خوف .. غموض .. وأمل مشاركة
خوف .. غموض .. وأمل \ رد
الأول أوجه جزيل شكري للدكتورة حنان طقش على وقتها واستشارتها ودعائها الذي أسعدني كثيرا
وشكرا لك الأخت المشاركة واهتمامك وردك واسأل الله أن يجزل لك وللدكتورة حنان الأجر والثواب
أنا فعلا إنسانة حساسة جدا وقد أكون قاسية على نفسي لأني أحاول أن أصل الكمال في كل أعمالي مع يقيني بأن الكمال لله وحده تعالى
وكما قالت الدكتورة حنان فإن ما يعانيه ابني هو ابتلاء من الله عز وجل قد سلمنا به وارتضيناه من أعماق قلوبنا ولكن يبقى الحزن في القلب والخوف على مستقبل هذا الطفل وأيضا الخوف من التقصير في تربيته وإعطائه حقه
وهو لا يعاني أي صعوبة في التعلم بالعكس فذكائه واضح وملفت للانتباه ولكن المشكلة في قلة التركيز وكثرة النشاط فهو لا يستطيع أن يركز في عمل لأكثر من دقائق معينه وعنده الكثير من المشاكل السلوكية الصعبة
والحقيقة أنه ابتلاء صعب للغاية وأنا أسميه بمرض عقوق الوالدين مع علمي التام بأن ولدي ليس عاقا ولا يريد أن يؤذينا بالعكس هو عاطفي وحنين ومتعلق بنا كثيرا ولكنه لا يفكر بالعواقب، مندفع جدا وتفكيره محصور باللحظة الآنية فقط
أعترف بأن تقربي إلى الله والتزامي كان أعظم دواء لنا جميعا ولا أعرف كيف كنت سأستطيع أن أتكيف مع الأمر لولا معرفتي بقضاء الله وأجر التسليم لهذا القدر
لازال الطبيب يرى أن أداءه رائع وسيكون رجلا ناجحا عندما يكبر وهو يؤكد لي هذا في كل مرة أراه ولذلك لا يرى أي ضرورة في إعطائه أي دواء أو مسكنات أخري
ما يحتاجه ابني هو الدواء السلوكي والمعرفي فكلما كانت معرفتنا بحالته جيدة كلما استطعنا التكيف مع وضعه وتفهم تصرفاته، ليس هذا فحسب فأنا أحاول أن ألعب دورا مهما في حياته المدرسية بأن أتقرب إلى مدرسيه على مدار السنة وأتناقش معهم في حالته
أنا أحاول كل جهدي أن أطرق أي باب يعينه على النمو بشكل سليم وصحي واستعين بالله أن يلهمني الكثير من الصبر والطاقة على تحمل ما كلفني به
ما يؤلمني حقا هو أنى اقرأ الكثير من مشاكل الأطفال والشباب والتي يشكو فيها الأهل أو الشباب من أعراض قد تكون لها خلفية وعلاقة بهذا الاضطراب ولكن مع الأسف الجميع يهمل الموضوع بشكل مرعب وطبعا أقصد المنطقة العربية
ومن خلال دراستي لهذا المرض فإنه تركه أو معاملة الطفل على أنه سليم وتعريضه للعقاب والتقريع المستمرين بسبب سوء سلوكه قد يؤدي به إلى الانحراف أو الاكتئاب الشديد أو حتى الانتحار وأتمنى أن يلاقي هذا الموضوع الاهتمام المناسب من قبل الهيئة الطبية والمدرسية والأهل والمجتمع كله بالأخص وأن نسبة هذا الاضطراب عالية جدا بين الأطفال وخصوصا الذكور ولكن الكثير من الأهل يجهلون حقيقة سلوك أبنائهم وطريقة التعامل معهم وقد يعلقوها على أنها طبيعة الطفل أو أنها فترة مؤقتة تنتهي بفترة عمريه معينه ولكن هذا الأمر غير صحيح إذا لم يعالج الطفل وتهيأ له الظروف الخاصة والمناسبة لكي يكون إنسانا صالحا وناجحا وسعيدا في المستقبل
أشكركم من أعماق قلبي جميع العاملين والمشاركين في مجانين
فأنتم حقيقة الأهل والصحبة الصالحة في الغربة وحتى في الوطن
5/8/2005
رد المستشار
السلام عليكم
حياك الله وأهلا بك معنا مرة أخرى, سعدت بما وشت به كلماتك من درجة أعلى من الاستقرار والتسليم بأمر الله ولكن لا يمنع هذا من أن أشير إلى بعض النقاط في رسالتك.
