السلام عليكم
أنا أبلغ من العمر عشرون عاما ولى أربعة أخوات يصغرنني, وكان أبى يعمل في إحدى شركات القطاع العام, ولكن للأسف بعد بيع الشركة كان المالك "الهندي" الجديد يضع شروطا قاسية للعمل بهدف إجبار العاملين على ترك مواقعهم, وقد تحمل أبي كل هذا من أجل الإنفاق علينا حيث كان يحبنا بشكل جنوني, ولكنه بعد فترة من الوقت أصيب بجلطة في المخ وأحيل للتقاعد بمعاش ضئيل وأصبح عاجزا عن القيام بعمله الإضافي الذي اعتاد عليه, وهنا بدأت الأزمة التي تخنقنا جميعا حيث عانينا أزمات مادية كثيرة دون أن يمد أحد يد العون لنا, ونحن في نفس الوقت لا نقبل إحسانا من أحد فقد ربانا أبونا على عزة النفس.
ما يؤلمنا أكثر الآن هو أن الوالد أصبح شديد العصبية يشتم ويضرب أحيانا لأتفه الأسباب فهو يشعر أنه أعطى الكثير لبلده ولم يأخذ شيئا غير المذلة والهوان في كبره, فقد كان موظفا مخلصا شريفا يعوض ضعف دخله الوظيفي بعمل إضافي كان يأخذه منا أغلب الوقت, والآن حين جلس معنا أصبح في حالة لا تحتمل بسبب مرضه وسخطه على ما حدث له ولنا وللشركة التي كان يعمل فيها.
هل هو في حاجة إلى علاج نفسي؟ بصراحة لم نعد قادرين على احتماله رغم حبنا الشديد له ونخشى أن يأتي اليوم فنكرهه بسبب تصرفاته المزعجة,
آسفة لأن أقول هذا عن أبى ولكن هذا غصب عنى فاعذرني.
12/3/2007
رد المستشار
الأخت الفاضلة؛
أحيانا يصعب الفصل بين الأزمات الفردية أو الأزمات العائلية من جانب وبين أزمة المجتمع من جانب آخر، فوالدك كان موظفا مخلصا شريفا وأبا حنونا، وكان من المتوقع أن يجد من المجتمع تقديرا لذلك خاصة حين يكبر ويمرض وتنعدم قدرته على العمل، ولكن الظروف الاقتصادية والاجتماعية في السنوات الأخيرة لم تراع تلك الطبقات الضعيفة التي تعيش بالكاد وبالرزق الحلال فحدث ما حدث للكثير من الأسر التي يفقد عائلها القدرة على العمل فترتين وأحيانا ثلاث فترات ليغطى احتياجات أسرته.
ونظرا لتراكم المشكلات على الناس لم يعد المجتمع قادر على الانتباه أو الاهتمام بمن يسقطون على الطريق بل أحيانا يدوسهم الناس دون أن يدروا، ولا توجد مؤسسات حكومية ترعى من سقطوا ولا توجد جمعيات أهلية كافية تقوم بذلك، وهذا يجعل الأمر قاسيا على من هم في مثل حالكم.
والمخرج في رأيي أن تحاولي الحصول على عمل وأن تشجعي إخوتك على ذلك لتعويض ما فقدتموه بسبب مرض الأب خاصة وأن لديكم حساسية في قبول المساعدة من الآخرين (هذا في حالة وجودها أصلا)، أما الوالد فهو في حاجة إلى معاملة هادئة وصبر علي تصرفاته وفى نفس الوقت يحتاج إلى علاج طبي للسيطرة على انفعالاته الزائدة الناتجة عن الجلطة من ناحية وعن الظروف التي مر ويمر بها من ناحية أخرى. والمجتمع كله في حاجة إلى علاج يتجاوز به أزمته الخانقة قبل فوات الأوان.