الاكتئاب : التدخين ومضادات الاكتئاب

رد المستشار

الأخ الفاضل "قاسم"، أشكرك كثيرا على ثقتك في موقعنا وأرجو أن يكون ردى عليك بمثابة ضوء من نور يدلك إلى ما يريح فؤادك فأنت كما قلت طالب بكلية الهندسة وكذا لك تاريخ طويل مع الاكتئاب ومضاداته، فما هو ذلك التاريخ الطويل وما نوع الاكتئاب الذي تعانى منه وما نوع مضادات الاكتئاب الذي تناولتها وبأي جرعة ومنذ متى؟؟؟؟؟.... ثم... لماذا تركت مشكلة الاكتئاب كلها وتطرقت لموضوع تدخين السجائر والتي إذا شربت منها واحدة تصاب بغثيان وإعياء وفي بعض الحالات إغماء.

وعلى كلٍّ وبرغم قصر السؤال وقلة المعلومات فالاكتئاب له أنواع متعددة من حيث السبب فهناك الاكتئاب الوجداني والاكتئاب التفاعلي ومن حيث النوع فهناك الاكتئاب العصابي والاكتئاب الذهاني ومن حيث الشدة فهناك الاكتئاب البسيط والمتوسط والشديد كما أن هناك اضطرابات كثيرة مصحوبة بالاكتئاب فهي إما وظيفية مثل الاضطرابات ثنائية القطب وهى نوبات من الهوس ويتبعها أو يسبقها نوبة أو نوبات اكتئابية أو اضطراب الاكتئاب الجسيم وإما عضوية بسبب سوء استخدام الأدوية أو نقص التغذية أو أمراض عصبية أو أمراض بكتيرية جرثومية أو أورام في المخ أو في أماكن أخرى من الجسم أو الحوادث…. الخ.

فالاكتئاب ليس مرضا واحدا وكذا تختلف أنواع علاجه وله أسباب متعددة إما بيولوجية أو نفسية أو اجتماعية ويشعر فيه المرء بحزن شديد عادة غير مبرر ويصل في بعض الأحيان لفقد المشاعر من شدة الحزن ويؤثر ذلك على وظائف الإنسان النفسية فيرى الدنيا ذات غير قيمة حيث تفقد رونقها ولونها وتتساوى الأشياء لدرجة أن يفكر الإنسان في التخلص من الحياة، ومن رحمة الله، وبالرغم من ذلك فان معظم علاجات الاكتئاب علاجات ناجحة وتصل درجة الشفاء في معظم الحالات لدرجة كبيرة، والأدوية بأنواعها ومع تطورها هي جزء فقط من أنواع العلاج التي نعتمد عليها لعلاج الاكتئاب فهناك العلاج بالصدمات الكهربية والعلاج النفسي المعرفي…..والخ.

وأما بالنسبة للتدخين فإن نسبته عادة ما تكون مرتفعة في المرضى النفسيين وتصل من 50-70% من مرضى العيادات الخارجية ويكون منتشرا بدرجة أكبر في مرضى الاكتئاب والقلق ظنا منهم أنه نوع من العلاج أو وسيلة للحصول على قدر أكبر من الهدوء حتى أن بعضهم يزيد في درجة تدخينه، ومن خبرتي الإكلينيكية فإن بعض الناس يدعون أن بعض أدوية الاكتئاب تؤدى إلى زيادة عدد السجائر المدخنة وقد سمعتها من المرضى الذين يتناولون عقار أنافرانيل (anafranil) خصوصا.

ولن أخوض كثيرا في ما يؤدى إليه التدخين من مضار وآخرها الوفاة، ولكن يجب أن أوضح أن من التفكير الأسطوري أن التدخين يساعد بصورة أو بأخرى في علاج الاكتئاب أو تخفيف نوبات القلق التي تصيب بعض المكتئبين.

