الكلية والزواج..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. شكر الله جهودكم وبارك فيكم وجعل فعلكم في موازين حسناتكم.. أما بعد؛
كما يقال، لم آت إليكم إلا بعد أن أنهكني التفكير وكادت خلايا مخي الرمادية أن تتهتك من كثرة التفكير،، ولا بد كي تكونوا معي في الصورة أن نعود إلى الوراء.. إلى مرحلتي الثانوية، التي درستها في بلدٍ غير بلدي، فأنا ولدت ونشأت في مكة المكرمة، وظللت فيها طوال دراستي، في السنتين الأخيرتين من الدراسة ارتبطت –بشلة- رائعة جدا- أقل ما يقال عنها- راقيات الأخلاق والثقافة ومحبّات للعلم، كنا نمرح ونمزح ونضحك مع المعلمات ولنا في المدرسة ذكريات لم يمحها الزمن ولا البعد، عضوات هذه الشلة بالإضافة إلى أن هن من سوريا والسودان بالإضافة إلى السعودية طبعا..
كنا متفقين على أننا سنكمل مشوار العلم كلٌ في المجال التي تحبه فلم نكن نتفق في المواد التي نحبها ولكننا رغم ذلك كنا نتجادل وكل منا تدافع عن مادتها، وكل ذا لم يفصل بيننا بل زاد روابطنا ألفة ومودة عجيبة، وكنا متفقين على أن الزواج شيء فاشل يقع فيه الكثيرون دون أن يتعظوا، ولم يسلم المتزوجون من تعليقاتنا الساخرة، ووجهة نظرنا كانت أننا لا نريد أن نضيع وقتنا في هذه التفاهات، أولاد وبيت وعدم اهتمام بغير أكلت؟ شربت؟ اتغطيت؟......الخ ذلك الهراء!! بعد انتهاء السنة الأخيرة – الثانوية العامة- والتي لم نكن نريدها لتنتهي أبدا، ذهبت كلٌ منا لبلدها، وهنا أنفصل عنهم لأحكي عن نفسي..
كنت أحب مادتي النحو والفيزياء، ولم يكن بالإمكان الالتحاق بآداب قسم لغة عربية لأنني كنت أقول لم أدرس علمي وأتعب نفسي من أجل دخول آداب!! دخلت كلية العلوم، عن حب واقتناع شديدين رغم سمعتها أنها صعبة وليس بعدها مجال عمل.. الخ وكنت أحب التخصص في الفيزياء، كنت مجنونة دوما، لم أستقر على رأي العلوم هذا إلا بعد أن حلمت بكل الكليات وأنا في الثانوية -خاصة السنة الأخيرة- رغم أن مجموعي كان أعلى مجموع في الدفعة، وكنت أشعر أن هذه الكلية لم تأخذ حقها كما ينبغي فهي التي – المفروض- تخرج العلماء والنوابغ تأخذ أعلى المعدلات..
أقمت مع عمتي في شقتنا، مطلقة وليس لديها أولاد، وكانت الوحيدة في أخواتها لا تقرأ ولا تكتب، أي أنها ريفية بسيطة، رغم أني صدمت في البداية بأن هذه من ستقيم معي -بسبب ثقافتها- إلا أنني لم أكن لأفعل شيئا... أكملت الفصل الدراسي الأول على خير ما يرام، كنت أذهب إلى الكلية أغني شوقا إليها، وآخذ العلم بنهم شديد وأستغرب من الذين يستهزئون بالدكاترة مثلا وأستهجن ذلك كثيرا، فأنا أحترم المعلم كثيرا فما بالك بالدكتور في الجامعة!!
المهم.. لم يحدث غريب إلا في أواخر شهر رمضان حيث تعرفت على شاب عبر الانترنت من غير مدينتي أعجبني خُلُقه وحنانه ورفقه بأهله رغم أنهم يعاملونه أحيانا بخشونة، طلب هاتفي جديّا، صحيح كنت من قبل أدخل الشات وأشارك في منتديات حوار هادفة، لكن أن يطلب أحدهم رقم هاتفي الخاص، من قبل كنت أرفض بلا تردد، ولكنه!! طلبت منه مهلة أفكر!! هل بدوت ساذجة وقتها؟؟ ربما أعطيته إياه في النهاية...
