السلام عليكم،
لقد كنت أتصفح موقع مجانين وقررت أن أكتب إليكم. كنت أبحث عن طبيب نفسي منذ فترة، أرجو أن أجد عندكم الحل والجواب،
عند الرد سأرسل مشكلتي.
شكراً لك.
- ثم أرسلت تقول:
لست أعرف من أين أبدأ! فالقصة طويلة ومشاكلي كثيرة أعاني منها منذ الطفولة وكل مرحلة من حياتي، لم أنتبه لها كمشكلة نفسية ولكن كطبع ربما، أرقتني كثيراً وظننتها شيئاً عادياً، لكنها تحدث معي وازدادت حدتها مع السنوات.
منذ الصغر وأنا فتاة خجولة، أنا الفتاة الوسطى ولي أختان أخريان؛ الكبرى تأخرت سنة في بدء الدراسة الابتدائية مما دعا لدخولنا المدرسة معاً، ظللنا معاً جميع سنوات الدراسة، ظللنا معاً حتى الثانوية العامة في مدرسة واحدة وفصل واحد ومقعد واحد. أختي لم تكن جريئة جداً ولكنها كانت أجرأ مني، كانت لنا صديقتان أو ثلاث مقربات، لكنهن كن أقرب لأختي لجرأتها عني وقدرتها على الحديث، كانت تتكلم عني في كل شيء، كنت معتمدة عليها اعتماداً كلّياً خارج المنزل طوال هذه السنوات.
لم ألاحظ خجلي حتى صرت في أولى ثانوي وعندها بدأ يضايقني، كنت أبكي كثيراً وأشتكي لأمي لكنها لم تفعل شيئاً، كانت تقول لي أنه طبيعي وأنها كانت هكذا، ولكني كلما كنت أحاول الاشتراك في أنشطة بمفردي لم تكن توافق أبداً. أختي أيضاً كانت أجمل مني ومتفوقة دراسياً أكثر مني، كان الجميع يعلّق على هذا أمامي ومن ورائي وكان هذا يؤثر بي كثيراً، ليس فقط بالكلام ولكن بالفعل، فكل علاقاتهم وكلامهم كان مع أختي؛ عندما يتصل أحد كان يسأل عليها هي ويكلمها أولاً، لم أحاول إظهار هذا أو التعليق عليه ولكنه كان يجرحني، كان هذا يحدث كثيراً مع الأصدقاء والعائلة وفي كل مكان حتى صار واقعاً وحقيقة مؤكدة لي، كنت أشعر دائماً أني في المرتبة الثانية.
لا أغار من أختي ولا أكرهها أبداً، على العكس نحن صديقتان مقربتان، ولكني كنت أكره أفعال وتصرفات الآخرين معي، فلم أكن أتصور كيف يمكن لشخص أن يجرح آخر بهذا الشكل؟. أنا لست قبيحة بل بالعكس كثر يقولون أني جميلة و و و... ولكن في تلك المرحلة لم أكن جميلة مثل الآن وكنت أتضايق كثيراً من هذه المقارنات.
توفي والدي فجأة قبل أن أكمل السادسة عشرة بأيام قليلة، كنت في صدمة حتى أني لم أبك كثيراً في البداية، أبي كان يسافر كثيراً لذلك علاقتنا به كانت سطحية جداً وخاصة معي. عندما توفي أبي أصبحت أمي حزينة جداً، وكان يخيم الحزن على بيتنا، وكانت تثور كثيراً ولأي سبب بسيط، كانت تقول لي أني السبب في موته، وحتى الآن عندما يحدث مشكلة كثيراً ما تلمح لهذا فتقول "حتموتيني مثل ما موتيه"، بالطبع خلق هذا جرحاً عميقاً لا أستطيع نسيانه، فعلاقتي به كانت عادية جداً وخاصة اليوم الذي سبق موته، ولا أذكر أني وضعت له السم في الطعام! فلماذا تقول هذا الكلام؟.
