السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
في البداية أسأل الله عز وجل أن يجازيكم خير الجزاء على هذا الموقع الطيب وأن يرزقكم الإخلاص في القول والعمل وبعد في السطور القادمة سوف أعرض عليكم مشكلتي التي أتعبتني وأرّقتني لسنوات طويلة وأحمد الله على كل حال وعلى ما ابتلاني به.
تبدأ المشكلة منذ حوالي 11 سنة وتحديداً وأنا في الصف الأول الثانوي وأنا بالمناسبة أبلغ من العمر 24 سنة ،عندها بدأت تظهر عليّ أعراض الوسوسة القهرية وأنا بالمناسبة لم أقرأ هذا المصطلح الذي وجدته منطبقاً تماماً مع حالتي إلا مؤخراً، المهم انه في هذه الفترة جاءتني وساوس مرضية مثل شعوري بأنني مصاب بمرض ما بمجرد أن أسمع حديث عنه من أحد الأصدقاء وما شابه ومرّت هذه الفترة دون أن ألقي لها بالاً ولم تؤثر علي حياتي العملية لكن بعدها بسنة بدأت تأتيني وساوس شديدة متعلقة بأمور ومبادئ تربيت عليها وقيم وأخلاق وثوابت أعتقد فيها وأؤمن بها وهو ما دفعني للاعتقاد أن كل هذه الوساوس وساوس شيطانية يجب أن أصبر عليها وأدفعها وعلى الرغم من أن كل هذه الوساوس لم تؤثر في أدائي لواجباتي في أول الأمر إلا أنه مع مرور الوقت زادت وتيرة هذه الوساوس التي كنت أراها دائماً أفكاراً مزعجةً دخيلةً ليس لها أساس من الصحة بل أنها ضرب من الجنون.
وأثّرت هذه الأمور على دراستي فبعد التفوق والازدهار قلّت كفاءتي في الدراسة ولم أتمكن من تحصيل الدرجات التي أردتها ومع مرور الوقت بدأت هذه الأمور تخبو شيئاً فشيئاً ولم يكن ذلك بسبب تخلصي منها وإنّما بسبب عدم تفكيري في الأمور التي تثيرها وطبعاً كان هذا العلاج هو علاج سلبي من جانبي وأثّر عليّ أيضاً، على سبيل المثال: عندما انتقلت للصف الثالث الثانوي كان يأتيني وسواس هل ما أدرسه من مناهج غير دينية أمر يرضى عنه الله فكان علاج الأمر عندي أن لا أذاكر لأن هذا يزيد عليّ الوساوس وبهذه السذاجة الفكرية أو الهروب من تحمل المسؤولية كنت أمرر وقتي ولما دخلت الجامعة تعرّضت في السنة الثانية لكبوة جديدة متمثلة في اعتقادي أنني مصاب بمرض خطير انتقل إليّ من ملامسة حيوان مصاب بمرض الجرب عن طريق الخطأ وكم في هذا من جنون.
