كارثة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أعزائي أنا فعلا في كارثة ومصيبة أنا بنت متدينة جدا من صغري وملتزمة والحمد لله بس ما عرفش في إيه حاسة إني فعلا في حالة انحطاط ومش عارفة سببها أرجوكم ساعدوني أنا وأنا في الكلية كانت أحلامي وردية بالخطوبة والجواز والحب بعدين اتخطبت وكنت بحب خطيبي جداااا وكان أول حب في حياتي بس والحمد لله صدمني وهد كل حاجة وغدر بيا وسبنا بعض ومن ساعتها وأنا مش أدرة أتكيف مع أي حد ده كله مش مهم بس المصيبة إني بدأت أدخل على الشات وأتعرف على ناس على الشات والشات بقى تليفونات ما عرفش إيه الغرض منها بس احتمال يكون لأني عاوزة أسد الفراغ العاطفي بداخلي، المشكلة في أني بكلم أكتر من واحد في نفس الوقت وماعرفش إزاي هم بيتعلقوا بي أوي لدرجة أنهم بيطلبوا إنهم يشوفوني علشان عايزين يخطبوني.
أنا مش فاهمة أنا بعمل كده ليه فعلا كارثة إني بعلق الشباب بي وأنا مش عارفة أنا عاوزة إيه الشباب فعلا جادين وده لأني بتعامل معاهم بمنتهى الطبيعية وعلى شخصيتي خالص بس أنا حاسة بتأنيب الضمير إني عمالة أعلقهم بي ودي مش أخلاقي وما عرفش أنا بعمل كده ليه وكل ما حس إن واحد منهم ها يروح مني أو زعلان مني مش بقدر أستحمل وبجري بسرعة عشان أصالحه وأترجاه ما يسبنيش.
حقيقي أنا مش عرفة أنا بعمل إيه وبعمل كده ليه أول ما ييجي الليل بحس إني ها تهبل على أي واحد فيهم يكلمني وأفضل أرن عليهم علشان حد منهم يتصل يكلمني ومعاهم بحس إني فعلا بحبهم وعاوزاهم بس بعدها ما بكنش حاسة بحاجة وبتخنق وأستحقر نفسي على اللي أنا بعمله ما نكرش إني محتاجة للحب والحنان جدا بس ده مش أسلوب صح وأنا خيفة أوي من انتقام ربنا حقيقي أنا مش فاهمة نفسي. نفسي أبطل ونفسي أرد للناس دي اعتبارها ومش عرفة أعمل إيه.
ردوا عليا نفسي أعرف هو ده مرض نفسي ولا إيه وإزاي أتعالج من اللي أنا بعمله وهو إيه أساسا ده اللي أنا بعمله ده لا ديني ولا أخلاقي مش عارفة أنا بعمل كده ليه ما عرفش ويا ترى لو حسيت ناحية حد فيهم بعاطفة وارتبطنا ها يكون الارتباط ده معقول ولا إيه؟ أنا مش فاهمة نفسي أنا حاسة إني بكون واحدة ثانية غير الملتزمة المحترمة المتدينة اللي أنا عرفاها.
هو أنا ممكن أكون انحرفت؟ وإزاي أقدر أقطع علاقتي بيهم من ناحيتي وإزاي أقدر أقطعها معاهم من غير ما أجرحهم؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا
18/1/2006
رد المستشار
الأخت الكريمة؛
أعتقد أن الواقع حاليا أصبح مهيئا لظهور العدد من الحالات التي تشبه حالتك لكثرة ما نحمله ويحمله من متناقضات، وتعالي نستعرض بعضها معا:
1 – أنت "متدينة جدا" ولكنك لم تذكري شيئا هن نشاط واحد اجتماعي تخدمين فيه الناس، وترتقين فيه وعبره بمهارات تواصلك النفسي والإنساني مع آخرين، وكثيرون منا يظنون أن الالتزام الديني يكفيه أداء العبادات، وتلاوة الأذكار، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:-
"خير الناس أنفعهم للناس"، ويقول:- "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"، ولاحظي أنه لم يقل لأهل بيته، والمعنى أن دائرة الأهل هنا تتسع لتشمل الجيران مثلا، والعائلة الممتدة....الخ.
2 – أحلامك الوردية عن الخطوبة والزواج والحب مصادرها معروفة، وهي مبنية على أوهام وروايات وأغاني هذا العصر التي تشحن النفس بمشاعر دون أن ترسم أية خريطة لكيفية نجاح هذه العلاقات في واقعنا الحالي!!
وبعد اصطدام الأحلام بصخرة الواقع بما حصل بينك وبين خطيبك، وهو ما لم تفصلي في وقائعه، تكون المشاعر المجروحة، والكرامة المجروحة التي تسعى للتعويض بأي ثمن، رغم أن الانفصال بين اثنين هو حدث عادي ومتوقع في مسار أية علاقة إنسانية، لكن غياب العقل من البداية ودائما، مازال يوقعنا في الحب كما في كل نواحي الحياة!!