مضيت في حياتي بنفس المعاناة ونفس المشاكل حتى دخلت الجامعة، كلية لا أحبها، كنت أدرس القانون، وكانت كلية أزهرية فكان مجتمعاً مغلقاً أيضاً. كنت لا أطيق الذهاب هناك لأني كنت لأول مرة وحيدة دون أختي فلقد ذهبت لكلية أخرى، كنت أشعر بالوحدة والغربة والحزن لأني لم أكن أعرف كيف أتعامل مع الناس هناك أو في أي مكان، وكان يصيبني الإحباط أكثر لأني كنت أحاول، فكلما اقتربت من صديقة أجدها تبتعد عني في أيام قليلة.
كنت شديدة الخجل وثقتي بنفسي ضعيفة جداً، حتى أن أحاديثي كلها سطحية ولست أعرف كيف أحتفظ بصداقة، كان يقترب الناس مني ولكن عندما يتكلمون يكتشفون كل هذه العيوب في شخصيتي فيختفون، لذلك صرت أكرههم وأتجنب الاجتماعات مع الأهل أو مع أي شخص، صرت منعزلة وأحب الجلوس وحدي إلا للضرورة فقط كأن أسلم على شخص من العائلة أو الأصدقاء. تطورت حالتي حتى أنه إذا ما أعجب بي أحد أو قال لفي حقي شيئاً جيداً أحاول الابتعاد عنه بشتى الطرق وليس العكس، فقد صرت أخاف من السيناريو المتكرر: أن يعجب الناس بي ثم عندما يتعرفون عليّ ويتكلمون معي يبتعدون عني.
كنت منذ الصغر أتخيل فارس أحلامي وكيف سيكون شكله وطريقة تفكيره، كان تفكير مراهقة فكنت أحلم دائماً أن أتزوج شخصاً غربياً وسيماً و"جنتل مان"، وبالفعل في السنة الأولى من الجامعة قابلت رجلاً وجدت فيه كل ما أحلم به، بل كل ما يفوق أحلامي؛ غربياً أشقر، تفكيره يعجبني كثيراً، متفتح جداً لكن كان يحترم أفكاري ومعتقداتي وكان لا يجبرني على شيء، عمل هنا لفترة ثم سافر.
كنا نتقابل ولكن ليس كثيراً، وكنا نتحدث دائماً، ومن مشاكلي التي تعرفونها يمكنكم أن تتوقعوا أنه الشخص الوحيد الذي عرفني و بقي معجباً بي بل إعجابه ازداد يوماً بعد يوم، ومما زاد حبي وإعجابي به أنه كان مهتماً بالإسلام فظننت أني يمكن أن أقنعه به فيسلم ثم نتزوج، كان يلمح أنه يريد الزواج بي كثيراً، كان الشخص الوحيد الذي اهتم بي اهتماماً حقيقياً، لم أفكر أنه ربما يتلاعب بمشاعري فأنا جميلة ولكن هناك أجمل مني بكثير يعرفهم خاصة في الغرب، كان في القاهرة وأنا بالاسكندرية فكان يأتي كل هذا الطريق ليراني فقط، صدقته ولكنه بدأ يتراجع وقال أننا مختلفان كثيراً في طريقة تعاملنا مع الحياة، سافر إلى بلده منذ حوالي سنتين الآن وما زلنا على اتصال، جاء مرة بعدها ليراني.
بالطبع لم أقابل شخصاً بعده بسببه ولشخصيتي؛ ظننت أني لن أجد من يفهمني مثله أبداً، كنت وما زلت أعيش بالأمل -المحكوم باليأس- أنه يمكن أن أتزوجه يوماً من الأيام، فليس من السهل عليّ أن أجد رجل أحلامي ثم يضيع مني هكذا خاصة بكل المعاناة التي أمرّ بها، فلم أتصور أبداً أن يحبني أحد! ربما أمل كاذب ليعطيني فقط سبباً للحياة.
