اختيار شريك الحياة
قرأت على موقعكم في اختيار شريك الحياة أن هناك نوعية من الشخصية التي تحب المتعة واللذة هل هذه الشخصية ممكن تتغير لو عنده إصرار
بانتظار ردكم
وشكرا لكم
25/05/2007
رد المستشار
أخي العزيز؛
معظم الناس يحبون المتعة واللذة في الحياة، ولكن في حدود ما شرعه الله لنا في الأديان، وليس انحرافاً عن الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، وكل ما على الأرض من متع ولذات قد أحلها الله لنا إلا ما حرمه سبحانه وتعالى علينا بنص قطعي، فالزواج بين المرأة والرجل إشباع لشهوة كل منهما في الحلال، وإنجاب للذرية، وهم زينة الحياة الدنيا، والعافية والصحة البدنية والنفسية من النعم الجزيلة علينا، وجمع المال بالحلال من المتع واللذات ومن عوامل الإحساس بالأمان في الحياة، والطعام الشهي والشراب اللذيذ من اللذات، والنوم على الفراش الوثير من المتع، وكذلك وسائل النقل المريحة مثل السيارة الفارهة والطائرة واليخت من اللذات، والقدرة على ممارسة الهوايات المختلفة من كماليات الدنيا، ومن نعم الله الجزيلة علينا، وعدد أخي الفاضل من متع ولذات ونعم حلال ولا حرج!.
أخي الغالي؛
إن كنت تقصد باللذات والمتع المحرمات كالزنى والشذوذ والمخدرات والخمور والسرقة والغش والخداع والنصب والانحراف فهذا هو عذاب الدنيا قبل الآخرة، عافانا الله وإياك من شر المحرمات وما تجره من الوبال والويلات على من يفعلها، وعافانا الله وإياك من كل ما يغضب الله عز وجل، وهذا الابتلاء بفعل أي شيء من المحرمات له علاج بالتوبة والندم والعزم على عدم العودة إلى فعل الحرام، ثم استغفار الله عز وجل، وكما قلت أنت فهذا يحتاج لعزيمة وإصرار حتى يتمكن العاصي من التوبة إلى الله عز وجل واستغفاره، وبالتالي فتغيير الشخصية إلى الأفضل وارد وممكن بشرط إخلاص العبد لله في السر ثم بعزيمته وإصراره ودوافعه القوية في عمل الخير إرضاءً لله وتجنب ما يغضبه عز وجل من الشر.
وكم قرأنا وكم رأينا في حياتنا من مجرمين وظلمة ومنحرفين يهديهم الله إلى سواء السبيل، بعد أن علم الله تعالى ما في قلوبهم من رغبة في الخير والتوبة والاستغفار والرجوع إلى حظيرة الله عز وجل؛ وسأذكر على سبيل المثال لا الحصر عابد الحرمين الفضيل بن عياض والذي كان قاطع طريق ثم تاب وأناب واهتدى، وسأحكي لك أخي الفاضل قصة توبته لطرافتها:
ذات ليلة واعد الفضيل جارية كان يعشقها أن يجيء إليها في الظلام وهو يقطع الطريق "كوظيفة له" على المسافرين بخرسان!!، فلما وصل بيتها وتسلق الجدار سمع قارئا يقرأ من سورة الحديد قوله تعالى: "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق. ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون. اعلموا أن الله يحي الأرض بعد موتها" وتوقف الفضيل عن التسلق وأعاد الآية فشعر أن قلبه يحيا بعد موته؛ فنزل عن الجدار وهو يقول (بلى والله لقد آن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق)، وكانت توبته بمدارسة العلم وتدريسه بالحرمين الشريفين، وهو من العلماء الثقات أولي الفضل في تاريخنا الإسلامي، فباب الله أخي طيب القلب مفتوح لكل سائل ولكل تائب من التعلق بالشهوات واللذات والمتع الحرام، فما أرحم الله عز وجل!! وما أبره بعباده سبحانه وتعالى!!، يقول الشاعر:
الله يغضبُ حين ترك سؤاله وبُني آدم حين يُسأل يغضب
أتمنى أن أكون قد أجبتك عن سؤالك، هدانا الله وإياك وتقبل توبتنا واستغفارنا ورحمنا وتاب علينا وغفر لنا وتقبلنا في عباده الصالحين... آمين