أتعذب وأموت كل يوم..!؟
السلام عليكم أبعث إليك رسالتي الثانية ولكنها تختلف تماما عن الأولي إنني الآن أمر بأزمة نفسية هائلة لقد قرر أبي الزواج مرة أخرى وهذا لأنه رجل شرقي لا يرضي أبدا بالابنة الوحيدة يهاب على ثروته التي أتمنى من الله أن يزيلها لنتخلص من عبئها أن يأخذها أبناء أعمامي أو من يتزوجني في المستقبل الذي أصبحت أتمنى ألا يأتي.
بدأ بمعاملتي كنقطة ضعف في ملف حياته والآن يعاملني كحشرة لا يوجد فائدة من وجودها لم أستطع أن أمنع نفسي من أن أكرهه وتلك الحقيرة التي سمحت لنفسها أن تتزوج رجل متزوج وعنده أبناء حتى ولو كانت ابنة واحدة بل ويكبرها بعشرين عاما.
صدقني إنني أتعذب أموت كل يوم عندما أراه أتمنى له ولها الموت كل ثانية لا أعلم ماذا أفعل؟
أرجوك إن كل ما أحتاجه الآن هو رد ينسيني همي ولو لساعة واحدة أشكرك.
15/9/2005
رد المستشار
حبيبتي الصغيرة..
نخطئ عندما نخلط بين دائرتين متميزتين كل التميز دائرة "ما منه بد" ودائرة "ما ليس منه بد" فالمساواة بينهما خطأ كبير فالإنسان إذا وقع عليه أمر يكرهه ويملك أن يرده وله من القوة والقدرة على إيقافه فإن صبره عليه جريمة ورضاه به جبن ومذلة.
أما إذا وقع عليه أمر يكرهه ويعجز عن دفعه، والتخلص منه فوق قوته فعليه أن يتحمل وأن يتصبر.
لذا يظل مقعدنا في الحياة متناوبا بين القوة والضعف بين الحرية والتقييد بين الرضا والرفض فيكون أفضل أوقات حياتنا عندما نستخدم كل مقعد في وقته المناسب!!
فأنت الآن في الخامسة عشر من عمرك فأي قوة يا ابنتي وأي حرية وأي رفض تريدين لتغيري مسار الحياة لك بل ولغيرك؟
فالقوة تحتاج إلى تسلح بأسلحة الحكمة والنضوج والاعتماد على النفس. والعلم فما زلت تبنين فيهم يا ابنتي.
واعذريني فيما سأقول: فما يجدي الفأر أن يقف أمام الأسد ليدعو عليه ويتمنى له من كل قلبه أن يموت!!
فالآن ليس وقت قوتك
وكذلك أحجامنا في الحياة مختلفة ومقابل تلك الأحجام تكون المسئوليات وتحمل تبعات اختياراتنا فأنت الآن فرد في أسرة –صغيرة أو كبيرة- فمسئوليتك قدر حجمك فيها فأنت لست الأب ولست الأم لتكون مسئوليتك إصلاح الأسرة ومتابعة جميع تصرفاتها وبالتالي اتخاذ القرارات خاصة المصيرية منها
ولا تتصوري أنني أقسو عليك أو أطلب منك أن تكوني سلبية ولكن بعض الهدنة يا صغيرتي-مع ملحوظة أنك لم تذكري لي شيئا عن والدتك أو أقربائك-
وإليك أهدي هذه النقاط وهذه الأبيات الشعرية:
* قد لا أستطيع أن أدافع عن تصرفات والدك ولكنني بالتأكيد أستطيع أن أدافع عن حبه لك.
* قد لا تقدرين مدى احتياج والدك للزواج ولا أعني بذلك الاحتياج الجسدي ولكن هناك الاحتياج العاطفي والنفسي فالوحدة وعدم وجود من تتحدثين إليه أمر قاتل ولعل له أسبابه التي لا تعرفينها.
*أحيانا حب الأب لأبنائه يكون كالكنز المدفون فهو موجود ولكن يحتاج منك إلى الحفر ويساعدك في الوصول إليه تصرفاتك وتقديم المزيد من التعاون والود .
* لا تبدئي تلك الزيجة بمبارزة قد تندمين عليها بعد ذلك فلعل ما تكرهينه يكون فيه من الخير الكثير وأنت ذكية كما تبدين لي من رسالتك فلن يصعب عليك أن تكسبيها.
* تكون الثروة حقا نقمة نتمنى زوالها عندما توضع في موضع سوء أما غير ذلك ..فتلك الثروة تطعمك وتعلمك وتكسوك وتجعلك تتخطين تحديات كثيرة في الحياة.
*تتحدانا الحياة كل يوم بتحد جديد قد يأخذ شكل القهر أو شكل الصبر أو أي شكل آخر ولكن النبيه العاقل هو من يستفيد منها وبدلا من أن يراها جبلا جاثما على صدره يراها فرصة لوصوله للعلا.
*قلتها كثيرا ولن أملها لكي يستحق الإنسان إنسانيته حتى لا يكون شيئا آخر عليه أن يقاوم ما يحب ويتحمل ما يكره فبذلك يفوز بإرادته حتى لا تحوله الحياة إلى صفر ليس له قيمة.
*الإنسان يتعلم ويخط بيديه سطور تجاربه في الحياة إما بفهمه لما يشاهده من تجارب آخرين أو من الاستشارة المباشرة من مجربين ولكن تبقى أغلى سطور وأعمقها في نفسه هي السطور التي يخطها بخوضه هو شخصيا .
وهذه أبياتٌ من الشعر لشاعر مصري معاصر، هو الشاعر محمد مصطفى حمَام:
*علمتني الحياة أن أتلقى كل ألوانها رضا وقبولا
ورأيت الرضا يخفف أثقالي ويلقي على المآسي سدولا
والذي أُلْهِمَ الرضا لا تراه أبد الدهر حاسدا أو غدولا
أنا راضٍ بكل ما كتب الله ومُزْجٍ إليه حمدا جزيلا
أنا راضٍ بكل صنف من الناس لئيمًا ألْـفَيْـتُهُ أو نبيلا
لست أخشى من اللئيم أذاه لا ولن أسأل النبل فتيلا
فسح الله في فؤادي فلا أرضى من الحب والود بديلا
في فؤادي لكل ضيف مكان فكن الضيف مؤنسا أو ثقيلا
يبقي أن أعتذر لك من كل قلبي على تأخيري في الرد عليك وأرجو أن تهضمي ما سطرته لك وتابعيني بأخبارك .