ابنتي والهاجس
السلام عليكم ورحمة الله..
لكم مني كل الشكر والتقدير والعرفان على أوقاتكم الثمينة التي تهدونها للتائهين في غربة الحياة أمثالنا وجعل الله سبحانه كل ما تقدموه لوجه تعالى في ميزان حسناتكم إن شاء الله، ابدأ مشكلتي بشكل عام أصف حال أسرتي أنا وزوجي مقيمين في بلد عربي منذ اثني عشر عاما وننزل بلدنا في الأجازات، ابنتي الكبرى عشر سنوات والثاني ثمان سنوات والابنة الثالثة ست سنوات، سعداء والحمد لله بشكل عام أيضا ولكن منغصات السعادة العادية تصيبنا من أن لآخر، والحمد لله، نأتي إلى ابنتي الكبرى التي منذ ثلاث أشهر وفي نفس شهر إتمامها العشر سنوات بلغت بلوغ الفتيات والحمد لله على كل شيء.
كنت أحب أن تكبر قليلا قبل ذلك ولكنها مثلي للأسف كبر جسدها الجميل سريعا..بداية شعوري بمشكلتها كان في مصر بعد ولادتي لابني الثاني كانت مع أخي وأمي دائما المقيمين معي ولكن أقصد تولوا أمورها والاهتمام بها وكانت تبكى وتريد أن تكون معي أحملها وأقبلها ثم أعطيها لهم وهي تبكي لأني كنت أتألم ولا أستطيع العناية بها، وبعد السبوع بدأت أهتم بها وأحملها وأطعمها وفوجئت أنا أصبح لديها عادة قضم الأظافر حزنت ولمت نفسي، أنا لم أهمل شئونها كنت أتابعها ولا أتركها مع أحد غريب أبدا وأسأل أمي وأخي عنها بس الزوار والقلق وهى غير معتادة على ذلك..المهم دي أول حاجة ألاحظها عليها، وظلت معاها هذه العادة حتى الآن وأخواتها بعد كده للأسف قلدوها.
وهناك حقيقة أخرى مهمة وهي أن هناك تاريخ مرض نفسي في عائلة أمي وأعتقد أنه اكتئاب أصب جدتي أم أمي وكان لديها ثلاث صبيان وأمي مرض منهم خالي الأوسط والباقين ممتازين ولكن خالي الأكبر لديه ثلاث بنات وولد مرض منهم بنتان الآن هم فتاتان في سن الزهور واحدة منهم حاولي الانتحار أكثر من مرة وهي تضحك وتتكلم كتير وعاوزة تحب وتتجوز وساعات تصمت أما الأخرى في دائما صامته مكتئبة..شفاهم الله، أقول لك فكرة عنهم حتى تستشف مرضهم.أقول لأمي تحاول إبعادي عن التفكير حتى لا أتأثر لكنى أخاف على أولادي من ذلك جدا، وساعات أخاف على نفسي أيضا.
المهم خلينا في بنتي..لم يظهر عليها شيء والحمد لله طول فترة نموها سوى من حوالي سنتين، بدأت تخبرني أنها تحلم أحلام مفزعة بشكل دوري يعنى يا إما تشوف كابوس أو لا تحلم أبدا لدرجة أنه من عدة أشهر كان تبكى وتقول لا أريد النوم حتى لا أحلم ..قلنا يمكن من أفلام الأكشن والرعب منعتها عنهم ولو أنهم كانوا بيستمتعوا بها جدا، وهناك أيضا شكوى أخرى منذ عدة أشهر أيضا كان تبكي وأنا أحاول معرفة ما بها وسبب خوفها عند النوم الحقيقة ساعات تخاف وساعات تكون سعيدة بعد فسحة أو وإحنا في مصر في الأجازة وتنام بدون وجودي، كانت تقول لي، سرى بيقول لي أوعي تنامي أحسن حا ييجي لك حد وحش يموتك أو، أي حاجة تخوف، أقلقني كلمة، سري بيقول لي.يعنى حاجة جواها بتكلمها ولا هي بتكلم نفسها مش عارفة.
