الزواج من مطلقة ومنهج للاختيار....
مشاركة
أخي الفاضل صاحب مشكلة (الزواج من مطلقه ومنهج للاختيار)، بعد أن تكرمت الدكتورة سحر طلعت بإجابتها الوافية والتي تحمل ما بين سطورها الكثير من المعاني الهامة والقيمة التي سوف تعينك علي حسن الاختيار إن شاء الله.
كل ما لدي هنا هي إضافة صغيرة ومن الممكن أن تعتبرها مجرد توضيحا للصورة أو الموقف الذي أنت بصدده، إن المجتمع الذي نعيش فيه ينظر إلي المرأة المطلقة على أنها مذنبة على الرغم من أنه في أغلب الأحيان –أو علي الأقل بنسبة كبيرة-تكون هي الضحية حالنا في ذلك حال كل المجتمعات الشرقية حيث أن الرجل الشرقي لا يرضى إلا بأدوار البطولات، كما ينظر إلى الشاب الأعزب الذي يقدم على الزواج من امرأة مطلقة أنه وقع فريسة لها وأنها هي التي سعت إليه وليس هو من سعى إليها، وأصدقك القول بأن المرأة المطلقة أو الأرملة ليست كالفتاة البكر في مشاعرها وأحاسيسها فهي كما يقولون امرأة مجربة، وفي أغلب الأحيان أنها تجربة سيئة بدليل أن نتيجتها باءت بالفشل، وقد خلف هذا الفشل العديد من الخبرات السيئة التي من المؤكد أن لها تأثيرا عليها.
وسوف تأتي اللحظة التي سوف تشعر فيها بأنك ظلمت نفسك بزواجك من امرأة مطلقة حيث أنه بعد ذهاب السكرة تأتي الفكرة كما يقولون، كما أن أفراد عائلتك لن يشجعوك على الاستمرار معها وأنك لست على استعداد لتحمل مسئولية مخاطرتك بالزواج من هذه السيدة كما جاء في إفادتك (وفي نفس الوقت أفكر في نفسي وفي كلام أخي صاحب التجربة، كما أني كثير التفكير في عائلتي التي لن توافق بالطبع علي تلك الزيجة وليست لدي قوى لمواجهة أفراد العائلة بتلك الزيجة، كما أني لست مستعداً لسماع السخرية أو الاستهزاء من جانب أفراد العائلة ونظراتهم لأنني حساس وهذا شيء قد يؤثر في كثيراً).
ففي هذه اللحظة سوف تضطرب أحوالك وتكثر المشكلات التي من الممكن أن تصل إلى الطلاق وفي هذه الحالة تكون هي المطلقة للمرة الثانية وهذا دليل إدانتها. و
تكون أنت من ظلمها بزواجك منها كما أنك ظلمت نفسك أيضا.
فكل ما أريده منك أن تنظر إلى المجتمع من حولك وإلى نظرتهم إلى هذه الزيجة وحينها فقط سوف ترى بأنها غير صالحة.
11/9/2005
المشاركة الثانية من "أنس"
الزواج من مطلقة، ومنهج للاختيار
بسم الله الرحمن الرحيم
نشكر الدكتورة سحر طلعت على ما تبذل من جهد في خدمة الحائرين، لكن لنا عليها وعلى الموقع بأسره، ملاحظة ضرورية، وهي أن الدكتورة وزملاءها لا يلتزمون الحياد في كثير من مشاكل المشاورة، بينما يظهرون أنفسهم، ويرغبون في أن يكونوا حياديين.
لا ينكر قارئ أن الدكتورة في ردها على الأخ المستشير ترجح كفة الرفض، أنا لو كنت مكانه لما ظل في قلبي ذرة اقتناع بالزواج منها، إن كنت أستشير فعلا، ولا أستطلع آراء.
كذلك فإن كثيرا من الإخوة الراغبين في تعدد الزوجات، ويتقدمون لمشاورة حضراتكم (والمستشار مؤتمن)، يجدكم جميعا، في ذكاء فريد، ترجحون كفة الاعتراض، يشكو أحدهم من برود زوجته الجليدي، ومحاولاته المريرة في إيجاد نوع متعة معها، ويعرض هو من جانبه فكرة التعدد، فتقدمون له الحلول المتعددة على شكل نقاط لا تذكرون من خلالها التعدد، والذي طرحه الرجل كحل يظنه يصلح، فتحكم حياديتكم بطرد هذا الحل طردا قاسيا. ثم تقولون في النهاية لك الخيار.
كمن يقول إذا أردت أن تذهب إلى جهنم فنحن لا نمنعك، ولكننا ننبهك لحرارتها الشديدة، وظلها اليحمومي، وماء الحميم الذي يقطع الأمعاء.. أنت حر في النهاية لكننا ننبه فقط.