الخطوة الثانية كما تتوقعون!! تماما، تقابلنا في مكان عام معروف ومشينا على شاطئ البحر ما يقارب الساعتين!! ونحن نتحدث عن كل شيء ابتداء من أنفسنا إلى الاقتصاد واتفاقياته!
تفرقنا بعد ذلك، وذهبت إلى كليتي لإكمال ما لديّ، وسافر هو إلى مدينته، واتصلت به لأول مرة -ولم أكن أكلمه بغير رسائل الجوال قبلها- لأطمئن على وصوله سالما، وكانت هذه بداية المكالمات بيننا...
كل هذا في نهاية شهر نوفمبر، بعدها انتهى الفصل الدراسي الأول وسافرت لأهلي في الأجازة، وكانت العطلة شهرا، جلستها دون اتصال معه إلا نادرا، أثناء العطلة أخبرت أمي بالموضوع بعد رفضي لعريس كان ينتظر قدومي ليراني، فوجئت أمي بالموضوع جدا ولكن... كما كل شيء، زال التعجب في الأخير ورضيت ولكنها لم تخبر أبي، وحرّجت علي قبل سفري أن أقابله ثانية.. وكان لها ما أرادت.. أحاول أن أختصر كلامي ولكنني لا أقوى على ذلك، فاعذروني على الفضفضة الزائدة..
مرّ الفصل الدراسي الثاني سريعا، كلّم الشاب خالي في نفس مدينتي ليخبره بأمر رغبته في التقدم لخطبتي، ثم عدل عن مقابلته وفضل الانتظار حتى يكلم أبي صاحب الشأن مباشرة..
خلال الترم الثاني أيضا كانت عمتي تمرض كثيرا وكانت تسافر لأهلها وكنت أجلس وحدي بالشهور في شقتنا، ولكنني كنت رغم كل ذلك سعيدة بكليتي وأصدقائي الجدد، وأكثر منه أني أحببت مصر جدا!! وطبعا لأن هناك من يهتم بي ويسأل عني دائما وهو ذلك الشاب حفظه الله..
سافرت بعدها في العطلة الصيفية إلى أهلي ولم يحدث العكس للأسف، ولأن عمتي مريضة، ولأن أبي علم بما حدث (كما قلت في البداية كان كلامهم لا يحتمل ولكنني تحملت وفي الأخير أصبح الموضوع عادي) وكلم الشاب أبي هنا وطلبني رسميا وفكر أبي في الموضوع وطلب من الشاب أن يرسل له معلومات عنه فأرسلها في خطاب بريدي، فوصى أبي من يسأل عنه وردوا له خبرا حسنا،،،وتمت خطبة مبدئية بالهاتف إلى أن نسافر هذا الصيف ونكمل الموضوع إن شاء الله..
بسبب ما سبق، أقمت السنة التالية هنا في السعودية!! صحيح أنني أدرس فيها ولم أجلس في المنزل.. ولكن.. لم أصبح أنا..
الآن لا أجد طموحاتي، وأجد أنني أصبحت مثل من كنت أسخر منهم، فقد وقعت في الحب وسأتزوج!! تغيرت نظرتي للكلية فلم أعد أحبها كالسابق، ولم أعد أريد الإكمال فيها، لأنني لا يمكن أن أكمل في كلية عملية وأتزوج في نفس الوقت، فأنا مقتنعة أنني لو تزوجت أريد علاقة حميمة مع زوجي ولا أريد أن أنشغل عنه -ولا بأطفال- ويصبح زواجي شكلا اجتماعيا كما أسمع.. أريده أن يكون صديقي وحبيبي وزوجي..
حيرتي الشديدة يا سادة، أنني لم أعد أعرف ماذا أريد، عندما أتذكر (ماضيّ) وأفكاري وطموحاتي وأن كل ذلك لابد أن يتغير ليتفق مع الوضع الجديد، استخرت كثيرا جدا وأريد استشارتكم..
