عيون محتارة نوبات هلع مع رهاب
السلام عليكم
لو سمحتم أطلب أن يرد على مشكلتي د. محمد عبد العليم إبراهيم لأني ارتحت جداً لإجابته على صاحب مشكلة قريبة لي، مع الشكر لكل الأساتذة.
بعثت مرتين للموقع وردوا عليّ مرة، كان الدكتور وائل أبو هندي هو المستشار، وكان سبباً في أني بكيت فقد كان قاسياً، ولم أستطع النوم يومها. المهم، أعاني من بعض المشاكل؛ الخوف من الخروج ولو لنهاية الشارع! ليتني أعرف السبب، وأخاف أن يقفل عليّ باب، سواء غرفة أو حمام أو حتى أن يقفل عليّ في سيارة أتوماتيك، وأرتعب من المصاعد، وأخشى السفر.
لقد اهتزت صورتي أمام أصدقائي في العمل لأني أمنعهم من إغلاق باب المكتب، أحس أن قلبي يدق بسرعة رهيبة ورجلاي لا تحملاني، وأتضايق على حالي. لم أكن هكذا قبل سنة! وأعتذر عن دعوات الآخرين لي ولا أقوم بأي واجب اجتماعي.
المهم، بعدما قرأت كثيراً عن مرضي حاولت تطبيق طرق العلاج السلوكي والمعرفي بدل الدوائي لأن إحدى الطبيبات طلبت مني أن أقاوم دون استخدام الدواء لأنه سيؤثر عليّ في الزواج، وطبعاً لن أستطيع أن أحمل بسبب الدواء، وإن توقفت عن العلاج حتى بعدما أتحسن ستعاود الأعراض الظهور ولن أتمكن من العيش دون دواء بعدها. سؤالي الأساسي هو: هل يمكنني مقاومة المرض؟ يعني أخرج حتى لو ضربات قلبي شديدة، وأحاول عدم الاستسلام، فلن أموت بسبب ضربات قلبي من الخوف لو قاومت وخرجت، وما هي الطريقة التي أقنع بها نفسي بأن شيئاً سيئاً لن يحصل لي؟ ما الكلام الذي أقول له لنفسي؟ وهل ممكن دون دواء؟ وإن كان الدواء ضروريٌّ فما هو الدواء والجرعات؟ أنا خائفة حتى من الخروج للذهاب إلى الطبيب، وهل له آثار جانبية أثناء تعاطيه أو فيما بعد مستقبلاً؟ وهل شفائي ممكن؟ أنا أتمنى أن أتزوج لكني خائفة بسبب خوفي هذا، فما ذنبه لأعذبه معي!. هل أجرّب إقفال الباب عليّ واستخدام المصعد؟ أرجوكم طمئنوني وأريحوني وساعدوني بعد الله، واكسبوا فيّ ثواب.
آسفة للإطالة،
وأرجو ألا تتأخروا في الرد على رسالتي لو سمحتم.
07/12/2008
رد المستشار
الأخت الفاضلة،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وكل عام وأنتم بخير،
نشكرك كثيراً على تواصلكم مع هذا الموقع، وأشكرك مرة أخرى على ثقتي بشخصي الضعيف، وفي ذات الوقت أؤكد لك أن الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي أفضل مني بكثير، وهذا ليس نفاقاً أو دفاعاً عنه، ويكفي أن أقول أن لولا جهوده وزملائه لما كان هذا الموقع أصلاً، فأرجو أن تأخذي إجابة الدكتور وائل بمفهوم مغاير، ولا أعتقد أنه قصد أن يكون قاسياً عليك، ولكن ربما أن كان واضحاً في قول الحقيقة رغم أن ليس كل حق يقال.
أيتها الفاضلة الكريمة،
حالتك واضحة وما هي إلا نوع من القلق النفسي ظهر في شكل مخاوف متعددة؛ منها ما نسميه برهاب الساحة والذي يتسم بالخوف والقلق في الأماكن المفتوحة أو الضيقة أو حين يفقد الإنسان آمان بيته أو الرفقة التي يثق بها، ولديك أيضاً درجة بسيطة من الخوف الاجتماعي ولا شك أن الأعراض الجسدية للقلق مثل: تسارع ضربات القلب هي التي تسبب لك الشعور بالخوف وفقدان الثقة على المواجهة والإقدام.
