أطفالنا في الغابة.. كيف يتصرفون!!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
لقد قرأت في إجابة الدكتور عمرو أبو خليل، على استشارة: هل نحرض أطفالنا على الضرب؟! على صفحة استشارت تربوية في موقع إسلام أون لاين.. أنه لا يجوز أن نعلّم الطفل قاعدة: من ضربك اضربه, لأن وكما ذكر الدكتور في رده.
إن الأمر ليس ببساطة أن يضرب طفل طفلاً مثله، ولكن في منطق الأمور وترتيبها في ذهن الطفل وما ينشأ عليه.. إن القاعدة أول ما تنقلب تنقلب على هؤلاء الآباء، لأن القاعدة أول ما يستخدمها الطفل يستخدمها ضد أبويه، فبمجرد أن يشتد ساعد الطفل ويكون قادرًا على الرد فإنه أول ما يرد على من يضربه أو يعاقبه، ويكون الرد على أبويه، ويقول له الأب عندها لماذا لا تحترم القوانين لماذا لا تحترم الكبير، فيكون رد الطفل لقد علمتني ألا أنتظر الكبير أو القانون من أجل أن يحصل لي على حقي، وأن أحصل على ما أتصور أنه حقي بنفسي، وهكذا في المدرسة، وهكذا في الشارع لتكون النتيجة أن تعم الفوضى.
ليس الأمر أمر سلم أو حرب، ولكن تربية سوية على مبادئ سوية، لذا فيجب أن يظل كلامنا لأطفالنا أنه من ضربك فلتأتِ حتى تشكو وعندها نتفق مع الكبار على أننا جميعًا نشترك في وضع القاعدة في التعامل مع الأطفال أثناء لعبهم: ألا ضرب أثناء اللعب، وأن من يلعب لا يشكو، وأن الحل إذا زادت الشكوى أن يتوقف اللعب ويكون الحل جماعيًّا وليس فرديًّا يستخدم كل فرد قوته في عقاب من ضرب ابنه أو في تحريض ابنه على ضرب الآخرين.
إذا لم يستجب الكبار فهذا أيضًا لا يجعلنا نتجاوز القاعدة أو نكسرها إنما نستدعي الطفل الذي ضرب طفلنا ونتحدث معه بهدوء، وندعوه إلى أن يأتي ويشكو إن كان رده أنه الذي ضربه أولاً، ونبين لهم أنهم يجب أن يلعبوا ولا ننحاز لأحد، ونعلن أنهم إخوة يجب أن يلعبوا معًا، فيشعر طفلك أنك اتخذت موقفًا إيجابيًّا، ويفهم أن التفاهم والحوار هو حل لمشاكله، ويظل يحترم القانون والقواعد حتى ولو خرقها الآخرون.
السؤال: ما العمل حين تكون الجهة التي يلجأ إليها الطفل المضروب لا مبالية, أنا لا أمزح.. ما أقوله حقيقي, المعلمات في المدرسة لا يأبهن لمن ضُرب ولا لمن ضَرب.. ولا سبيل لأخذ الحق إلا بقوة الذراع, وإلا تحوّل الطفل الذي لا يرد العدوان عن نفسه "ملطشة" لكل أطفال المدرسة الشرسين, إذ أن صيت هذا الطفل أنه مسالم و"نيلة" إذا فليكن هو محط الضرب المقبل من كل من يهوى الضرب.. وهذا يعود بالآثار النفسية السيئة جدا على الطفل "محل الضرب".. صدقوني أنا لا أمزح..
ونحن كأمهات والله نقع بين نارين: هل نقوّي عزيمة أطفالنا ونحرّضهم على أن يضربوا من ضربهم ليحافظوا على مكانتهم وكرامتهم في المدرسة, وحتى لا يؤثر على نفسية أطفالنا.. أم نقوي عزائمهم على التصبر ورد الأمر إلى أولي الأمر الذين يسمعون وهم لاهون ثم يديرون ظهورهم وكأن شيئا لم يكن!! ماذا نفع نحن كأمهات في هذه الحالة التي لا بد وأن يمر بها كل طفل يدخل المدرسة.. عفوا أقصد الغابة!!
