أتمنى الموت وحليب في الصدر مشاركة1
السلام عليكم؛
أختي زهرة البنفسج اعذريني على العتاب الأخوي الذي سأوجهه لك, لقد حاولت الانتحار لأنك لم تحصلي على الامتياز ولأن والديك سوف يغضبان!!!، يا إلهي كيف لو أتيت للعيش هنا ماذا ستفعلين في أرض محتلة (فلسطين), وحرب أهلية, ونقص في جميع الإمكانيات؛ انقطاع للماء, وانقطاع للكهرباء, تخرجين كطالبة للجامعة وأنت لا تأمنين أن تعودي سواء بسبب قصف إسرائيلي أو رصاصة طائشة!!!
يا أختي أنا لا أريد أن أجرحك بمشاركتي ولكن أود أن أقول لك ليس هناك ما يدعوك للاكتئاب, إننا في قلب المعاناة ومع ذلك صامدون ولا نحاول الانتحار لأن الله إذا أحب عبداً ابتلاه!
فكوني قويه أختي وواجهي كل مشكلاتك بالصبر والحكمة، وإياك ثم إياك من التفكير في الانتحار، وقوي صلتك بالله سبحانه وتعالى.
في نهاية مشاركتي أود شكر أسرة مجانين على جميييييع مجهوداتهم فهم حقا نعم (الأصدقاء) في زمن قل فيه الأصدقاء...
ولي رجاء لكل شخص قرأ مشاركتي بالدعاء لي بالفرج القريب فإنني حقا تعبت.
25/6/2007
رد المستشار
بنيتي؛ أهلا ومرحبا بك على مجانين.
لقد أثارت رسالتك المعبرة المفعمة بالمشاعر، قليلة السطور، الكثير من الأفكار في رأسي والمشاعر في نفسي، ولكنني سأحاول أن أركز في مشاركتك قدر الإمكان ولتكن إجابتي في نقاط، قد تكون غير مرتبة، أو في نواح مختلفة، ولكن ستحمل كل نقطة منها معاني ورسائل هامة وموجهة:
1- الاكتئاب يا بنيتي مرض عضوي فيه تغيرات كيميائية وكهربائية في عقل المريض المكتئب، لذلك قد يكون الإنسان منعما أشد التنعيم، وعلى قمة الرفاهية في العالم وينتحر من شدة الاكتئاب، كما فعلت مارلين مونرو وداليدا وفيفيان وغيرهن كثير من فاتنات العالم!!!، وهن جميعا لا ينقصهن مال ولا جمال ولا شهرة ولا نفوذ!!، ولكنه الاكتئاب الشرس المؤلم، والذي يُعتبر ألمه أشد من آلام السرطان بإجماع علماء الطب على ذلك!!، وكذلك نجد أعلى معدلات الاكتئاب والانتحار في العالم بين سكان السويد وباقي الدول الاسكندنافية، حيث يعيشون في أكثر بلاد العالم رفاهية مادية واجتماعية وثقافية على الإطلاق!!.
2- لا يصح أبدا أن نقول لمريض نفسي بالاكتئاب أو الوسواس أو غيرهما من الاضطرابات النفسية أن مرضك نابع من نقص إيمان، فالمرض ابتلاء، والابتلاء اختبار من الله عز وجل، يجعله الله أشد لمن يحبه من عباده ليرفعه درجات عنده تعالى أو ليطهره من ذنوب وآثام ألمت به، وندعوا جميعاً لأهل الابتلاء بالصبر والتحمل والعافية والعفو، واحتساب الأجر الجزيل من الله عز وجل، ونحن لا نتمنى الابتلاء في نفس الوقت –عافانا الله منه– كما علمنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، فلا يدري أحد منا هل سيحتمله إذا ألم به أم لا؟؟!.
3- عندما يقع الإنسان منا تحت ضغط نفسي عنيف مثل إخواننا المجاهدين والمرابطين بفلسطين والعراق وأفغانستان وغيرهم من بلدان أمتنا الواحدة فإن الاكتئاب يتلاشى تماما في مثل تلك الظروف، لأن هناك قضية وهدف وأمل لا يخص شخصا أو أسرة ولكنه يخص عقيدة ثم وطن؛ ففي أوقات الحروب القائمة على أساس الدفاع عن قضايا مصيرية وعن حقوق مغتصبة تقل الاضطرابات النفسية وكذلك جرائم السرقة وغيرها من الجرائم المخلة بالشرف، ولذلك كان تشريع الجهاد والرباط في سبيل الله من التشريعات التي تجمع أبناء الأمة على هدف سام واحد نبيل وهو الدفاع عن حقوق أبناء الأمة الواحدة، واستفاد أعداء أمتنا من هذا المفهوم، ولم نستفد نحن منه!، فهم دائما يفتعلون عدواً وهمياً غير موجود ويجيشون الرأي العام ضده ويهاجمونه ويحاربونه، كما حدث في السنوات الأخيرة من الهجوم على أفغانستان والعراق ولبنان، وكما يحدث كل يوم في أرضنا الحبيبة فلسطين!!!.