لا يكن في صدوركم ضيق من لهجتي، فوالله ثم والله، إني لأحبكم فيه حبا أراه استعبد ماوس الكمبيوتر، يحج إلى صفحتكم كل حين، فرضا ونفلا.
والسلام عليكم.
10/9/2005
رد المستشار
صلتنا هذه المشاركات من أصدقاء موقعنا الأعزاء على مشكلة "الزواج من مطلقة ومنهج الاختيار" فبارك الله فيهما وأجزل لهما العطاء بكل حرف كتبوه وبكل لحظة أنفقوها في متابعة هذا الموقع، وأرجو منهما أن يغفرا لي تأخري في الرد.
ونأتي لمشاركة أختنا الحبيبة "دعاء" والتي تحاول فيها أن تضيف المزيد من التحليل والتوضيح لأخينا صاحب المشكلة الأساسية، ومشاركتها مطروحة للأخ صاحب المشكلة الأساسية ليستفيد مما جاء فيها، وإن كنت لا أوافقها تماما على أن الزواج من مطلقة يحمل بين طياته المشاكل....
فالمشكلة عموما ليست في الزواج من بكر أو من مطلقة ولكن المشكلة أو المعضلة تكمن في أن يتمتع طرفي العلاقة بالنضج الكافي الذي يسمح لهما بإدارة علاقة على أسس سليمة، والمشكلة في حالة أخونا السائل خاصة تكمن في غياب التكافؤ بين الطرفين بالإضافة لتزعزع ثقته في اختياره وعدم قدرته على مواجهة المجتمع بهذا الاختيار.
أما بالنسبة لمشاركة أخونا "أنس".... فالحقيقة تعجز الكلمات عن شكره .. لأنه بحق كان نموذجا لمن ينقدنا بمنتهى الرقي... وكلنا يحتاج أن يتعلم هذا الأسلوب الراقي في الحوار .. فجزاه الله خيرا على هذا الخلق القويم وأثابه خيرا عن كل من تعلم من أسلوبه الراقي.
وسوف أبدأ معك في مناقشة ردي على الأخ السائل صاحب المشكلة الرئيسية... وفي هذا الرد وبصراحة لا يمكنني أن أدعي الحياد..وذلك لأنني في النهاية بشر... اعتبرت نفسي في وضع الأم الحكيمة للأخ السائل..الأم التي لا تريد له أن يظلم نفسه ويظلم المرأة التي يريد أن يتزوج منها... ولم تكن المشكلة مطلقا في زواجه من مطلقة بأولاد..ولكن المشكلة في غياب التكافؤ بينهما وفي أنها طلقت بعد أن شعرت بحبه لها وقربه منها... وأنها أصبحت أكثر تساهلا في التعامل معه بعد الطلاق..مما يعني بالنسبة له هو أنها طلقت من أجله وهذا يحمل له مؤشرا خطيرا وهو أن هذه المرأة قد تركت زوجها لأجله (حتى ولو كان هذا غير صحيح على الإطلاق) ولكن بذرة الشك قد زرعت في صدره وهو مستسلم لها ولا يقاومها، وطبعا تجربة أخوه وكلماته كانت أحد معاول الهدم الأساسية التي دمرت قناعته بهذا الزواج، ولأنه غير مقتنع باختياره فهو غير مستعد لمواجهة العالم بهذا الاختيار ورفض الأهل سيزيد من هز قناعته باحتياره...
والخلاصة أن نص المشكلة وضح لنا أن أخونا السائل أميل لعدم إتمام الزيجة وهو يبحث عن مبررات لهذا الاختيار..فهل يمكن أن تتصور نجاح زيجة كهذه توافرت لها كل عوامل الفشل وأهمها على الإطلاق عدم تحمس الزوج لإتمامها؟ وهل كان المطلوب مني أن أدفعه للزواج منها مع ما يحمله هذا من ضرر لها وله؟!!! أم أن الأفضل لكل الأطراف أن يتركها لحالها ولعل الله يرزقها بمن يقتنع بها ويتمناها زوجة لنفسه ويرغب رغبة صادقة في أن يكون أبا لأبنائها لحرمانه من الإنجاب مثلا.
وهذا هو تعليقي على ما تفضلت به بخصوص مسألة الأخ صاحب المشكلة، أما بالنسبة للشق العام من تعليقك.. فهذه هي النقاط التي أعتبرها أساسيات أو محاور للنقاش:
• في البداية من المهم التأكيد على أن الحياد المطلق أمر غير وارد ببساطة لأننا بشر لنا قلوب وعقول.. نحب ونكره..ونخاف ونقلق ونتوتر..والحياد المطلق يعني أننا بدون لا طعم ولا لون ولا رائحة.. ولكننا نحاول أن ننحاز لصف المصلحة.. مصلحة من يسأل ومصلحة الأطراف المحيطة به وبمشكلته.