هذا الأمر أبقاني في حالة نفسية رهيبة من القلق والتفكير لمدة لا تقل عن 3 شهور ثم خبا الأمر وذهب وفي السنة التالية تعرّضت لأزمة أخرى من هذا النوع ولكن الجديد هذه المرة هو قراري بأنني لن أدع الأمر يمر مرور الكرام ولابد من وضع حد لهذه المعاناة حتى لو تكلفت معاناة ضعفها مئات المرات للقضاء عليها وبالفعل بدأت أواجه هذه الأفكار بكل قوة وحزم وعشت فترة استقرار تغلبت فيها على معظم الوساوس ولم يكن السبب هو المواجهة فقط بل السبب الرئيسي أنّه كلما واتتني وساوس من أي نوع تضرّعت إلى الله بالدعاء أن يكشف عني ما أنا فيه وكذلك بدأت في حفظ القرآن الكريم وهذا خفف عني كثيراً جداً مما كنت أعانيه فعلى الرّغم من عدم ذهاب الوساوس بشكل كامل إلا أنّ أثرها عليّ في حياتي لم يكن مؤثراً إلى حد كبير،
كما أنّ موضوعها لم يعد في أمور مزعجة بل أمور عرضية مثل التأكد أكثر من مرة من غلق الأبواب والتأكد من إخفاء السكاكين والأسلحة البيضاء بالمنزل وهكذا وأصبحت ناجحاً بل ومتميزاً جداً في حياتي العملية وظلّ هذا الحال لأربع سنوات وتحديداً إلى ما يقارب الشهرين من الآن حيث أنني كنت في إجازة في مصر لأني أعمل بإحدى الدّول بالخارج وقبل انقضاء الإجازة بأسبوع تذكّرت بعض الأمور التي مررت بها بسبب هذا الوسواس والتي أضاعت مني فرصاً في حياتي مثل الاجتهاد والتفوق وإن كنت متفوقاً في حياتي والحمد لله المهم هذه المشاعر أدخلتني في أزمة ندم شديدة على ما مضي وبعدها سافرت وبدأت تأتيني أفكار وسواسية من جديد ولكن بصورة شديدة أثرت على كفاءتي في العمل إلى حد ما وعلى حياتي بشكل كليّ وطوال الفترة الماضية والتي هي 11 سنة كما ذكرت لم أعرض نفسي على طبيب نفسي لأني كنت أعتقد أنها كلّها وساوس شيطان وستذهب لحالها وستزول،
وكنت أسمع عن الوسواس القهري وأعلم أني مصاب به في بعض أمور حياتي لكني لم أتعمّق فيه وفي القراءة عنه ولم أكن أعرف أنّه بهذه الضراوة وهو ما فسر لي عدم مقدرتي على دفع الأفكار الرهيبة الغريبة السخيفة التي أثّرت على حياتي طوال هذه الفترة وبعد كل هذه الإطالة التي أرجو ألا تكون قد أزعجتكم فسؤالي هو: هل أعود إلى مصر وأتعالج من هذا الداء على يديّ طبيب مصري نظراً لأنّه سيكون متفهماً لحالتي بسبب تشابه الطباع والأعراف الاجتماعية أم أستمر هنا وأحاول طلب العلاج هنا وأنا بالمناسبة أعمل ببلد عربيّ خليجيّ مع الأخذ في الاعتبار المعطيات التالية:
1 - أنا مصاب بمرض الحنين للوطن ولا أدري إن كان هذا يؤثر على حالتي على الرغم من أني مرتاح نفسياً جداً للمكان الذي أعمل فيه والأفراد الذين أعمل معهم بل إن صاحب العمل يعاملني كما لو كنت واحداً من أبنائه والضغوط النفسية التي أتعرض لها هنا في العمل أقل بكثير جداً جداً من مثيلاتها في مصر وكذلك ضغوط الحياة بصورة عامة.
3- العلاج هنا من هذه الأمور مكلف جداً ويفوق طاقتي ولكن لم أكمل عملية البحث تماماً بعد للتّعرف على إمكانية العلاج في المستشفيات العامة وهل هي جيدة أم لا.
