ومن يحب المذاكرة؟

رد المستشار

الابنة العزيزة، أهلا وسهلا بك ونشكرك على ثقتك في موقعنا وصفحتنا استشارات مجانين، من الطبيعي يا بنيتي أن نحب موادًا أكثر من مواد، فمعنى هذا أننا نذكر كبشر ولنا مشاعر، لسنا آلات تسجيل تسجل ما ينطبع عليها دون أن تحس به، إذن فليس في عدم حبك للرياضيات وللمواد الاجتماعية ما يعيبك أو يعيب تفوقك!

لكن لي ملاحظةٌ صغيرة هنا، وهي أن هاتين المادتين تختلفان إلى حد كبير في نوعية المهارات العقلية المطلوبة لاستذكار كل منهما، فبينما تحتاج الرياضيات إلى القدرة على حل المشكلة واستنباط العلاقات بين الأشياء والاستنتاج، تحتاج المواد الاجتماعية إلى القدرة على الإلمام بمعلومات كثيرة وحفظها دون أن يكونَ للفهم أو الاستنتاج دورٌ كبير في إتقان استذكارها، وقد اعتدنا أن نجد من يواجه صعوبةً إما في المواد الرياضية لكنه يجد المواد الاجتماعية سهلة عليه أو العكس، أو أن نجد من يواجه صعوبة في المذاكرة عموما في كل المواد، أما مثل حالتك فغريبة نوعا ما.

وهذا يعني أن العيب ليس لا فيك ولا في المواد نفسها، لأننا لا نستطيع الحديث عن ضعف ملكات معينةٍ لديك خاصةً في حالة كونك متفوقةً بوجه عام، وإنما نستطيع رد الأمر إلى عيب إما في تدريس هذه المواد لك، أو ارتباطها بشكل أو بآخر بما يسببُ لك ضيقا على مستوى المشاعر، أقصد أنك ربما كرهت تلك المواد لأسباب أخرى مختلفةٍ عن عجزك عن استذكارها بشكل جيد، ولابد أن تبحثي عن هذا السبب في ذاكرتك، فمعرفة السبب سوف تساعدك كثيرًا، لأن علاج السبب هو أقصر طرق العلاج.

بقي بعد ذلك سؤالك ماذا أفعل؟ والمفروض في حالة عدم اكتشافك للسبب، أن تعطي اهتماما أكبر لهاتين المادتين، أي أن تجبري نفسك على استذكارهما أكثر مما اعتدت رغم كرهك لذلك أو على الأقل عدم سعادتك به، وأحب أن أقول لك شيئا يا صغيرتي، لم يكن يقوله لنا أحد عندما كنا في مراحل الدراسة مثلك، وهو أن الإنسان الطبيعي هو الإنسان الذي لا يحب المذاكرة وليس العكس!! إلا في حالةٍ واحدةٍ هي التي يكونُ فيها التفوق مجال ذلك الشخص الوحيد لإثبات ذاته فهو الأول مثلا ويجد أن المذاكرة تجعله يحافظ على وضعه فمن الممكن هنا أن يحبها مادامت سلوكًا يعطيه المكافأة أولا بأول، أما أن نجد من يحب المذاكرة لله في الله فهذا إنسان غير طبيعي.

أرجو أن أكونَ قد طمأنتك وأتمنى لك مزيدًا من التفوق وتابعينا بأخبارك. 
ويتبع>>>>>: ومن يحب المذاكرة ؟ م. مستشار

المستشار: أ.د وائل أبو هندي