الخوف من الدم والجراثيم
تحية طيبة وبعد، ما أصعب أن يكتب الإنسان عن نفسه وآلامه ولكن عندما يصل الأمر إلى حد أن تتوقف الحياة عند نقطة معينة ولا يستطيع أن يتقدم أكثر من ذلك تنبع الرغبة في طلب المساعدة رغم كوني أعلم أن ما سأقوله هو سخيف في عالمنا هذا ولكن عزائي بأن الذنب باعتقادي ليس ذنبي.
أعاني من الوسواس القهري والذي بدأت أعراضه قبل 12 عاما، وزادت مع الأيام ورغم ترددي في الذهاب للعيادة النفسية في بداية الأمر إلا أنني ذهبت بعد سنة من معاناتي وانعزالي عن العالم، وتناولت بعض الأدوية التي ساعدتني إلى حد كبير ولكنها لم تعدني كما كنت بل أنها ساعدتني علي الاستمرار في الحياة دون الاستمتاع بها، فحياتي باتت روتينية من المنزل للعمل ومن ثم العودة للمنزل ودعني أسرد لك ملخص عن حياتي اليومية ومخاوفي الحقيرة علك تساعدني في تجاوز ما أنا فيه.
لكي أكون صريحا معك دعني اروي لك أول حادثة سببت لي الوسواس والتي لم أروها لطبيبي المعالج لخجلي منه كوني أتحدث إليه وجها لوجه، وعندما أذهب للعيادة للمراجعة أشعر بالخجل الشديد لما آلت إليه حالتي من خوف لا أستطيع التحكم فيه:
كان ذلك قبل 12 عاما، كنت أقوم بسحب النقود من الصراف الآلي وتصادف أن كان بجانبي شخص يقوم بالسحب أيضا وأثناء ذلك وبينما أنا في انتظار استلام النقد ونظرت للواقف بجانبي فإذا به أصلع بدون حواجب ولا شوارب أي أنه فاقدا للشعر عن جسده ولا أدري لماذا تهيأ لي بأنه قد يكون مريضا بمرض معدي وسارعت للبيت وأنا في حالة خوف هستيري وقمت بغسل كل ما في جيوبي ورميت بملابسي في الغسيل وقمت بالاستحمام وظني بأن كل شيء قد انتهي ويا ويلتي فقد كانت البداية لعذابي، كنت في ذلك الوقت أعمل بمهنة أمين صندوق في أحد البنوك فبت أكره ملامسة النقود وأشعر بأنها قد تكون ملوثة وما إلى ذلك من أفكار مجنونة، ويوم بعد يوم اختلقت الأعذار لأستقيل من عملي وكان دافعي الخوف على حياتي ولكن العكس ما حصل فقد دمرت حياتي.
كنت معتادا على السهر خارج المنزل ليلا وممارسة الجنس ولكني منذ 12 عاما لم أعاشر أي فتاة، ويحدث أحيانا أن يتاح لي ذلك ولكن خوفي من انتقال الأمراض يمنعني عن ذلك، ولكنه في ذات الوقت يشعرني بالتعاسة فكاذب من يقول أنه لا يشتاق للنساء ومعاشرتهم.
حاولت التفكير في الزواج وخطبت فتاة بعد فترة معرفة عن طريق الأهل، ولكن الوسواس وخوفي من أن يدمر حياتي الزوجية ويسبب لي الحرج أمام من ستكون زوجتي وبالتالي ينقص من رجولتي بسبب ضعفي أمام توافه الأشياء وما قد يسببه من إحاطة أبنائي في المستقبل بجو من الوسواس المدمر جعلني أعدل عن فكرة الزواج وأفسخ خطبتي متذرعا بأسباب واهية أبعد ما تكون عن الحقيقة التي لا يعرفها سواي، ولكني حاجتي للأنثى في حياتي يسبب لي الكثير من الألم النفسي فأنا أشعر أني أحيا بدون أي هدف في حياتي.
