السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة أما بعد
أنا أنتظر الرد علي في أسرع وقت لكي نتفادى أن يحصل أي شي كالطلاق لأن الطلاق أبغض الحلال عند الله عز وجل ولي العلم هما متزوجان من أكثر من 25 سنة.
أنا مواطن سعودي ولكن أعيش في دولة أجنبية بسبب الدراسة الجامعة ولدي مشكلة كبيرة وهي مشكلة "والدي ووالدتي" نحن عائلة محافظة على العادات والتقاليد الإسلامية ولله الحمد والدي رجل أعمال وهو رجل مواظب على الصلوات الخمس والسنن الرواتب وعلى أداء الزكاة والصدقة ومنصف بيني وبين أخواتي ومرضي والديه ووالدتي كذلك ولكنها تعمل مدرسة في القطاع الحكومي,,,,
حصلت مشكلة من حوالي 7 سنوات بين والدي ووالدتي وكادت تودي إلى الطلاق ولكن الحمد لله كل شيء رجع إلى حالته الطبيعية وانتهت المشاكل وأسباب هذه المشكلة هي مدرسة تدرس في نفس المدرسة مع والدتي سرقت من شنطة والدتي دفتر التلفون "مذكرة أرقام التلفون الخاصة بها" وبدأت تتصل على أبي وتقول له أن والدتي تذهب مع أشخاص آخرين من دون علمك وبدأت تراقب منزلنا وتتصل على أبي وتخبره بموقعه إذا كان في مكتبه على سبيل المثال.
وفي هذا الوقت الشيطان موجود وبدأ أبي يشك في والدتي بأنها غير مخلصة للحياة الزوجية وأنها لا تخاف الله وبعد أن رجعت والدتي إلى بيتها وحياتها الزوجية من دون أي حالة طلاق اكتشفت والدتي من هي المرأة التي سرقت مذكرة الهاتف الخاصة بها واتضح أن هذي المرأة كانت تنوي أن والدي يطلق والدتي ومن ثم يتزوج بها لأنها كانت تحسد أمي على أن زوجها رجل أعمال ويملك نقود وبيت وسيارة من أفضل الأنواع.
وبعد هذه الحادثة التي نجانا الله منها عادت حياتنا إلى الوضع الطبيعي ولكن من حوالي سنة عادت حالة الشك إلى أبي وبدء يشك من جديد في والدتي وحصلت مشاكل كثيرة ولكن الحمد لله والدتي امرأة عاقلة لم تخبر أحد سواي حتى أنها لم تخبر أخي الذي هو أكبر مني وهو يدرس في الخارج أيضا ولكن في دولة غير التي أنا فيها.
ومن هذه الشكوك كل يوم يرى الكاشف الخاص بتلفون البيت ويبدأ يسأل أمي عن الأرقام التي لا يعرفها الصادرة والواردة يبحث في تفاصيل الفاتورة التابعة للبيت لأنه يظن أنه يمكن إن أحد مسح أي رقم من الكاشف قبل أن يشاهده يبحث في الهاتف النقال والذي هو لوالدتي عندما تذهب والدتي إلى بيت أهلها والذي هو في مدينة تبعد من بيتنا 200 كيلو متر يبدأ بالاتصال أكثر من مرة في اليوم الواحد لكي يكشف إذا والدتي طلعت من بيت أهلها من غير علمه.
منع استقبال المكالمات الواردة إلى بيتنا وفي آخر مرة اتصلت على والدتي لكي اطمئن على صحتها وعلى إخواني قال لي أبي إذا أردت أن تتصل على والدتك أرسل لي رسالة عندما أكون في البيت ومن ثم أنا سوف أقول لوالدتك أن تتصل بك وعندما سألته لماذا قال أن هناك أشخاص يتصلون على رقم البيت للإزعاج فقط فقرر أن لا أحد يرفع الهاتف.
سؤالي لك يا دكتور هو كيف أستطيع أن أبعد هذه الشكوك من أبي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إذا لم تفهم ما كتبته يا دكتور أرسل لي رقم هاتفك والوقت المناسب اللي يمكنني فيه أن أتصل عليكم وأنا سوف أقوم بالاتصال عليك.
