رسالة من تحت الماء..
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
في البداية أود أن أقدم لكم أسرة maganin.com خالص الشكر على هذه النافذة الرائعة التي فتحتموها لنا لطرح مشاكل طالما عانينا منها ولم نقدر على البوح بها إلا لكم أدعو الله أن يوفقكم في المساهمة في حل هذا الكم الهائل منها ثم أما بعد كنت في الصف (الثالث الإعدادي)عندما بدأت أعاني من مشاكلي التي أحسبها كحساسية في الصدر أو حتى مرض (الربو) إن جاز لي التشبيه قبل تلك السنة، كنت طفلا عاديا يعيش كما لو كان في الجنة. بين الأهل والأقارب، لكن، وما أقساها من كلمة، حيث أريد أن أكتب بعدها، كل ما يوصف ما أنا فيه، وأدعو الله أن يعينني على أن أساعدكم حتى تصلوا وأنا إلى نقطه النجاح في الحياة..بفضل نصائحكم البناءة.
في هذه السنة بالذات لاحظت بأنني أنسحب من حياتي تدريجيا، كما لو كنت وسط بحر يسحبني تياره من دون وعي مني حيث بدأت أبتعد عن أصدقائي بدون مبرر يذكر، كنت أتعامل معهم ببرود شديد وكأنهم ليسو أصدقائي الذين عشت معهم أحب لحظات في حياتي، وكنتيجة طبيعية بادلوني البرود والتجاهل، فوجت نفسي فجأة وحيدا في المدرسة بلا صديق أو رفيق.
كان هذا قبل أن يظهر في ملامح شخصيتي تغيرات (غريبة) وأعني حقا هذه الكلمة..لأنها سحبتني في طريق غريب وعالم جديد، هو عالمي الحالي الذي أشكو منه كان من هذه التغيرات الغريبة، هو شعوري ب(الغيرة) من أعز شخص في حياتي وهي أختي التي تكبرني بثلاث سنوات، لماذا؟؟
لا أعرف ولكني كنت أجد نفسي (غيران)منها، ربما لأنها أكثر مني نجاحا في دراستها أو مع أصدقائها الذين يحبونها وتحبهم،أو ربما لأنها أحب لوالدي مني كل هذا ليس بمشكلة ولكن(الغيرة) والسلبية لم تكن عمرها من صفاتي، ولكنه العجز هو الذي يحملني إلى ذلك، وأحمد الله أنها لم تترجم إلى أفعال سيئة، ولكن الشعور ذاته كان يقتلني ويزيد من كرهي لنفسي، لست أدري، ولكن ما أصابني في داخلي في ذات السنة أصابني في سماتي الخارجية أيضا، في الطريقة التي أمشي بها، التي كانت تجعل الناس يسخرون مني، في المدرسة، في الشارع وحتى في البيت، كل ذلك كان في كفه، وعدم مبالاتي المفاجئة بدراستي في كفة أخرى (ما الذي يحدث؟؟) إنه السؤال الذي طالما سألته دون رد منطقي يشفي غليلي، وكانت تلك السنة هي الأخيرة لنا خارج بلدنا مصر..التي كانت بدايتي فيها جيده نوعا، ومرت سنة فيها ولم أعاني من تلك المشاعر التي سبق وذكرتها ربما لأنني عقدت اتفاقا ضمنيا مع نفسي على فتح صفحة جديدة في مكان جديد كل شيء كان مثالي وجميل، كونت أصدقاء جدد ولكن الدراسة كانت أصعب نسبيا، كما هو معهود الفرق في الدراسة بين مصر وباقي الدول العربية الأخرى ومع ذلك قررت أن أحقق نفس النجاح المعهود عني.ومع نهاية (أولى ثانوي)، بدأت التفكير في الثانوية العامة..فشحذت كل همتي حتى أحقق بها نتيجة مشرفة بين أهلي وأصدقائي..فأخذت بالمذاكرة الجادة واندمجت فيها اندماج كبير وانزويت في حجرتي، وانحصر تعاملي مع الجميع إلا قليل..فتفكيري كان مقصورا على (المجموع الكبير)
لاعتقادي الخاطئ بأن ذلك سوف يقضي على ما أنا فيه نهائي، ومع ثورة التغيرات تلك عدلت من طريقه مشيتي فلم يعد أحد يسخر منها، ومع مرور الأيام وقرب الامتحانات وجدت تلك المشاعر تطل برأسها من جديد ولكن هذه المرة أكثر قسوة ومرارة، كانت التغيرات هذه المرة مختلفة، وجدت نفسي دون سابق إنذار (أتهته في الكلام) وأتمتم مما كان يصيبني بإحراج شديد خاصة عند الدخول في حوار مع أحدهم وأفقد فجأة الكلمات المعبرة، زاد ذلك من انطوائي على نفسي، ومع ذلك تناسيت ووجهت اهتمامي إلى الامتحانات التي لو حققت نتيجة جيده فيها بالطبع سوف يرفع ذلك من ثقتي في نفسي وانتهت الامتحانات ولم أحقق (المجموع) المرجو وربما كانت تلك (القشة التي قسمت ظهر البعير) ففي صيف ذات السنة انهرت انهيار تام قد يصل إلى الموت برغم الحياة فقد تبدلت تماما وفتحت الباب على مصراعيه لجميع أنواع التغير، فلا أصدقاء ولا أهل ولا أقارب وكأن عيوبي المدفونة في نفسي قد كسبت الحرب على ما أسميه (أنا)
المعذرة أيها الدكتور القارئ، ولكني أردت أن أضع بين يديك تاريخ مرضي مع ما أسموه الأطباء لي بعد ذلك(الاكتئاب) مستندين في ذلك إلى هذه الأعراض:
المزاج السيئ جدا طويل الأجل، الإحساس شبه الدائم بالعجز والكسل، والانطواء الخانق، وما قد يصاحب ذلك أحيانا بطول مدة النوم إلى(أكثر من 15 ساعة يوميا) وظهور بعض الألم كآلام (الصداع) أسفل الرقبة مع زيادة التوتر، وأحيانا التغير في رائحة الفم والإحساس بالمرارة في ( الريق)ولم تتغير شهيتي كثيرا
ونتيجة لذلك وصفت لي الأدوية الآتية:
dogmatil fort motival stablon (cipralex cipram)20mg seroxate lustral philozac
وكان آخرها prozac الذي تناولته لمدة تصل إلى أكثر من ثلاثة أشهر، وكان كل طبيب جديد يجري لهذه الأدوية بعض التباديل والتوافيق لتغير العلاج..