من عاداتي المدمرة لحياتي :
1- أنا أغسل يدي كثيرا، وزملائي في العمل يلاحظون ذلك مما يسبب لي الحرج أحيانا. وعند عودتي من العمل لابد من الاستحمام قبل كل شيء، ولي ركن في المنزل لأضع فيه متعلقاتي الشخصية لدرجة أشعر معها وكأني أحمل جراثيم الدنيا على كاهلي وكم يعذبني هذا الشعور اللعين .
2- أنا أخاف من الدم، وبالأحرى يخيل إلي بأن الدم قد يكون ملوثا ويسبب لي العدوى، وأخاف من أن يلمسني شخص مجروح إذا كان غريبا عني وتراني أغسل يدي إذا لمس أحدهم ورقة أو قلم على مكتبي علي سبيل المثال وكان مجروحا واضطررت لاستعمالها، مع أنني في كثير من الأحيان أتمالك نفسي أواصل عملي ولكني أفشل في مرات أخرى، ولهذا تراني أغير ملابس كل يوم وأشعر بأنها قد تلوثت ولابد أن تذهب ملابسي للغسيل كل يوم أو يومين،.
3- الشعور عندي بأنه إذا قام أحدهم بلمس ملابسي وكانت يده مجروحة فإن الدم سيلوث ملابسي وبالتالي فإن التلوث سوف ينتقل لي وبالتالي سينتقل لأسرتي وأكون أنا من سبب الأذى لهم.
4- عند رؤيتي لبقعة حمراء أول ما يتبادر لذهني أنه دم، ودم يعني تلوث، يعني أمراض، وهكذا يسير شريط الاحتمالات في ذهني.
5- عند ذهابي للسوق تراني أتفحص من حولي وعند الشراء تراني أنظر ليدي البائع وعيونه وملابسه فإذا كان مجروحا أو هيأ لي بأنه كذلك امتنعت عن الشراء وغادرت المحل على الفور وكثيرا ما يتولى أهلي أمور الشراء والتبضع للمنزل تجنبا للمشاكل التي قد تحدث بسببي.
6- دخول الحمام للتبرز لابد أن يتبعه استحمام كامل.
7- الخوف من لمس يد باب الحمام خارج المنزل والإمساك بمنديل لفتح الباب.
8- عادة غسل صنبور المياه عند غسيل اليدين.
9- استعمال السائل المعقم الذي لا يفارق جيبي.
10- الابتعاد عن العلاقات الاجتماعية، والانعزال في المنزل. أشعر بأني أصغر من حشرة وأنا أقرأ ما كتبت ولكني محتاج للمساعدة وأرجو أن أجد لديكم المساعدة، علما بأني أتناول دواء Salipax حبة يوميا وكنت قبل ذلك أتناول حبتين Cipram. أرجو المساعدة .
مع جزيل الشكر
30/09/2005
رد المستشار
أخي الحبيب / "مجدي"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
- إن لم يكن هناك أي فائدة من هذا البلاء الذي وقع بك منذ 12 سنة إلا الرجوع إلى الله ... فنحمد الله على ذلك، وعليك بقول النبي _ صلى الله عليه وسلم _ "اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن"
- أنت شخصية تسمى الشخصية الكمالية تهتم بالتدقيق والتفحص والتعديل، ربما يظن بعض الناس أن الدقة الفائقة والنظافة الشديدة والنظام الصارم من الأشياء الجميلة ولكن إذا تحكمت الدقة والنظافة والنظام في كل حركة من حركات الإنسان أصبحت مرضاً وعصاباً وغماً اسمه الوسواس وهذا الوسواس يفسد كل شيء في حياة الإنسان ويتحكم فيه منذ الصباح حتى المساء.
- هل تريد أن تستمر في هذا الحال وهذا السلوك وهذا الشعور بأن لا شيء يثير الاهتمام ... لا يهم المظهر لا يهم الأكل أو الشرب ... فقط الحزن ... وذهبت السعادة.
.......الحل......الخطة العلاجية:
وتشمل.... التعرض التخيلي .
.... التعرض الحقيقي.
أولاً: التعرض التخيلي...