أسأل الله العلي العظيم أن يجعلك أنت ووالديك من أهل الجنة وصلى الله وسلم على نبيه وعلى آله وصحبة وسلم المرسل أخوك في الله17/7/2007
رد المستشار
الابن العزيز؛ أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين وشكرا جزيلاً على ثقتك، إفادتك واضحة يا بني بل هي مشكلة شائعة بين الأزواج تتداخل مع الغيرة وكثيرا ما يتأخر أصحابها عن طلب العلاج بسبب ذلك.
للوهلة الأولى يا بني بدا لي وأظنه يبدو لكثير ممن يقرؤون سطور إفادتك أن المرة الأولى التي أبدى والدك فيها شكوكا في سلوك والدتك تطورت إلى حدوث انفصال بينهما لم يصل بفضل الله إلى الطلاق، تبدو تلك الحادثة للوهلة الأولى وكأنها بسبب صديقة والدتك تلك الصديقة صاحبة النوايا السيئة والسلوك المشين، ورغم أن هكذا سلوك يمكنُ فعلا أن يحدث من صديقة تجاه صديقتها إلا أن ما حدث لوالدك في المرة الحالية يشككُني كطبيب نفسي كثيرا في الأمر، ولا أدري إن كان من المفيد أن تراجع والدتك في مدى تيقنها من أن صديقتها فعلت ذلك، ولكنه حتى لو كان فعلا قد حدث فيمكنك اعتباره لا أكثر من القشة التي قصمت ظهر البعير، وعلى أي حالٍ ليس هذا هو المهم الآن وإنما المهم هو الالتفات لمعاناة الوالد الذي يحتاج مساعدة حقيقة وعاجلة.
فما تصفه من اضطرابٍ أصاب أولا أفكارَ الوالدِ ثم مشاعره ثم سلوكياته تجاه زوجته وأم أولاده، هو أحد الاضطرابات الوهامية (الضلالية) المستديمة Persistent Delusional Disorder من النوع المتعلق بالغيرة على الزوجة والشك في سلوكها، ويسمى بالغيرة الوهامية (الضلالية)Delusional Jealousy، وأحيانا يسمى وهام الخيانة الزوجية Delusion of Infidelity .
وهو اضطراب يصنف داخل طيف الوسواس القهري طبقا للاعتبار الأقرب للصحة في فهمنا للطب النفسي، ويتميزُ بأن الزوج فجأةً يبدأ في الشك في إخلاص زوجته له (وأحيانا في صحة سلوك بناته خاصةً في مجتمعاتنا)، ويبدأ في المعاناة من أفكارٍ تشبه الأفكار التسلطية أحيانا والأفكار الوهامية أحيانا والتي نريد إحالتك لكي تفهم الفرق بين الفكرة التسلطية والفكرة الوهامية أحيلك إلى إجابةٍ سابقة لنا على موقع مجانين تحت عنوان: أنفه قصيرٌ وأنوفنا طويلة: وهام الخيانة الزوجية.
كذلك يفعل نفس المريض أفعالاً قهرية استجابةً إما للفكرة التسلطية Obsessive Thought، وإما للفكرة الوهامية Delusional Thought، وتتمثلُ تلك الأفعال القهرية في مراقبة ومتابعة زوجته وتفتيش حاجياتها، وهذا ما أشرت إليه بوضوح عندما وصفت كيف يراجع والدك أرقام المتصلين بهاتف البيت وكيف يراجع الأرقام المدرجة في فاتورة التليفون لنفس السبب وهو الشك في سلوكيات زوجته، ونفس التفسير منطبق على تكرار اتصاله بها أثناء زياراتها لأهلها، ولما كانت هذه الأفعال قهرية بمعنى أن والدك ربما يعرفُ أنها أفعال لا يصح أن يفعلها وربما تكون لديه أفكار يعرف أنه لا يصح أن يفكر فيها أو أن يصرح بها على الأقل فإن والدك يعاني معاناة شديدة في واقع الأمر.
