وسواس العقم
السلام عليكم، أنا متزوج منذ 8 أشهر، وأنا وزوجتي نحب بعضنا جداً، نعيش في السعودية نظراً لعملي هناك، كما أنها هي الأخرى تعمل، لم تحمل زوجتي للآن ولديها هاجس بأنها لن تنجب لأن لديها بنت خالتها لم تنجب حتى الآن وهي متزوجة منذ 4 سنوات، وكذلك أعز صديقاتها لم تنجب هي الأخرى حتى الآن وهي متزوجة منذ عام ونصف.
زوجتي لديها الرغبة الشديدة للإنجاب لكنها لا ترغب في الذهاب للأطباء لأنها تقول لماذا سيفلح العلاج معي مادام لم يفلح مع قريباتها وصديقتها؟!، وكما تعلم إن العرف في مصر والعادات تبيح للأهل والأقارب التدخل في هذه المواضيع وهي أيضاً لديها هذا القلق.
وأعتقد أن هذه المشكلة مشكلة نفسية
فأرجو إفادتي.
27/3/2008
رد المستشار
الأخ العزيز "أحمد" وزوجته الفاضلة؛ أهلا ومرحبا بكما على مجانين العقلاء.
غريب موقف زوجتك من عدم أخذها بالأسباب، وغريب هذا اليأس من عطاء الله وكرمه، يقول ابن القيم: "علي أن أسعى وليس عليَّ إدراك الأماني"، وأين حقيقة التوكل على الله وضرورة الأخذ بالأسباب التي أمرنا بها الدين؟!، فلتبدأ أنت بالخطوة الأولى بعمل فحص للمني بعد أخذ عينة المني منك مباشرة في أحد الأوعية المعقمة التي يعطيها لك المختبر، وعلى أن تبعث إليهم بالعينة في الوقت الذي سيحدده لك الفاحص؛ فلا ينفع حفظ هذه العينة في الثلاجة مثل بعض أنواع العينات الأخرى، ولا ينفع كذلك أن تجمع العينة من الواقي الذكري مثلا، وأنا أعرف بل وجربت مع زوجتي المعاناة التي تحدث في الطواف على أطباء النساء والتوليد وعلى المختبرات المختلفة بل والطواف على المراكز المعنية بالعقم وأطفال الأنابيب والحقن المجهري، ولكن ما باليد حيلة، وما دام هناك حب بينكما فعليكما بالسعي في هذا الأمر مبكرا، وذلك لزيادة نسب نقص الخصوبة في أيامنا تلك؛
وذلك بالطبع ناتج عن التلوث والغش واستخدام الهرمونات والهندسة الوراثية فيما نأكله ونشربه، بل وفيما نستنشقه، والحمد لله أنتما صغيران في السن والفرص للإنجاب أمامكما كثيرة بإذن الله، والآن تعتبر فترة ثمانية أشهر من بدء الزواج فترة مناسبة ونموذجية للبدء في عمل الفحوص الطبية لمعرفة العائق الذي يسبب تأخر حدوث الحمل، وأحيانا يكون الزوجان بلا أي عائق للإنجاب ورغم ذلك يتأخر حمل الزوجة أعواما وأعواما؛
وأنصحكما بأن تذهبا لأكثر من طبيب وطبيبة في التخصصات المتعلقة بالإنجاب، وذلك إذا حدث تأخر أكثر في الحمل، وبالذات وأنتما في العمر المثالي للإنجاب، وقد يكون هناك تعليمات بسيطة من أحد الأطباء مفيدة جدا في حدوث الحمل؛ مثل عدم استخدام أي كريمات أو جل على الأعضاء التناسلية قبل الجماع، وزيادة وتركيز عدد مرات الجماع في الأسبوع الواقع في المنتصف بين حدوث الدورتين (في حالات انتظام الدورة الشهرية)، أو عمل متابعة للتبويض بجهاز الموجات فوق الصوتية للزوجة وهذا أدق بكثير ومتاح بسهولة حاليا.
وعليك أيتها الزوجة المحبة لزوجها أن تدركي أن موضوع الخصوبة هذا به الكثير من التطورات شبه اليومية في الطب حاليا، وليس عقلا ولا حكمة أن نكف عن الأخذ بالأسباب وعلى الله (الذي أمرنا بالأخذ بالأسباب) القصد والتوجه، فهو الواهب، وهو الرزاق، وهو العليم القدير الحكيم، يقول تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ*أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} (الشورى: 49، 50)، ولا يجوز أن نحكم على أنفسنا بالعقم دون أن نأخذ بأسباب الإنجاب!!.
أما بالنسبة للأهل والأقارب والمعارف وتدخلاتهم في هذا الأمر فبالتأكيد هذا أمر مزعج ومحرج للزوجين، ولكل من عانى مرارة العقم أو التأخر في الإنجاب سواء أكان زوجا أو زوجة، وأفضل رد للفضوليين من هؤلاء الخلق هو: "هذا موضوع خاص جداً بيني وبين زوجي أو زوجتي ولا داعي للتدخل فيه".
دعواتي القلبية لكما بالذرية الصالحة، التي تقر بها أعينكما، ولا تنسيا تكرار الصلوات والدعوات بسورتي يوسف ومريم، ولو بالقراءة من المصحف، ففيهما من الله على ذرية عبده المؤمن من الفضل الكثير، وتابعانا بأخباركما.