لديّ سنة واحدة – على الأرجح- ثم يتم الزواج إذا شاء الله ذلك، فماذا أفعل؟؟؟
فكرت أن أدخل آداب عربي - والتي أعرضت عنها سابقا- وتلح علي فكرة علم نفس أو علم اجتماع!! (التي كانت علمي!!) أرشدوني بارك الله فيكم ماذا أفعل؟؟
ملاحظة: أنا أحب الشاب كثيرا جدا، ولا أريد أن أخسره فقد أعجبني تحمله للمسؤولية وتفكيره وثقافته وفهمه للدين كما قال الرسول عليه السلام (بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسّروا) ولكنني لم أختلط به كما ترون.. مابين هاتف وإنترنت فقط..ولقاء يتيم يمثل لي ذكرى جميلة..
ملاحظة أخرى، أنني منذ البداية أخبرته أنني لا أحب الأطفال ولا أود الإنجاب وهو متفهم لذلك.. وموضوع الأطفال موضوع آخر ليس هو محل استشارتي الآن..
سؤال على هامش ذلك، ما الفرق بين علم النفس وعلم الاجتماع الذي يدرس في كلية الآداب؟؟ ولكم جزيل الشكر..
05/05/2006
وبعد أن تأخرت المستشارة أميرة بدران في الرد أرسلت صاحبة المشكلة تقول:
الكلية والكلية بدلا من الكلية والزواج
السلام عليكم..
أنتم تتأخرون في الرد كثيرا لدرجة أن الأقدار تتغيّر والمشكلة التي نرسل بشأنها تأخذ أبعادًا أخرى وقد تُحَل أو تتعقد أكثر. ولا لوم عليكم في ذلك فأنا أعلم جيدا كم المشكلات التي ينبغي عليكم قراءتها وتفحصها، كان الله في عونكم.
أنا صاحبة مشكلة (الكلية والزواج)، وأريد أن أخبركم أنني انفصلت عن الشاب الذي أعرفه، بعد زيادة الخلافات بيننا وتطور الأمر لدرجة لم أستطع تحملها فلم أعد أثق فيه وبالتالي أشعر أنني لا أحبه..
ولن أكذب عليكم فإنه لم يذهب من تفكيري بعد، أنا مقتنعة تماما بأننا لا نصلح لبعضنا، ولكن ماذا أفعل في هذا الخائن الصغير بين ضلوعي الذي يحنّ بين حين وآخر رغم أن عقلي يردعه، فيتوب أياما ويحنّ أحيانا؟؟؟
هل سأنساه تماما؟ لقد قرأت في موقعكم أن على كل من يفشل في علاقة عاطفية أن يبقى سنة أو اثنتين كفترة نقاهة له ولمشاعره كي يتخلص من الآلام والذكريات القديمة، وأنا أضع نصيحتكم هذه نصب عينيّ..
لديّ بعض الكتب التي أهداها لي، فهل التخلص منها يساعد على النسيان؟ وللأسف فقد ابتعت ملابس على أساس أننا سنتزوج خلال سنة، وكلما نظرت إلى حقيبة الملابس تذكرته وأتمنى لو أحرق هذه الملابس، أمي تقول (حتفرحي وحتلبسيها) وهذا الكلام، ولكنني لا أوافقها..فهل أتخلص من الملابس أيضا؟؟
وبالرغم من أنني التي طلبتُ منه أن يذهب كل منا في طريقه، إلا أنه قالها قبل ذلك بتصرفاته التي تغيرت عن السابق كثيرا فقد أعماني الحب عن أشياء كثيرة جدا وللأسف رغم أن أهلي يقولون أني راجحة العقل إلا أنني وقعت -وأي وقعة- المشكلة أنني رغم أنني لا أحب أن أعمم، إلا أني أصبحت أصم الرجال بالخيانة عموما واللعب بعواطف الفتيات. ندمت كثيرا على منح عواطفي لمن لا يستحق ولات حين مندم.
