أحب أبي فهو قدوتي..
لكني أشعر أنه لم يكن يحب أمي بالقدر الكافي لأنه تزوج بعد وفاتها بشهور من خالتي بحجة خدمتنا مما أفقدني الثقة بكل الرجال وبأبي،
كيف أعود كما كنت محبة لكل ما حولي؟
15/06/2007
رد المستشار
أهلا بك يا "مي"، وأهلاً بشكواك التي أسأل الله أن يعينك للتخلص منها وللأبد.
يبدو أنك تعبت من هذه المشاعر السلبية بالكره لوالدك الذي أحببته طوال سنوات عمرك واعتبرته مثلك الأعلى، وتريدين العودة إلى ما كنت عليه: محبة لكل من حولك..
حتى تستطيعي أن تحبي من حولك تحتاجين أولا إلى تجاوز آلامك التي سببوها لك، وحتى تتجاوزي هذه الآلام تحتاجين إلى تفهم تصرفاتهم التي سببت لك هذه الآلام، وأعتقد أن أفضل طريقة نستطيع أن نفهم بها من حولنا هي بوضع أنفسنا مكانهم، قومي معي بهذا التمرين، أغمضي عينيك وتخيلي: رجل معيل (لديه أولاد يحتاجون للرعاية) تتوفى زوجته وأم عياله، يعمل، ما هي الخيارات المتاحة أمامه: يترك عمله ويجلس بجوار أبنائه في البيت يراعيهم.. ومن سيصرف على الأسرة إذا؟؟
الحل الثاني: يأتي بالبديل عن الزوجة والأم المتوفاة.. بالتأكيد الحل الأول مرفوض بكل المقاييس، لم يبق إلا الحل الثاني، ومن سيكون أفضل شخص يقوم بهذا الدور؟ الخالة، لأنها يا عزيزتي بالفطرة أحن شخص على الأطفال.. بل إنكم محظوظون أن لكم خالة يمكنها أن تقوم بدور أمكم..
ثم لماذا أنت ترفضين هذه الزيجة؟ هل لاحظت عليهما ما يدعوك إلى هذا الموقف (كأن يسيئا معاملتكما و...... )، أم انه مجرّد نوع من الوفاء لذكرى والدتك؟؟
الحياة يا عزيزتي ليست بالرومانسية التي ترينها، الواقع يفرض نفسه في النهاية، ومهما كان الرجل محبا ووفيا لزوجته، ولم يفكر قط في زواج ثاني، إلا أن البيت المفتوح، الأطفال الصغار، أعباء الحياة الضخمة، كل هذا يفرض نفسه ليجبر الرجل على الدوس على قلبه وعلى الزواج من أخرى، وأكبر مثال على هذا رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، حين توفيت زوجته الحبيبة السيدة خديجة رضي الله عنها لشدة حزنه عليها وعلى عمه الذي توفي في نفس العام الذي توفيت فيه، سمى ذلك العام بعام الحزن، وبقي سنتين تقريبا بدون زواج، ولكن البيت ومتطلباته والأطفال.. كل هذا يفرض نفسه في النهاية، فتزوج حفاظا على أسرته.
ثم إن والدك ولله الحمد حكيم جدا، ويحبكم جدا، فهو لم يفكر في نفسه أولا في هذا الزواج الثاني، فلم يختر "اللي على مزاجه"، بل اختار"اللي تكون أحنّ واحدة على عياله" فالخالة أم، وهذا حقيقي، بل إن رسول الله أمر أحد الصحابة ببر خالته بعد أن توفيت أمه وقال له: الخالة أم.
هذا كله رأيي ونظرتي للمشكلة من خلال الكلمات القليلة التي ذكرتها وقد أكون مخطئة لأنني لم أعرف كل الحقيقة، ولكن إذا كانت الحقيقة هي كل ما ذكرته في سؤالك، فأعتقد أنك تحتاجين إلى مراجعة نفسك وإعادة حساباتك من جديد، لتري الجوانب الإيجابية الكثيرة في هذه الزيجة كما أراها.. فأنا أرى أمامي أنموذجاً لرجل محب لأولاده، خائف على أسرته، لدرجة أنه أعطاهم الأولوية في حياته. وقدمهم على رغبات نفسه، أما إذا اعتبرت هذا نوعاً من عدم الوفاء من جانب والدك لوالدتك رحمها الله، فوفاء الزوج لذكرى زوجته الراحلة لا يعني أن يهمل في التزاماته، فهذا رسول الله، رغم أنه كان يكن لخديجة أعظم الحب الذي لم تنطفئ جذوته ولا ذكراه حتى بعد وفاتها بسنوات طويلة، نجده قد ضغط على نفسه وتزوج التي تحتاجها أسرته ليكمل بيته مسيرته.. الحياة لا تتوقف عند أي حادثة تمر بنا.. وهذا يا عزيزتي من رحمة الله عزّ وجل.. تخيلي أن يتجمد الزمن عند لحظات الحزن!؟!؟!؟
ماذا كان سيحدث لنا؟!؟!
أرجو أن أكون قد خففت قليلاً من آلام قلبك..وتابعينا بأخبارك