مريضة من نوع خاص
ربما تتعجبون من عنوان مشكلتي ولكن هذا ما أشعره اليوم وأنا أكتب مشكلتي، ربما كنت مريضة عادية من قبل لكن اليوم صرت مريضة من نوع خاص، أفسر كلامي أنا مريضة مصابة بالوسواس القهري وأحيا عذابه رحمنا الله جميعا إنه على ما يشاء قدير، ولكن القصة واسمحوا لي أن ابدأ من البداية .
أصبت به منذ حوالي سبع سنوات، بالطبع في البداية فجعت فلم أدري ما هذا ..... بالتأكيد هو الشيطان اللعين ... ولكن ما هذه الأفكار البشعة ...
أيعقل أن يدور هذا في عقلي وأنا أحب الله وأخافه وأخشاه، كانت في البداية وساوس سب والعياذ بالله وأشياء مثل هذا تمس مقدساتنا فكنت أستعيذ بالله منها، وخبأ الموضوع فترة، وكانت تأتيني وساوس من فترة لفترة من هذا النوع أو من أنواع أخرى ولكن ليس بحدة، ثم من عامين جاء بقسوة رهيبة حتى كنت أشعر أني سأموت وأذكر أني أحيانا دعوت الله بالموت ولكني قلت يا رب أحييني مادامت الحياة خيرا لي وأمتني مادام الموت راحة لي، ومرت على أيام عصيبة بل وبشعة، بسبب وساوس كانت تتهمني والعياذ بالله بالخروج عن الدين وكنت أغتسل في اليوم عشرات المرات خوفا من الخروج من الدين وأستغفر وأتلو الشهادتين حتى صار الموضوع زائدا عن الحد هدأ الموضوع فترة.
ثم جاءتني وساوس كلما قرأت موضوع عن الجماع مثلا أو شيء من هذا القبيل، أتهيأ أنه خرج مني السائل الموجب للغسل وهو في الغالب كان المذي لا أكثر ولكنه الشك وأيضا كنت اغتسل كثيرا، وهدأ الموضوع فترة، والوساوس الدينية هي ما نكدت على حياتي، لأنها تعود إلي كثيرا، وأحيانا أشعر وكأني فقدت حلاوة الإيمان وكلما ذكرت الله تحاول التقليل من شأنه ولازلت أخشى على إيماني فلا أغلى منه لدي ولكن المشكلة كما قلت لكم في إحساسي أحيانا
وكأني فقدت حلاوة الإيمان وبالطبع لم أقصر في صلاتي ولا في فرائضي ولكن الوساوس وإحساسي الداخلي غير مريح وتفاقم الأمر وظهرت لي الوساوس الجنسية فكلما فكرت في أشخاص أحترمهم كثيرا تأتيني وساوس جنسية عنهم، لدرجة أني صرت أخاف اليوم الذى سأتزوج فيه وأنا مع زوجي أن تأتيني هذه الوساوس فتنكد على حياتي، وبعد إساءة أحد الصحف الدنمركية للنبي صلى الله عليه وسلم سمعت أحد الشيوخ يقول بأن من سب النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض العلماء يقتل وإن تاب وتوبته بينه وبين ربه، فخفت من وساوسي الدينية إن كان فيها شيء مس النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هذه مقدمة عن ما أعانى، أما لماذا سميت نفسي مريضة من نوع خاص ؟؟؟
ولماذا تزعجني هذه الأفكار مادامت وساوس ؟؟
فاسمحوا لي أن أفهمكم إن استطعت فليعينني الله، أنا مريضة غير عادية - لأني أعرف مرضي, قرأت عنه الكثير جدا, سمعت شرائط سمعية عنه, لا أسألكم ما هذا الذى أعانيه فأنا أعرفه, وفي الفترة الأخيرة حاولت أن أتعايش معه بأن أتلاشاه لكنه يهدأ ثم يعود أحيانا أصعب مما كان، وللعلم حاولت العلاج من قبل وبالفعل بدأت وعولجت بعقاقير prozac , busbar , zolam
ولكن أهلي غير مقتنعي أصلا بفكرة المرض نفسه فكما قال لي أبي على لسان أحد أصدقائه وهو حاصل على دكتوراه في الكيمياء ورجل تقي وأحسبه صالح ولا أزكي على الله أحدا أن عدو المسلم هو الشيطان وأخذ يحذره من هذه الأدوية كما فهمت من أبى، وكنت أشعر في كل مرة أذهب فيها للطبيبة أن أبي غير مقتنع بهذا الأسلوب ربما لعدم اقتناعه بفكرة المرض نفسه وطبيعته وأنا أعذره لأنه لم يجربه عافانا الله جميعا، فأوقفت العلاج، وكنت في الفترة السابقة للعلاج حالتي النفسية سيئة جدا فالوساوس كانت رهيبة ..رهيبة بالفعل، فلذا اقتنعوا وقتها أن أذهب للطبيب ولكن لم أطل فأبى كان يظن الموضوع زيارتين أو ثلاثة أو شيء كهذا، ولكن الآن أمي حينما تسألني تقول لي "أنت ما شاء الله زى الفل دلوقتي " لأني لست بالانهيار الذي كنت عليه من قبل، لكنهم لا يفهمون أن الوساوس لازالت موجودة ولكن ربما هدأت أنا حينما علمت أنها وساوس وأن أملي في الله أنه لن يؤاخدني بها، لكنها لازالت موجودة والعذاب لازال موجودا ربما أتكلم وأضحك معهم ولكنني لازلت متعبة، ما أطلبه منكم المساعدة قدر ما يعينكم الله .