لم أستوعب بعد أن هناك من يكذب ويتفنن في الكذب لهذه الدرجة، تذكرت أشياء كثيرة لو كنت وعيتها من قبل لما كان حالي هو هذا الآن.. في الختام أعتذر عن إرسال رسالتي عن طريق المشاركات، وذلك لظروف سفري لمصر قريبا فاعذروني وأسألكم الدعاء، وفقكم الله.
ملحوظة: قررت أن أكمل في كلية العلوم حتى لا تضيع علي السنوات ويطول وقت الدراسة. بالإضافة إلى أن تقديري في السنة السابقة ليس بالسيئ أبدا..
ادعوا لي بالتوفيق.
20/6/2006
رد المستشار
كنت أقرأ قريبا في الذكاء الوجداني ووجدت أن علماء النفس قد قسموا البشر إلى قسمين أو صنفين كبيرين:
الصنف الأول: منفصل عن المجال ولديه إدراك عالٍ، ويقصد بالمجال في أبسط معانيه "علاقة الفرد بالآخرين والحياة والأشياء".الصنف الثاني: مرتبط بالمجال وليس لديه إدراكٌ عالٍ، ويقصد بالإدراك وعي الفرد بنفسه والحياة والأشياء رغم تفاعله مع الحياة، وتفاعلها معه.
فسألت نفسي ما فائدة أن يكون الإنسان مدركا لنفسه داخل خضم الحياة وما الضير إذ لم أكن مدركا!! فوجدت الفرق كبيرا...فحين أكون غير مدركة لنفسي يجعلني هذا أسيرة ما يعتريني من شعور أو مواقف في الحياة فأغرق وأغرق فيه دون تحكم دون رؤية واضحة ودون تقييم... وأنت يا ابنتي الصغيرة من الصنف الثاني بكل تأكيد حيث اتضح ذلك من أول سطر سطرته في مشكلتك فحين تحدثت عن دراستك وطموحك العلمي كنت ترين أن كلية العلوم كلية تحتاج للكثير من التقدير وأن موادها موادٌ ليس لها نظير، وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك شيء بجانبها حتى وإن كان حبا أو زواجا، وحين تحدثت عن أصدقائك كانوا رائعات متميزات ولم يكن يجوز أن يكون بجانبهن أمر آخر، وما الزواج إلا حبا أخبل ومسئوليات مزعجة!!
وهكذا حين وقعت في الحب كان نفس الشيء غرقت في هذا الحب -إن أسميناه حبا- للدرجة التي جعلتك تغيرين تفكيرك في كليتك وتفكرين في كلية الآداب حتى تتناسب مع حبك لأن زواجك لا يجوز أن يكون شكلا اجتماعيا ولكن زوجك سيكون محبوبك وصديقك وابنك... إلخ فمن قال أن الزواج يتعارض مع الطموح والدراسة؟!! ومن قال أن الدراسة بحق لا تجعلنا زوجات ناجحات؟!!
ومن قال أن الحياة لون واحد ومعنى واحد، ومن قال أننا جزء واحد؟ فنحن نفس وروح وجسد وعقل ولكل متعته ورسالته فهل ستفكرين أن تنتقلي من مربع الغرق إلى مربع الإدراك فتتوازنين وترين حياتك بشكل أوضح!!لم يبق لي أن أقول لك سوى أن ما مررت به ليس حبا فلقد اكتشفت أنك لم تعرفيه حقا وقلبك حقا يخونك حين يحن إليه رغم أنه لا يحن إليه لأن عقلك يرفضه، وإنما يحن للشعور والإلف والشيء الجديد الذي تذوقته والفرق كبير، فالكتب والملابس والذكريات هي لا تخصه هو ولكنها تخصك أنت تخص مشاعرك أنت فلا تحرقيها ولا تفسديها فهي أنت وغدا ستستخدمينها بل وستسعدين بها.أرجو أن يوفقك الله في كلية العلوم، وبالمناسبة الفرق بين علم النفس وعلم الاجتماع هو أن علم النفس يخص الفرد وحده، وعلم الاجتماع يخص المجتمع، وهناك علم ثالث اسمه علم نفس اجتماعي هو أحد فروع علم النفس فيه يدرس الاثنين وتأثيرات كل منهما على الآخر....