جوانب في الشخصية
هناك جوانب في شخصيتي لست راضية عنها، لكن لا أعرف سبيلاً لتغييرها.
أولاً: أنا أحس أني شخصية مدمنة، بمعنى أني ممكن أدمن سماع أغنية أو مقطوعة موسيقية أسمعها طوال الوقت وبعد فترة طويلة أو قصيرة أتركها. كذلك في الأكل أو الشرب، أتناول نوعاً معيناً بكثرة ويومياً، وبعد فترة أتركه تماماً ولا يعود يستهويني. كذلك نوع معين من الأفلام، حتى الجلوس في مكان ما... هذا عدا عن أني عندما أكون في حالة نفسية سيئة يكون لدي رغبة في تناول المخدرات، لكن إلى الآن لم تتح الظروف لتناول شيء منها.
ثانياً: متقلبة. لا أثبت على حالة معينة؛ قد أكون متدينة ومحترمة، وبعدها أتحول تدريجياً إلى شخصية أنانية كارهة لكل القيود بما فيها الدينية أو الاجتماعية، وغالباً ما يكون ذلك بمؤثر خارجي ودون قصد أو تعمّد، وقد أقاوم، أقرب مثال شهر رمضان الفائت قلت لنفسي: "لن أصلي التراويح في رمضان هذا، ولن أحاول أن أحسّن من نفسي، وأريد أن أظل كما أنا" لكن مع منتصف رمضان لم أستطع المقاومة، يعني لا أثبت على حال، وهذا الوضع أصبح يضايقني جداً.
ثالثاً: الجنوح والتناقضات الموجودة في شخصيتي. مثلاً أحب الخروج يومياً وبكثرة أو أرفض الخروج تماماً، قد أصاب بشراهة للطعام وبعدها ممكن أكره الأكل. ربما تستنتج من كلامي أني ضعيفة، لكن أؤكد أن كل من يقابلني ولو لمرة واحدة يجزم أني شخصية عنيدة من الدرجة الأولى.
رابعاً: شخصية عاطفية لأبعد الحدود، لدرجة أني لمجرد مشاهدة فيلم يعجبني أتعايش مع الشخصيات، ويكون بعد ذلك له تأثير نفسي عليّ سواء بالإيجاب أو السلب، فما بالك بالحياة الحقيقية وما يحدث فيها ويؤثر عليّ، وغالباً ما يكون تأثيراً سلبياً.
خامساً: عندي مشكلة في تغيير الأماكن، سواء أنا من يتغيّر مكانها، أو أشياء أو أشخاص يغيّروا مكانهم، مثلاً، حين أكون مسافرة للإقامة عند أحد أقاربي عدة أيام أظل مترددة وقلقة، وطوال طريق السفر أظل ألوم نفسي أني سافرت وداخلي رغبة ملحة أن أعود من منتصف الطريق، ومع ذلك لو مكثت عند هؤلاء الأقارب فترة معقولة (شهر أو أسبوعين) أكون لا أريد العودة إلى البيت ثانية ولا أكون مشتاقة إلى أهلي. أما إذا غيّرت مكان قطعة أثاث من مكان لآخر داخل المنزل تنتابني حالة سيئة، حتى أني في مرة عندما أصرّت والدتي على تغيير مكان التلفزيون من مكان لآخر انتابتني حالة هستيرية وبكيت، بعد ذلك تقبلت الأمر... والتأثير الذي ينتابني يتناسب مع مدى ارتباطي بالشخص أو الشيء.
بجانب أني أصاب بحالات اكتئاب تأخذ مني أكثر من شهر، وغالباً ما تكون في الصيف. وأصاب من حين لآخر بحالات ضيق تنفس، وبعد كشف وتحاليل تأكد أنها بسبب نفسي، وذهبت إلى طبيب نفسي كانت طريقة استقباله لي مستفزة، لا يوجد بها حتى التظاهر بالتعاطف وكتب لي وصفة أدوية لم أحضر أي منها.
علاقتي بأفراد أسرتي كلها عادية، ماعدا علاقتي بوالدي فالعلاقة بيننا صفر، أحياناً يتحرك المؤشر نحو السالب وأحياناً أقل يتحرك نحو الموجب. وأبواي غير منفصلين لكن كانت هناك مشاكل كبيرة أثناء طفولتي وقبلها وبعدها، لكن ليست هذه هي المشكلة، المشكلة هي أني اكتشفت أنه تربى تربية خاطئة في صغره ولم يحظى بدور الأب الحقيقي في حياته، لذلك فاقد الشيء لا يعطيه وأنا أعتبر نفسي يتيمة.
أتعرض لنوبات انبساط زائد دون سبب، أحياناً قلة في النوم وأحياناً رغبة في النوم طوال الوقت، وأحياناً زيادة في الرغبة الجنسية، وأحياناً يكون لدي رغبة في أن أتعرّض لعملية جراحية ما مثل (استئصال الزائدة)!