• وأننا عندما نناقش مسألة ما نناقشها انطلاقا من وعي بنفسية السائل ووعي بالمجتمع الذي نعيش فيه.
• ولا ينكر عاقل أنه رغم أن تعدد الزوجات أمر مشروع إلا أن إدارة الحياة في ظل التعدد تحتاج لحكمة من كل الأطراف (الزوج والزوجة الأولى والزوجة الثانية والأبناء)، وبالطبع أهم من يجب أن يتصف بالحكمة هو الزوج لأنه ربان السفينة الذي يحاول أن يبحر بها في بحر متلاطم الأمواج... بين الزوجة الأولى التي لا تريد أن تشعر أنها فقدت حظوتها عنده (وهذا في أحسن الأحوال..إن لم تطلب الطلاق أو تثير المشاكل تلو المشاكل لصرف زوجها عن زوجته الثانية..ومن المؤكد أن عذرها معها فالغيرة طبع في النساء وإلا لما غارت أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها)... وبين الزوجة الثانية التي تريد أن تشعر أن زوجها ملك لها، وبين يدي نص سأرد عليه فور الانتهاء من ردي عليك لزوجة ثانية علاقتها جيدة بالزوجة الأولى ولكنها تغار من انصراف زوجها عنه واهتمامه بشئون البيت الأول بمن فيه من أولاد...وبين الأبناء غير الناضجين الذين ينحازون لصف والدتهم وقد يؤلبوها على وضع قد تكون به راضية.
• والمشكلة أن الزوج الذي يعاني من أي مشكلة مع زوجته يتصور أن الزواج الثاني هو العصا السحرية أو مصباح علاء الدين الذي سيحل له كل مشكلاته..فهل من المفترض منا أن "نعوم على عومه" أم أن المستشار المؤتمن يجب عليه أن يبصر من يستشيرونه بعواقب كل اختيار؟!!!! وفي هذا الصدد أؤكد لك أن تركيزنا على السلبيات ومحاولة إبرازها لن يثني أحدا عن الإقدام على ما اختاره لنفسه لو كان بالفعل قد حسم اختياره وكل الأمر أنه سيقدم على هذا الاختيار وهو واع بآثاره ويقبل التحدي ومتأهب نفسيا لكل المشاكل التي يمكن أن تواجهه..وأذكر أنا أن كل من حولي حاول أن يثنيني عن دخول كلية الطب لصعوبتها وطول المشوار... ولكن هذه الضغوط لم تزيدني إلا إصرارا على اختياري وأكسبتني الصلابة التي تعينني على اجتياز أي مصاعب أثناء الطريق.
• كلنا يعلم أن الشرع أحكام وأوضاع... فتطبيق الأحكام في ظل أوضاع غير ملائمة قد يسبب كوارث مجتمعية... ومن المؤكد أن معظم مجتمعاتنا (رجالا ونساء) يغيب عنها ثقافة التعدد، فالإعلام ينفث فينا سمومه ليل نهار ضد فكرة التعدد وهو بهذا يغذي وحش الغيرة بداخل النساء..هذا الوحش الذي أصبح الآن ماردا عملاقا... حتى أن معظم التجمعات النسائية التي أحتك بها من الأهل والأصدقاء تعتبرني مجنونة أو على الأقل إنسانة غريبة لأنني لست ضد التعدد، وهذه هي ثقافة مجتمع النساء.
• أما الرجال فإن الغالبية العظمى منهم (إلا من رحم ربي) قد تصورت أن مسئولياتها عن الأسرة تقتصر على مسئولية الإنفاق المادي (إن قاموا بذلك الواجب أصلا).. فهم منفصلون عاطفيا ووجدانيا عن زوجاتهم وأولادهم وأعرف أسرا بها أطفال معاقة أو أطفال تعاني من مشاكل نفسية أو من انحرافات سلوكية والأب يضع يده في الماء البارد ويقول لزوجته تحركي أنت أن شئت فهم أولادك وهؤلاء يتصورون أن الزواج الثاني والثالث والرابع هو نزهة في بحور المتعة ولا يقدرون أنه يعني المزيد من المسؤوليات.... فهل نكون مخطئين إذا حاولنا تبصيرهم بعواقب هذا الاختيار؟!!!!! وهل نكون مخطئين إذا طالبنا ببذل الجهد في مجال دعم ونشر ثقافة تعدد الزوجات في مجتمعاتنا؟!!!
أخي الكريم: مرة أخرى أشكرك على أدبك الجم وأخلاقك العالية، وأدعو الله أن يرزقك صحبة سيد ولد آدم وصاحب الخلق القرآني صلى الله عليه وسلم في الجنان، وأتمنى أن يكون كلامي قد أزال بعض اللبس وتابعنا دوما بالمشاركات.