بدأت أشعر بحبي للكتابة بعد وفاة أبي لكني لم أعرض كتابتي على أحد أبداً. خلال السنتين التي سافر فيهما حبيبي، بدأت أحقق أحلامي في الكتابة فوجدت نفسي في نجاح بعد نجاح، كسبت مسابقة في الشعر من أمريكا، نشر لي كتاب بالاشتراك مع كاتب ألماني في أمريكا أيضاً، عدا عن عملي صحفية في أكثر من جريدة. كنت أكره دراستي وحاولت إقناع أمي أن أدرس شيئاً آخر لكنها لم توافق، كنت أنجح بالغش لأني لم أذهب للمحاضرات فقد كنت أتجنب التعامل مع الآخرين.
رغم كل ما حدث فإن شخصيتي لم تتغير كثيراً، وبرغم محاولاتي في كل مكان وكل عمل لم أشعر أني على نفس الثقافة أو الثقة التي يتمتع بها الآخرون، رغم أني ربما أجمل أو أكثر أناقة من الموجودين إلا أني كنت أشعر دائماً أني أقل منهم، أكون متوترة جداً في حضورهم ولا أستطيع التعبير عن نفسي أو التكلم أمامهم، فكنت أقتل فرص نجاحي شيئاً فشيئاً رغم موهبتي التي يمكنها جعلي على القمة. شعرت بالإحباط خاصة عندما لاحظ الآخرون عدم ثقتي بنفسي وتوتري، صار يخلق لي الكثير من المشاكل حتى أني لا أستطيع الأكل خارج المنزل أو أمام أحد لأني أعتقد أن الجميع ينظر إلي!.
قبل عملي في الصحافة كانت امتحانات الكلية وكنت أغش فأمسك بي المراقب، شعرت بإحراج كبير وقررت عدم دخول الكلية مرة أخرى. عندها بدأت العمل بالصحافة، وجدت أن الحجاب يقيدني فقررت خلعه، كنت أظن أني سأكون أكثر حرية وثقة دونه، لكن لم يتغير شيء أيضاً. توقف العمل في الجريدة لفترة، كنت أظن أنها فترة قصيرة وتعود للعمل لذلك كنت أنتظر في البيت دون عمل أي شيء، في هذه الفترة كنت أشعر بالحزن وجميع ذكرياتي كانت تأتيني، كان ذلك مع بداية هذه السنة، انتظرت أياماً وأياماً أن تبدأ الجريدة العمل ولكنها لم تبدأ، الأيام صارت أسابيع وشهور، ثم فجأة منذ شهرين تحول حزني العادي هذا إلى حزن شديد ومستمر، ومما زاد وحدتي وحزني انشغال عائلتي عني، أمي تزوجت في السر لذا هو لا يعيش معنا ولكنها مشغولة طوال اليوم، أختي خطبت وهي تدرس في مدينة أخرى طوال الأسبوع، وأختي الصغرى في الثانوية العامة لذا هي مشغولة أيضاً.
وهذه هي حالتي الآن... أصبحت حزينة جداً ولا أقوى على عمل شيء، لا أقوى على الخروج من غرفتي، صرت لا أكلم أحداً إلا نادراً، صار عقلي يفكر كثيراً، ارتديت الحجاب ثانية لأني شعرت أنه الشيء الصحيح، علاقتي مع الله صارت سيئة للغاية فقد جاءتني وساوس مستمرة في العقيدة، وعندما حدث هذا فقد الأمل في الحياة، كل شيء إلا الدين!
صرت أبكي دون سبب وأشعر بالخوف والفزع أحياناً، خوفي صار يكبلني ففقدت الرغبة في عمل أي شيء، فأي شيء سيفيد إن كانت علاقتي مع الله هكذا؟ صرت أقرأ في الدين فلم يزيدني إلا خوفاً وشعوراً بالذنب، فصارت نظرتي للعالم من خلال عقلي وصارت مادية جداً، أرفض هذا التفكير وأتعذب به، فقد كنت أحب الصلاة وقراءة القرآن لكن الآن أشعر بالخوف عند قراءة القرآن أو الصلاة لأنها تذكرني بهذه الوساوس.