ومع ذلك لم أستطع الشعور بأي نوع من أنواع التحسن، يرضيني ويرضي رغباتي، ثم أجريت مع ذلك الجلسات الكهربائية التي وصلت إلى 4 جلسات، والتي بعدها شعرت بالتغير أكثر من التحسن، على حد تعبيري.(.مع ملاحظه أن عمي يتناول بعض من الأدوية السابقة لعلاج الصداع النصفي المزمن)
أما علاقتي بوالديّ فهي شبه مقطوعة فعندما يضيق صدري لا أجد من أبوح له بارتياح عما أعاني، فهما لم يستطيعا أن يفهماني، بالكاد يسألونني (مالك) وأحيانا أراهما يتجنبان الحوار معي أو يتناسونني أو ربما لأنني لم أبادر في الحوار، هما طيبان جدا ربما لدرجة سلبية فهما مثلي لا يستطيعان حل مشاكلي ربما ذلك ما جعلني أغير نظرتي المثالية لهما..
تعبت كثيرا من كثرة الشكوى..ولجأت إلى التناسي والرضا بالأمر الواقع، فتحجر قلبي، وقل إحساسي بما حولي ..ما جعلني أشعر بنظرات اللوم والاتهام بالسلبية ممن حولي، واتخذت من اللامبالاة رفيقا لي فيما اشكوا وكأنني أقول لنفسي كفى شكوى وتذمر، وماذا تفعل الشكوى فيما أصابك سوى المزيد من الأدوية والمصاريف دون جدوى، فقد أتعبت والداي بشكواي ليس ماديا أكثر منه نفسيا ومع تلك اللامبالاة أرى ألما يعتصر قلبي حينما أرى الشباب من حولي يلهو ويلعب و(يعيش سنه) ربما تلاحظون أنني حساس زيادة عن اللزوم فقد وصف أحد الأطباء النفسيين شخصيتي بأنها (زجاجية) وهو وصف دقيق في وضعي الحالي لا أعلم ولكني أحلم أحيانا بأن الأمور ستكون يوما على ما يرام وأنني سأشفى بإذن الله من هذا(الاكتئاب) أتمنى أن تقدموا لي الطريق الصحيح للعلاج..والعودة إلى نفسي وسأكون راضيا بأي وصف تصفوني به .
09/12/2005
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سأناقش مشكلتك بشكل عام ثم أقترح بعض الحلول المفيدة وما عليك إلا تنفيذها بإذن الله، لقد بدأت مشكلتك في الصف الثالث الإعدادي وأنت في غير بلدك، وأنا أتساءل هل بدأ المعاناة بمشكلات مراهقة على شكل انسحب وبعد عن الناس ثم تطورت الأعراض إلى ما وصلت إليه؟ فإن كانت الإجابة بنعم فهذا يشير إلى أن مشكلات المراهقة لا تزال تحتاج وتحتاج إلى أن يتفهما الوالدان ويساعدن أبنائهم على تجاوزها، وإن كانت الإجابة بلا فلا تزال الحاجة أشد في تحديد أفراد الأسرة للمرض الذي قد يظهر لدى أحد أفرادها والعمل على التدخل المبكر.