4- لاحظ علماء النفس أنه بعد زوال الضغط النفسي العنيف من على كاهل شخص ما أنه قد يصاب باكتئاب وقلق، واللذين لم يكونا موجودين أثناء الضغط النفسي العنيف!!؛ ولذا يسمونه "بالإجهاد السلبي" أو Negative Stress ، وذلك مثل الاكتئاب بعد الانتهاء من امتحان صعب قد تم اجتيازه بنجاح، أو الاكتئاب بعد معاناة الفقر والضنك والعوز ثم الغنى والثروة بصورة مفاجئة.
5- بالنسبة لوضع أخواننا في الأراضي المحتلة فهو وضع بائس حاليا -من وجهة نظري الخاصة- لأن الجهاد والكفاح لم يعد موجها كله إلى عدو الأمة الحقيقي؛ وهو العدو الصهيوني، بل اختلط الأمر، وأصبح القريب بل الأخ يوجه الرصاص نحو رأس أخيه؛ وبلا تورع، وكل طرف له حججه في ذلك!!!، وأظن أن هذا انجاز لم تستطع الصهيونية العالمية أن تحققه منذ نكسة حزيران 1967!!!، فحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، واسمحوا لي أن أقص عليكم تلك القصة الرمزية، والتي ذكرها الغزالي في "الإحياء"؛ ومفادها أن الشيطان يستذل ابن آدم ويسحقه عندما يطمع الإنسان منا في الدنيا وينسى الغاية وهي إخلاص الأمر كله لله:
إنها قصة العابد الذي سمع أن شجرة يعبدها الناس من دون الله، فحمل فأسه، وذهب مصمما على أن يقطعها، ويقطع معها دابر فتنة تقديسها وعبادتها، وفي الطريق قابله إبليس فأراد أن يثنيه فأبى، فتصارعا، فصرع العابد إبليس، وبدا كأنه ريشة في يده، وهنا بدأ إبليس في مفاوضة ماكرة مع العابد: أن يعود ويدع الشجرة، فإن قطعها لا يفيد، فقد يعبدون شجرة أخرى، وتعهد أن يعطيه كل يوم دينارا، يجده تحت وسادته، فينتفع به، وينفق منه على المساكين، ومازال إبليس بالرجل، حتى اقتنع، وسلمه مبلغا مقدما، ثم ظل مدة يتسلم فيها الدينار كل صباح وفق ما اتفقا عليه.
ولكن العابد فوجئ يوما بأنه لم يجد الدينار تحت الوسادة، كما اعتاد، فصبر عدة أيام، لعل صاحبه يفي له بما وعده، بيد أنه لم يفعل، فما كان من العابد إلا أن حمل فأسه، وذهب ليقطع الشجرة من جديد، فقابله إبليس، فتحداه، وتنازعا واصطرعا، فصرع إبليس الرجل هذه المرة، وكان كأنه عصفور بين رجليه!
وهنا سأله العابد: ما الذي جعله يغلبه هذه المرة، بعد أن انتصر على إبليس بجدارة في المرة الأولى؟ هنا قال له إبليس: لقد كان غضبك في المرة الأولى لله، فكان لديك من القوة ما لم يكن لي قبل بها!!، ولا طاقة لمواجهتها، فهزمت أمامك بسرعة، أما هذه المرة فكان غضبك لانقطاع الدينار، فلم يكن عندك من القوة ما كان من قبل، وهزمت أمامي بسرعة البرق!!.
وهنا ظهر الفرق بين الغضب للدرهم والدينار والغضب للواحد القهار.
إن المخلص لله لا يلين للوعد، ولا ينحني للوعيد، لا يذله طمع، ولا يثنيه خوف، أسوته في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم الذي عرض عليه الملك والشرف والمال وسائر أعراض الدنيا ليكف عن دعوته، فقال في إصرار وصلابة: "والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته، حتى يظهره الله أو أهلك دونه".
أكتفي بهذا القدر وأكرر شكري لك على مشاركتك المؤثرة؛ والتي دفعتني دفعا إلى تفريغ ما بي أنا أيضاً من هم وكرب، ومن حقك علينا يا "هلا" أن ندعوا لأنفسنا ولك أنت ومن هم مثلك من الزهور المتفتحة فتيانا وفتيات، شبابا وشابات بكل أراضي الأمة المحتلة أن يفرج الله كربهم، وينصرهم على شياطين أنفسهم أولاً ثم على الصهاينة بعد ذلك، ولا تحريمنا من مشاركاتك المستنيرة الدافعة والفعالة.