السلام عليكم.
الشخبطة الجنسية والتربوية (متابعة)
حضرة الدكتور محمد المهدي المحترم: أشكر لك جزيلاً ردك الكريم على رسالتي المعقدة وأعتذر عن أي تعب أو إزعاج سببته لك سابقاً أو لاحقاً.
لا أخفيكم أنه قد أزعجني ذكر رسالتي بجميع تفاصيلها علناً على الإنترنت ومشاعاً لكل قارئ ومتصفح بالرغم من أنني طلبت بوضوح عدم ذكر التفاصيل الصغيرة والتي ما أوردتها إلا لتكون دليلاً يستنير به من يتكفل بالرد عليها، لكن إن كنتم ترون أن ذلك في مصلحة الموقع فأنا معكم.
طلبت أن ندخل في التفاصيل، وأنا لا مانع عندي:
- أوافقك تمام الموافقة على ما سميت به حياتي: "شخبطة" وأضيف عليها كلمة "فراغ".
- لا أنكر على الإطلاق أني متأمل بل ومتبحر في نفسي ودقائقها الصغيرة محاولة مني في فهم ما أنا عليه أولاً، ونفوري من مثالية الآخرين ثانياً، وشعوري بأني معقد وممتلئ بالمشاكل ثالثاً.
- بالتأكيد فإني أعاني من تأخر في النمو والنضج كما ذكرت حضرتك تماماً، وهو ما قد عبرت عنه في مشكلتي بكلمة: "مراهقة متأخرة" أو ربما "طفولة متأخرة" كذلك.
- توضيحاً أقول أن والدي لم يكن "قاسياً بالمعنى الصحيح لكنه ولّد في أنفسنا شعوراً "بالرهبة" من وجوده، فمثلاً لا أتخيل أبداً نفسي إلا نادراً معه أصارحه بكل ما يجول في نفسي بل أحياناً أردد ما يريد أن يسمعه هو كأن يقول: أليس كذلك؟ فأقول بلى لكن في قناعتي أقول لا.
- قد أكون فعلاً بعيداً عن أي موقع من مواقع تحمل المسؤولية حتى تجاه أهلي بل وربما تجاه نفسي... لكني قد فشلت في إيجاد سبب لهذه النشأة الغريبة والتي نتج عنها " السلبية الطفولية" كما سميتها.
- أحب أن أؤكد أني بالفعل قد عانيت من عزلة اجتماعية لكن في مراحل مبكرة من حياتي أما الآن فأعتقد أنه قد حدث تحول لكن أيضاً ليس إلى درجة الانسجام الكبير الذي تجده عند معظم الناس.
- بالنسبة لكوني أشابه الأطفال في نموي فأنا كما ذكرت معك في ذلك على طول الخط، لكن أعتقد أني أختلف عنهم في أني أعرف ما ينقصني وأقف بعدها محتاراً أو عاجزاً، وسؤالي لك عن الفرق بين الزنا والزواج كان سؤالاً صادقاً نابعاً عن جهل وليس عن تظاهر بعدم المعرفة إمعاناً في السيناريو التراجيدي، أقدر لك استغرابك الطبيعي لهذا السؤال وغيره من الأسئلة كالفرق بين السوائل الخارجة من جسم الإنسان وكيفية ختان الذكور وطريقة ممارسة العادة السرية.
حقاً لقد اطلعت على بعض المواقع لكن لو كنت قد وجدت فيها ما يجيبني لما كنت أثقلت عليكم بالسؤال، فليست لدي الرغبة بأن أبدو جاهلاً وغبياً أمامك لكن قد أكون كذلك فعلاً. بعد أن فكرت قليلاً في سؤالي خطر ببالي أن الإجابة تكمن في أن الزنا ربما يعتمد على إتيان المرأة من دبرها وهو الشيء المحرم في العلاقة الشرعية الطبيعية بين الرجل وزوجته... أقول ربما ولست متأكداً من شيء.