- إن هدف التعرض التخيلي هو تحريرك من الخوف من أخطار مستقبلية محتملة مثل:
التلوث من الدم أو انتقال عدوى من ملامسة شخص مجروح.. أو إصابتك بمرض خطير .. ونقل هذا المرض لأهلك وأحبابك وندمك على ذلك.... - ويتضمن مواجهة هذه المواقف المخيفة والمزعجة مما يجعلك تتأكد أن ما تتوقع حدوثه لن يحدث فعليك الاحتفاظ بهذه الأفكار المثيرة لمخاوفك في عقلك لفترة من الزمن فتتعود عليها ويبدأ القلق في التناقص فتتعلم قبول هذه الأفكار كما هي...
مجرد أفكار... وبمرور الوقت تقل حدة القلق شيئاً فشيئاً ثم تبدأ بعد ذلك في التعرض الحقيقي ومنع الطقوس.
تحديداً : عليك كتابة أفكارك فكرة فكرة قي شكل قصة قصيرة خلال 5 دقائق و تتخيل فيها نفسك أنك بإهمالك ولمسك للدم أو الناس المجروحين كيف أصابك المرض الشديد _ كيف أنك لم تقم بتغيير ملابسك وعدم استحمامك وغسيل يدك المتكرر _ كيف نقلت المرض لأهلك وأحبابك _ وكيف أنت نادم _ وكيف تسبب عدم غسيلك لصنبور الماء ولمسك لمقبض باب الحمام بدون منديل في كوارث صحية وأنك وحدك مَنْ سيتحمل هذه المسئولية، ثم عليك تسجيل هذه القصة الدامية على جهاز تسجيل ثم تسمعها لمدة ساعة يومياً في الأسبوع الأول والثاني.... سوف تلاحظ أن القلق سوف يتصاعد تدريجياً كلما كتبت أو تخيلت أو سمعت القصة.
بعد ذلك سوف تلاحظ في الأسبوع الثالث والرابع على الأكثر إن شاء الله أن درجات القلق ستبدأ في التناقص وسوف يصبح عقلك أقل تصديقاً أن هذه الأحداث من الممكن أن تحدث... وبتكرار كتابة وسماع وتخيل القصة سوف يرجع إليك تفكيرك المنطقي وسوف تتأكد أنه من المستحيل أن تحدث هذه الكوارث حتى وإن خطرت ببالك تلك الأفكار.
ثانيا:التعرض الحقيقي:
الخطة العلاجية...
1- الخوف من الدم:
لابد من التعود على التلوث (بالتعرض المتدرج) بأن تقوم بتلويث اليد والأدوات وما حولنا ثم تقوم بتقليل طقوس النظافة وتحمل القلق الناتج من هذا التعرض المستمر والذي سوف يتزايد تدريجياً وعند نقطة ما سوف يبدأ في التناقص تدريجياً.
الأسبوع الأول:
الذهاب لأحد مراكز التبرع بالدم أو أحد المختبرات الطبية والنظر لعملية حقن سن الإبرة وعملية نزول الدم وجريانه 5 دقائق في اليوم الأول.
. 15 دقيقة في اليوم الثاني
. 25 دقيقة في اليوم الثالث
. 30 دقيقة في اليوم الرابع
. 35 ................
. 40 .................. وهكذا
الأسبوع الثاني :
وخذ اليد بإبرة نظيفة مثل التي تستعمل في عمل تحاليل نسبة السكر في الدم ويمكن الحصول عليها من الصيدلية وترك الدم يسيل على الإصبع وعلى اليد ثم القيام بعملك المعتاد مع وجود الدم وتكرار ذلك يوميا.
الأسبوع الثالث :
طلب كمية صغيرة من الدم من أحد المختبرات ووضع هذا الدم على اليد .. مدة ..
دقيقة ............... اليوم الأول
3 دقائق ............... اليوم الثاني
7 دقائق .............. اليوم الثالث
10 دقائق .............. اليوم الرابع
20 ..................
25 ..................