4- أهلي من النوع المتفهم الذي يمكنني أن أتحاور معهم وأبحث معهم مشكلتي وسبل الخروج من هذه الأزمة وإن شاء الله سيقفون إلى جانبي خصوصاً لعلمهم بأني مصاب بوسوسة في شؤون حياتي وإن كانوا لا يعرفون شيئاً عن طبيعة هذا الأمر المرضية يبقي أن أذكر أنني والحمد لله لدي من القدرة على الصبر على هذه الأمور والتحمل الكثير فعلى الرغم من شدة تعبي الشهرين الماضيين إلا أنني حافظت على كفاءتي في العمل وصدّقوني لقد مرّت الأوقات عليّ في غاية الصعوبة خصوصاً أن عملي ذهنيّ بالمقام الأول لأنه في تكنولوجيا المعلومات فهل أعود إلى مصر وأواجه صعوبة الحياة والعيش والمعاناة في طلب الرزق في الظروف الصعبة التي تعيشها بلدنا الحبيبة الغالية أم أستمر كما أنا وأصبر وأتحمل لحين نزولي في إجازة أخرى بعد حوالي 11 شهراً وأحاول الحصول على علاج هنا لحين النزول،أم أحاول الحصول على إجازة من صاحب العمل للنزول والعلاج وإن كانت احتمالاتها صعبة ولكن ممكن أحاول ولو لم أتمكن من النزول أو تلقّي العلاج فهل يمكنني تناول عقار معين لحين الرجوع إلى مصر وتلقّي العلاج علي يد طبيب مختص؟
بقي شيء أخير أود أن أقوله لابد أن أعترف بنعمة الله عليّ أن أصابني بهذا البلاء فبه اهتممت بحفظ كتابه وبه ناجيته وطلبت منه كشف الضّر عني وبه سهرت الليالي متضرعاً لله أن يكشف الضر عني وسوف يجيبني بإذن الله يوماً ما لا محاله فمن أكثر طرق الباب يوشك أن يفتح له، وأنصح جميع إخواني المبتلين بما أنا فيه بكثرة الذّكر والدعاء والاهتمام بكتاب الله وأن يتحدوا هذه الأفكار حتى ولو كان ثمن ذلك تجرع الألم فهو ألم زائل مع الوقت بإذن الله والدنيا دار بلاء فلا تحزنوا على ما أنتم فيه واشكروا الله عليه واطلبوا الدواء وخذوا بالأسباب ودعوا الأمر كله لله وآسف جداً على الإطالة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
23/09/2007
رد المستشار
تحيه طيبة ورمضان مبارك؛ الفاضل "عبد الله".....
في الحقيقة إن الأحداث التي كتبتها متنوعة ومعك منذ فترة طويلة مما زاد تأثيرها شيئا فشيئا.
لقد وعيت بحالتك بشكل متأخر لأنك منذ أن كان عمرك 11 سنة بدأت الوساوس البسيطة التي لم تعرفها ووعيت بحالتك لاحقا وبشكل متأخر وأقول إليك عندما استفحل الوسواس عليك فأصابك توهم المرض وتطور إلى مناهج غير دينية لا ترضي الله تعالى وفي هذا هروب وانسحاب من الواقع وتبرير لعدم الجد في الدراسة ثم تعمق المرض أكثر لعدم مراجعتك طبيب نفسي أو أخصائي نفسي فتحول عمق المرض إلى شعورك بالإصابة بالجرب وهذا ما دفعك أن تقاوم وأن تكون طبيب لنفسك وأنت لا تملك الخبرة فأعطيت لنفسك علاج أدى بك إلى الانتكاسة التي جعلت وساوسك تزيد .وهذا ما ينطبق عليك المثل وجنت على نفسها براقش.
ولكن نحن لا نقدم لك اللوم إنك أردت أن تقدم لنفسك شيء يساعدك ولكن لم توفق وبهذا نشكرك بالتوجه إلى موقعنا ونشكر لك ثقتك بنا وما علينا إلا أن نرد على أسئلتك فنقول إليك
1- عليك الآن التوجه إلى طبيب نفسي أو أخصائي نفسي في مكان تواجدك وأن تتحدث إليه بالصراحة التامة لحالتك.
2- مارس عملك طبيعي وتناسى الحنين لبلدك لأن المال في الغربة وطن.
3- عندما يحين وقت إجازتك والرجوع إلى بلدك عليك أن تراجع أحد الأطباء من ذوي الخبرة والاختصاص وإن الدكتور وائل ومستشاريه موجودة عناوينهم في الموقع وإن توضح لمن تراجع عنده في بلدك كيف تم علاجك في البلد الذي كنت متواجد فيه.
4- عليك أن تملك القدرة والاستعداد مع العلاج بالسيطرة على وساوسك وحسب إرشادات الطبيب.
5- لا مانع من أن تصارح أهلك بحالتك وأن يكونوا على علم بالموضوع.
وأخيرا أقول إليك أنك إنسان منتج وتعمل ولديك أصدقاء وعلاقات وصاحب العمل يعتبرك مثل ابنك وتخصصك تكنولوجيا المعلومات أعتقد أنك ستشفى من الحالة بزمن قصير نسبيا بإصرارك وعزيمتك ونتمنى لك الشفاء.