مشكلتها كيف تحل؟
بسم الله الرحمن الرحيم؛
أولا أشكر الشكر الجزيل الأساتذة المستشارين في هذا الموقع المبارك الذي ساعد ويساعد الكثير من المهمومين أرجو أن يتسع صدركم لمشكلتي أو لمشكلتها!!
أنا شاب في الخامسة والعشرين من العمر أدرس في إحدى جامعات العراق فأنا بقي عندي سنتان على التخرج وخلال سنتين من الدراسة تعرفت على فتاة أحببتها بقلبي وعقلي لأنها مختلفة عن الجميع برأيي وهي التي كنت أبحث عنها وهي أيضا تحبني وأنا على يقين من ذلك وحلقت بحبها بجناحي العقل والعاطفة وقلت لها في السنة الثانية "أني أريدك زوجة" فوافقت واتفقنا على الخطوبة بعد التخرج إن شاء الله تعالى وأخبرت والدتها وأختها وأنا بدوري أخبرت أهلي ووافقوا على ذلك.
المشكلة هي أن هذه الفتاة عانت ما عانت من المشاكل والهموم وأنا أقف مذهولا أمام صبرها وتحملها وهذا ما زاد إعجابي بها ولكني أتألم كثيرا لأني أراها تتعذب أمامي ولا أستطيع مساعدتها سوى الدعاء لها بالشفاء ولا استطيع إنقاذها من هذه المشاكل وأتزوجها الآن بسبب ظروفي المادية لأني مازلت طالبا ولا أستطيع إدارة أمور الزواج حاليا أول المشاكل هي مرضها المتواصل فهي هزيلة الجسم وفي ضعف مستمر حتى وصل وزنها 46 كيلوغرام وعمرها عشرون عاما فهي تعاني من فقر الدم وتعاني من الشقيقة ومؤخرا أجرت عملية رفع اللوزتين وهي تعاني الآن من فقدان الشهية والصداع في رأسها.
ولقد ذهبت إلى أكثر من طبيب وأخذت أكثر من علاج ولكن دون تحسن بالإضافة إلى مرضها فهي تعاني من المشاكل المستمرة في البيت فأهلها في صراع متواصل والجو دائما متوتر بسبب ظروف الحياة الصعبة ووالدها هو مصدر هذه المشاكل فهو يشرب الخمر ويقلب حياتهم جحيما هل من الممكن أن هذه الظروف تؤثر على صحتها فهي إنسانه حساسة جدا إذا تأثرت من موقف معين تمتنع عن الطعام أو تفقد شهيتها على الطعام وعلاقتها بأمها وأختها جيدة وهي تخاف من والداها الذي يصر على رأيه وتخاف من إذا تقدمت لها أن يعاند أبوها ويرفض لأنها لا تتخيل إلا السعادة معي وأنا كذلك لا أتخيل سعادتي إلا معها والعمل على راحتها وأتمنى ولو أستطيع تحمل جزءا من معاناتها طلبي منكم أيها الأفاضل أن ترشدوني إلى طريق مساعدتها كيف؟؟؟ وهل بإمكاني عمل شيء قد كان خفي عني؟؟
وجزاكم الله خير جزاء المحسنين
01/09/2006
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله؛
بارك الله لفتاتك بطيب مشاعرك ورقي نواياك وحرصك عليها رغم أن ما تستطيع القيام به في الوقت الحاضر قليل بسبب ظروفك الخاصة وظروف بلدك العامة، ولمسئولية كل فرد بداية عن ظروف حياته والتغيير فيها.
تنبع معاناة فتاتك من ظروفها الأسرية التي تتصف بالعنف والتوتر وتنعكس بالتالي عليها جسديا من خلال مجموعة الأمراض التي تسمى أمراضا سيكوسوماتية وهي مجموعة من الأعراض الجسدية ذات الأصول النفسية ومن أهم مؤشراتها عدم استجابتها للمعالجة الدوائية، بالإضافة إلى أن هذه الفئة من المرضى تميل إلى تغيير الأطباء كي تجدد ما تحصل عليه من تفهم وتعاطف يعوض الظروف التي يحاولون الهرب منها من خلال الشكاوى الجسدية مما يضعف قدرة أي دواء على تحقيق ولو درجة بسيطة من تحسن الأعراض.
الظروف التي تعيشها الفتاة لا تنعكس عليها جسديا فقط بل نفسيا أيضا كما يتضح من خلال شعورها بالقلق على موقف والدها من ارتباطكم بعد عامين وهي فترة طويلة قد تتغير خلالها الكثير من الأمور سلبا أو إيجابا فالقلق على أمر يفصلنا عنه عامين جدير بالحصول على مساعدة لوضعه في حجمه الطبيعي.
تستطيع كأولوية ألا تسمح لها بأن تنقل لك توترها ومعاناتها النفسية كي لا تجد نفسك في حالة توحد شديد معها فتعيش مشكلتها كأنها مشكلتك فهناك فرق بين التعاطف والتوحد فالثاني يضعف قدرتك على التفكير والمساعدة بينما يوجهك الأول لطرق المساعدة الممكنة ووجودك قويا ثابتا مستقرا نفسيا على الأقل أكثر نفعا لكما معا.
وجهها وشجعها كي تتعلم كيفية التعامل والتعايش مع العنف الأسري بأقل قدر ممكن من الضرر النفسي والجسدي مثلا من خلال تعلم كيفية تجنب ساعات غضب الوالد أو من خلال تجنب مثيرات غضبه, والتركيز على النواحي الإيجابية لديها في الحياة مثل طيب علاقتها بوالدتها وأختها فمثل هذه العلاقة تقدم بديل جيد وناجح لقصور الجو الأسري العام. الاهتمام بدراستها والانخراط في أي نشاط غير أكاديمي تحبه أو تبرع فيه ضمن ما يتوفر في أي بيئة تعليمية يشكل عاملا فعالا في تنفيس المشاعر السلبية الناتجة عن سوء الظروف الأسرية.
ولا ننسى التركيز على إيجابية مشاعرك واهتمامك بها ففي الحياة لا نستطيع ضبط الأمور حسب قدراتنا ورغباتنا ولكننا نستطيع تعلم كيفية استثمار ما لدينا كي نعوض ما ينقصنا وما لا نستطيع الوصول إليه. بقاؤك قويا إلى جانبها أكثر فائدة لها من تمني تحملك بعض معاناتها فانشغل بالدعاء أن يهدي الله والدها ويزيدها قوة ومعرفة بكيفية التعامل مع مشكلاتها كي تبقى مشاعركم حية طالما دفعتكم للأمام وأمدتكم بمزيد من القوة.