جميع ما سبق نتج عنه أني لا أحب نفسي، وأحياناً أفكر في الانتحار، وبالتالي يأخذ من طاقتي ووقتي ويعيقني عن المضي نحو أهدافي وأحلامي التب أسير في طريق تحقيقها بخطى معقولة، لكني أعتقد أن الاكتئاب هو نتيجة ضغط نفسي لتحقيق أكبر نجاح ممكن في أقصر وقت ممكن.
لو سألتني أكثر ما أكرهه (الفراغ، الفشل).
أكثر ما أحبه (النجاح، لحظة حب). أيضاً أتمنى أن أعرف السبب وراء أني أحب الشتاء جداً، هو مرتبط داخلي بالسعادة الداخلية (لفحات الهواء البارد، وغيوم السماء التي تضفي الغموض في الأجواء، وقطرات المطر تنعش الإحساس في الجسد كما تنعش الزرع في الأرض، أو ثلج يغطي الأرض بطبقة بيضاء كأنك تحيا في عالم سحري يكون فيه كل شيء ممكناً).
09/11/2008
رد المستشار
الأخت الفاضلة "كلكوعة"... السلام عليكم ورحمه الله تعالى وبركاته؛ نشكرك كثيرا على ثقتك في هذا الموقع.
لقد تدارست رسالتك بكل تأمل وكان انطباعي الأولي انك ربما تعانين من مشكله أساسية في الشخصية مما يسميه البعض باضطرابات الشخصية وان كنت شخصيا لا أحب هذا التعبير ولكنه هو المصطلح العلمي المتداول في المجتمعات النفسية.ولكن بالمزيد من التدارس وصلت إلى تشخيص حالتك بأنك تعانين من أحد ما يسمى بالاضطرابات الوجدانية ثنائية القطبية والتي أصبحت الآن شائعة جدا بعد أن وضعت ضوابط أكثر توسعا لتشخيص هذه الحالة.
وفي هذه الحالة يصاب الإنسان بتقلب في المزاج قد يصل إلى درجة الاكتئاب الشديد والذي تعقبه حالة من الانشراح وارتفاع المزاج وليس من الضروري أن يظهر المرض في هذه الصورة المزاجية حيث أن أعراض الانبساط يمكن أن تكون مختلطة ومتداخلة مع أعراض الاكتئاب. والأوضاع والمتغيرات الخمسة التي وردت في رسالتك هي في حقيقة الأمر اندفاعات نفسية يحركها اضطرابك الوجداني.
علاج حالتك يتمثل في تفهمك والعمل على تغيير سلوك الاندفاع بسلوك أكثر واقعية وحيادية وذلك بأن تضعي لنفسك نوعا من الكوابح الذاتية لإيقاف الاندفاع والانغماس والإسراف في فعل أو سلوك ما وهذا ليس بالصعب لأنك كاملة الاستبصار ولك القدرة على التحكم في الأمور بصورة صحيحة والعلاجات الدوائية تعتبر ضرورية في حالتك والمجموعة التي تعرف بمثبتات المزاج سوف تكون حل مثاليا لحالتك فعليه أود أن أنصحك بتناول العقار الذي يعرف باسم دباكين كرونو وجرعة البداية هي 1000 ملم (حبتين) ليلا لمدة ستة أشهر ثم تخفضين الجرعة إلى 500 ملم ليلا لمدة ستة أشهر أخرى. الدواء من الأدوية السليمة والفعالة جدا.
لا شك أن العلاج السلوكي مهم أيضا في حالتك وذلك بالتركيز على الايجابيات في حياتك ومحاوله تجاوز وتخطي السلبيات وتذكري أن لك أشياء عظيمة في حياتك فأنت في مقتبل الشباب وأنت تحبين النجاح والشقاء وفي رأيي المستقبل هو لك ولأمثالك من الشباب.
لابد أن تبحثي عن عمل لأن العمل يساعد في تأهيل الإنسان نفسيا واجتماعيا. أحسني إدارة وقتك فهذا من أسباب النجاح وعليك أيضا أن تتخذي قدوة حسنة ممن لهن حضور ونجاحات من صديقاتك. لابد أن تصلحي ما بينك وبين والدك لأن ذلك من أساسيات البر به وأرجو أن لا تعيشي في الماضي كثيرا فالماضي ما هو إلا تجارب وبنك معلومات نستفيد منه لتطوير حاضرنا ومستقبلنا.
التفكير في الانتحار يجب أن يوقف لأن الحياة جميلة وعظيمة ورحمه الله واسعة وأنت لديك الكثير الذي يمكن أن تعيشي من أجله حياة هانئة.
أخيرا لك خالص شكري وتقديري.
واقرئي أيضًا :
الشخصية الحدية... تحديات التشخيص السريري
اضطرابات وجدانية: هوس خفيف واكتئاب؟ Bipolar II
اضطرابات وجدانية مختلطة Bipolar, Mixed