السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي باختصار أن أبي يعاني من الأحلام وبشكل يومي حيث إنه عندما يصحو يكون منهكا من شدة الأحلام
حيث أنه يحلم بالحروب ومشاجرات وبشكل مستمر..
أرجو منكم مساعدتي بطريق أستطيع تخليصه من هذه الأحلام مع الشكر الجزيل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
22/06/2007
رد المستشار
الأخت السائلة؛
أهلا بك وشكرًا على إفادتك القصيرة الدالة، والتي كانت ستستفز ردًّا مطولاً عن الأحلام -من وجهة نظر الطب النفسي- لولا حصرك لمحتوى الأحلام في الحروب والمشاجرات، فالأحلام ظاهرةٌ طبيعية تماما تحدثُ لكل بني آدم أثناء نومهم، وكلنا يحلم كل ليلة سواء تذكرنا أم لم نذكر، فليس معنى أننا لا نتذكر أحلام الليلة الماضية في الصباح أننا لم نحلم.
والأحلام ما تزال عالما فريدًا يدخله النائم، أسراره أكثر بكثير مما هو معلوم عنه وحتى هذا المعلوم نفسه ما زال مثار اختلافات وجدل بين العلماء.. فبالرغم من أن اكتشاف نوم حركة العين السريعة واختراع مختبر النوم الذي يسجل نشاط المخ وبقية أجهزة الجسم أثناء النوم.. بالرغم من أن ذلك مكن العلماء من دراسة النوم بطريقة علمية فإن ما تم فهمه بالفعل قليل.
فمثلا هناك كما قلت من يتذكر أحلامه وهناك من لا يتذكر منها شيئا وهناك من نسمعه يقول أنا لا أحلم مع أن كل الناس يحلمون حوالي ساعتين أو أكثر كل ليلة نوم! لكن ليس كل ما نحلم به نتذكره ويبدو أننا لا نتذكر إلا القليل! وأما محتوى الأحلام فبعد أن كان في مرحلةٍ من مراحل تطور الطب النفسي يعتبر بمثابة الطريق الذهبي إلى اللاشعور، وبالتالي إلى مفتاح العقدة وغير ذلك من المفاهيم القائمة على نظرية التحليل النفسي، أصبح الآن يعامل كمجرد تعبيرٍ يؤخذُ بالعموميات وبالجو العام ليعبر عن المكنون النفسي للنائم، فنجد أحلام المريض المكتئب مليئةً بالموت وبالأحزان والفقد بوجه عام، أو نجدها عند مرحلة معينة من العلاج تتجه ناحية الأمل وهكذا، بينما نجد أحلام مرضى القلق باضطراباته المختلفة مليئةً بمواقف التعرض للأخطار والمخاوف ومواقف الالتباس أو الحيرة وهكذا.. بمعنى آخر أصبح محتوى الحلم كما يرويه لنا الشخص يعامل بنفس الطريقة تقريبا التي نتعامل بها مع وعيه الحاضر وأعراضه المرضية.
ولذلك جاءت إفادتك ناقصةً بشكلٍ كبير (رغم أنها دالة)، لأنك لم تذكري لنا شيئًا عن حياة أبيك ولا معلوماتٍ عن شخصيته، ولم يتعد ما ذكرته مجرد ذكر تأثير الأحلام عليه، فقلت في إفادتك: (حيث إنه عندما يصحو يكون منهكا من شدة الأحلام)، ولم نجد أمامنا هكذا إلا البناء على كلمتين هما الحروب والمشاجرات! ولم تذكري لنا حتى فترةً زمنية لمعاناة أبيك عافاه الله.
المهم أن في أحلام الحروب والمشاجرات تعبيراً عن القلق والخوف بكل مستويات ذلك القلق والخوف، فالحروب على يميننا وشمالنا وعلى مقربة من رقابنا جميعا كأمة، فهل المسألة مسألة تفاعل من أبيك مع قضايا الأمة؟ أم هيَ مجرد تعبير عن أزمةٍ حياتية يمر بها الرجل؟ وهل المشاجرات تعبيرٌ عن اضطراب حادثٍ بالفعل في علاقاته الاجتماعية؟ إننا مع الأسف لا نستطيع الإجابة عن كل هذه الأسئلة!
يجب يا أختي أن تذكري لنا كثيرًا من تفاصيل حياة أبيك اليومية، كم عمره، وماذا يعمل، وكيف يقضي يومه، ومنذ متى بدأت تطرأ عليه هذه التغيرات؟ ثم ما هيَ حالة نومه وأكله وشهيته؟
بمعنى آخر: هل يعاني من الأرق أم من الحزن الزائد عن الحد الطبيعي، وهل شهيته للطعام جيدةٌ كما كانت من قبل أم لا؟ وهل هيَ أفضل في الصباح حين يتناول إفطاره أم في المساء حين يتناول عشاءه؟ ثم ما هيَ التغيرات التي طرأت على محيط الأسرة التي تعيشون فيها؟ وما هو دور أمك؟ إلى آخر ذلك من تفاصيل تفتح لنا الطريق لإرشادك إلى كيفية مساعدته.
بالرغم من ذلك فإن ما أستطيع استخلاصه من استمرار هذه الأحلام وتكرارها بالمحتوى الذي ذكرته في إفادتك إضافةً إلى ذكر أبيك لها، وقيامه من نومه منهكًا مرجعًا السبب لها، مع أن السبب في الأغلب هو اضطراب النوم نفسه ربما بسبب القلق وربما بسبب الاكتئاب.. كل ذلك يشيرُ إلى أن أباك يمرُّ بأزمة شعوريةٍ ما قد تكونُ رد فعل لأزمةٍ حياتية على المستوى الفردي أو الأسري وتحتاج هذه الحالة إلى النقاش الواضح والمفتوح ومحاولة تفريغ مكنون نفسه الذي لا يتكلم عنه، فربما يشعر الرجل بأنكم تبتعدون عنه بالتدريج وتتركونه وحيدًا.
وقد تكونُ هذه الأحلام علامةً على وجود اضطراب نفسي يحتاج إلى الفحص والاستقصاء من قبل طبيب نفسي متخصص وهذا هو ما ننصحك به لأنه إن شاء الله أقصر الطرق للعلاج. وفقك الله وأدامك بنتا مخلصةً لأبيها وأهلها
وتابعينا بأخبار أبيك وأخبارك.