وأيضا كانت تقول * سري بيقول لي إن ربنا وحش وبيشتم ربنا *وتبكي من كتر التأثر لأنها ترانا نقوم بالعبادات ونقدس الله.وأقول لها حرام قاومي ده لازم تحبي ربنا تقول بحب ربنا لكن غصب عني..وكانت تقول لي وديني لدكتور مخ يشوف إيه اللي في مخي ده وتاعبني، تعبت كتير وأقول لأمي كده تقولي بنتك محتاجة حب وهدوء وطبطبة وهي ها تبقي كويسة اهتمي بها..وأهتم بها وهي شخصية قوية عنيدة ومتفوقة في مدرستها الدولية الراقية وهادئة في صفها وخجولة..تعانى أيضا من التبول اللاإرادي من صغرها ولا أخفى عليكم أنا كنت أعانى من ذلك حتى يوم زفافي وشفيت من الله ولذلك أشعر أنها ورثت مني سلبيات سيئة.
المهم أخيرا من عدة أيام وأنا أتناقش معها في الصلاة وطبعا أسجل لهم حلقات على خطى الحبيب للأستاذ عمرو خالد وأتكلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فوجئت بها تقول لي *مين عرفنا أنه رسول يمكن ساحر، صدمت ورديت ده الوحي نزل له عن طريق سيدنا جبريل قالت يمكن كلهم عصابة، يعني أشرار.. صدمت مرة أخرى وشعرت أن الوضع لا يمكن السكوت عنه، ولجأت إليكم وكان بريدكم مقفولا وحمدت الله الآن أرجوكم ردوا عليا واجعلوا من يرد يكون طبيب متخصص في الأمراض النفسية وليس المعالجة الاجتماعية فقط وكلكم بركة وكلكم فضل ونعمة .وأشكركم.أخبروني كيف أرد على كلامها وهل هي لديها اضطراب نفسي وهل تحتاج زيارة طبيب. دعواتي لكم بالتوفيق والله يجعل مساعدتكم لنا عاده وحسناتكم في زيادة آمين، والسلام عليكم ورحمة الله..
28/10/2005
رد المستشار
أهلاً وسهلاً بك على موقعنا، أعتذر مقدماً على التأخير في الرد، فيبدو أن هناك خطأ قد أخّر وصول رسالتك لي، من الواضح أن ابنتك لديها عدة مشكلات، هذه المشكلات إنما تعكس قدر من مشكلات خارجية أقصد خارجها، فقد تكون مشكلات داخل الأسرة وربما يكون هناك مشكلات أخرى في المدرسة أو غيرها... والواقع أن الدراسات العلمية قد أوضحت أن مشكلات الأطفال ما هي إلا انعكاسات لمشكلات أسرية!! وأشارت أيضاً أن العلاج النفسي لا ينجح إذا وجه إلى الطفل فقط بل نحتاج إلى إدماج الأسرة –أو على الأقل الأم- في عملية العلاج!! هذا من جانب... ومن جانب آخر فإن هذه المشكلات قد تكون مرتبطة معاً ويكون علاج سببها (المتوقع أن يكون خارج ابنتك) مساعد في تحسن حالة ابنتك بقدر كبير.
الحقيقة أنك لم توضحي سوى بعض الظروف الأسرية والتي سأحاول أن أربط بينها وبين مشكلات ابنتك، إضافة إلى أنك لم تشيري إلى الأب من قريبة ولا من بعيد وكأن ليس له دور في محاولة حل مشكلات بنته!! لقد بدأت ابنتك الكبرى تعاني بعد أن أنجبت الطفل الثاني، وبعد أن بدأت تفقد الاهتمام الذي كانت معتادة عليه باعتبارها الطفلة الوحيدة لمدة عامين (أي منذ ولادتها وحتى إنجاب أخيها)، والواقع أن كثيرا منا لا يعد الطفل للأحداث المتوقعة كاستقبال مولود جديد أو البلوغ المبكر أو غيره، وكثير منا لم يتعلم ما هي البرامج التلفزيونية المناسبة لكل مرحلة عمرية، ولا أظن أن مشاهدة أفلام الرعب مناسبة لأي مرحلة!!