ودمتم سالمين طيبين هانئين
12/12/2003
رد المستشار
لن أكرر ما قلته سابقا في هل نحرض أطفالنا على الضرب؟! فقد نقلت مقتطفات منه في رسالتك فأنت على علم جيد به.... ولكنني لن أفقد الأمل في أن تعود الأمور إلى نصابها... إن هذا الحوار الذي نسيره اليوم عبر الانترنت.... قد واجهته وتعاملت معه عشرات المرات مع العديد من الأمهات والذي ربما امتد إلى حوار ساخن في إحدى الدورات التي كنت ألقيها حيث كانت إحدى الأمهات معترضة على منهاجي في توجيه الأطفال إلى احترام القوانين وإعادة الأمر إلى أولي الأمر معتبرا أن هذه قيمة لا يمكن التضحية بها تحت أي ادعاء من مكانة أو كرامة الطفل في مدرسته... لأن حقوقهم بيدهم, إن قيما سلبية كثيرة تتسرب إلى مجتمعاتنا فيتحول الأمر إلى كارثة إن نحن حولناه إلى جزء من النظام التربوي لأطفالنا....
إننا في بعض الأحيان نختار الحلول السهلة التي لا نبذل فيها جهدا متجاوزين عن آثارها الخطيرة على المدى البعيد, إن الأمر يحتاج نحن الآباء والأمهات إلى قليل من الجهد حتى نرسخ المفاهيم الصحيحة لدى أطفالنا.... إن تمسكنا بحقوقنا في حق أولادنا أن تكون بيئة المدرسة بيئة تربوية سليمة كفيل بحل هذا الأمر....
إننا يجب أن نشعر الطفل أنه في حمايتنا وأنه إذا استدعى الأمر لأن نتدخل بأنفسنا للدفاع عنه فسيحدث ذلك.... ويرى الطفل ذلك بصورة واقعية حقيقية وهذا ما أفعله مع أطفالي في تجربة واقعية عملية.... إنني أصر مع أطفالي على عدم تجاوز القانون وعلى العودة إلى المدرسين والمدرسات لحماية حقوقهم فإذا لم يأبه المدرس فلتصعد الأمر إلى مشرف الدور فإذا لم يأبه فلتدخل بشجاعة إلى مديرة المدرسة وتبثها شكواك فإذا لم تأبه جاء دوري ودور الأم في التحرك.... فنذهب إلى المدرسة حاملين شكوى الابن ممن اعتدى عليه ومن عدم اكتراث المدرسين والمشرفين بذلك في لغة لبقة لا تجرح شعور أحد أو تستنفره.
وفي هذه الحال لن يكون أمام الإدارة سواء ممثلة في المديرة أو الوكيلة أو المشرفة إلا التحرك الذي سيكون أقله هو استدعاء طفلك للسماع منه واستدعاء الطفل الآخر أيضا للسماع منه وهو ما يوصل رسالة إيجابية للطرفين.... ابنك بأنه يستطيع حماية نفسه من خلال الالتزام بالقانون والطفل الآخر هو أن ثمة إجراء يمكن أن يتخذ ضده بصورة صحيحة تجعله يحترم القانون في المرة القادمة.
سيكون السؤال من أين نأتي بالوقت لنفعل ذلك.... وستكون الإجابة أن هذا الأمر لا يتم في كل المواقف ولكن عند تفاقمها وأن الأمر يحتاج للجهد المبذول ويستحقه.... فإننا إن أدركنا أن الحل الصحيح هو فعل ذلك فسنجد له وقتا وجهدا أما اللجوء إلى الحلول السهلة مثل من ضربك فاضربه فلن يحافظ على كرامة الطفل بل سيهينها لأنه سيفقده آدميته لأنه سيجد من هو أقوى منه ويرى أن من حقه أن يضرب طفلك ليحصل على ما يراه حقه.... سنقوي عزائم أطفالنا ولكن لن نكتفي بذلك فقط بل سنقدم لهم المثال في الدفاع عن الحق والسعي ورائه ولكن في إطار الحدود، وإن أولي الأمر يسمعون ولا يأبهون لأننا نتنازل عن الدفاع عن حقوقنا التي لا جدال فيها..... وأهلا وسهلا بك دائما فتابعينا بأخبارك وشاركينا بآرائك.