وعموما فمن الواضح أن التدخين يؤثر عليك تأثير سلبي لدرجة أنه يؤدى إلى الإعياء والإغماء فلن أنصحك بالإقلاع عن التدخين فأنت تعلم وتشعر أكثر منى بالضرر الواقع عليك ولكن أنصحك أن تذهب إلى طبيبك في أقرب فرصة وتناقشه وأنا أثق جيدا أنه سيجد لك وسيلة تساعدك على الإقلاع عن التدخين وعن سبب ما يحدث لك بسبب التدخين، أرجو أن أكون أرحتك ولو قليلا وأتمنى لك الشفاء.

* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الابن العزيز أهلا وسهلا بك، أولا نعتذر عن تأخرنا في الرد عليك ولعل الرد الذي نقدمه لك الآن من أخي الأكبر وزميلي الدكتور السيد صالح، وهو أحد المستشارين الكبار لصفحتنا استشارات مجانين، يدفعك إلى الكتابة لنا بتفاصيل أكثر عن حالتك وعن علاقتك بمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة التي أشرت إليها في إفادتك، والحقيقة أنني أود إبداء ملاحظة إكلينيكية لي لا تتناقض مع ما قاله أخي وزميلي الدكتور السيد صالح بل ربما تبين الفروق التي أحيانا مع تكونُ شاسعة بين خبرات المرضى مع عقار بعينه وخاصة مع العقار الذي أشار له الدكتور السيد صالح.

فهناك من مرضاي الذين استخدموا عقاقير الماس (مثل الكلومميبرامين Clomipramine) أو الأنافرانيل الذي أشار له مجيبك، أو مع عقاقير مجموعة الماسا، من بينهم من لاحظوا أنه يقلل رغبتهم للسجائر وبعضهم انتهز الفرصة وأقلع عن التدخين أثناء علاج الاكتئاب، هناك أيضًا حالاتٌ خبرتها أصيبوا بالاكتئاب بعد فترة من إقلاعهم عن التدخين،

وهناك خط من الأبحاث في وسائل الإقلاع عن التدخين سار في اتجاه استخدام مضادات الاكتئاب للتقليل من احتمالات انتكاس المقلع إلى إدمانه، بل إنني شخصيا تطوعت للاشتراك في دراسة قام بها زميلي الأكبر الدكتور مدحت بسيوني أستاذ مساعد الطب النفسي بنفس الجامعة التي أعمل بها في أطروحته للماجستير حيث كان يقيم مقارنة بين من يقلعون عن التدخين بمساعدة الإبر الصينية Acupuncture ومن يقلعون عنه بمساعدة مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة (رخيصة الثمن طبعا لأننا في مصر وفي الجامعة الحكومية نتعامل مع شريحة من الموظفين والفقراء).

المهم أنني لم أكمل الدراسة في الحقيقة لأنني بدأتها في رمضان، ولاحظت بعد الإفطار أن طعم دخان السجائر قد تغير بشكل لم أستسغه وربما أشعرتني بمشاعر تشبه ما وصفته أنت ولكنني لم أكن أتناول مضادات الاكتئاب بل كنت من مجموعة الإبر الصينية، ولهذا السبب بل لهذه الأسباب مجتمعة، أجد نفسي أميل إلى تصديق خبرتك الشخصية، ولكننا نريد منك تفاصيل أكثر، لأن ذلك سيفيد ربما في فهم كيفية عمل الدواء.

وأحيلك في النهاية إلى ردين سابقين على صفحتنا استشارات مجانين، الأول يمثل برنامجا للإقلاع عن التدخين، قدمه أخي وزميلي الدكتور محمد المهدي، لإحدى صديقات صفحتنا، تحت عنوان: الإقلاع عن التدخين... هل يحتاج مساعدة طبية؟

وكذلك نحيلك إلى رد سابق للزميل المستشار الدكتور عمرو أبو خليل، تحت عنوان: التدخين أسلوب حياة وفي النهاية أكررُ لك أسفنا لتأخرنا عليك فقد كان لظروف خارجة عن إرادتنا كما أدعوك إلى متابعتنا بما يهديك إليه الله عز وجل، وأن تشاركننا دائما بأخبارك.

المستشار: أ.د السيد صالح