سيدتي هناك حاجة لدى الطفل إلى معرفة كيف سيكون حال الأم بعد ميلاد الطفل الجديد وما طرق التعامل مع المولود وكيف أن الأم ستطل تحب أبنائها رغم انشغالها بالمولود الجديد، وغير ذلك من الأمور، وبالتالي تكون استجابة الطفل-خاصة إن كان مبالغ فيها. من جانب آخر فقد عشتم لفترات طويلة خارج مصر وهذا يعني ضمناً أن ابنتك غير معتادة على جدتها أو أقاربها بالقدر الذي يمكن أن يعوضونها عن فقدانك أو انشغالك عنها!! ومن ناحية أخرى قد تكون ابنتك حساسة بعض الشيء لأنها في مرحلة المراهقة مع ملاحظة أن ابنتك قد بلغت مبكراً، وقد يكون هذا الأمر قد سبب لها بعض الإحراج في المدرسة فقد ظهرت عليها علامات الأنوثة قبل زميلاتها.
بالنسبة للأقارب الذين يعانون من أمراض أو مشكلات نفسية فأنا أظن أن المرض النفسي غير وراثي –وإن كان هناك الكثير من الأطباء النفسيين الذين يؤكدون عامل الوراثة- ولكن ما أراه هو قلقك أنت –كأم- من تأثير هذه الأمراض على أولادك فتقولين: "، أقول لأمي تحاول إبعادي عن التفكير حتى لا أتأثر لكني أخاف على أولادي من ذلك جدا..وساعات أخاف على نفسي أيضا.المهم خلينا في بنتي،" وعدم إكمالك الجملة يشير إلى كم القلق الكبير على نفسك ووجود مخاوف أخرى متعلقة بك لم تتحدثي عنها!! إضافة أنك تجدي صعوبة في إبعاد تلك الأفكار عن ذهنك وهذا كله يشير إلى ما تحدثت عنه من حيث أن قلق الأهل ينتقل إلى الأبناء وأن العلاج يتطلب إشراك الأهل مع الطفل في العلاج.
وإذا اقتربنا من ابنتك لنحدد مشكلاتها سنجدها تتلخص في: قضم الأظافر، والخوف من النوم، والأفكار التي تفكر فيه وتزعجها إضافة إلى التبول اللاإرادي. ولنتناول كيفية مساعدة ابنتك على التخلص من هذه المشكلات واضعة في اعتبارك سيدتي أن هذه مجرد حلول للأعراض الظاهرة وليس للب المشكلة!! وأن هذه الأعراض تعكس قدر من القلق أو الخوف!!
بالنسبة للأفكار التسلطية:
سأبدأ بها باعتبارها المشكلة التي تقلقك وتزعج ابنتك، لقد عرفت أن ابنتك بدأت تعاني منذ عام ونصف أو حوالي عامين، والحقيقة أن كثيرا من الأطفال يخفون أفكارهم التسلطية عن أهلهم ويظل الطفل في معاناته الدفينة كي يحتوي تلك الأفكار حتى يصعب عليه إخفاؤها فيخبر أهله بها، والأفكار التسلطية هي فكرة تسيطر على الإنسان ويعلم أنها خطأ ويحاول مقاومتها، ولكنه لا يستطيع ويصيبه ذلك بالتوتر، ومن غير المفيد أن تقولي لها لابد أن تقاومي فالمقاومة تكون بالهدوء والتفكير في أن الفكرة كما جاءت ستبتعد من تلقاء نفسها، وأن ابنتك مادامت مريضة فلا تحاسب على هذه الأفكار التي ليست بيدها، كما أن زيارة طبيب نفسي ستكون مفيدة إلى حد كبير، خاصة أن ابنتك نفسها تتألم من هذه الأفكار وتطلب العلاج... وستكون النتائج أفضل مع تطبيق ما ورد في الرد عليك هنا.
