التفكير نقمة لدي
بداية أشكركم على هذا الموقع الرائع وأتمنى أن تصلكم رسالتي وأن تجيبوا عليها مترفقين جدا بحالتي علما أني طرقت أبواب عدة لحلها دون جدوى وأدعو الله جاهدة أن تصلكم وتردوا علي رد يريح هذا البال القلق.
أنا فتاة عمري 19 سنة أعيش في جو مغلق للغاية حيث أن أبي رجل غير متفهم ولا يحب الناس أو العلاقات الاجتماعية فنحن لا نزور أقرب المقربين ولا نخرج من البيت كل هذا بحجة الخوف علينا فلا طريق لي إلا على الجامعة وهو قاس جدا أيضا ولا يعرف إلا الضرب سبيلا في مما لا يعجبه وضربه ضرب قاس أيضا وأنا لا أعرف ربما كانت هذه الظروف هي التي تدفعني دائما إلى البحث عن الحنان والحب الذي أفتقده لذا أنا كنت دائمة البحث عن صديقة حميمة وعندما وجدتها في الصف الأول الثانوي كانت تحبني جدا وأنا كذلك تحكي لي كل أسرارها وتشكي لي وعلمتني وفرضت على أهلي زياراتها وبالتالي أصبحت أنا أزورها أيضا إلا أنه كان لها ثلاث صديقات من قبلي متعلقات بها أيضا فلم تكن تستطيع أن تمشي معي لوحدنا وأنا لا أنسجم معهم كثيرا فلا سأعرف.
كنت في ضيق مستمر طوال هذه العلاقة رغم حبي الشديد لصديقتي وهي كانت قوية الشخصية وأنا على العكس مما جعل أهلي يحسون أن شخصيتها تطغى علي لا أستطيع وصف ما أريد ولكن سأحاول كنت أنا دائمة التفكير في إذا ما كانت تحبني أو على الرغم من كل تصرفاتها الدالة على ذلك لماذا لا أعرف أغرق في تفكير مشتت يأخذني إلى أفق بعيدة أنها ربما تريد أن تسطير علي وربما هذا ليس حبا وكنت أشكك فيما تعل دوما وكأني أبحث عن دليل يدينها رغم عدم رغبتي بإيجاده لكي أحتفظ بصداقتها دموعي تنهمر وأنا أكتب إليكم خوفا من ألا تفهمون كيف يريد شخصا أن يحب وكلا يستطيع أن يثق فيمن حوله.
وفي هذا الحب والصداقة التي أعطاها الله له وبعد ذلك حكيت لصديقتي هذه عن مشكلة إني أتخيل وجود أناس في غرفتي وأن هذا يعيقني عن الدراسة فنسقت لي موعد مع دكتورة وقالت لي أن أخبر أمي وأذهب معها إلى المدرسة حيث أبي لن يتقبل الأمر فزادت أمي شكوكي وقالت إنها فتاة تريد أن تؤذيني وربما تريد لي السوء فبعد القبول رفضت وكأنها أحست بي قالت لي هل تشكي بي وحاولت إخفاء ذلك وبعد ذلك قررت التخلي عنها لكثرة شكوكي التي لا داعي لها هل هي صديقة أم لا وكانت الصدفة أني تخليت عنها في أصعب مواقف حياتها وأكبر مشاكلها فماذا أفعل ولا أدري أين كان ذلك القلب الحنون الذي ذاب في ظلمات الشك والخوف من القادم.
وعشت حياة أليمة درست فيها مع الضغط ولم أحقق أملي في الدراسة وعشت وحيدة أسئل هذا وذاك هل أنا على حق أم لا ولله العظيم ربنا يشهد كم أنا فتاة طيبة وأحب الناس لأقصى درجة ولا أعرف ما سر هذه الأفكار السوداء ولما هذا الخوف الذي يجعلني أهجر نومي وأخسر أحلى أحلام حياتي.
والمهم ليس صديقتي المهم أني أعيش هذا الموقف ثانية مما جعلني أركض إليكم وأرجوكم أن تجيبوا علي هو أني تعرفت على شاب من خلال الإنترنت من بلد أخرى أحببته جدا ورأيته وسمعت صوته على الكاميرا فقط من باب أنه يحق للشاب رؤية من يريدها هو إنسان ملتزم ورائع ويحفظ من القرآن وصوته عذب وأرجوكم لا تقولوا لي قصص النت فقد عرفتها وقرأت عنها في موقعكم ومواقع أخرى وليس هذا هو المهم عندي فأنا أحبه جدا ولم يتركني يوما واستمر معي فترة طويلة وكلامه متزن وأبدى استعدادا لأن يكون معي للنهاية.