- بالنسبة لموضوع الدراسة فأحب أن أقول لك إننا قد توصلنا إلى "تسوية" مع الأهل: أكمل في الفرع الذي يريدونني فيه لكن ليس من الضروري أن يحدث ذلك بالزمن المطلوب. لن أقول لك لا أستطيع أن "أسير" في الفرع الذي أريده لكن لا أستطيع أن "أختاره " أصلاً. لأن الوقت قد فات والجامعة لم تعد تسمح بذلك إلا بناء على شهادة ثانوية جديدة.
- أفهم من حضرتك أنك تتطلب مني أن أكف عن تتبع تلك المناظر لكن المشكلة يا سيدي الدكتور أن ما تطلب مني الامتناع عن رؤيته هو أصلاً ليس بالعورة! أدري أنني وصلت من مسيرتي في هذا الطريق إلى الانحراف بالشهوة لكن ربما لعدم إحساسي حتى الآن "بالتحريم الفعلي" للنظر: فالنظر مسموح لكن الشهوة والانحراف حرام، والنظر يؤدي إلى الشهوة.
قد لا تكون المعادلة بهذه الصعوبة والحل الأوضح والأبسط أن نكف عن النظر، لا نستطيع أن نقارن الحالة بمن يطلب منه أن يكف و"يغض" نظره عن ملاحقة البنات لأنه عاجلاً أو آجلاً سيجتمع بالفتاة التي ستصبح زوجته وتحلل له ما حرم عليه سابقاً، لكن هنا لا نستطيع أن نقول نفس الشيء. لا تفهم من كلامي أني أطمح للوصول إلى علاقة اللواط بما فيها "الإيقاب" كما تحدث عنها الدكتور وائل في إحدى المشكلات المنشورة، لكن المشكلة ببساطة أني ضائع ومنحرف بين الحرام والحلال والشهوة.
- أختلف معك في أن الخطبة قد تكون الحل لأني أخاف على من قد أرتبط بها أن تربط مصيرها بشخص قد لا يكون على هذا المستوى من السوية والطبيعية وأنا لا أريد لها أن تظلم معي. أيضاً: فأنت تعلم تمام العلم كيف يقف الشباب حيارى وخائفين ومتلهفين في ذات الوقت عندما يشعرون بحاجتهم للزواج لكن تقف في طريقهم العديد من العثرات ويعتبرون الملكات والمواهب التي يمتلكونها أمراً طبيعياً، فهل تتوقع مني أنا وقد فشلت في تحصيل ما حصلوا عليه خلال حياتهم على مدى أكثر من عشرين عاماً بأن أقدم على الزواج؟ قد تسألني ما هي هذه الأمور التي تعتبرها ضرورية أكثر من توفير المهر والشقة وما إلى ذلك من متطلبات الزواج؟ أقول لك هي كل الخبرات التعاملية والمهارات الفكرية والبدنية والمعلومات والثقافات الاجتماعية المكتسبة على مدى الأعوام التي تسبق الزواج. وأهم من هذا كله هو الأساس الذي تبنى عليه الأسرة...ألا وهو الإسلام.
- فعلاً الحل هو إعادة بناء وتوجيه المشاعر، ليس على مستوى الجنس فقط، بل وعلى جميع المستويات، وخصوصاً الدين والعلاقة مع الله سبحانه وتعالى. قد شرحت لك مشكلتي في "برود المشاعر الدينية" عندي و الحل هو إعادة توجيه ما كان على مدى 25 عاماً، لكن هل لديك فكرة كيف تتم إعادة التوجيه هذه والتي ينبغي أن ينتج عنها نظام حياة جديد؟
- أظن في أنك قد وصفتني بما يسمى "النرجسية" وحب تأمل الذات من كثرة ما ترد كلمة "أنا" وضمير المتكلم في كلامي، لكن يا سيدي الدكتور، قل لي كيف أستطيع أن أعبر عن مكنون صدري إذا لم أستعمل هذه الضمائر "الذاتية"؟ قد يبدو هذا سؤالاً سخيفاً وطفولياً وقد تضيفه إلى قائمة أسئلة الزنا والزواج وغيرها، لكني لا أشعر أبداً بالنرجسية... بل وإن من حولي - وأصدقك القول - يصفني بمحب التواضع وعدم المبالي بالمظاهر وحب مساعدة الآخرين.
