الفشل في الثانوية
أنا طالبة كنت متفوقة في دراستي حتى الصف الثالث الثانوي حيث واجهت فشلاً ذريعاً وأدّى ذلك إلى تغييرات جذرية في شخصيتي لا أعرف إلى الأحسن أم إلى الأسوأ، واستمر الفشل معي إلى الآن وكل سنة في الدراسة تؤكد لي بأنني لم أخلق للتعليم أصلاً! فأنا أبذل جهداً في المذاكرة وأنا في كلية نظرية عدد الطلبة فيه كبير فيحدث ظلم في التصحيح، فأجد زملاء لي لا يفقهون شيئاً يحصلوا على تقديرات مرتفعة بينما أنا أذاكر وأجدني بالكاد نجحت!
وأرجع أحياناً فأجدني أفكر في أنهم ربما يستحقون وأنا لست جيدة كما أظن، يجعلني ذلك أيضاً أشعر بالتفاهة فما الذي يميّزهم أهو الحظ؟ وهل يصدق المثل أو الدعاء الذي دعته ملكة ذات يوم لابنها (اللهم أعطه حظاً يستخدم به أصحاب العقول).
إن تفكيري حاد جداً؛ فأنا عندما أفكر بأنني قد ظُلمت أجدني أشعر أن الدنيا مليئة بالظلم وأن الوضع سيء وهناك مظلومين، ثم أجد من يقول لي أن التفوق هو الأساس وهناك من يصبحون معيدين في كلياتهم ومن يذاكرون فيحصلون بحق على حقوقهم ويتفوقون.
في الماضي كنت أعرف هؤلاء لكن الآن أشعر أنهم من كوكب ثان وأنني فاشلة ويجب أن أعترف بذلك وأن كل أصدقائي الذين كانوا يحلون مثلي في الثانوية العامة ولهم نفس حلولي قد حصلوا على درجات مرتفعة وكانت حياتهم سهلة بينما عانيت كثيراً وكنت فقط أريد أن أدخل كلية.
هل فعلاً هو الحظ أم التفوق أم كل ذلك كلام رومانسي لا يصلح على فوضى الدرجات والتقديرات؟!
أعرف أن الحياة ليست درجات ولكنها كذلك بالنسبة لي حتى وإن غيّرت مجالي، هل أنا مقتنعة بنفسي؟
كيف أقيّم نفسي؟ هل أنا غبية أم ذكية؟ هل الذكاء هو المعيار أم أشياء أخرى؟ هل سأؤمن مرة أخرى بذلك لكي يسخروا مني في النهاية؟! أعيش حياتي بلا أي طموح لأنني لم أعد أصدق في أي شيء، وإذا اخترت طريقاً يوماً ما فلن أحلم بأي شيء غير أن أستمر بلا حماس و بلا إيمان، أعرف أن الله قادر على كل شيء ولكن لا يغير الله ما بقوم...
أين أجد نفسي؟ وكيف أتوقف عن مقارنة حياتي بالآخرين وبالناس الذين تفوقت عليهم يوماً ما وأعترف أن كل ذلك كان بمحض الصدفة؟ أشعر أنني أحسد المتفوقين وأتعب عند رؤيتهم ولكني لا أحسدهم على قدراتهم فقط بل لأنهم ليسوا الأفضل ليحظوا بكل هذا ولكنها فرص تؤخذ وتعطى، ماذا أفعل لكي أركّز مع نفسي وأعيش عالمي و قدراتي وأقتنع بها؟ لا أريد أن أنظر لأحد غير نفسي وأن أتوقف عن المقارنة وأتوقف عن التفكير وعمل الخطط والجهد والحسرة والانتظار ومحاولة إقناع نفسي بأنني أعرف كيف تجرى الأمور ثم أجد نفسي أنني لا أعرف أي شيء.
27/07/2008
رد المستشار
عزيزتي "نور" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
هل تسمحين لي أن أبدأ حواري معك ببعض الأسئلة؟ وعليك إجابتها بينك وبين نفسك وتدوين الإجابات:
1- كنت متفوقة فيما سبق ما الهدف الذي كنت تتفوقين من أجله (التفوق للتفوق أي من أجل التميز-أم من أجل نفي رسائل سلبية ممن حولك تشعرك بالدونية-أم كنت تفكرين فيما هو أبعد من ذلك؟ أي الكلية التي تحلمين بها من أجل مستقبل في الحياة العملية مثل فلان أو فلان من أقربائك ومعارفك؟).