تقولين يبقى الخوف والحزن على طفلك ومستقبله وهذا أمر طبيعي بين معظم أهالي الأطفال ذوي الحاجات الخاصة مهما كان نوعها ودرجتها, ولكن بنظرة أوسع ألا ترين أن هذه المشاعر لا تختلف عن مشاعر الوالدين وشفقتهما على أطفالهم عموما, حتى أننا ندعو لهم بالعامية فنقول "اللهم ارزقهم أياما هنية أحلى منهم" مثل هذا الدعاء يعكس درجة من القلق عليهم مما تخبئه لهم الأيام فهي شفقة على أطفالنا, وبشيء من التفكير العميق ستجدين أن مشاعرك نحو ابنك لا تختلف في حقيقتها عن مشاعرك نحو ابنتك قد تكون أعلى درجة أو أكثر وضوحا ولكنها من نفس الصنف, فلا تركزي عليها أكثر مما ينبغي, هي مشاعر القلق من حمل المسئولية وأداء الأمانة لمن كلفك بها بالقيام بها على أحسن وجه تستطيعينه ولاحظي قولي عن الاستطاعة فمن كرم الله أنه يحاسبنا على قدر ما أعطانا من استطاعة ولن يحاسبنا على ما ليس في قدرتنا, وهذا ينقلني للحديث معك عن النقطة الثانية من رسالتك.
تقولين أنه ابتلاء صعب وسبحانه وتعالى قد سبق تفكيرنا فقال عز من قائل " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" لن يكلفك أبدا فوق طاقتك فهو الرحمن والرحيم ولكنا فقط نتعب من أحمالنا ونحتاج لأن نضعها وتأخذنا الأفكار والرغبة في التخلص منها, كانت والدتي -رحمة الله عليها- تكرر " دهر بلا عثرات ما ببصير" في مواجهة كل مشكلة, تسليم بسيط بابتلاء رب العالمين للعباد, وتربينا على قصة تقول بأن الناس ضجوا في يوم من همومهم فقرروا الذهاب بها إلى السوق كي يأخذ كل منهم إليهم الذي يرى أنه يستطيع تحمله ولكن في نهاية اليوم انفض السوق بشكل غريب حيث حمل كل بائع همه الذي جاء به بعدما قرر بعد التقليب في بضاعة الهموم أن ما لديه أفضل وأخف مما لدى غيره, استخدمي الحكمة من هذه القصة في تلك اللحظات المعتمة التي تنخفض فيها قدرتك على التحمل وفكري في ابتلاءات الناس من حولك في أولادهم أيها تختارين؟!
تذكري دائما بأننا عبيد لرب كريم رحيم أحسنت باللجوء إليه, ولعل دون ما تعانينه من كبد في تربية ابنك لكنت والعياذ بالله من الغافلين, فالحمد لله على كل حال.
أشكرك على متابعتك لأبنك في مدرسته وفي كل جديد مما يساعده على تخطي مشكلته ولكني أحب أن أذكرك مرة أخرى عزيزتي أرجو ألا تنسي نصيب أبنتك الأولى من وقتك واهتمامك واحذري أن تثقلي عليها بهمومك أو مسئوليات أخيها فهي الأخرى صغيرة وتحتاج اهتمامك, وكثيرا ما نرى أن الطفل المضطرب يكبر ليكون أكثر سواء من أخوته بسبب ما لحقهم من قصور انتباه الوالدين أثناء انشغالهم بالشقيق المختلف.
نسبة انتشار هذا المرض مرتفعة وكلامك صحيح من أنه يتم إهماله على اعتباره شقاوة أطفال وعندما تضطرب الدراسة نلوم طوب الأرض إلا أنفسنا, ولن ندخل فيما تحتاجه التربية والتعليم في منطقتنا فهي هموم أختار تجنبها كوسيلة للتخلص من بعض الضغوط الزائدة.
هل لي أن أقترح عليك بما لمسته لديك من نضج ووعي ورغبة في التغيير بأن توافينا بيوميات والدة طفل ذا حاجة خاصة, تناولي المشكلة ومشاعرك نحوها وكيف تعاملت معها, حاولي وأعتقد أن كتابتك لما تمرين به وما قد يصلك من تواصل مع ما تكتبين سيكون له ان شاء أثر طيب في زيادة ما نعرف عن المعاناة اليومية لأم مثلك, ودور أن شاء الله في التخفيف من حزنك وقلقك فهو يشبه ما قد تحصلين عليه من خلال مجموعات الدعم والمساندة للآباء الذين يعانون مثل مشكلتك ويمكنك بالمناسبة الطلب من الطبيب المتابع لابنك أن يدلك عليها, وأهلا وسهلا بك معنا دائما.