ويمكنك الإطلاع على الروابط التالية:
الوسواس القهري في الأطفال
معلومات عن الوسواس القهري في الأطفال
الوسواس القهري هل يحدث في الأطفال
علاج الوسواس القهري في الأطفال
بالنسبة لقضم الأظافر:
* الاحتفاظ بسجل: معظم الأطفال فوق سن الثامنة قادرون على ملاحظة وتسجيل المرات التي يقضمون بها أظافرهم، وبإمكانها وضع علامة على بطاقات ملحوظات في كل مرة تقضم أظافرها وبهذه الطريقة تتعلم كيف تقوم بحصر تلك المواقف التي تسبق القضم مباشرة، وهنا عليها أن تبذل جهداً في تجنب تلك الأحداث حتى تكتسب بعض القدرة على السيطرة على هذه العادة.
* المكافآت: بمجرد أن تقل عدد مرات قضم الأظافر أعطيها مكافأة على ذلك.
* التدريب على زيادة الوعي: في الغالب أن قضم ابنتك لأظافرها يحدث بشكل غير واع!! لذا يمكن أن تساعديها في أن تصبح أكثر وعياً به من خلال أن تطلبي منها أن تخصص خمس دقائق كل صباح ومساء لتجلس في مكان هادئ أمام المرآة ثم تقوم ببطء بتمثيل حركة قضم الأظافر وأثناء تمثيلها لهذا الدور تقول لنفسها بصوت عالي: "هذا لن أفعله اليوم".
واقرئي الروابط التالية:
قضم الأظافر عرض أم مرض؟
الخوف من النوم:
* كوني متفهمة: يبدو أن الخوف من النوم قد بدأ منذ الفترة التي كانت تشاهد فيها –هي وإخوتها- أفلام رعب، وهذا الخوف ليس خوف من النوم في حد ذاته ولكنه خوف من الكوابيس التي كانت تشاهدها بشكل دوري! ويبدو أنها تفكر الآن في أفكار مزعجة ولا تستطيع إبعادها عن ذهنها لذا اصبري عليها إن أظهرت بعض الخوف، وتعاملي معها في هذا الموقف باحترام وتعاطف، وشجعيها أن تتكلم معك عن مخاوفها وأنها مجرد أفكار ولن يحدث أي شيء عندما تنام، إضافة إلى أن تطمئنيها ولا تعاقبيها.
* أترك ضوء خافت في الممر واتركي باب الغرفة مفتوحاً.
* قصي عليها قصص تصف طفلة لطيفة كانت تأتيها أفكار تخيفها وكيف أنها تغلبت على مخاوفها.
* يمكن أن تعطيها لعبة (عروس كبيرة) لتنام معها أو ينام معها أحد أخوتها في نفس الغرفة وأن تقللي وقت وجودك بجانبها بالتدريج، وفي نفس الوقت يمكنك أن تقضي معها وقتاً إضافياً أثناء النهار وتشاركيها في أنشطة ممتعة خاصة أن أجازة نصف العام الدراسي قد اقتربت وسيكون هناك فرصة للاستفادة منها.
التبول اللاإرادي:
يمكنك إتباع الخطوات المذكورة في الرد على التبول اللا إرادي في الأطفال مشاركة مستشار، ومشكلة ابني يحتاج إلى ضبط الإخراج والمتعلقة فقط بجانب ضبط عملية التبول، ومع مراعاة أن ابنتك في حاجة إلى مزيد من الاهتمام والدعم والتفهم.
وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين، فتابعينا بأخبارك.
ويتبع........: أطفالنا هل يمكن أن يعانوا نفسياً؟ م