ولكن المهم هو أني كما حدث مع صديقتي يحدث هنا أبحث عن دلائل تقول لي أنه لا يحبك بأي طريقة وكلما غاب عني اعتقدت أنه غير مهتم بي وأنه شخص خبيث فيعود بعد فترة قليلة تمر على سنين وليست أيام من كثرة هواجسي لا أعرف لماذا رغم كل هذا الحب وأذكر لكم أنه هو الذي يطلب مني أن نترك الكلام ونقطع العلاقة إلى أن يسهل الله أمور أخرى ولكن أنا أعيش العذاب مرة أخرى الله يعطيني الحب والعلاقات والجمال والدراسة وأنا وكأني أرفض هذا وأخاف خوفا شديدا ولا أريد أن أتخلى وأريد أن أعيش موقف الحب ولكن بنقاء وأريد أن أقطع علاقاتي لأجل الله تعالى.
أرجوكم ساعدوني بذلت قصارى جهدي في وصف ما أعيش وأتمنى أن تفهموا ما قلته وترفقوا بي أرجوكم لا يكن ردكم قاسيا ولا تطيلوا علي المدة فأنا متعبة جدا من نفسي ولا أستطيع الدراسة أو ممارسة أمور حياتي لا أعرف ماذا أريد مع وجود الصداقة لم أرتاح ومع عدمها لم أرتاح ومع وجود الحب كذلك أو عدمه وأسأل نفسي هل أتخلى عمن أحببت ولماذا إذن؟؟؟؟
وهل إذا تخليت سأرتاح ماذا أفعل
ساعدوني وجزاكم الله خير.
21/04/2006
رد المستشار
الأخت العزيزة.... "سلمى" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
إحساسك بقسوة الأب وجفائه جعلك عطشى للحب فتندفعين عند أول بادرة علاقة قريبة وتتشبثين بالحبيبة أو الحبيب وتشعرين بالخوف من فقد هذا الحب , وفى نفس الوقت تتشككين في صدقه وأصالته وإمكانية استمراره وربما يرجع هذا لأنك لم تعيشي علاقة حب قوية تجاه الوالدين وهذا يجعلك غير واثقة من وجود الحب لدى بقية الناس وتشعرين أنك ستفقدين أي علاقة في لحظة ولهذا تسعين إلى تملك الحبيبة أو الحبيب لتتسلقي عليها أو عليه كما تفعل النباتات المتسلقة على جذوع الأشجار أو على الدعامات الخشبية، فحبك لا يتسم بالنضج، ذلك النضج الذي يعنى احتفاظك باستقلال شخصيتك وكيانك في حالة تفاعلك مع الصديقة أو الحبيب، فأنت تذوبين في العلاقة في البداية بحماس شديد ثم ترغبين في تملك الآخر أو الأخرى ثم تشعرين بالرعب من احتمالات الهجر، وتشكين في ولاء الصديقة أو الحبيب , وهكذا تعيشين حالات من العذاب بسبب علاقات ينقصها النضج وبسبب شخصية تحتاج لمزيد من الاستقلال والتماسك والتفاعل من موقع الرشد، فأنت في كل العلاقات طفلة تتعلق في رقبة أحد والديها.
لا أوافقك على تمجيدك لعلاقة الإنترنت (الحب الإلكتروني) فخبرتي المهنية والحياتية تجعلني أتناول هذه العلاقات بحذر شديد حيث أنك تحبين الصورة الذهنية لهذا الشاب (وهو أيضا كذلك) وهذه الصورة كثيرا ما تختلف عن الواقع لأن هذه الصورة الذهنية تصنعها احتياجاتنا وتخيلاتنا عن الحبيب المرتقب.
أرجو أن تحاولي كسب صداقات في محيط دراستك مع فتيات مثلك وتحرصي على أن تكون هذه الصداقات متعددة ومتنوعة وأن تدخليها بكيان مستقل غير متسلق أو راغب في التملك الطفولي غير الناضج، وأن تقولي لنفسك إنني قادرة على مواصلة الحياة حتى ولو هجرتني صديقتي أو قطعت علاقتي على الإنترنت، فأنا أولا وأخيرا كيان مستقل يصادق ويحب دون أن يتلاشى في الصديقة أو الحبيب.
وإذا كانت علاقتك بالأب مضطربة وأدت بك إلى هذا الحال فأين علاقتك بأمك وأخواتك، ولماذا لم تندمجي فيها لتتعلمي كيف تكون علاقات الحب القريبة دون تلاشى أو ذوبان ودون شكوك أو هلع. وفوق كل هذا وقبله علاقتك بربك تلك العلاقة الأدوم والأضمن والأوثق والتي من خلالها تحدث لنا الطمأنينة فلا نرتعد من احتمالات غدر البشر وهجرهم.