بالطبع يمكن أن أجد عملاً آخر أو أشغل نفسي ولكن خوفي الداخلي وشعوري بالذنب يمنعني، فكل شيء فقد قيمته في الحياة بالنسبة لي، أهملت في نفسي كثيراً، أشعر بالذنب الشديد فهذه الأفكار لا تتوقف وصارت حياتي متوقفة بسببها، لا أخرج من غرفتي إلا نادراً، فقدت المتعة في عمل أي شيء كان يسعدني وكثيراً ما جاءتني أفكار انتحارية رغم علمي أني لن أنفذها.
ما هذا الذي أمرّ به؟ هل يمكن معالجته؟ هل يمكن أن يعود إيماني راسخاً كما كان؟ هل حالتي لها تأثير على عقلي وإيماني؟ هل يحاسبني الله على هذا؟.
أرجو الاحتفاظ بسرية الرسالة فلا أريد نشرها على الموقع.
هل هناك أسئلة أو استفسارات يمكنكم من خلالها معرفة حالتي أكثر؟ فالطبع ربما أكون قد نسيت شيئاً.
شكراً لكم كثيراً.
28/4/2009
- وبعد يومين أرسلت تقول:
السلام عليكم،
لقد أرسلت لكم مشكلتي منذ فترة طويلة ولم يتم الرد عليها، حالتي صعبة وأحتاج إلى الحل، أريد أن أعرف إن كنت محتاجة مساعدة طبية أم لا؟ لقد أرسلت لكم على أمل أن أجد الحل عندكم، ولكنكم لا تعيروني أي اهتمام مع وعدكم لي أني سأجد ما أريد عندكم.
على كل حال شكراً لكم.
وفي انتظار الرد
30/4/2009
رد المستشار
الأخت السائلة،
بعد قراءة رسالتك بتمعنٍ وجدت أنك عشت حياتك معتمدة على أختك طوال فترة الدراسة الأولية، وقد أفضى ذلك لعدم الثقة بالنفس. من خلال فحص الشخصية تبين أنك تعانين من الخجل الاجتماعي الذي بدأ منذ الطفولة حتى الآن، وفي البداية لم يشكل لك أي مشكلة حقيقية لأنك كنت طفلة، لكن بدأت المشكلة لديك عندما أصبحت بالجامعة واختلطت بالحياة العملية حيث أن الوضع يلزم عليك الاختلاط بالناس بشكل مباشر.
هذا بالإضافة لعدة صعوبات مررت بها فلم تجدي حنان الأم أو اهتمام الأب، ولم تجدي أي شخص كبير يقوم بتوجيهك، بل أن أختك الكبيرة كانت تقوم بجميع الأعمال عنك مما أدى لعدم اكتسابك خبرات كافية بالتعامل مع الناس. إذن المشكلة الأساسية تكمن في بناء شخصيتك منذ الطفولة.
عندما وجدت شخصاً يهتم بك، وإن من غير دينك أشعرك بالأمان والاهتمام تعلقت به، وهذا طبيعي، وإن كان هذا الشخص جاداً فلا بأس به في حال وافق على تغيير ديانته مع مراعاة موافقة الأهل. ومن خلال تحليل الأمور اتضح أنك تعانين من مرض الخجل الاجتماعي والاكتئاب التفاعلي الناتج عن الظروف المحيطة، أما الخطة العلاجية فتستوجب عليك التالي:
- الاختلاط بالمجتمع أكثر.
- إيجاد عمل مريح دون ضغوطات.
- محاولة التعرف على عدد كبير من الصديقات.
- التخلص من لوم الذات ولوم الآخرين والنظر للمستقبل بتفاؤل.
- القراءة بشكل أكبر ودوري.
- ممارسة الأعمال الرياضية لإراحة النفس.
- التقرب من والدتك أكثر.
أما العلاج الدوائي، فأنصحك بمراجعة طبيب مختص.
واقرئي على مجانين:
الرهاب الاجتماعي ونقص تقدير الذات مشاركة
الرهاب الاجتماعي وعواقب عدم العلاج
الرهاب الاجتماعي قصة نجاح مشاركة
قلق أو رهاب اجتماعي
وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين فتابعينا بالتطورات.