السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أنا شاب عمري 28 سنة تقريباً, أعمل مهندساً وبحكم عملي أقضي ساعات طويلة أمام الحاسب (أحياناً أكثر من 12 ساعة يومياً), طولي170 سم ووزني الآن 86 كجم، أعاني من أعراض تتكرر كل عدة أشهر, ولكنها هذه المرة أشد وأطول في مدة بقائها, وهي عبارة عن خفقان في القلب مع أي مجهود حتى ولو كان تافهاً, وحتى بدون مجهود فأنا (أشعر بضربات قلبي طوال الوقت).
وهناك أعراض أخرى لكنها غير مستمرة طوال الوقت: مثل ضيق التنفس (أعجز عن أخذ نفس عميق مع احتياجي لذلك وأشعر أنني لو أكملته فان قلبي قد يتمزق) وأيضاً ضعف عام، وعدم القدرة على القبض على الأشياء بيدي (ككوب ماء مثلاً ).
هذه الأعراض عندي منذ 3 أسابيع تقريباً وهي لم تزد عن أسبوع فيما مضى، وقد تسببت في تغيبي عن العمل أكثر من 11 يوم لعدم قدرتي على الاستيقاظ من النوم في وقت مناسب, حيث أشعر بخفقان شديد وبأن قلبي سيتوقف لو خرجت من الغرفة فأعود للفراش وأنام لساعة أخرى.... وهكذا حتى الظهر أو ما بعده أحياناً.. وذلك مع أنني قد أكون نائماً عدداً كافياً من الساعات وأيضاً معظم اليوم السابق, كما أنها أعاقتني عن استغلال رمضان في العبادة بالشكل المناسب.
استشرت طبيباً فقال لي أنه ربما يكون ضغطاً نفسياً بسبب طبيعة عملي التي تتطلب جهداً ذهنياً وعصبياً وبدون مجهود عضلي ونصحني بممارسة الرياضة لكنني –إلى جوار أنني لا أجد وقتاً- أشعر أنني لو مارست أي مجهود فان قلبي سيتوقف تماماً فهو يتسارع بشدة إذا صعدت السلم لدورين فقط فكيف أمارس الرياضة؟
وقال لي أيضاً أن السبب قد يكون (الاكتئاب)!! وأنا لا أشعر أنني مكتئب!! ولكنني مع ذلك أحمل هموماً عادية مثل صعوبة الزواج يوماً بعد يوم مع ازدياد الأسعار وثبات الدخل وأنا لم أخطب بعد... ولكنني متعقل جداً في تفكيري (لست هلعاً) وعندي من الإيمان واليقين بالله ما يجعلني مطمئناً أن الزواج رزق وسيأتيني رزقي في وقته.... وأحمل كذلك هم الأمة الإسلامية وحالها المحزن, ولكنه ليس بالأمر الجديد فهو معي طوال الوقت ومن سنوات... وأيضاً لا أشعر أن هذا يسبب لي (اكتئاباً) بالمعنى الذي قرأته كثيراً على موقعكم المتميز, رغم أنه أمر يثقل صدر كل ذي دين وعقل...
وأتساءل:
1- هل يمكن أن أكون مصاباً بالاكتئاب دون أن أشعر, مع العلم أنني أخالط الناس في البيت والعمل بشكل طبيعي ومرح أحياناً كثيرة, رغم أنني أحب الهدوء والاختلاء بنفسي للقراءة أو التفكير (ولا أفعل هذا كثيراً مع حبي لذلك).
2- هل فعلاً ما وصفت من أعراض بسبب ما ذكره الطبيب؟ مع العلم أنه استبعد أسباباً عضوية (كالأنيميا) مثلاً, لأنني لا يبدو علي ما يدعو للشك في الضعف البدني أو فقر الدم أو ما إلى ذلك، كما أنني أستبعد أن يكون للصيام دور في ذلك, فأنا والحمد لله معتاد على صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع,فلا أشعر بالتعب في رمضان, خاصةً وأن الأكل في رمضان يكون في مواعيد ثابتة وأكثر تنوعاً من أكلي خارج رمضان, كما أنني زدت حوالي 3 أو 4 كجم منذ أول رمضان.
3- لماذا لم تنته الأعراض رغم أنني أكاد أكون لا أذهب للعمل وأرتاح بشكل كبير كما أن ضغط العمل ضعيف في رمضان, (الأعراض بدأت في التحسن منذ أسبوع تقريباً وهي الآن أقل والحمد لله لكنها لا تزال موجودة بشكل يعيق سير الحياة الطبيعي).
4- إذا كان سبب هذه الأعراض فعلاً نفسي أو عصبي... فما هي نصيحتكم لي – نفع الله بكم – ولو أمكن عدم تأخير الرد لكان أنفع لي وجزاكم الله خيراً...
23/11/2003
رد المستشار
سيدي العزيز؛
أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين، من الممكن أن تكون هذه الأعراض نتيجة لأحد العوامل الآتية أو بعضها:
1 - لم تشر في رسالتك أن الطبيب قام بفحصك معمليا، أي من ناحية تحاليل الدم وتحاليل إفرازات الغدد والغدة الدرقية Thyroid Gland وكذلك الغدة فوق الكلوية (الكُظرية) Adrenal Gland على وجه التحديد، ولا يمكن معرفة ما يجري أو استبعاد أي سبب أو آخر عن طريق النظر إلى وزنك وطولك، أنصحك بإجراء التحاليل اللازمة حتى نتأكد أنك خال من أي سبب عضوي لهذه الأعراض.