فهو يعلم على مستوى من الوعي أن زوجته امرأة فاضلة وليس هناك ما يبررُ شكوكه في وفائها، لكنه رغم ذلك لا يستطيع الفكاك من إلحاح فكرة الشك في سلوكها، والرغبة في التأكد أو التفتيش من أجل التحقق وربما الملاحقة والمراقبة، ولكنه في ذات الوقت يخجل كثيرا من التصريح بحقيقة شكوكه تلك، وكثيرا ما يظل الزوج المبتلى بمثل هذا الابتلاء طويلا في صراع مريرٍ مع نفسه، حتى يصل إلى درجة شديدة إما من التضييق غير المحتمل وغير المبرر على الزوجة كما نرى في حالة والدك الذي منع الاتصال عن زوجة فاضلة أم لرجل مثلك ولإخوتك، وهو يعطي مبررات غير صادقة لسلوكه، أو ربما يصل إلى حالة من الانفجار والتصريح بوضوحٍ بشكه فيها واتهامه لها، لذلك لا أنصح أبدا بإبقاء الوضع كما هو الآن لأنك ببساطة لا تضمن متى ينفجرُ البركان.
تسألني كيف أزيل تلك الشكوك؟ والحقيقة أن هذا أصعب ما في الموضوع ليس عليك أنت فقط بل على الطبيب النفسي أيضًا والفريق العلاجي المصاحب، لماذا لأن المريض صعبٌ جدا أن يقتنع بأنه مريض إلا إن كانت الحالة أقرب للوسواس القهري -أي للفكرة التسلطية- منها للاضطراب الوهامي -أي للفكرة الوهامية- فهو في الحالة الأولى سيطلب العلاج النفسي عندما يعرف أنه ممكن وسهل بإذن الله ولكنه في الحالة الثانية سيرفض العرض أصلا على الطبيب النفسي باعتباره لا غبار عليه ولا على طريقة تفكيره من وجهة نظره طبعا، وهنا ننصح بأن يكونَ المدخل:
أولا: من خلال رؤية المحيطين لفرط قلق المريض وتوتره خاصة عندما تكون الزوجة خارج القضبان التي يحيطها بها، ومن خلال تنبيهه لذلك نعرض عليه اللجوء بعد الله إلى الطبيب النفسي.
ثانيا: من الجهة الشرعية فلابد من تذكيره بقول سيد الخلق ـصلّى الله عليه وسلمـ ، كما رواه أبو داود والنسائي وابن حبان "إنَّ من الغَيرة غَيرة يبغضُها الله عزَّ وجل وهي غَيرة الرّجل على أهله من غير رِيبة"، ذلك أن شدة الغَيرة تجلِب على المرأة سُبَّة، فسيقول النّاس، إنْ صدقًا وإن كَذِبًا، ما اشتد عليها زوجُها إلا لعلمه بأنَّها غير شريفة، أو فيها ريبة، يقول الإمام علي: لا تُكثِرُ الغَيرة على أهلك فتُرْمَى بالسوء من أجلك.
كما أن كثرة الظن السّيِّئ والتجسُّس منهيٌ عنهما في القرآن والسنة، وقد نَهَي الحديث عن إحدى صوره، وهي الطُّروق ليلاً للمسافر، أي مُباغتته لأهله عند قُدومه من السفر دون علمٍ منهم، فقد روى مسلم عن جابر أن النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ نهى أن يَطرُق الرّجُلُ أهلَه ليلاً لئلاّ يُخوِّنهم أو يطلب عَثراتِهم، وروى البخاري ومسلم قوله صلّى الله عليه وسلم"إذا قَدِمَ أحدُكم ليلاً فلا يأتِيَنَّ أهلَه طُروقًا، حتَّى تَستحِدَّ المغيبة وتَمتشطَ الشَّعثة". صدق رسول الله صلى اله عليه وسلم.
وكما ترى فإن سلوكيات والدك مرشحة للزيادة لأنه شكوكه تعذبه عافاه الله، إذن لابد من الاتصال بطبيب نفسي متخصص والتحاور معه بشأن الكيفية التي تستطيعون بها عرض الوالد عليه، ويحسن أن يقوم بذلك أحد أفراد أسرة الوالد الحكماء وليست والدتك بالطبع، وأسأل الله له الشفاء.
وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين فتابعينا بأخبارك.