وطلب آخر : -
أنا أدرى ماهية الوسواس
ولكن أحيانا مثلا، أفكر في مسألة من أمور الدين، كتحريم التماثيل، وكنت وقتها أبحث عن الأسباب التي من أجلها حرمت التماثيل، ووجدت عقلي يعترض على هذا الحكم ويقول لفظ سيئ عنه افهموني أرجوكم .
في تلك اللحظة شعرت أن الكلام مني وليس وسوسة، وكأنه اعتراض لعدم اقتناع، ولكنني بعدها مباشرة استغفرت وتبت وندمت على ما فعلت فأنا أدري أن كل شيء عند الله لحكمة واستحالة أن توجد حكمة أعظم من حكمة الله، هل مثل هذه المواقف مثلا هي وساوس أم أني أتمحك بموضوع الوساوس وهي مني وليست وساوس، وبعد ما سمعت ما قاله الشيخ عن من سب النبي خفت أن يكون حدث موقف مشابه للموقف السابق عن النبي صلوات الله وسلامه على في عقلي" وفكرة أنها وساوس أم أني ألصقها وأتمحك في الوساوس" وأحيا في قلق رهيب على نفسي وعلى موقفي بين يدي الله يوم القيامة وكيف سألقاه؟؟ وكيف سألقى سيدي وسيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهل بهذا يعد خروجا عن الدين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أنا أخشى على نفسي جدا جدا جدا
وأخشى على إيماني جدا جدا جدا، كما سمعت من أحد الأطباء أن العلاج الآن صار بالتأثير على العقل الباطن وليس العلاج بالعقاقير وصرت في حيرة من أمري على كل حال فكرة العلاج عند طبيب موقوفة التنفيذ على الأقل خلال هذين العامين حتى أتخرج بسبب موقف أهلي إلا إذا أراد الله غير ذلك وأدعو الله أن يقويني بعد التخرج لأتخذ قرار قويا بأن أبدأ العلاج، وما بيدي الآن هو الدعاء والأخذ بالأسباب الممكنة كاستشارتكم
ولكنى في حيرة كيف أتعالج بالعقل الباطن أم بالعقاقير أم بماذا، رحمني الله وإياكم، أعلم أن الرد يتأخر وأعلم أنه ليس تقصيرا منكم أعانكم الله وجزاكم خيرا، ولكنى لا أدرى ماذا ستكون حالتي يوم أتلقى الرد منكم إن قدر لي هذا
هل ستظهر وساوس جديدة اللهم ارحمنا
أسألكم الدعاء أيضا وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
03/02/2006
رد المستشار
صديقتي الباكية
لكم أعجب بالطريقة المنظمة التي تسردين بها معاناتك، لكنني أتعجب من موقف المثقفين من الآباء وهم ويرون أبناءهم تذبحهم الوساوس أمام أعينهم ولا يتكلمون، بل ويتهمون هؤلاء الأبناء بأنهم بعيدين عن الله، وأن الوساوس إنما هي شيطانية في أصلها. أنا لا أنكر أن الشيطان أقسم: وعزتك لأغوينهم أجمعين...لكن الأمر ليس غواية في مرض الوسواس إنما هو معاناة وفقدان السيطرة على الأفكار، وما أقسى أن يكون الإنسان فاقدا القدرة على أفكاره فيفكر في أمور لا يرضاها تدينه ولا تقبلها عقيدته وقتها، وهنا يكمن الفارق بين الوسواس ووسوسة الشيطان ذلك أن الغواية هي أن يفكر الإنسان باقتناعه وبإرادته في أشياء تباعد بينه وبين الله عز وجل وتبعده عن الطاعات متمثلة في الصلاة وغيرها.