- قد نصحتني مشكوراً بالذهاب إلى طبيب نفسي لكن لعرض جزء محدد من مشكلتي حصراً وهو ما يتعلق بالنضج الجنسي... أليس كذلك؟ هل ترى أنه لا فائدة من ذكر كل هذه المشاكل في حديث مباشر إلى طبيب نفسي؟ هل تقصد أن ذلك سيزيد من اتكاليتي؟ هل تستطيع أن تسمي لي خطوات محددة أعتمد بها على الله تعالى وعلى نفسي حصراً في علاج كل هذه "الشخبطة" بدون مساعدة خارجية من وسيط؟
مجدداً، أكرر خالص شكري وعميق امتناني... لك ولجميع القائمين على هذا الموقع بمن فيهم الدكتور وائل والأستاذة إيناس،
جزاكم الله جميعاً عنا كل الخير. "ملاحظة: كنت قد أرسلت المتابعة في تاريخ سابق لكني أرسلها هنا احتياطاً"
13/08/2005
رد المستشار
أخي العزيز.... بخصوص النشر من عدمه فأنا لست مسئولا عنه وإنما هو يرجع لتقدير إدارة الموقع، وبالنسبة لمشكلتك لا أجد فيها ما يشير إليك شخصيا فهناك ملايين الأشخاص يشكون بأشياء قريبة من ذلك فلا تقلق من ذلك، والنشر يساعد في تعميم الفائدة لأكبر عدد من الناس، ومع ذلك فأنا أحترم رغبتك في عدم النشر.
هناك فرق بين الزنا وبين الإتيان في الدبر فالزنا هو علاقة جنسية بين شخصين لا تربطهما رابطة زواج سواء كان ذلك في الفرج المعهود أو كان في الدبر، والإتيان في الدبر قد يحدث بين زوجين أو بين اثنين لا تربطهما علاقة زواج، وكل هذه الأشياء حرام شرعا.
أنت الآن في سن يسمح لك بأن تعيد تعديل الأخطاء التربوية التي حدثت، خاصة أن لديك بصيرة جيدة بمشاكلك النفسية وأنت تعترف بها بشجاعة، ولكنك تحتاج اتخاذ قرارات شجاعة أيضا للتغيير وتحتاج للمثابرة حتى تحقق هذا التغيير، ولا تستعجل النتائج فالصفات والمشكلات الشخصية تحتاج وقت كاف لتعديلها، المهم أن تكون لديك دائما إرادة التغيير وأن تمحو من قاموسك كلمات مثل: لا أستطيع، لا أقدر، لقد فشلت، لقد جربت كل شيء ولم أجد نتيجة، فهذه كلها إعلانات استسلام وفشل تحكم على كل محاولاتك بالفشل حتى قبل أن تبدأ.
لا تنظر إلى الناس على أنهم مثاليين فهم في الحقيقة ليسوا كذلك وإنما هم يعيشون حياة واقعية فيها كل شيء صواب كان أو خطأ، ونظرك إليهم على أنهم مثاليين يجعلك تشعر بالإحباط والدونية في تعاملك معهم.
مازلت ألمح في رسالتك حالة من الانكفاء على ذاتك فأنت طول الوقت تتأمل ذاتك وتعدد أخطاءك، وهذا يحرمك من رؤية الناس والأشياء والحياة ويجعل معرفتك بكل هذا ضئيلة جدا، من فضلك أنظر إلى خارج ذاتك فهناك الكثير مما يستحق الاهتمام.
بخصوص حرمة النظر إلى مواضع تثير الشهوة ومواضع لا تثير من فضلك استشر أحد علماء الدين الثقاة.
أراك في موضوع الزواج تتهرب من تحمل المسؤولية وتعلن بأنك غير كفء لها، ولو ظل الوضع هكذا فربما لا تتغير، ولكن اقتحم مواضع تحمل المسؤولية وحاول أن تثبت وجودك فيها، فالإنسان لا يتغير حقيقة إلا تحت ضغط أو في مواقف تستدعى المواجهة، أما إذا جلس في بيته يتأمل ذاته طول الوقت فسوف تمر السنين وهو كما هو.
تذكر أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.