإذا به صوت بنت تقول: نعم، فقلت: من معي، قالت: أنا من أعطيتها الورقة. فلم أصدق أذني قلت: "مين؟! ياه!". قالت: "لو ماكنتش مصدق اقفل السكة". فكلمتها وفهمتها أنني لا ألعب بها، وأنني في كلية من كليات القمة، وأنني أريد أن أقابلها في أسرع وقت، ولكن كانت أيام الامتحانات قد دخلت فكنت أتصل بها كل يوم لأعرف أحوالها.
ثم علمت منها أنها تعبت بالإنفلونزا فقلقت عليها وصممت أن أقابلها بعد أن تتعافى فاتفقنا على أن نتقابل وهي ذاهبة إلى الدرس فقابلتها وسألتها عن حالها ولكنها كانت مستعجلة لأنها تأخرت على الدرس فذهبت، وكنت أكلمها كل يوم، وكنت أسألها عن أهلها وحالها فعرفت أنها في الصف الثالث الثانوي وأنها نجحت بمجموع 80% في العام السابق وعرفت أنها تريد أن تحصل على مجموع كبير هذا العام فاستوقفني ذلك الأمر طويلا، ولمت نفسي بشدة على ما فعلت، وفكرت في أن أقطع علاقتي بها بطريقة لطيفة لا تحرجها، فكنت أحدثها عن أنها لا بد من أن تذاكر كثيرا وأنني لا أريد أن أكون سببا في عدم تحقيقها لهدفها، فقالت لي: إنني أصبحت سببا في أنها تذاكر بكثرة وبطموح، وفي يوم اتصلت بي وهي تبكي، قلت لها: ما سبب ذلك، قالت: لا أعلم ولكني مخنوقة فهدأتها وأضحكتها وقلبت حالها إلى التفاؤل، وطلبت أن أقابلها لكي نتفق على أشياء كثيرة فاتفقنا وعملت حسابي على أنها ستكون مستعجلة ومرتبكة فكتبت لها ورقة فيها كل شيء عن أحوالي وأهلي ومتى أستطيع أن أتقدم لها.
وإنني أريد أن أوقف تلك العلاقة حتى نكون مستعدين أن نبني علاقة طبيعية بعلم أهلينا، وحدث ما توقعته من استعجالها وعدم قبولها للوقوف معي لأن ذلك أمر غير مقبول فاحترمتها أكثر وأعطيتها الورقة وذهبت، وقلت لها: فكري فيما في هذه الورقة بعقلك لا بقلبك. ولكن هذه الورقة لم تأت بنتيجة وبقي الحال على ما هو عليه، وكنت في هذه الأثناء أسألها عن أحوالها الدينية وأشجعها على قراءة القرآن وعدم سماع الأغاني وعلى أن تشارك أسرتها أفراحهم وتزيل أحزانهم وألا تشعرهم بتغير حالها، وأن تظهر لهم أنها سعيدة وأنها في أحسن حال، فكانت تقبل مني ذلك وكانت تسألني هي الأخرى عن قيامي الليل، وصلاتي وكنا نشجع بعضنا البعض ويوقظ أحدنا الآخر عند الفجر وأشياء أخرى كثيرة.
وفكرت في أن أشجعها أكثر فكتبت لها ورقة تحفيز، على أن تكون ذات دين يهديها أهلها لنصيبها أيا كان، أنا أو غيري، وأهديتها ورد محاسبة كي تسير عليه، فأعجبها ذلك بشدة وأظهرت مدى إعجابها بي وبشخصيتي.
وكان كل ذلك في أيام امتحاناتي، والتي مرت على خير بجميع أحداثها وأفضل مما كنت أتوقع، وكنت أذاكر بشدة كي أثبت لنفسي أن تلك العلاقة لم تؤثر علي سلبا بل إيجابا، وكنت مع هذا أدعو الله أن يمر هذا الأمر على خير بدون أن يؤذى أحد، وأن يجمع الله بيني وبينها على طاعته، وألا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، وأتت الإجازة وكنت أتصل بها وأسألها عن مذاكرتها وأشجعها، وكانت هي الأخرى تتصل بي كثيرا.
وفي يوم اتصلت وهي مخنوقة فهدأتها وأضحكتها وطلبت أن أقابلها لآخر مرة، ولكن هذه المرة لا بد من أن نجلس ونتفق على كل شيء فقبلت ورحبت، ولكن ليس وحدها وقالت: إنها ستأتي هي وأختاها في حديقة عامة ونجلس ونتفق، وكنت أريد من هذا اللقاء أن أخرج بنتيجة مرضية لجميع الأطراف، وهي إيقاف العلاقة تماما إلى أن أكون مستعدا، وهي أيضا تريد أن أذهب لأخطبها من أهلها، ولكن...
التقينا وتحدثنا كثيرا وأظهرنا مدى إعجاب كل منا بالآخر وظهر من كلامها لي أنها تعلقت بي، وقالت لو تفرقنا سأنهار ولن أذاكر وسأصاب بإحباط ، أنت هدية من ربنا لي، أرجوك لا تتخلى عني، فأيقنت أن عرضي مرفوض قبل أن أعرضه، فاتفقنا على أن أتصل بها مرتين في الأسبوع وألا نلتقي إلا بعد امتحانات آخر العام، فما كان مني إلا أن أقبل؛ كي لا أؤثر على مستقبلها، وكان هذا آخر ما حدث وبدأنا في تنفيذ الاتفاق.
أنا أعرف أني أخطأت كثيرا، ولكن أريد منكم أن تساعدوني وتجدوا لي حلا لذلك الأمر؛ لأنه يشغل بالي بشدة وأخاف أن يحدث لي شيء في الترم الثاني، أو أن أنزلق في شهوتي دون أن أشعر، أو يغوينا الشيطان لفعل أي معصية، وبصراحة وبصدق أنا أحببتها لعفتها، أرجوكم جدوا لي حلا، أنقذوني مما أنا فيه من الضياع وتأنيب الضمير، لا أريد أن أستمر أكثر من ذلك في تلك العلاقة لأنني أشعر أنني ظلمت هذه البنت، ولا أريد أن أظلمها أكثر من ذلك، مع العلم أنني لن أستطيع أن أتقدم لها قبل 3 سنوات على الأقل، وأتوقع منكم سؤالا، لماذا فعلت ذلك من البداية؟ أقول لكم لا أعلم ولكنه حدث.
هل استغللت صغر سنها وأغويتها؟! فأحيانا أشعر أنني شيطان وأبكي على ذلك كثيرا؟ أرجوكم ساعدوني بحلول واقتراحات، وذلك في أسرع وقت ممكن كي أقنعها بقطع العلاقة في هذه الفترة أو أي اقتراح آخر، ولكن راعوا أنها تعقلت بي وأنا أيضا.
وجزاكم الله خيرا..
11/10/2024
رد المستشار
هل رأيت الصحراء؟ رمال كثيفة... مناخ قاس.... ندرة في المياه وانعدام للبهجة التي نتذوقها حين ننعم بالقرب من خضرة....
حياتك يا ولدي تشبه الصحراء حين تفتقر للأنس بوجود "شرعي" لأنثى في حياتك، فتظل عاكفا على دراسة شاقة تتجرع معها وحدة واغترابا؛ لذا أستطيع أن أفهم وأقدر احتياجك العاطفي والفطري لشريكة تشاركها الحياة... لكن لا أستطيع أن أفهم أو أقدر أن تختارها من على قارعة الطريق!
وتخطئ في حق نفسك مرتين:
أولهما: حين تروي عطشك بسراب يحسبه الظمآن ماء.
وثانيهما: حين تتخاذل في اتخاذ قرار صحيح لوقف استمرار علاقة غير صحيحة.
وعلى الرغم من وجود إصبع يشير إلى فتاتك يقول إنها ليست بالبراءة التي تظهر بها لك إلا أنني أراك أنت الأهم.
فحين نلهو ونعبث على مقربة من الشاطئ "قد" نتمكن من الرجوع سريعا للبر، ولكن حين نلهو ونعبث وسط البحر سيختلف الأمر حتما، ولقد تخطيت حدود الشاطئ منذ زمن غير بعيد وتكاد أن تغرق، فهل تطلب النجاة بحق؟ أم تريد منا أن نربت على كتفك في خطوة ثم نتحدث حول الصبر في الخطوة التالية ثم نفيقك على آيات وأحاديث تهزك من الداخل لتتساقط من معانيها اللعنة والمصير المحتوم!! فلن أفعل...
عندما تواجهنا مشكلة علينا أن نواجهها نحن أيضا بشجاعة حتى لا تتحول لغول يلتهمنا وكلما كان الطريق صعبا وشاقا كلما كان مذاق النجاح أعذب وقيمته أغلى.
أحسب أني قلت لك أقل من نصف ما أردت قوله وأترك الباقي لخيالك في ثلاثة مشاهد:
الأول: أن تتمادى مع فتاتك في ظل ظروفك الحالية تحت ظلال قرار رخو يستسلم لرغبتك في وجود حالة حب في حياتك بعد طول غياب تارة ويستسلم لدموعها واحتياجها لك تارة أخري، تري كيف سيكون الحال؟
الثاني: أن تستطيعا حقا أن تنفذا قرار الانفصال حتى حين، فهل لديك إجابة على تلك القائمة من الأسئلة البديهية... هل تضمن ألا تجد من أهلها أو منها أمرا لا يستقيم معك أو مع أهلك؟ هل تضمن عدم تغير مشاعرك تجاهها؟ هل تضمن ثبات إحساسها بك بعد أن تدخل عالم الكبار- الجامعة - بما فيه من بشر وبما يحمل من متغيرات؟ فلا تنكر أنها ما زالت في سن صغيرة، الثابت الوحيد فيه هو التغير..
الثالث: أن تنتصر على نفسك - برغم اعترافي بصعوبة المقاومة- وتعد إليها ململما جراحها محتضنا احتياجها برفق حتى يحين الوقت المناسب مع الشريكة المناسبة مع الاعتذار المهذب والحاسم في نفس الوقت لفتاتك، معتزا بمروءتك، محترما لظروفك، متقبلا لخطأ حدث منك لن تكرره بإذن الله، راجيا الله عز وجل أن يوفقك، طامعا في ثواب من يترك أمرا يهواه من أجل رضاه.
أعلم أني تركت لك المسرح مكشوفا تماما، ولكن أنت من سيسدل الستار على ما ستختاره من المشاهد.
وهمسة في أذنيك: إذا اخترت المشهد الثالث ستحتاج إلى جانب اهتمامك بدراستك الانخراط في عمل أشياء تحبها وتحقق فيها إنجازا بعيدا قليلا عن دراستك، واذكر أن الحب يمر باختبارات كثيرة أصعبها اختبار الزمن، فلتختبر مشاعرك ومشاعرها باختبار الزمن، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ولكن دون "ضغوط مضللة" فهيا لا تتأخر واصمد...