علاقتك بوالديك مقطوعة –على حد قولك- وهما لا يفهماك ويتجنبان الحوار معك وعلاقتك بأختك يشوبها الغيرة (على الأقل في أحد الفترات) كما أنك لا تتحدث مع أحد عما تمر به!! وهذا كله يحدد مدى اشتراك أسرتك في استمرار الأعراض لديك!!، الحقيقة أن السلبية وربما عدم معرفة كيفية التعامل معك تحتاج إلى تعديل، فلا تحمل نفسك فوق طاقتك، فلكل منهم دور فيما تشكو منه!! في كثير من الأحيان تقول الأسرة: "لولا أن فلان مريض لكانت الأمور على ما يرام"، والحقيقة أن العكس هو الصحيح، نعم "إن كانت الأمور على ما يرام لم يكن فلان ليمرض"!! أقترح أن تطلب من والديك قراءة هذا الرد؟، كما اقترح أن تتوجهوا جميعا إلى طلب هذا النوع من العلاج، ويمكنك متابعة مزيد من التفصيل حول هذا النوع من العلاج على مقال: العلاج النفسي الأسري.
الحمد لله سبحانه وتعالى الذي جعل لكل داء دواء، وبما أنك شخصت الداء فعلينا وصف الدواء المفيد والأخذ به وبجرعاته المناسبة، ولا أظن أن الدواء هو أنواع من العقاقير فقط، والتي ستزداد فائدتها المرجوة مع العلاج النفسي!! أعرف أن ما تعاني منه مزعج إلى أبعد حد وأعلم أيضاً أن من يجرب الاكتئاب ويتذوق مرارته يقرر ألا يدخل فيه مرة أخرى أو على الأقل حينما يجد أن أعراضه على وشك أن تصبح أكثر عمقاً يبدأ في مواجهتها حتى لا تصبح أكثر سوءاً. لنتحدث بخطوات عملية ونبدأ بسم الله: سنبدأ بعدد من الأنشطة ربما ذكر لك الكثيرون بعضها وربما جربت بعضاً منها ولم تجد النتيجة المناسبة، ولكن هذه الأنشطة التي قد يرفضها الناس قد تكون هي أحوج ما يحتاجون إليه. مبدئياً لنتفق أن للاكتئاب علاج وأن الشفاء ممكن جداً بإذن الله تعالى
الأنشطة الاجتماعية:
الإحساس بالوحدة أحد أعراض والحل ليس مزيد من الوحدة والجلوس خلف الكمبيوتر لتتحدث عن مأساة حياتك!! بل أن الاندماج في أنشطة اجتماعية هي أول الخيوط للخروج من المرض، احضر ورقة وقلم. نعم أحضرهما الآن واكتب الأشخاص المقربين لك نوعاً ما، ثم رتبهم من الأقرب إلى الأبعد، أعرف أنك قد لا تكتب سوى عدد قليل جداً من الأسماء، لا مشكلة ولنبدأ بمن هو أقرب إليك، ويا ليته يكون شخص اجتماعي لديه عدد من الأصدقاء!! المهم أن النشاط المطلوب منك أن توطد علاقتك به، اكتب كيف ستفعل ذلك، هل ستخرج معه أم ستزوره، حدد النشاط واتصل به، وإن لم تجده عاود الاتصال، وبافتراض أن المكان أو الزمان كان غير مناسب له حدد له مكان أو زمان آخر، أو اتصل به مرة أخرى وعاود ترتيب النشاط، هذه مجرد بداية لزيادة أنشطتك الاجتماعية بالتدريج، ويا حبذا إن لشترك في عمل تطوعي أو غيره في فترة الأجازة القادمة.
الرياضة:
الواقع أن التريض والاستمرار فيه يساعد المخ على إفراز مواد كيمائية معينة داخل الجسم تحسن من الحالة المزاجية بقدر كبير، ويمكنك أن تجبر نفسك على الرياضة من خلال الاشتراك في أحد المراكز الرياضية المنتشرة حولك، وراعي أن تحافظ على المواعيد فإن كنت تذهب يومين في الأسبوع صباحا، حاول الاستمرار في الذهاب في نفس اليومين حتى تقابل نفس الأشخاص تقريباً.
غير طريقة تفكيرك:
الأفكار السلبية والأوصاف السيئة للذات تنتشر بين مرضى الاكتئاب، وقد ذكرت بعض منها في نهاية رسالتك، ويرى علماء النفس المعرفي أن هذه الأفكار هي في حد ذاتها المسببة للاكتئاب، فطريقة تفكير الإنسان تساعده على أن يرى الدنيا بعقله وليس كما هي، قاوم هذه الأفكار السلبية والتي ستجدها في الروابط المشار إليها بالأسفل.
العلاج النفسي: ومن أنواعه العلاج النفسي الفردي والجماعي، وأظن أن الأخير انسب لك حيث سيساعدك على الجلوس والتعرف على الناس وعلى اكتساب مهارات التواصل ويمكنك متابعة ما كتب على الروابط التالية:
كيف أكسب الأصدقاء؟
كيف أبني ثقتي في نفسي؟
صعوبة التعامل مع الآخرين:الأنموذج والعلاج
الأدوية: جميل أنك تأخذ بالأسباب وتتابع العلاج، لا تتوقف من تلقاء نفسك بل استمر وسيشفيك الله بإذنه.، وطالع الدواء لا يؤدى إلى تحسن الاكتئاب!!، وحزن وكسل الحل: ض ح ن
أخيراً تابعنا بأخبارك