أنا محتار
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا محمد أحمد ثانوية عامة أنا محتار من كل حاجة حولي أولهم مجموعي السنة اللي فاتت لا هو عالي ولا هو واطي ومش عارف أذاكر ولا أضربها صرمة نفسي حد يوجهني للطريق الصح
أنا نفسي أدخل فنون جميلة وأبويا وعائلتي كلها عاوزة تدخلني شرطة بس أنا ما بأعملش حاجة عشان أحقق حلمي ده وبعد كده أنا شكلي حتى محيرني أنا شيك وبلبس هدوم حلوة بس أنا مش أمور أوي وساعات بحس إن أنا جذاب جدا وساعات تانية لا أنا مش عارف أعمل إيه في حياتي أنا زهقت من كل حاجة حولي
التعيس
محمد سعد
أرجو الرد على هذه الرسالة بأسرع وقت ممكن
السلام عليكم ورحمة الله
15/12/2005
رد المستشار
من يومين كنت أتناقش مع صديق شاب يصغرني بعشر سنوات ويزيد، وكان يقول: لا بد لنا من قدرة أو محاولة لتبسيط ما تقول أو تقولون ليكونَ في متناول الجميع، وقلت أنا في نفسي: ربما هذه مهمة جيل هذا الصديق وأمثاله ممن هم في العشرينات من العمر، فهم أقرب إلى الأجيال الأصغر في التفكير واللغة والتصور، وكلها أساسيات لأية محاولة تبسيط وأنت يا يني تطرح عبر سطورك التي تبدو مترددة وبسيطة مشكلة أجيال كاملة أعترف بحيرتي، وتفكيري الدائم، وبحثي الدءوب عن كيفية مخاطبتها !!!
قلت لصديقي الشاب العشريني: لا أعتقد أن هدفي مما أكتب أن أقرر حقائق أو أعطي للناس نتائج وتصورات وأفكار ليعتنقوها بدلا مما هم عليه من اعتقادات وتصورات، همي واهتمامي الأكبر أن أدفعهم إلى ممارسة التفكير بأنفسهم لأنفسهم، ولكل الواقع من حولنا، فالتفكير هو الخطوة اللازمة نحو اليقظة والانتباه لما يحصل من حولنا، وأنا أندرج في حوار طويل مع ذاتي، وأعلنه للناس عبر مجانين وغيرها، كما أشتبكُ في حوار ممتد مع القراء، وهدفي من هذا كله أن يستيقظ عقلنا من ثباته، ويبدأ في ممارسة الفريضة الغائبة:
التفكير، والتدبر، والتأمل، وبناء المواقف عبر اكتساب المعارف، وعبر الحوار الذاتي، ومع الآخرين، وعبر التفاعل مع المحيط الأسري والاجتماعي، وعبر السير في الأرض، والاعتبار بما ومن سبق، وعبر القراءة في وحي الله المسطور في كتابه، وكونه الذاخر بالآيات والخبرات والتجارب الإنسانية هنا وهناك، وعبر العمل مع آخرين لتغيير ما نخن فيه، فهل أفلح ؟! أرجو – على الأقل – أن أكون ممن يعملون ببعض ما يعلمون، وعلى الله توكلت، وإليه أنبت.
هذه المقدمة الطويلة يا صديقي قصدت منها أن أقول لك أن إجابتي عليك هي مشروعي كله، وستجدني أخاطب عقلك وروحك إذا اتسع وقتك لقراءة بعض أو كل ما سبق نشره لي على مجانين وعلى إسلام أون لاين، وأخيرا على "بص وطل"، هذا من ناحية الفهم التفصيلي للحياة، والموقف منها.
أما عن قصتك الشخصية فأنت متردد، وغير متأكد، ومتوتر، وفاقد للهمة والدافع إلى حد كبير، وهذا مفهوم في ضوء سنك، وفي ضوء موقف أهلك الذين يريدون لك شيئا يبدو أنك لا تريده لنفسك إما عنادا لهم أو رغبة فعلية في حب الفن، واحتراف العمل به.