2- ما هو مفهومك للنجاح؟ النجاح الأكاديمي-النجاح في الحياة العملية -النجاح في العلاقات الأسرية والاجتماعية- النجاح في العبادة والسعي لإرضاء رب العالمين...؟ أم النجاح في الرضا والشعور بالسعادة والسعي لحب ما وصلنا إليه ونعمله الآن؟ أم كل هذه الصور مجتمعة؟
3- كيف نفشل؟ وهل دوماً نحن مسئولون عن فشلنا؟ (دائماً-غالباً-أحياناً) وكيف يجلب المرء الفشل لذاته؟ ويوقفها عمداً عن النجاح؟
4- لماذا ينجح الآخرون؟ (لأنهم مجتهدون لأنهم مؤمنون بقدراتهم لأن حولهم أناس يدفعوهم للنجاح؟ وهل هم نجحوا بالفعل وهل حققوا السعادة؟ وما هي السعادة؟ وهل تتحقق بالنجاح الأكاديمي فقط أم أن هناك شيئاً أخر إذا توفر بداخلنا أصبحنا سعداء فيكتب لنا النجاح في كل شيء؟
5- كيف ننجح بعد تجربة الشعور بالفشل؟
6- هل تتغير معايير النجاح بالنسبة للفرد مع النضج وتقدم السن؟
والآن إليك بهذه المجموعة الأخرى من الأسئلة:
1- ما هي حقيقة الموقف الذي أعيشه الآن؟هل هي تجربة سلبية من المستحيلات أن أتعامل معها؟
2- ما هو حجم انفعالي تجاه الموقف الذي أعيشه الآن وهل هذا الانفعال مستمر طوال الوقت وإذا كان يخبو أحياناً فما الذي يقلل من حدته؟
3- ما هو الدليل على تقييمي السلبي لذاتي وهل هناك أشياء مضادة لهذا التقييم السلبي مثل أنا أنجح في كذا وكذا الموقف الفلاني يدل على أنني ذكية المواقف تلك تشير إلى حبي للناس وأنني أتمنى لهم الخير ونجاحي السابق يؤكد أنني خلقت للتعليم......الخ
4- هل تقييمي لذاتي مجرد رأي أم هي حقائق غير قابلة للتغيير؟
5- تقييمي لنفسي على هذا النحو كم كان مؤذياً ومعطلاً أو أنا أراه مفيداً لأنه........؟
6- هل توجد طرق بديلة أستطيع أن أقيم بها الموقف من بداية نجاحي مروراً بما أسميته فشلاً وانتهاءاً بما آل إليه حالي من الإحباط؟
7- هل أرغب في التوقف تماماً عن العمل وأتخذ قراراً بالانسحاب من الحياة العملية؟
8- هل لو انسحبت من الحياة العملية ستستقيم حياتي الاجتماعية وعلاقاتي بالآخرين؟
9- ما هي الأشياء الإيجابية التي أراها في نفسي؟
10- ما هي الأشياء الإيجابية التي يمكن أن أجدها في هذا الموقف الذي أعيشه الآن؟
11- لو أن هذا الموقف يخص صديقاً لي بماذا كنت أنصحه؟
عليك بإجابة كل هذه الأسئلة لأنك أقدر الناس على مساعدة نفسك فقط دوني الإجابات ودعينا نناقشها معاً؟ وسأساعدك فقط بهذه الكلمات البسيطة: اعلمي أنك لو اعتدت على رؤية الأمور بشكلها المطلق مثل فاشل -ناجح-حزين– محظوظ.... فلقد حرمت نفسك من الكثير. ارحمي نفسك من التقييم السلبي لذاتك واعلمي أن ما تفكرين فيه سيتحول إلى رأي ثم حقيقة يقرها عقلك تنعكس على أفعالك إلى أن تكون خصالاً يصعب التخلص منها فلنبدأ معاً من الآن.
وفقك الله وتابعيني بأخبارك.