أرجو أن لا تنزعجي مطلقاً من المسميات الكثيرة فالأمر لا يتعدى أنه قلق نفسي من نوع خاص، والقلق النفسي هو طاقة مطلوبة للإنسان ليقوم بأداء واجباته، لكن إذا زاد عن المعدل المطلوب يدخلنا في بعض الصعاب النفسية. ما أرجوه منك هو التالي:
1) أن تغيري مفاهيمك حول حالتك؛ بمعنى أنها مجرد قلق وليس أكثر من ذلك، ويجب أن تستوعبي وبجدية تامة أنه لن يصيبك مكروه حين تواجهي هذه المخاوف، البعض يأتيه في مثل هذه المواقف الشعور بأنه سيفقد عقله أو لن يتمكن من السيطرة على نفسه أو أنه مراقب من قبل الآخرين وأنه سوف يفشل أمامهم، هذه كلها مشاعر مبالغ فيها.
2) العلاج السلوكي. يقوم على مبدأ التعريض مع منع الاستجابة؛ بمعنى أن تعرضي نفسك لمواقف الخوف بالتدرج وتمنعي استجابة الهروب من الموقف، هذه التمارين تتطلب الصبر والتكرار ويمكن دعمها بما يعرف بالتعرض في الخيال، أي أن تتصوري نفسك خارج المنزل وفي منطقة مزدحمة لا يوجد فيها أي منفذ للخروج إلا بعد مضي ساعة من الزمن مثلاً، هذا التأمل في الخيال يتطلب الجدية والتركيز، وألا تقل الرحلة الخيالية عن 20 دقيقة.
3) تمارين الاسترخاء بكل أنواعها تعتبر مفيدة جداً في مثل حالتك، فأرجو أن تتحصلي على أحد الأشرطة أو الكتيبات التي توضح كيفية مزاولة هذه التمارين.
4) أفضل أنواع العلاج السلوكي هي التي تتم بتوجيه وإرشاد المعالج النفسي، والذي يلعب دور القدوة وتمثيل الأدوار بصورة علمية وصحيحة، وعليه أرجو السعي لمقابلة أخصائية نفسية من أجل الحصول والوصول إلى أفضل النتائج العلاجية.
5) التفكير الإيجابي وتقييم الذات بصورة صحيحة وتجاهل القلق -أو كما قال كارنيجي: دع القلق وابدأ الحياة- هي مطالب علاجية رئيسية، فأرجو الالتزام بها. الإنسان هو الذي يغير ما بنفسه وليس الآخرون.
6) الانضمام للجمعيات الاجتماعية والخيرية يعطي الشعور بالطمأنينة والرضى، ويقلل من سمات الخوف والقلق، فأرجو أن تجعلي لنفسك من ذلك نصيباً.
7) العلاج الدوائي مهم وضروري، وهو مكمل للرزمة العلاجية الصحيحة، والأدوية الحديثة فعالة وسليمة وكل ما قيل لك عنها ليس صحيحاً، فأرجو أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للقلق والمخاوف، ومن أفضلها العقار الذي يعرف باسم (زيروكسات)وجرعة البداية هي 10 ملغم ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين ترفع بعد ذلك لحبة كاملة يومياً لمدة شهرين، ثم إلى حبتين في اليوم لمدة 3 أشهر، بعدها تخفض الجرعة بمعدل نصف حبة كل شهر حتى نهاية الفترة العلاجية.
8) إن شاء الله سيكتب لك الشفاء التام من هذا القلق وهذه المواقف، بشرط الالتزام التام بآليات العلاج وأن تبني في داخل نفسك إرادة التحسن، وليس هنالك ما يمنعك مطلقاً من الزواج، بل على العكس تماماً الزواج هو من أفضل وسائل التأهيل الاجتماعي ورفع الكفاءة النفسية.
مع تحياتي وتقديري.