أما أنت فان الوساوس لا تقبلينها ولم تختارينها وتأتى على غير إرادتك وتجعلك تشقين على نفسك في الطاعات كأن تصلى عدة مرات لنفس الركعة أو تعيدي الوضوء أو تنطقي الشهادة عدة مرات لخوفك أن تكوني أستغفر الله كفرتي. إذن المسألتان متناقضتان فالشيطان يبعدنا عن الطاعات بينما الوسواس يصعبها علينا ويجعلنا غير راضين عن نفسنا كمتدينين،وهناك أمر آخر هو أن الوسواس أيضا يصيب غير المتدينين فهناك أناس يأخذهم الوسواس إلى عد النقود والبلاط وأي رسوم يرونها وهم غير متدينين فما بال الشيطان بالبلاط والرسوم.
أعود إليك يا صديقتي
يرحمك الله من الوسواس، أرجو منك أن تشرعي في العلاج الجدي ويكفى تخاذلا وعدم إكمال المسيرة العلاجية ويجب عليك أن تجتهدي من أجل ذلك فأنت التي تحرقين بالنار وليس أبوك ولا أمك.
أدري أنك تعلمين مأساتك ولن أطيل كثيرا في تفسير الوسواس.
إن ما يهمك فعلا أن تتعلمي كيف الخلاص من تلك الأفكار الضالة. فلو حدثتك عن لماذا أنت موسوسة؟ فهذا يجرنا إلى أمور متشعبة وعدة لكن ما يهمك أن شخصيتك مؤهلة للوسواس بحكم التكوين الوراثي ثم تحت ضغط الظروف المحيطة بك وخصوصا أن لديك الغيرة على دينك وبقائك مسلمة حقا، فقد حدث نوع من الخلل في الناقلات الكيميائية بالمخ المسئولة عن ملكية الفكر فمن هنا قد فقدت السيطرة على الفكر ومن هنا أخذك الوسواس في متاهاته إلى الخوف الوسواسي أنك قد بعدتي عن التدين وهذا هو الذي أسلمك إلى الاكتئاب.
يا صديقتي
هوني على نفسك أولا فأنت مريضة، وما دامت هذه الأفكار أنت عنها غير راضية فأنت من ذنبها بريئة فخففي عنك إحساسك بالذنب.
ثانيا ما دامت هذه الأفكار تعوق تقدمك وتضعف من إمكاناتك فلا بد من استشارة طبيب لتتناول بعض العقاقير التي ستصلح ما أفسده الوسواس من خلل بالمخ. وبعد أن يقدر الله لك الشفاء يجب عليك مواصلة العلاج وأن تكملي فترة الوقاية، فنحن نحتاج إلى علاج وقائي والمريض متحسن ولا يشتكى من أعراض لفترة لا تقل عن ستة شهور.
أما عن قهر الأفكار التي تراودك فلديك طريقتين:
إما الهروب من الفكرة أصلا وهذا أفضل في البداية وذلك بشغل نفسك بأمر آخر أو تغير موضعك الذي يهاجمك به الوسواس، وأن تغلوش على الأفكار بشيء آخر كسماع القرآن مثلا أو ممارسة هواية أو سماع الموسيقى. فان هناك بعض الوساوس ينبغي لنا أن نهرب منها لا أن نجادلها كأي فكرة تمس العقيدة أو تمس ذات الله سبحانه أو نبيه الكريم فان هذه المنطقة حرجة جدا بحيث يصعب على المسلم أن يدخلها خشية أن يوقعه الشيطان في محظورات الإلحاد كما سئل الإمام أحمد عن (الرحمن على العرش استوى) وعن كيفية الاستواء فأجاب أن الاستواء معلوم والسؤال عنه بدعة.
أما الأمر الثاني فهو معادلة الأفكار بأن تحدث نفسك بعكس نص الفكرة الوسواسية، فإذا حدثك الوسواس بأنك غير طاهرة لسبب أو لآخر فرددي في نفسك أنك طاهرة وأن حواسك جميعا تجمع على ذلك فلم ترين بأعينك مذيا أو تشمينه بأنفك أو تلمسيه بإصبعك وأنت مسئولة فقط عما اقترفته يداك وصدقته إرادتك و أحاسيسك.
وأخيرا أنصحك بأن تكثر من هواياتك فالرياضة تخلص الإنسان من كبته وتشعره بالسعادة وتهدأ من روع الأفكار في رأسه. ولك أن تقرئي على إبداعات مجانين قصيدتي (إلى مريض الوسواس واستشارة مجانية في الوسواس القهري)، وأيضًا اقرئي ما تجدين من المقالات على صفحتنا طيف الوسواس القهري وأما استشارات الوسواس فما أكثرها على استشارات مجانين.
مع تمنياتي بالسعادة.