2 - نصيحة ممارسة الرياضة في محلها ولكن لا يجب أن تبدأ برياضة عنيفة، ابدأ بالمشي رويدا رويدا حتى تشعر بالارتياح لزيادة سرعة المشي ثم بعد أن تزداد لياقتك تستطيع أن تنتقل إلى رياضة أكثر عنفوانا وحركة، وإذا كان السبب نفسيا فإن الرياضة تساعد على تخفيف الكبت والاكتئاب والقلق وتؤدي إلى إفرازات في الجسد والمخ يكون نتيجتها مزاجا أفضل وجهاز مناعة أقوى وقدرة أكثر على الإنجاز والتفكير "العقل السليم في الجسم السليم"، كيف تتوقع وأنت مهندس أن يكون جسدك قويا بدون تدريب؟؟ كيف يمكن أن تكون لياقتك عالية بحيث تصعد السلم بدون نهجان أو إحساس بالوهن وضربات القلب السريعة في حين أنك لا تحرك جسدك بما فيه الكفاية؟؟؟
3 - من الناحية النفسية: هل تخاف الموت لأنك لم تعش بعد حتى الآن؟؟؟؟ سؤال قد يبدو غريبا ولكننا عندما نعيش حياة ملآنة نكون أكثر إحساسا بالأمان والرضا، من يخافون الموت هم من لم يعيشوا بعد... ما هي هواياتك بجانب التفكير والقراءة؟ ما هي المواضيع التي تحب أن تقرا عنها؟
إن العمل و القراءة والعبادات هي ثلاثة من سبعة أشياء لازمة لتوازن الإنسان، والأربعة الأُخَر هم: الناحية العائلية (الأقارب والأسرة)، الناحية المالية (كمية المال الذي تريده وماذا تفعل للحصول عليه)، الناحية الجسدية (الرياضة والحركة واعتنائك بجسدك)، الناحية الاجتماعية (الأصدقاء والمعارف والعلاقات الإنسانية)، إذا أهملت هذه الجوانب فإنك سوف تعاني من عدم الاتزان وقد تكون أعراضك هي إشارة من عقلك الباطن أن هناك خلل ما في هذه الجوانب وخصوصا إذا كنت تنكر وطأة مشاكل معينة في هذه الجوانب.
وأما من ناحية همومك من حالة العرب والمسلمين: فإنني أسألك ما هو وجه الشبه بين ما يحدث مع الأمة وما يحدث في حياتك؟؟
4 - أعراض الاكتئاب المبدئية هي اضطراب في النوم (كثرة أو قلة)، اضطراب في الأكل (كثرة أو قلة)، عدم المقدرة على الاستمتاع بما كان عادة يمتعك، الأعراض الأخرى الظاهرة في الاكتئاب : الحزن، الانشغال بالمشاكل الشخصية، التوتر والقلق، الإحساس بالعذاب، البكاء، التشاؤم، الرثاء للنفس، ضعف الأمل، التقليل من أهمية الإنجازات والنجاحات الشخصية، الانطواء، فقدان الاهتمام بالناس، الوهن والتعب المستمر (المزمن)، قلة الحركة والحماس والطاقة، الإحساس بقلة القيمة والفعالية، الندم، قلة أو ضعف التركيز، التفكير السلبي في النفس وفي احتمالات النجاح، الإحساس بالذنب.
5 - إن أعراضك الجسدية تشبه نوبات الذعر (الهلع) وسواء كانت كذلك أو كانت من جراء اكتئاب فلا بد من أن تبدأ فورا في ممارسة هوايات واهتمامات جديدة إلى جانب العمل فليس بالعمل وحده يحيا الإنسان، يجب أيضا الانخراط في الرياضة والاسترخاء والتأمل. ماذا تريد في حياتك حقيقة؟؟؟ لماذا تريد هذه الأشياء؟؟؟
أجب على هذين السؤالين بدقة شديدة ثم فكر في الآتي: ما الذي يمنعك من تحقيق هذا؟؟ ما هي الموارد أو الأشخاص أو الأشياء التي يمكن الاستعانة بها لتحقيق أهدافك؟؟ ما هي الحالة التي ستكون فيها إذا ما حققت أحلامك؟؟ هل يمكنك تخيل الإحساس؟؟ هل يمكنك أن تحسه الآن؟؟ لماذا لا تنجز لأنك سعيد بدلا من أن تسعد لأنك أنجزت؟؟
أرجو أن تجري الفحوص الطبية اللازمة لمعرفة ما إذا كان هناك سببا عضويا وأن تتابع معنا وفقنا الله وإياك لما فيه الخير والصواب.
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الابن العزيز السائل أهلا وسهلا بك، ونشكرك على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين، ما أود إضافته فقط بعد إجابة الأخ الزميل الاستاذ علاء مرسي الشاملة على استشارتك، هو فقط إحالتك إلى عددٍ من الردود السابقة لمستشارينا على استشارات مجانين تناولت الاكتئاب والقلق بأنواعهما المختلفة، فانقر على العناوين التالية:
اللا مبالاة هل هي اكتئاب؟
عسر المزاج والاكتئاب
التفكير النكدي
الاكتئاب الجسيم وماذا بعد
الاكتئاب الدائم أم عسر المزاج
الاكتئاب المتبقي أم العلاج المنقوص؟
نوبات الهلع : عرضٌ أم تشخيص!؟!
نوبات الهلع وضربات القلب
اضطراب القلق المتعمم
القلق المزمن والبحث عن الطمأنينة
"مجرد قلق ، ولا اختناق من القلق!"
رهاب الساحة إلى متى؟
اختلال الإنية وخلطة القلق والاكتئاب
علاج الاكتئاب المعرفي: فتح الكلام:
وفي النهاية نكررُ شكرنا لك على ثقتك ونتمنى أن يوفقك الله ويزيل عنك كل مكروه، وأهلا وسهلا بك دائما فتابعنا بالتطورات.