أهلك يريدون لك السلطة، والوظيفة المضمونة، والحياة المستقرة، في تقديرهم، وكلية الشرطة تحقق هذا من وجهة نظرهم، وبخاصة في مجتمع يخاف من العصا، ومن يحملونها، وتضيع فيه الحقوق إلا أن يستند الحق – وأحيانا طبعا الباطل – إلى قوة لكي يصبح واقعا مفروضا على رقاب الجميع .
لابد أن تفهم منطق أهلك، وأنت تناقشهم فيه رفضا أو قبولا أو تفاوضا معهم، لأن هذا مستقبلك أنت، واتخاذ قرارٍ مثل هذا استنادا إلى عناد، مثل اتخاذه استسلاما لانقياد أي مجرد طاعة عمياء لرأي الأهل !!
إذن تحتاج إلى تفكير عميق ومتأمل، ولكن تحتاج أكثر أسرع وفورا إلى أن تذاكر دروسك، وتجتهد فيما تبقى من العام الدراسي لأن غير ذلك يعني أن يصبح كل نقاشنا هذا بلا جدوى حين تفرض عليك درجاتك كلية بعينها، أو بالكاد تضعك في مكان لا هو فنون جميلة، ولا هو "شرطة" ولكن أدنى وأسوأ من هذه أو تلك.
إن لم تذاكر بجدية فإنك تكون في الحقيقة بتضربها صرمة فعلا، أقصد تكون بتضرب نفسك "بالصرمة" ،"القديمة كمان " !!
يبقى أول خطوة إنك تموت نفسك في المذاكرة يا حبيب قلبي لتحقق أعلى مجموع ممكن، وتستعين على رذالة الثانوية العامة بمجموعات التقوية، والمذاكرة الجماعية، وتنظيم الوقت بين التركيز في التحصيل، وبعض الترفيه المحسوب لتجديد نفسك وأفكارك، ولا تنسى أن الصلاة في موعدها من أكثر ما يعين على المذاكرة.
ثم لما تظهر النتيجة بمشيئة الله، وبالمجموع المعقول، ترجع لنا وساعتها نشوف ما هي مميزات وعيوب كل اختيار تفكر فيه، أو يقترحه أهلك، أو يطرأ على تفكيرك من هنا للصيف وسيبك من حكاية أمور ومش أمور دي، المسألة كلها إن عندنا حاليا وسواس الشكل والهندام يعني كل وتحد يصبح الصبح ينظر في المرآة فلا يجد نفسه شبه كاظم الساهر أو وائل كافوري أو الممثل الفلاني أو المطرب الفلاني يقوم يبكي من التعاسة عشان البنات بيحبوا الولد " الأمور " !!!
وهذه بعض خيبة رجال هذا الزمان يا صديقي لأن نفس البنت لما تبحث عن زوج، أو بالأحرى حين تتزوج تعود إلينا لتقول : أين الرجال ؟! وتندب ضياع الرجولة، وهي قد شاكت في ذبحها خلال السنوات السابقة، عندما وضعت معايير أخرى غير المسئولية والاتزان والشهامة والكرم لمن تحبه وترغبه .
فهنيئا لكل "أمور"، وهنيئا لمن تحلم بالأمور .
أما أنت فكن رجلا لتجدك هكذا من تبحث عن رجل، لأنك لو لم تكن فلن تكون شيا غير مسخ من المسوخ التي تملأ شوارعنا وبيوتنا وفضائياتنا .
ولا يعني كلامي طبعا أن الرجل ينبغي أن يكون كلك بشكله العفش أو هندامه المبهدل، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حسن الهيئة، نظيف الثياب، بهي الطلعة، مهيب المظهر، ولم تنقل لنا كتب السيرة عنه أنه كان صلى الله عليه وسلم "أمورا" فقد كان رجلا بحق، وهكذا يتمن كل ذكر مسلم طبيعي جاد أن يكون، وليكن بعد ذلك ما يكون.
وتابعنا بأخبارك.