3 – يبقى أنه من الوارد والمتوقع بالنسبة لفتاة في مثل سنك تجعلها فطرتها تميل للجنس الآخر، وتطمح إلى أن تحب وأن تكون محبوبة، وهي في الوقت نفسه مثل ملايين من بناتنا لا اهتمام عام يشغلها، ولا هواية تمارسها، ولا نفع اجتماعي يشغل وقتها أو بالها، ثم هي مجروحة من علاقة كانت تتوقع من ورائها "الجنة ""فوجدت" الجحيم!!
ثم هي تدخل على الشات، فماذا كنت تتوقعين من نفسك ولنفسك؟!!!!!
الفضيلة لا تكفي لإقامتها رغبات الإنسان ومشاعره ونواياه، ولكنه يحتاج إلى أوضاع وبيئة يحققها ويحيط نفسه بها، وإلا أصبحت الفضيلة في حياته مجرد فكرة لا تتجاوز رأسه، وأمنية يحلم بها، كما كنت تحلمين بالورد والزهور في الحب والزواج!! فما هي الظروف والأوضاع والبيئة والأنشطة التي تضعين نفسك فيها لتكفل لك استقامتك وتحقيق مقتضيات دينك؟!!
4 – يبدو أنك ساذجة حقا –مثل كثيرات– والدليل المتجدد على هذه السذاجة هو حكمك المتسرع على شباب الشات، أقصد من تعرفينهم منهم بأنهم "فعلا جادين"، ومعيار حكمك هذا هو أنك تتعاملين معهم بشكل طبيعي وغير متكلف!!! فهل هذا منطق يا فتاتي؟!! هل يمكن أن أقول أنا مثلا أنني واثق من صدق فلان معي لأنني صادق معه؟!!! وألا تلاحظين أنك تترجمين حاجتك إلى رفيق فتصبح حكما عليهم بالجدية، وحكما على نفسك بانعدام الأخلاق، وبالتالي تأنيبا الضمير...الخ فهل هذا صحيح دقيق؟!!
5 – مبدئيا... قد يكون منهم الجاد –وإن كانت طبيعة علاقتنا بالإنترنت لا تشجعني على إصدار حكم بهذا!!– وأغلبهم فيما أتصور يريد أن يستكشف، أو يقيم علاقة دون مسئوليات، وأنت مجروحة ومجذوعة لقلة خبرتك، ولأنك تخلطين بين رغبتك المشروعة في الحصول على الحب والرفقة بما يرضي الله، وبين اللجوء إلى طريق الشات لتحقيق هذا لغياب احتكاكك الاجتماعي، ولا تقولي لي "الله يرضى عليك" –أنا أخرج للعمل وحولي زملاء وزميلات-، فأنا أتحدث عن حركة في دوائر أخرى، وبصيغ أخرى، ولأهداف أخرى غير العمل.
6 – إذا أردت أن تضعي الأمور في نصابها الصحيح فعليك أن تدركي أن رغبتك في الحب والارتباط فطرية وطبيعية، وطريقة أو محاولة تحقيق هذه الرغبة عبر الشات هي غالبا فاشلة أو قاصرة أو خطيرة، وأنك لم تجرحي أحدا، ولن تجرحي أحدا إذا قررت الانقطاع عن هذا المسلك، فالمسألة كلها "كلام في كلام"، وإذا كنت قد ذكرت أنت الحقيقة كاملة!!
والأهم هو أن تخرجي للنشاط العام، وربما تنقلي كل علاقاتك إلى المجال العام في المجتمع فيقابلك من يشاء علنا ووسط الناس فيراك وترينه، وتختبرين جديته وشخصيته وشكله وظروفه، ثم تقررأن التقدم في العلاقة بالأصول أو الاكتفاء بالتعاون على الخير، وإفادة الناس .
7 – الحياة العاطفية ليست سرية يا فتاتي، وأعني بذلك أننا ينبغي أن نتفاعل جميعا وعلنا لصالح أنفسنا والناس في النهار والليل، وليس على الشات والنت والهاتف، ثم حين يرى ويروق لبعضنا، أو يتأكد لطرفين أنهما يحققان شيئا من السعادة أو التوافق بالارتباط فيما بينهما، فإن هذا له مساراته وخطواته لينجح.
اهدئي إذن، وتذكري أنك ستظلين في وضعك الحالي ما لم تضعي خطة وخارطة لتشكيل حياتك على النحو الذي يحقق لك ذاتك بتفاعلك مع الناس، وتواصلك مع الرجال في المجال العام، فيكون النفع، وأيضا تكون الفرصة السليمة للاختيار الأصوب من طرفهم، ومن طرفك، أما اللعب من وراء ستار، فمن شأنه أن يوجع ضميرك آخر الليل، فهل استطعت أنا أن أرسم لك صورة سليمة للحالة والوضع الذي أنت فيه؟!!
وهل استطعت أن أشرح لك كيف تعيشين فطرتك السليمة، وتحقيق اعتبارات التزامك؟!!
أعتقد أن الكثيرات يعانين من مثل ما تعيشين، وأنا أشكرك على رسالتك، وأدعوك إلى قراءة أعمق وأكثر في الرسائل السابقة على "إسلام أون لاين"، وعلى "مجانين" ففيها الكثير مما يفيدك بشكل عام، وتابعينا، وسندعو . لك بالخير والله معنا ومعك رقيبا، هاديا رحيما.