30 ..................... وهكذا
الأسبوع الرابع :
- زيارة مركز الطوارئ والاستقبال في المستشفى العام ومساعدة المرضى المجروحين ولمس الدماء على الأربطة الطبية وكما سبق (5 دقائق _ 10 _ 15 _ .. و هكذا)
- سوف تلاحظ عند تعرضك لمنظر الدم أو لمسه قلق شديد في البداية وسيظل هذا القلق يتصاعد وعند نقطة معينة سيحدث التعود ويقل القلق.
- داوم على التعليمات السابقة باستمرار.
- لا مانع من تسجيل اسمك في برنامج للإسعافات الأولية في أي مركز صحي .
- حاول الحصول على أفلام إسعافات أولية وطوارئ وحوادث للتأقلم على منظر الدم.
- تولى بنفسك إسعاف أي صديق أو قريب بمسح الدم وتطهير الجرح وعمل رباط يومي.
2- غسيل اليد المتكرر :
- وتشمل الخطة لمس المرضى المجروحين أو لمس الدم أو لمس ملابسهم أو كتبهم أو أقلامهم أو لمس أشياء تظن أنها ملوثة بالجراثيم وعدم غسيل اليد فترات تتزايد تدريجيا.
- لمس هذه الأشياء وتأجيل غسيل اليد 5 دقائق مثلاً في اليوم الأول.
لمس هذه الأشياء وتأجيل غسيل اليد 15 دقيقة في اليوم الثاني.
لمس هذه الأشياء وتأجيل غسيل اليد 25 دقيقة في اليوم الثالث.
30 ...................
40 ...................
50 ................... و هكذا
- حتى ينطفئ القلق الحادث من لمس هذه الأشياء ويصبح غسيل اليد في الحدود الطبيعية.
- شجع نفسك على لمس أشياء كثيرة تظن أنها ملوثة بالميكروبات _ امتنع عن غسيل يديك لفترات تتزايد تدريجياً يوم بعد يوم.
- تجنب الهروب من التعرض... تشجع على مواجهة الخوف... واجعل التعرض من عدة دقائق لعدة ساعات.
3- تفحص الناس عند الشراء وتجنب لمسهم:
- عليك النزول للأسواق والبحث عن أكثر البائعين إثارةً للقلق لديك بأن يكون مجروحاً أو يظهر على ملابسه أو يده نقط من الدم أو اللون الأحمر _ من الممكن الذهاب يومياً إلى الجزارين وبائعي اللحوم والسلام عليهم بيديك وشراء كميات قليلة جداً من اللحم أو الكبد أو..... وذلك حتى يمكنك زيارتهم دائماً.
- عليك زيادة فترات المكث عندهم للنظر للدم ولمس الملابس والأيدي الملوثة بالدم تدريجياً........ اليوم الأول 5 دقائق
اليوم الثاني 10 دقائق
15 .....
25 ..... وهكذا
مع مقاومة الرغبة المستمرة في تفحصهم أو غسيل اليد بعد التعامل معهم.
4- بالنسبة لمشكلة الاستحمام المتكرر بعد الخروج من الحمام أو لأي سبب آخر:
- هنا عليك تأجيل عملية الاستحمام في اليوم الأول نصف ساعة
اليوم الثاني ساعة كاملة
اليوم الثالث ساعتين
اليوم الرابع 4 ساعات........ وهكذا
وتطيل فترة التعرض بدون فعل الطقوس حتى تصل إلى يوم لابد فيه من تأجيل الاستحمام إلى اليوم الثاني ثم الثالث ثم الرابع.......... وهكذا
5- أظن الآن أنك قد فهمت معنى التعرض ومنع الطقوس بصورة عملية.. طبق ما قلنا سابقا ً على كل مشاكل الوسواس القهري التي تعاني منها إلى أن تتحرر منها جميعاً إن شاء الله.
6- إياك أن تظن أن التفاصيل التي كتبناها لك هي مملة وسخيفة وغير ذات فائدة بالعكس بالاستمرار عليها واتباع التعليمات بدقة سوف يَمُن الله عليك بالشفاء العاجل.
7- تابع مع طبيبك العلاج الدوائي ونفذ التعليمات السلوكية السابقة تحت إشرافه.
وتقبل تحياتي وسلامي وتمنياتي بالشفاء والنجاح والتوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته....