جزأكم الله خيرا على هذه الخدمة الجليلة التي تقدمونها للمسلمين، جعلها الله في ميزان حسناتكم، أرجو من الله أن أجد عندكم حلا شافيا لمشكلتي؛ حيث إنها الإحساس بعدم الثقة في النفس.
بدأت أشعر بهذا الإحساس تقريبا وأنا في المرحلة الثانوية، كنت متفوقة والحمد لله، كان حلمي أن ألتحق بكلية الهندسة، والحمد لله وفقت ودخلت الكلية بمجموع كبير، وبدأت من هنا المشكلة؛ فالكلية مجتمع جديد مختلف، وكان ينتابني إحساس بأنني أقل من كل الموجودين حولي.
عندما كانت أي من إحدى زميلاتي تتكلم معي أجد نفسي أتلعثم ولا أعرف أجمع كلمتين على بعض؛ فما بالك لو كلمني أحد من الزملاء الشباب؟.
المهم ظل إحساس الخوف من الآخرين هذا مسيطرا عليّ لفترة طويلة، ونسيت أن أقول لحضرتكم إن زميلة واحدة فقط من المرحلة الثانوية قد دخلت معي نفس الكلية وكانت هي أيضا تحاول دائما أن تشعرني بعدم الاهتمام، مع أنها كانت قريبة مني في المرحلة الثانوية، بعد فترة أحسست بضيق فظيع وخاصة بعد ما بدأت أشعر أن الدراسة صعبة جدا ولا أجد أسئلة وكنت أخاف أسأل أي دكتور.
المهم في هذه الفترة تعرفت على أحد الزملاء من خلال زميلة الثانوي وكنت لا أتحدث معه كعادتي، كان يسكن بالقرب منا، وكنا نخرج في أوقات كثيرة في وقت متأخر من الكلية، فكان أبي يأتي ليأخذنا أنا وزميلتي حيث كانت هي الأخرى تسكن بالقرب منا.
وكان هذا الشاب أيضا يصحبنا وأبي شعر أنه شاب مؤدب وكان دائما يوصيه بي أنا وزميلتي؛ حيث إنه عندما لا يستطيع أبي أن يأتي كان هذا الشاب يصطحبنا طول الطريق إلى البيت، وأنا كعادتي لا أتكلم طول الطريق ويظل هو يتكلم مع زميلتي ويسألني لماذا لا أتبادل معهما الحديث؟.
المهم بعد أن أنهينا الامتحان وظهرت النتيجة وجدت نفسي قد رسبت أنا وهذا الشاب الذي يسكن بالقرب منا وزميلتي وفقت وانتقلت إلى السنة التالية، شعرت بالحزن الشديد وزاد عندي الإحساس بعدم الثقة، وبدأ والدي لا يتكلم معي إلا ويشعرني بأني إنسانة فاشلة.
بدأت الدراسة في العام التالي بجد واهتمام حتى وفقني الله بالنجاح، ولكن هذا الشاب لم ينجح ورسب وتم تحويله إلى كلية التجارة، شعرت وقتها بحزن شديد لأنه فعلا كان يساعدني كثيرا ويشرح لي ما لا أفهمه في السكشن. وفي العام التالي قابلته صدفة وهو راجع من الكلية، لا أعرف ماذا حدث لي ظللت أبكي وأحسست وقتها أنه كان وحشني قوي، وعندما سألني عن هذه الدموع قلت له إن عيني متعبة.
المهم سألني عن جدولي في الكلية ثم بدأت أراه كذا مرة بعد ذلك كنت أشعر بسعادة غامرة ولكن أحسست أني أعمل "حاجة غلط"، المهم بدأت أشعره بهذا.
اختصارا للموضوع طلب مني أن يقابل والدي ليخطبني منه وكانت ظروفه المادية إلى حد كبير معقولة وكان ملتحقا بعمل في أثناء الدراسة.
تمت الخطبة وكنا نحن الاثنان في السنة الثانية، وكنا ننجح معا إلى أن جاءت السنة الأخيرة وبدأ لا يهتم بالدراسة حتى رسب في السنة الأخيرة وأنا نجحت والحمد لله، ولكن حزننا كان شديدا بسبب رسوبه.
وكنا قد اتفقنا على إتمام الزواج بعد الدراسة ولكن بسبب ما حدث تأجل الزواج وظل هو يتملكه اليأس والإحباط، حاولت كثيرا أن أهون عليه ولكن دون استجابة منه، وبدأت أشعر بتغير في المعاملة ويحاول أن يتجاهلني، وجلس معه أبي ليحاول أن يوضح له أن أي إنسان معرض لأن يخطئ، ولكن المهم أن الإنسان لا بد أن يتعلم من هذا الخطأ ويكمل حياته، والحياة لا بد أن تستمر، ولا بد أن يخطط للمستقبل دون أن يستسلم لليأس.
وكان أبي متعاطفا معه لأقصى درجة ودائما كان يشعره أنه بمثابة والده حيث كان والده متوفيا، ولكنه لم يستجب وكثرت المشاكل بينه وبيني بسبب تخاذله وسلبيته واستسلامه للنوم المستمر.
المهم جاءت والدته وخاله إلى بيتنا يتهمونني بأني أضغط عليه وأتصنع المشاكل وأتعالى عليه لأني أصبحت مهندسة الآن وهو لا يزال طالبا متعسرا في الكلية وبعض الاتهامات الأخرى، وحدثت مشادة بيننا وبينهم، ولكن لم يأت معهم هذا الخطيب، وقالت والدته إنه نائم في السرير لا يأكل ولا يشرب ولا يتكلم مع أحد.
استعطفت والدي، ليثبت حسن نيته، حيث قرر أن يقوم معهم لزيارته وأن يصطحبني معه، وذهبنا، وأقسم لحضرتكم بالله أننا ذهبنا بمنتهى حسن النية، ولكن كانت المفاجأة أني وجدته بصحة جيدة ورحب بنا وجلس معنا وتبادل الحديث مع أبي، وبعد ذلك سأله أبي عما قرر حتى الآن لمستقبله فرد عليه بمنتهى الوقاحة أنه لن يستطيع أن يتزوج!.
بهت لهول المفاجأة أبي لم يتخيل ما حدث وطلب أن يأخذني وينصرف، وحاول أهله أن يمنعونا.. ولكن الأستاذ المحترم اليائس من حياته حسم الموقف. أبي لم يتحمل ما حدث من مهانة لكرامته وكرامة ابنته فوقع من طوله وفقد الوعي في حالة جلطة بالقلب، لكن الحمد لله ذهبنا به بسرعة إلى الدكتور، وربنا ستر.
تتخيل حضرتك أن هذا الشاب المحترم لم يتحرك من مكانه حتى يساعدنا في حمل أبي من الأرض عندما سقط وبعد ذلك لم يهتم أن يسأل عنه لا هو ولا أحد من أهله، تخيل يا سيدي ما حدث كان صعبا جدا عليّ.. هل جزاؤنا يكون هكذا؟ أصبحت الآن أشعر أكثر بعدم الثقة وعدم اهتمام الآخرين بي وأن مشاعري لا تساوي شيئا.
29/8/2025
رد المستشار
"بنيتي الحبيبة"
تشتكين من أنك فقدت الثقة بنفسك، لِمَ كل هذا؟! ألأن أحدهم ارتبط بك، ثم تغيرت مشاعره وأعلن عن عدم رغبته في إتمام الارتباط بك؟.
وهل هذه الحادثة تعتبر مبررا لفقدان الثقة بالنفس وأنت الفتاة الذكية التي استطاعت أن تتفوق وتلتحق بكلية الهندسة ثم تتم دراستها في هذه الكلية بنجاح.
هذه الفتاة المتفوقة قابلت في طريقها إنسانا أعجب بها في البداية وأراد أن يرتبط بها، وبمرور الأيام اكتشف أنها لا تصلح له، إما لأنه لم يتمكن من التعايش مع حقيقة أن مؤهلها -بمنطق المجتمع الذي نعيش فيه- أفضل من مؤهله الذي فشل في الحصول عليه، وإما لأنه إنسان متردد ولم يستطع منذ البداية تقييم مشاعره بدقة، ووجد أن مشاعره نحو هذه الإنسانة قد تغيرت أو وجد أخرى تروقه وتناسبه أكثر.
وأيا كانت أسبابه ودوافعه التي جعلته يتخذ موقفا مغايرا معك؛ فبكل المقاييس أنت الفائزة رغم مرارة التجربة؛ وذلك لأن الرجل ضيق الأفق يمكنه أن يدمر زوجته ويستخدم معها كل أساليب الإذلال لو رسخ في ذهنه أنها أعلى منه، وتضطر المرأة في هذه الأحوال وتحت إمرة هذا الزوج لأن تسير على الحبل لتحقيق المعادلة الصعبة والجمع بين إرضاء الزوج وعدم التخلي عن طموحاتها الشخصية ورغبتها في النجاح وإثبات الذات، وحولي من هؤلاء الكثيرات الذين لا يتمكن من فتح كتاب في البيت.
ولو كان دافعه لتركك أن التردد سمة من سماته الشخصية أو أنه لم يتمكن من تقييم مشاعره وتحولت مشاعره عنك بعد فترة من الارتباط، فلا أعتقد أنه كان سيسعدك أن تربطي حياتك بإنسان متردد أو إنسان غير راغب فيك.
ولكنك بالفعل تتألمين وتشعرين بألم الفراق وألم فقدان حب كنت تتصورين أنه حب حقيقي وكنت تحلمين أن يتم تتويجه بالزواج، ومع هذا الألم تعيشين ألما آخر هو ألم فقدان الثقة بالنفس.
وعلاج كل مشاكلك يكمن في كلمة واحدة، وهي:
"الإنجاز"؛ فالثقة بالنفس لا تعتبر قيمة مطلقة تبنى في الفراغ ولكنها قيمة يتم بناؤها عبر سلسلة من الإنجازات الحياتية (سواء على مستوى الدراسة أم العمل أم الأنشطة المجتمعية أم الهوايات).
ولذلك عليك البدء الآن وفورا بتحديد أولوياتك وأهدافك للمرحلة القادمة، ثم حددي خطوات عملية لتحقيق هذه الطموحات والأحلام، واحتفلي بكل إنجاز مهما كان بسيطا، اجعليه مقدمة للمزيد والمزيد من الإنجازات، وكذلك المزيد والمزيد من دعم ثقتك بنفسك، وتعينك هذه الحركة في دروب الحياة على الاكتساب التدريجي لمهارات التواصل مع من حولك، وتعينك أيضا في نسيان هذا الشاب.
وتذكري دوما أن أسوأ ما يمكنك فعله الآن في حق نفسك هو أن تستمري في سكب الدموع على أطلال حب أصبح سرابا وانتهى أمره، وأن أفضل ما يمكنك فعله هو أن تتماسكي وتسلكي كل سبيل لدعم نفسك وجوانب شخصيتك.
بنيتي الحبيبة، ندعو الله أن يمن عليك بسرعة التعافي من الأزمة التي تمرين بها، ونحن دوما بجوارك ونحب أن نطمئن عليك.
واقرئي أيضًا:
كيفية الثقة بالنفس؟ وعدم التردد!
الثقة بالنفس: كيف أثق بنفسي؟
تقدير ذات منخفض: ضعف الثقة بالنفس!
عقدة النقص وقلة الثقة بالنفس
ضعف الثقة بالنفس والذكاء الاجتماعي